القاضي ضحية المحقق /الكاتب احمد محمد العبادي
تقسم المحاكم في العراق الى محاكم- التمييز- الاستئناف – البداءة– الادارية- الاحداث– العمل– الاحوال الشخصية– الجنايات– الجنح – التحقيق
الذي يهمنا هنا المحاكم الجزائية وتحديدا (محاكم التحقيق) لان المحاكم غير الجزائية لا توجد فيها مشكلة لأنها تعتمد على الدفوع التي يقدمها المدعي والمدعى علية ويقوم القاضي في نهاية الامر الموازنة بين تلك الدفوع وفق القانون ويصدر قراره بناء على تلك الدفوع وتخضع تلك القرارات الى الاستئناف والتمييز او الاستئناف بصفتها التمييزية حسب موضوع الدعوى .
مشكلة القضاء العراقي هي محاكم التحقيق والسبب هو دخول اشخاص غرباء عن عمل القضاء ولا علاقة لهم بالقانون ويساهمون في صنع قرار قاضي التحقيق بشكل او بآخر تحت عنوان (المحقق) وهم لا يفقهون شيء في التحقيق سوى استعمال الاكراه البدني والنفسي ضد المتهم ويفتخر رجل الامن عندما ينتزع اعتراف من متهم بهذه الطريقة وينزعج كثيرا عندما يرى محكمة الجنايات او الجنح قد افرجت عن المتهم لعدم كفاية الادلة ويلوم القضاء ويتذمر ولا يلوم نفسه كونه جاهل بالقانون ولا يعرف الف باء التحقيق وتسبب في ضياع الادلة وتضيع معها حقوق الناس .
المشكلة التي يعانيها القضاء العراقي في تقديري هو التداخل بين عمل السلطة التنفيذية والسلطة القضائية حيث تحول عمل الأجهزة الامنية والعسكرية من جهة لتنفذ اوامر القاضي من تنفيذ اوامر القبض والتحري والتفتيش ومساعدة المحقق القضائي في اداء عملة كتوفير الحماية له عند اجراء الكشف والمخطط لمحل الحادث او ضبط المبرزات الجرمية وجمع المعلومات عن المتهمين ودور الأجهزة الامنية بالمحافظة على مسرح الجريمة وبذل الجهد الاستخباري بجمع المعلومات عن المتهمين من خلال التنسيق مع سكان المناطق التي تقع ضمن مسؤوليتهم الامنية.
حيث توسع هذا الاختصاص واصبح ضابط الجيش محقق وضابط الشرطة الوطنية محقق وضابط الشرطة المحلية محقق والجميع لديهم مواقف للمتهمين وبسبب جهل معظمهم (ولا اقول جميعهم لكي اكون منصفا) في ابسط مبادئ واصول التحقيق ولا يعرفون شيء عن التحقيق سوى التعذيب البدني والنفسي وانتزاع الاعتراف بالإكراه في كل حادث تقوم هذه الأجهزة الامنية والعسكرية بالقبض والتحقيق وتدوين اقوال المتهمين بالاعتراف في اكثر الاحيان وتضبط المبرزات الجرمية ان وجدت وتقدم لقاضي التحقيق وليس امامه سوى توقيف المتهم ويطلب احضاره امام المحكمة لغرض تدوين أقواله وقد يتأخر ذلك ايام او اسابيع بسبب زحمة العمل الناتجة عن الهجمة الارهابية والفوضى التي ابتلى بها العراقيين
وهنا ستبنى قرارات قاضي التحقيق على مدى مهنية ونزاهة رجل الامن او الجيش الذي اخذ دور المحقق .
وما شاهدناه في المحاكم احيانا عتات المجرمين يفرج عنهم في محاكم الجنايات لعدم كفاية الادلة للإدانة والسبب سوء اداء المحقق في جمع الادلة وتقديمها للمحكمة ،
او ابرياء دونت اقوالهم بالاعتراف وصدق اعترافهم وتم جلب اصل الاخبارات واجري لهم كشف الدلالة وتمت ادانتهم لكفاية الادلة من قبل محكمة الموضوع .
ان قاضي التحقيق يصدر القرار ولا يستطيع ان يأخذ دور المحقق فمن مرحلة القبض على المتهم الى احالة الدعوى الى المحكمة المختصة يكون رجل الامن او ضابط الحرس الوطني العنصر الاساسي والمهم في توجيه الدعوى وابسط شيء يستطيع ان يجبر المتهم على الاعتراف كما يحلو له ويستطيع ان يدفعه الى الانكار ولا اعتقد هذا الامر يخفى على احد .
هذا هو سبب ما نسمعه من كلام يمس القضاء العراقي وهيبته وتاريخه العريق والتضحيات التي قدمها من خيرة رجاله من القضاة والادعاء العام ومنهم من قدم اعز ما لديه وهو احد افراد عائلته
ولكي اكون موضوعيا وكما يقول المثل (ماكو زور يخله من الواوي)
انا لا انزه جميع قضاة التحقيق من تورطهم في استعمال الاكراه البدني والنفسي ضد المتهم لانتزاع اعترافه ويضع نفسه شريكا مع المحقق في ارتكاب جريمة التعذيب بحق المتهمين وخاصة عبارة التعمق بالتحقيق التي يصدرها القاضي ويفهمها المحقق انتزع الاعتراف ، ويغض النظر على ما يلاحظه من علامات التعذيب الواضحة على المتهم المعترف ويدون اعترافه وهؤلاء القضاة على قلتهم لا يمثلون القضاء العراقي.
وقد لاحظنا في الآونة الأخيرة اهتمام مجلس القضاء الاعلى بتوسيع مكاتب التحقيق القضائي لتغطي كل محاكم التحقيق (بمحققين قضائيين) يحملون شهادة البكلوريوس في القانون ويحترمون حقوق الانسان ومتخصصين بالتحقيق وجمع الادلة ويختصر عمل الأجهزة الأمنية على تنفيذ الاوامر الصادرة من المحاكم وتوفير الحماية.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً