السبب المشروع لإنتهاء عقد العمل
استعرضنا في المقال السابق المعنون بــ” غــربــلــة الــ77 ..” المادة (77) من نظام العمل وما طرأ عليها من تعديل، والتي تقرر بموجبها الحد الأدنى للتعويض وتحديد أُسس التعويض عند إنهاء عقد العمل من كل من: العامل أو صاحب العمل، وتقوم المادة متى ما كان الإنهاء بسبب غير مشروع وتحقق ضرر .. وفي مقالنا اليوم نستعرض المادة (74) من نظام العمل وما طرأ عليها من تعديل بموجب المرسوم الملكي رقم (م/46) وتاريخ 05/06/1436هـ، إذ المادة توضح بعض حالات إنهاء عقد العمل وتقرر أهم الأسباب المشروعة لإنهائه. إن المادة بعد تعديلها قد جاءت ترجمة للقرارات القضائية العمالية الصادرة على مر السنوات المنصرمة، فكانت المادة تقرر (5) حالات فقط لإنتهاء عقد العمل، ونظراً لعدم قيام القضاء السعودي على مبدأ السوابق القضائية والذي يقصد به تقرير مبدأ وقاعدة قضائية مستخلصة من الأحكام التي تصدرها وتكون ملزمة للقضاء مستقبلاً عندما يعرض عليها قضية بوقائع مماثلة، إنما يأخذ بالأحكام السابقة وما يتقرر عنها إستئناساً أي دون الإلزام، ولحاجة القضاء العمالي لتعدد دوائره وهيئاته توحيد الأُسس والإلزام بقواعد ومبادئ رأها المنظم مستقر عليها في قرارات القضاء العمالي، فقرر المنظم ترجمتها لحالات نظامية للسبب المشروع ولسد النقص النظامي بالمادة بإضافة ثلاث حالات جديدة للنظام وهي: (01) إغلاق المنشأة نهائياً. (02) إنهاء النشاط الذي يعمل فيه العامل، ما لم يُتفق على غير ذلك. (03) أي حالة أخرى ينص عليها نظام آخر. كما أُعيد صياغة الفقرة الــ(03) من المادة، وعليه لتكون المادة (74) بثوبها الجديد وفقاً لما يلي: ” ينتهي عقد العمل في أي من الأحوال الآتية: 1-إذا اتفق الطرفان على إنهائه، بشرط أن تكون موافقة العامل كتابية. 2-إذا انتهت المدة المحددة في العقد، ما لم يكن العقد قد تجدد صراحة وفق أحكام هذه النظام ؛ فيستمر إلى أجله. 3-بناءً على إرادة أحد الطرفين في العقود غير المحددة المدة، وفقاً لما ورد في المادة (الخامسة والسبعين) من هذا النظام. 4-بلوغ العامل سن التقاعد – وهي ستون سنة للعمال وخمس وخمسون سنة للعاملات – ما لم يتفق الطرفان على الاستمرار في العمل بعد هذه السن، ويجوز تخفيض سن التقاعد في حالات التقاعد المبكر الذي ينص عليه في لائحة تنظيم العمل. وإذا كان عقد العمل محدد المدة، وكانت مدته تمتد إلى ما بعد بلوغ سن التقاعد ففي هذه الحالة ينتهي العقد بانتهاء مدته.
5-القوة القاهرة. 6-إغلاق المنشأة نهائياً. 7-إنهاء النشاط الذي يعمل فيه العامل، ما لم يُتفق على غير ذلك. 8-أي حالة أخرى ينص عليها نظام آخر.” إن إتفاق الطرفين لإنهاء العقد متى ما كان محرراً وكتابياً بينهما وصريح العبارة، يرتب إنتهاء العقد وإن كان السبب القائم عليه الإنهاء غير مشروع أكان العقد محدد المدة أو غير محدد المدة، طالما تحقق الإنهاء بالرضا بين الطرفين. وإنتهاء العقد المحدد المدة، يلزم مراعاة ما يرد في عقد العمل لتجديده فهل يتجدد تلقائياً أو بإيجاب وقبول من الطرفين لمدة تعاقدية جديدة، فبينت المادة الــ(55) عمل ما يلي: “ 1-ينتهي عقد العمل المحدد المدة بانقضاء مدته، فإذا استمر طرفاه في تنفيذه عدّ العقد مجدداً لمدة غير محددة. مع مراعاة ما نصت عليه المادة (السابعة والثلاثون) من هذا النظام بالنسبة إلى غير السعوديين. 2-إذا تضمن العقد المحدد المدة شرطاً يقضي بتجديده لمدة مماثلة أو لمدة محددة، فإنه يتجدد للمدة المتفق عليها. فإن تعدد التجديد ثلاث مرات متتالية، أو بلغت مدة العقد الأصلي مع مدة التجديد أربع سنوات أيهما أقل واستمر الطرفان في تنفيذه؛ تحوّل العقد إلى عقد غير محدد المدة. “، ويلاحظ أن هناك تفريق صريح بين العامل السعودي والغير سعودي، فالسعودي قد يتحول عقده تعاقدياً أو نظاماً لعقد غير محدد المدة، بينما الغير سعودي لا يتحول إطلاقاً فيبقى محدد المدة دائماً، كما أنه يلزم مراعاة مدة تقديم الإشعار بعدم الرغبة بالتجديد وأقلها واقعاً ثلاثين يوماً قبل إنتهاء المدة ما لم ينص عقد العمل على مدة أكثر أو أقل، إذ النظام لم يحدد حد أدنى لمدة الإشعار عند رغبة أي طرف بعدم تجديد العقد المحدد المدة، ومن ثم يكون تحديد مدة تقديم الإشعار محلها العقد، وفي حالة عدم مراعاة مدة تقديم الإشعار المنصوص عليها في العقد، يكون العقد قد تجدد لمدة مماثلة لعدم قيام أي من الطرفين بالإشعار خلال الأجل التعاقدي المحدد لذلك. أما إنتهاء العقد الغير محدد المدة، فيجوز لأي من الطرفين إنهائه شريطة أن يقوم على سبب مشروع ويوضح بالإشعار وأن يكون كتابياً ومراعياً للأجل النظامي للإشعار بقرار الإنهاء المقرر في المادة (75): ” … جاز لأي من طرفيه إنهائه بناءً على سبب مشروع يجب بيانه … على ألا تقل عن ستين يوماً إذا كان أجر العامل يدفع شهرياً، ولا تقل عن ثلاثين يوماً بالنسبة إلى غيره.” فعدم مراعاة مدة الأجل النظامي أو التعاقدي إن كان أعلى من الحد المقرر نظاماً بــ(60) يوماً لذوي الأجر الشهري أو (15) يوماً لغيرهم كالعمولة أو الإنتاجية فعلى الطرف المُنهي دون مراعاة مدة الإشعار أن يدفع تعويضاً للطرف الآخر مبلغاً مماثلاً لأجر العامل عن مهلة الإشعار وفقاً للمادة (76) عمل، ويجوز أن يتفق على تعويض أعلى من الحد الأدنى النظامي.
أما القوة القاهرة فهي وقائع أو ظروف لا تتعلق بإرادة أي من الطرفين ترتب إستحالة تنفيذ عقد العمل أو صعوبة إنفاذه، كإعلان الحرب أو لغير السعوديين قصر الوظائف على السعوديين أو عدم تجديد رخصة الإقامة أو العمل … وغيرها.
وإغلاق المنشأة قد يكون بإرادة من صاحبها أو بحكم قضائي أو إداري من جهة الإختصاص كالهيئات والمؤسسات العامة، فإغلاق المنشأة يقصد به إنتهاء عملها كلياً وإزالتها من الوجود. أما إنهاء النشاط الوارد بالفقرة السابعة، فهو لا يُمس المنشأة ككيان إنما جزء منها أو قسم بأن يتقرر إلغائه أو إغلاقه، فإن كان العامل مُعين لهذا النشاط أو القسم المخصص لهذا النشاط وتم إلغائه فيُرتب إنهاء عقد العمل ما لم يكن عقد العقد متضمناً ما يفيد سريان العقد وإن قرر صاحب العمل إلغاء النشاط. والحالة الأخيرة الجديدة ” أي حالة أخرى ينص عليها نظام آخر”، جاء النص بمسألة معلومة لدى أهل الإختصاص النظامي فهناك حالات نظامية يستوجب توافر شروط معينة في العامل لتوليه العمل خصوصاً في الشركات المالية كالبنوك والتأمين أو المجال الطبي أو المهني كالمحاماة والهندسية …، وقد يستلزم النظام موافقة الجهة المشرفة أو المرخصة قبل التعيين وإن تم التعيين وتحقق مانع من موانع لشغل الوظيفة أو صدر قرار من الجهة المشرفة قرار بعزل العامل من عمله، وكان العقد محدد لهذا العامل محدد بهذه الوظيفة/العمل، عُد العقد منتهي، أو في حال صدور قرار من جهة قضائية بترحيل غير السعودي في القضايا الجنائية أو قرار من هيئة سوق المال بالمنع من العمل في الشركات المساهمة … إلخ فهذه المادة وجدت لإزالة اللبس وتقرير ما هو مقرر من عقوبات أو شروط نص عليها في أنظمة أخرى وتوسيع لنطاق حالات إنتهاء عقد العمل نظاماً، وقد تتداخل هذه الفقرة مع فقرة القوة القاهرة كون السبب ناشئ من طرف خارجي ليس طرفاً بالعقد. ويلاحظ بأن الفقرة (03) والفقرة (04) من المادة (74) تتعلق بالسعوديين، إذ تتعلق بالعقد الغير محدد المدة والتقاعد النظامي أو المبكر، وهما حالتين لا تتوافر إلا في السعودي، بخلاف الفقرات الأخرى.
وهناك حالات أخرى لإنهاء عقد العمل بإرادة منفردة وتعد سبباً مشروعاً، فمن طرف صاحب العمل وفقاً للمادة (80) وترتب فقدان العامل حقه بالتعويض أو المكافأة أو الإشعار شريطة أن تكون بعد تحقيق كتابي من صاحب العمل، وهي حالات محددة حصراً، وكذلك من طرف العامل وفقاً للمادة (81) دون إلزامه بتقديم إشعار وعدم التأثير على حقوقه النظامية والتعاقدية جميعها والمحصورة بالنظام. إن السبب المشروع لإنهاء العقد لم أقف على تعريف له في القرارات العمالية، فيذكر في القرارات القضائية العمالية الواقعة ثم تقرر بأنه سبب مشروع دون توضيح لمفهوم السبب المشروع، وعلى كل نرى بأن السبب المشروع: هو الباعث أو الوسيلة أو العلة النظامية أو علة لا تخالف النظام أو مصدره العقد المبرم بين صاحب العمل والعامل تجيز للطرف إنهاء العقد أو القيام بتصرف معين، وتحديد السبب المشروع نرى بأنه دائماً ملقى على عاتق صاحب العمل لإثبات مشروعيته، ومفترضة في العامل ما لم يثبت العكس من صاحب العمل. إن وفقت وأصبت فمن الله وفضله والحَمدُلِله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله العليّ العظيم لوالديّ ولي ولزوجتي وذريتي وإخواني والمسلميّن ونتوب إليه ..
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً