تعويض ضحايا مرض الإيدز بسبب نقل دم ملوث
1- أن لا يمكن لأحد أن يؤرخ لهذا القرن دون أن يعرض لأحد أهم ظواهر وهو اكتشاف مرض الإيدز في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1981م. والفيروس المسبب له عام 1983م.
والإحصاءات تؤكد أن المرض ينتشر بسرعة مذهلة 5000 شخص يصابون به كل يوم أربعة وعشرون مليوناً من الرجال والنساء والأطفال يصابون بفيروس الإيدز فعلا وسوف يبلغ عدد الضحايا عام 2000م من 30 إلى 40 مليوناً .
والملاحظ أن هذه الإحصائية كانت عام 1994م والملاحظ أن العدد المذهل في ذلك العام أزداد خلال العشر السنوات التي مرت منذ عام 1994م.
وحتى الآن إذن هو مرض يحصد البشرية بالفعل ويعتبر مثل الكابوس وأعظم خطراً من طوفان توسونامي.
2- والإيدز مرضاً خطيرا يستمد خطورته من الفيروس المسبب له ويسمى بالإنجليزية h.i.v والفرنسية vih الذي يضرب جهاز المناعة الذي خلق الله للإنسان.
فيحطمه ، ويترك المريض فريسة تنهشه الأمراض ومن يصاب به مقضي عليه لا محالة والفيروس المسبب للمرض يتخفى ويتلون ولا يكشر عن أنيابه إلا بعد اثني عشر سنة تسمى الفترة الصامتة يكون المصاب خلالها قادراً على نقل العدوى للآخرين.
والإيدز مرض خطير لأن أحد اهم مسبباته يتعلق بأدق أسرار الإنسان حياته الجنسية لذا فإن المريض ينظر إليه من زوجته على أنه خائن ومن زملاء المهنة بوصفه خائب ومن أولاده على أنه فاشل ومن والديه على أنهما لم يحسنا تربيته وتهذيبه وهكذا يعيش منبوذاً مدحوراً ذليلاً حتى الموت بينما قد تكون العدوى قد حدثت عبر نقل الدم الملوث بالفيروس وأدوات الحلاقة الملوثة به.
وقد يرى البعض أن أنتشار المرض بالغرب حيث حرية الجنس والشذوذ الجنسي سببه الرئيسي ينهض مبرراً للإهتمام به طبيعيا وتشريعياً ومردود على ذلك أن الممارسة الجنسية غير الطبيعية وأن كانت عاملاً رئيسيا في العدوى إلا أنها ليست العامل الأوحد فالإيدز قد ينتقل من ذراع إلى ذراع عبر الحقن الملوثة في أوساط مدمني المخدرات .
وقد ينتقل المرض عند نقل دم ملوث من شخص إلى آخر أو عن طريق بنوك الدم وأثناء العمليات الجراحية المعتادة.
وفي فرنسا حيث واجه المشرع المرض الذي لا علاج له بوسائل وقائية وأخرى لتعويض الضحايا صدر قانون 31/12/1991م. الذي تأسس بمقتضاه .. تعويض الضحايا بصورة مباشرة وبإجراءات أكثر سهولة وسرعة ثم صدر قانون آخر أعيد بمقتضاه صياغة أحكام تجميع الدم وتصنيعة ونقله أو توزيعه وهو فقط على تعويض مرض الأيدز.
إنتقال العدوى عبر الممارسة الجنسية:
إن إنتقال العدوى عن طريق الاتصال الجنسي بشخص يحمل الفيروس يعد أكثر الطرق شيوعاً لانتقال الإيدز لذا وجد أن معظم الإصابة بالمرض في فترة العمر من 20- 39 عام وتشكل هذه المجموعة حوالي 90% من المرض بينما وجد أن 50% من المرضى تتراوح اعمارهم من 30- 39 وفي سان فرانسيسكو ونيويورك وجد أن معظم الضحايا تتراوح أعمارهم بين 25-42 منه وتشكل الشواذ حوالي 73% من مجموعة حالات الإيدز في أمريكا وأوروبا .
بل أن جذور المرض الأولى ترجع إلى الشواذ جنسياً sexuelles ho oوفي مدينة لوس انجلوس أن العدوى من المرأة إلى الرجل ومن الرجل إلى المرأة بنسب متساوية وأن الواقي الذكري لا يؤمن السلامة المطلقة ضد انتقال الفيروس أثناء الممارسة الجنسية ولكن الانتقال المرض بهذه الطريقة لا يعد بذاته مصدراً للمسؤلية المدنية ولا يتولد عنها حق الضحية في التعويض اللهم لا في حالات نادرة وغير معروفة وهنا يمكن أن ترفع إذا أنتقلت العدوى إلى الزوجة فإن من حقها رفع دعوى التعويض إذا كانت جذور اصابة زوجها واقعة نقل دم ملوث.
أنتقال العدوى من الأم إلى الجنين:
ينتقل أثناء فترة الحمل أو عند الولادة وحالات نادرة أثناء فترة الرضاعة والتقارير الطبية تؤكد أنتقال العدوى من الأم المصابة إلى الطفل بنسبة 30% – 40% عند الطفل الوليد وأن 50% من هم يموتون واعمارهم بين 3-4 سنوات.
استعمال حقن ملوثة من ذراع إلى ذراع:
تؤكد الإحصاءات أن 30% من المصابين بهذا المرض أنتقل عبر هذه الحقن المخدرات ” الماكستون فورت”
ولكن لا تعد مصدراً من مصادر المسؤلية المدنية.
ولا يجوز للملوث أن يتمسك بحق له أمام القضاء.
أما إذا نجمت العدوى عن استعمال الحقن الملوثة الخطأ وقع الطبيب أو الجراح أو نتيجة لا ستخدام الآات والأدوات الطبية الغير معقمة في عيادات الأسنان مثلا أو أثناء عمليات الغسيل الكلوي دون تعقيم الماكينة فإنها مصدراً لقيام المسؤلية المدنية على عاتق الطبيب والجراح وتعويض الضحية.
دعوى الضحية في مواجهة بنك او مركز الدم:
من نصوص القانون الصحة العامة على أن الإختصاص بنظر دعاوى المسؤلية التي يرفعها المضرور على مركز الدم يكون للقضاء العادي فإذا كان مركز الدم ملحقاً بمستشفى تابع للدولة أو لأحد هيئاتها العامة كان للقضاء الاداري مختصاُ بنظر دعاوى التعويض وتقوم أركان المسؤلية على الخطأ والضرر وعلاقته السببية فإذا توافرت هذه الأركان جميعا ثبت للمضرور الحق بالتعويض .
مثال الخطأ- هو توزيع بنك الدم دم ملوث أو غير نقي أو من فصيلة تختلف عن فصيلة المريض أي لا بد أن يلتزم بنك الدم في مواجهة المريض توزيع الدم النظيف ومن نفس الفصيلة .
2- الضرر وهو أساس المسؤلية المدنية لأن محل الالتزام بالتعويض الذي ينشأ عن الخطأ ويشترط في الضرر كعنصر لازم لانعقاد المسؤلية أن يكون محققاً العلاقة السببية .
لقد وضع القضاء الفرنسي متأثراً في ذلك بالمأساة التي أحدثها انتشار مرض الإيدز قرينة على أن العدوى تنسب إلى واقعة نقل الدم.
وأن واقعة نقل الدم قد حدثت في الفترة من 1980 – 1985م.
وهي فترة انتشار العدوى حتى يحكم له بالتعويض بناء على توافر علاقة السببية بين واقعة نقل الدم وحدوث العدوى وأن أثبات الوقائع القانونية عن طريق القرينة يتفق تماما ونص المادة (1353) مدني فرنسي.
وهذا بالنسبة لما هو موجود في القانون الفرنسي والقانون المصري المأخوذ من القانون السابق وأن الملاحظ على القانون اليمني هو جاء موافق في أغلبه لقواعد القانون المصري الا أنه لا يوجد لدينا قضاء أداري ولكن يوجد قضاء موحد.
وعليه فإن على المصاب بهذا المرض رفع دعواه إلى القضاء اذا توافرت شروطها وشروط التعويض المنصوص عليه في القانون المدني وهو الخطأ الضرر والعلاقة السببية .*)
أجارنا الله وإياكم من هذا البلاء
اعداد المحامي/ عبدالرحمن محمد الصديق
*) من كتاب تعويض ضحايا مرض الإيدز بسبب نقل الدم الملوث في القانون المصري والمقارن /د. أحمد السعيد الزقرد – ط 1994م صـ 2-70 .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً