قانون غسل العار,ام عار الغسل؟؟
لقد تعارف الناس على قوانين واعراف منذ بداية خطوات الانسان الاولى على الارض لكي تستمر الحياة باقل ضنك وباكثر عدلا..وكان من نصيب العراق ان خط الانسان فيه اول وثيقة للقانون الذي ينظم حياة البشر.. ولهذا فان العراق قبل غيره يفترض ان يسعى لتعديل القوانين الجائرة التي أزهقت ارواحا بالباطل والظلم.
مثالنا على ذلك ماتم التعارف عليه بقانون الشرف او غسل العار في مجتمعنا الذي بسببه ازهقت كثير من الارواح لاذنب لها بحجة غسل العار؟ ولم يلتفت أحد الى أن العار في حق الانسانية هو أن يقتل إنسان لمجرد تهمة لم تثبت بحق ضحية لم تعط فرصة للدفاع عن نفسها.انه عدوان على قيم الانسان وعلى حقه في الحياة التي كفلها الله له بالكرامة..
لماذا نلجأ الى عرف نرفع شأنه الى مستوى قانون نافذ فيما هو أعرج لايستقيم مع الحق ..وأي شرف هوذا الذي ينأى عن الحق؟!!وهنا الفرق واضح تماما بين الدعوة الى النظر من جديد في هذا القانون العرف وبين ضرورة وضع قوانين عادلة لحماية الشرف وصونه بالحق والعدل.
لااتخيل ان انسانا طبيعيا هذا الذي يقتل فلذة كبده (الاب مثلا يقتل ابنته) او الاخ لمجرد انه سمع ما اساء الى سمعتها من اناس سيئين
هذا الذي يقتل اقرب الناس اليه ودون شعور بالندم لان الاهل والجيران والمجتمع يهلهل له ولان هناك قانونا جائرا يحميه. مالذي نرجوه منه ان يقدمه للوطن؟
قبل سنين كانت هناك عائلة وديعة وطيبة تقطن في احدى مدن بغداد الحضارة والتطور كما نتباهى ان يقال عنا ولكن دون تطبيق لادنى قيم الانسانية في كل اشيائنا لاننا نبرع في تمجيد انفسنا واجدادنا دون فعل ملموس على ارض الواقع.
تتكون تلك العائلة من ام واب وخمسة بنات وولدين.الاب يعمل معينا في مستوصف صحي،والام تعمل معينة في مدرسة يعني ان الوالدين مجاهدان بشرف واخلاص وعزةوليس غريبا هذا لان بلدنا نفطيا ومن البلدان الغنية نحن فيوجب علينا ان نكون المضحين كي يسرق الطغاة ثروتنا ليعيشوا هم بنعيم.
كنت حين ادخل الي بيتهم احسهم مترفين رغم فقر حالهم لما يملكون من اناقة في ترتيب اثاثهم البسيط المتواضع كنت اجلهم لانهم عصاميون .وكانت بناتهم في قمة الادب والاخلاق .
شاءت الاقدار ان تنقبل ابنتهم الصغرى في احدى المعاهد.وهذه البنت بالذات كانت اهدا اخواتها وارقهن قلبا ورغم انها كانت مدللة لكن دلالها لم يكن ليفسدها .
داومت في المعهد كغيرها من طالبات المعهد.وفي ليل شتائي اظلم غابت عن البيت لثلاثة ايام متواصلة مما جعل اهلها يبحثون ويستفسرون عنها ابتداءا من اقرب صديقة اليها وانتهاءا بابعد صديقة اليها.
نتيجة بحثهم عنها علموا من اناس سيئين يجيدون الوشاية ويتقنون انتهاك الاعراض مالم يستسيغوا سماعه من كذب وتلفيق خلال ثلاثة ايام فقط الفت قصص وروايات ممن لاضمير لديهم.
كان فعل ابنتهم غير سوي حين ذهبت مع صديقة لها، تعرفت عليها من خلال دوامها في المعهد وقيل بصحبة شاب من خلال رفيقة السوء هذه. حين رجعت الابنة الى اهلها كان المفروض بهم ان يسالوها اولا وان يستفسروا منها عن سبب غيابها؟ واين كانت؟ ولماذا؟ ووووو. باعتبارها امانة الله التي استودعها عندهم.لكن هذا لم يحصل .حيث ان وجود ابن عمها، وابنة عمها، كان سببا في شحذ همة اخيها، كي يذبحها. وفعلا، ادى دوره الجبان ، بجدارة. وسط هلاهل ابنة العم ، وهي تحمل راس الضحية، في الشارع، لتصرخ بانهم قد غسلوا عار العشيرة. وانا كلي يقينا ان ابنة العم لم تكن تملك شرفا كشرف الضحية .
وبكل برود وربما يحسب له شجاعة الشجعان ذهب الاخ الجلاد والمجرم الجبان. ليسلم نفسه، وهو واثق، من انه سيحكم لاشهر مع ايقاف التنفيذ. فهل هذا هو عدلنا؟؟ لاتنسوا لاننا اصحاب عدالة منذ بدءالطبيعة!!!.
اخذت الجثة المغدورة للطب العدلي ليثبت انها كانت عذراء ياللهول فاي مصاب جلل هذا! انهم يقتلون وبعدها يفحصوا الضحية فاي قانون هذا واي عدل يامن سننتم اول قوانين الحياة؟!!!
هذه قصة. ومثلها الكثير، لو احببتم من هذه القصص التي يعتصر القلب لهولها ولبشاعة مرتكبيها والتي دائما مايكون منفذيها اخوة او اباءا للضحية المغدورة،نعم انها مغدورة حين تقتل بدم بارد وبيد اهلها الذين يفترض منهم ان يكونوا حماة لها وذائدين عن حقوقها التي تهدر في كل لحظة وسط اعراف وتقاليد بعيدة كل البعد عن قيم الانسانية وعن الاسلام السمح ،الذي طالما اوصى بالمراءة وكيف يجب ان تعامل باحترام وانسانية.
* بقلم د. دلال محمود *
اترك تعليقاً