الشيك والحماية القانونية
لقد تدخل المشرع السوري في إعطاء الحصانة المتميزة للشيك وحده دون غيره من الأسناد التجارية الأخرى للخصوصية التي يتميز بها في أنه أداة وفاء تقوم مقام النقود في السداد ، وما تتطلبه هذه الميزة من إيجاد نواظم تدعم استقرار المعاملات التجارية والمالية في المجتمع ، فتكون الثقة بالشيك هي ذاتها الممنوحة للنقود التي تحميها الدولة ، وذلك ما استدعى أن تكون المرجعية القانونية للشيك ليست محصورة بالقانون التجاري فحسب تبعاً للشكلانية الخاصة به بل نرى المرجعية تتداخل أحياناً مع قانوني البينات والمدني السوريين اللذين يكملان التوجيه في التكييف ، والتوصيف حين اختلال أركانه وشروطه وغاياته .
ولكن هذا لا يؤثر في بقاء القانون الجزائي المحدد للعقاب ممتداً إليه في الحالات كافة حين انعدام رصيده ، واستثبات صحة توقيع محرره دون أي خلاف والشيك تعريفاً : هو محرر مكتوب في شكل أمر بالدفع يتمكن بمقتضاه الساحب أو الغير من قبض مبلغ النقود من حساب المسحوب عليه الذي هو مصرف في العادة ، وبذلك ينطوي على علاقتين سابقتين على تحريره – علاقة الساحب والمسحوب عليه الذي هو غالباً مصرف عندنا في سورية بسبب مديونية الثاني للأول بمقدار الرصيد النقدي المودع عنده وعلاقة بين الساحب والمستفيد استدعت إصدار الشيك وهذه الشكلانية المميزة للشيك تعين معها توفر بيانات إلزامية فيه أتى عليها المشرع وعددها في المادة 514 من القانون التجاري تنحصر في أن تكون كلمة شيك في متن السند باللغة التي كتب بها ، والأمر بدفع المبلغ غير المتعلق على شرط ، واسم المسحوب عليه الذي هو مصرف حصراً ، واسم المستفيد ، ومكان الأداء ، ومكان الإنشاء وتاريخه .. وهناك يجوز للساحب أن يسحبه على نفسه إذا كان من مؤسسة على مؤسسة أخرى وكلتاهما للساحب نفسه ، يضاف إلى البيانات الإلزامية بيانات اختيارية لا تتضارب مع وظيفة الشيك في كونه أداة وفاء وذلك كاشتراط وفائه في محل معين ( توطين الشيك ) ، غير أن هنالك بيانات لا يجوز اشتراطها فيه لتعارضها مع ماهيته كاشتراط تقديم الشيك للقبول ، أو اشتراط الساحب عدم ضمان استيفاء الشيك وهو ما يستوجب إبطاله وبقاء الشيك صحيحاً مستحقاً لدى الإطلاع ، ولتداول الشيك طرق يحددها الشكل المتخذ ، فإذا كان الشيك محرراً لحامله فإن تداوله يتم بطرق التسليم اليدوي ، أما إذا كان الشيك محرراً باسم شخص معين ، ودونت فيه عبارة ليست لأمر أو أية عبارة مماثلة فإن تداول هذا الشيك يخضع لأحكام حوالة الحق المدنية ، وإذا كان الشيك محرراً باسم شخص معين ، أو لأمره ، فإن تداوله يتم عن طريق التظهير ، كذلك فإن للشيك مدداً يجب أن يقدم خلالها ، إذ يجب تقديمه خلال ثمانية أيام من تاريخ إصداره إذا كان الشيك مسحوباً في سورية ، وخلال عشرين يوماً في حال تحريره خارج سورية إلا أنه اشترط الوفاء في داخلها ، إذا كانت جهة إصداره واقعة في أوروبا ، أو أية دولة متوسطية ، وسبعين يوماً في غير هذه البلاد . وإهمال حامل الشيك تقديمه خلال هذه المهل لا يعني أن حقه قد سقط تجاه المسحوب عليه ، بل يظل الأخير ملزماً بوفاء قيمته طالما أنه يجوز مقابل وفائه . والتقادم على الشيك يخضع للتقادم المصرفي الذي يختلف تبعاً لأشخاصه وتبادله فتسقط دعوى حامل الشيك تجاه المسحوب عليه بمرور ثلاث سنوات على انقضاء الميعاد المحدد لتقديم الشيك للوفاء ، وتسقط دعوى حامل الشيك على المظهرين ، والساحب الذي أوجد مقابل الوفاء والملتزمين الآخرين بمرور ستة أشهر على تاريخ انقضاء ميعاد التقديم .
غير أن هذا كله لا يسقط دعوى صاحب الحق في اللجوء إلى دعوى الإثراء بلا سبب التي تنظمها أحكام القانون المدني ، والتي تخضع للتقادم العادي الطويل ، لا للتقادم المصرفي .
وتتبدى أركان جريمة إصدار شيك بدون رصيد في إعطاء الشيك ووقوع أحد الأفعال المادية سواء أكانت في عدم وجود الرصيد أو أن الرصيد أقل من القيمة أو سحب الرصيد كله ، أو بعضه بعد إعطائه ووقوع الفعل بسوء النية . وتطول هذه الجريمة الجنحية الوصف أحكام المادتين 652 و 641 من قانون العقوبات السوري وتتحقق هذه الجريمة بمجرد إعطاء الشيك دون رصيد له وقت إصداره وفقاً للقانون الجزائي السوري حتى وإن أبطل الشيك ، لأن هذا الإبطال لا يمتد إلى الناحية الجزائية .
اترك تعليقاً