تقييد حرية المتهم
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
إن الغاية من تقييد حرية المتهم تختلف باختلاف الإجراء المستمد منه تقيد تلك الحرية، فالغاية من الحبس الاحتياطي هو المحافظة على أدلة الجريمة من التلف وإبقاء شخص الجاني تحت يد السلطة لحين محاكمته، أما الغاية من تقييد حرية المتهم تنفيذاً للعقوبة هو إعادة تأهيل المجرم والردع العام والخاص والحفاظ على أمن المجتمع، إلا أن الحبس بجميع أنواعه وأشكاله يتفق في أنه يستطيل إلى مكنون جسم الإنسان ويقيد حريته التي كفلها المشرع، فكان لزاماً على الأخير أن يحيط هذا الإجراء بأكبر قدر ممكن من الضمانات، حتى لا يساء استعماله، لذلك فقد تناول القانون الاتحادي رقم 35 لسنة 1992 وتعديلاته موضوع الحبس وتقييد الحرية في العديد من مواده، وأفرد لكل مرحلة جزءاً مستقلاً،
إذ تناولت المواد من (106 – 110) مسألة الحبس الاحتياطي بشكل وافٍ ولعل أهم ما تجدر الإشارة إليه هو تقييد سلطة النيابة العامة بأن تأمر بالحبس الاحتياطي بعد استجواب المتهم ولمدة سبعة أيام يجوز تجديدها لمدة لا تزيد على 14 يوماً بحد أقصى، وإلا فيصار بعد ذلك إلى عرض الأوراق على أحد قضاة المحكمة الجزائية المختصة لتمديد تلك المدة، وتجدر الإشارة إلى المادة (47) التي قيدت حق مأمور الضبط القضائي بتوقيف المتهم مدة 48 ساعة بحد أقصى ليتم عرضه على النيابة العامة أو الإفراج عنه.
«الغاية من تقييد حرية المتهم تنفيذاً للعقوبة هو إعادة تأهيل المجرم والردع العام والخاص، والحفاظ على أمن المجتمع».
كما تناولت المادة (275) من القانون ذاته الإفراج المباشر عن المتهم المحبوس احتياطياً في حال صدور حكم ببراءته أو عقوبة غير الحبس أو وقف تنفيذ العقوبة، أو فيما إذا قضى المتهم في الحبس الاحتياطي مدة العقوبة.
هذا وقد تطرقت المواد من (290 – 302) إلى تنفيذ العقوبات المقيدة للحرية من حيث المكان وطريقة احتساب تلك المدد، ومن جمعها تتجلى رؤية المشرع الحكيم في الدولة لمسألة الحبس، إذ تناولت المواد إمكانية إنقاص مدة الحبس الاحتياطي والقبض من مدة تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية مادة (292)، بل إنه – أي المشرع – بلغ أقصى درجات الاحتياط إذ قرر وبشكل واضح في المادة (293) أنه في حال حكم ببراءة المتهم من الجريمة التي حبس احتياطياً لأجلها أو تم التقرير بألا وجه فيها، فإنه يمكن أن تخصم هذه المدة من أي جريمة يكون قد ارتكبها المتهم أثناء الحبس الاحتياطي أو قبله، وهذا أمر أغفله العديد من التشريعات الجنائية العالمية ممن توصف بأنها تشريعات تساند حقوق الإنسان!
وهنا قد يثار تساؤل حول إمكانية مطالبة المتهم الذي سبق حبسه احتياطياً بالتعويض عن حبسه في حال تبرئته من الجريمة، والجلي أنه لا محل لهذا التعويض إلا إذا تبين وجود إهمال جسيم من الجهة الآمرة بالحبس أو تعسفها في استعمالها لحق الحبس، وهذا مناطه القضاء المدني.
اترك تعليقاً