القتل العمد في قانون العقوبات السوري
تعد جريمة القتل قصداً من الجرائم التي تحدث في كافة المجتمعات على مختلف مستوياتها الحضارية والثقافية وقد وضع المشرع القانوني جملة من العقوبات وقيد هذه الجرائم بضوابط للحد من انتشارها , وفي القانون السوري أفرد لها المشرع العديد من القوانين الرادعة في قانون العقوبات الباب الثامن في الفصل الأول بجملة من المواد بحيث كل مادة تعرف الجريمة المرتكبة وعقوباتها .
القتل القصد في قانون العقوبات السوري
وللوقوف على جريمة القتل قصداً في قانون العقوبات السوري إلتقينا المحامي الاستاذ رامي مالاتي الذي عرف القتل القصد كما ذكره شراح القانون بأنه : إزهاق روح انسان , بفعل انسان آخر قصداً وبغير حق , وقد عرفه البعض بأنه : صدور فعل أو ترك من انسان يقصد به إزالة حياة انسان آخر بغير حق فيؤدي إلى وفاته مع علمه بالنتيجة وإرادته لذلك . وقد عالج قانون العقوبات السوري جريمة القتل قصداً وذلك في الباب الثامن وفي الفصل الأول منه واعتبرها من الجنايات الواقعة على حياة الانسان وسلامته وأفردت لها المواد القانونية من المادة 533 وحتى المادة 539 منه .
س :جريمة القتل قصداً , لها ذات العقوبة أم أن المشرع اعتمد تصنيفاً لذلك ?
بالتأكيد ليست عقوبة واحدة لجريمة القتل قصداً , طالما تنوعت واختلفت تلك الجرائم الواقعة على حياة الانسان والمندرجة ضمن القتل قصداً , ويمكن القول أن المشرع السوري في قانون العقوبات ابتعد عن التقسيم التقليدي واتجه إلى تقسيم وتصنيف جرائم القتل القصد في ثلاثة اصناف وهي :
أولاً : القتل المقصود العادي: وهو ما أفصحت عنه المادة 533 عقوبات والتي فرضت على مرتكبه عقوبة الاشغال الشاقة من خمسة عشر سنة إلى عشرين سنة .
ثانياً :القتل المقصود المشدد : وهو القتل المقصود المقترن بظروف أو بدوافع أوجبت تبعاً لذلك تشديد العقوبة , فإذا ما اقترن القتل العادي بإحدى حالات التشديد , صار لزاماً تشديد العقاب وهذا مالخطته كلاً من المادتين 534 التي حددت عقوبة الاشغال الشاقة المؤبدة وكذلك المادة 535 التي حددت عقوبة الأعدام .
ثالثاً : القتل المقصود المخفف : وهو القتل المقصود المقترن بظروف أوبدوافع تدعو إلى الرأفة , فلابد حينئذ من تخفيف العقوبة , وهذا ماجاءت به المادة 533 عقوبات سوري التي أوضحت حالات التخفيف .
س : ذكرت مسبقاً حالات التشديد ,وحالات التخفيف , دونما تفصيل لذلك هل بالامكان إيضاح ذلك بصورة أكثر دقة وتحديداً ? بالنسبة لحالات التشديد : فهي كما ودرت في المادتين 534 و 535 وقد جاء في المادة 534 – عقوبات مانصه :
» يعاقب بالاشغال الشاقة المؤبدة على القتل قصداً إذا ارتكب :
1- لسبب سافل
2- تمهيداً لجنحة أو تسهيلاً أو تنفيذاً لها أو تسهيلاً لفرار المحرضين على تلك الجنحة أو فاعليها أو المتدخلين فيها أو للحيولة بينهم وبين العقاب .
3- للحصول على المنفعة الناتجة عن الجنحة
4- على موظف أثناء ممارسته وظيفته أو في معرض ممارسته لها
5- على حدث دون الخامسة عشرة من عمره .
6- على» شخصين أو أكثر «
7- في حالة إقدام المجرم على أعمال التعذيب أو الشراسة نحو الاشخاص
فإذا ماتحققت أياً من الظروف السابقة في جريمة القتل قصداً كانت العقوبة مشددة وهي الاشغال الشاقة المؤبدة .
أما حالة التشديد الثانية فهي ماورد ذكره بالمادة 535 عقوبات سوري والعقوبة هي الاعدام إذا تم القتل وفق ما جاءت به هذه المادة وتعد هذه الحالة و هذه المادة أشد صرامة من الحالة السابقة وقد جاء في المادة 535 عقوبات سوري مانصه :
» يعاقب بالاعدام على القتل قصداً إذا ارتكب :
1- عمداً
2- تمهيداً لجناية أو تسهيلاً أو تنفيذاً لها وتسهيلاً بفرار المحرضين على تلك الجناية أو فاعليها أو المتدخلين فيها أو للحيولة بينهم وبين العقاب .
3- على أحد أصول المجرم أو فروعه
ومانقوله : أن العمد لايتم إلا بعد أن يفكر المجرم فيما عزم عليه وتبرير عواقبه ويصمم على ارتكابه ويهيء أسبابه , بعد أن يكون لديه متسع من الوقت يكفي لازالة حالة التوتر والانفعال , ثم يقدم عليه هادئ النفس مطمئن البال , فإذا لم يتيسر لديه التدبير والتفكير وارتكاب الجرم تحت تأثير الغضب والهياج فلا يكون ركن العمد متؤفراً .
3- أما بالنسبة لحالات التخفيف , فقد تجلت بثلاث حالات :
– الحالة الأولى : قتل الوليد اتقاء للعار , وهذا ماجاءت به المادة 537 عقوبات التي نصت على أنه
» 1- يعاقب بالاعتقال المؤقت الوالدة التي تقدم , اتقاء للعار , على قتل وليدها الذي حبلت به سفاحاً .
2- ولاتنقص العقوبة عن خمس سنوات , إذا وقع الفعل عمداً .
– الحالة الثانية : القتل اشفاقاً وبناء على الالحاح بالطلب » القتل بدافع الشفقة « وهو ما جاءت به المادة 538 عقوبات السوري التي أكدت بأنه يعاقب بالاعتقال عشر سنوات على الاكثر من قتل انسانا قصداً بعامل الاشفاق بناء على الحاجه بالطلب .
– الحالة الثالثة : وهي التحريض والمساعدة على الانتخار وهو ماجاءت به المادة 539 – عقوبات سوري التي نصت على أنه :
» 1- من حمل انساناً بأية وسيلة كانت على الانتحار أو ساعده بطريقة من الطرق المذكورة في المادة 218 الفقرات ( آ , ب , د ) على قتل نفسه عوقب بالاعتقال عشر سنوات على الأكثر إذا تم الانتحار .
2- وعوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين في حالة الشروع في الانتحار إذا نجم عن إيذاء أو عجز دائم .
3- وإذا كان الشخص المحمول أو المساعد على الانتحار حدثاً دون الخامسة عشرة من عمره أو معتوهاً طبقت عقوبات التحريض على القتل أو التدخل فيه « .
مانحب ذكره هو أن جرائم القتل المقصودة المشددة مهما تعددت اشكالها وصورها لاتؤلف جرائم قائمة بحد ذاتها إذا أنها لاتخرج عن كونها جرائم قتل بسيطة أو عادية اقتربت بظرف من ظروف التشديدالتي ذكرناها في المادتين / 534 , 535 / فأوجب تبعاً لذلك وللظروف المشددة المذكورة زيادة العقوبة وبالتالي في الحكم بالاشغال الشاقة المؤبدة أو الاعدام .
س : هل من عناصر أساسية لجرائم القتل قصداً ?
نعم , فالحقيقة أن جريمة القتل قصداً , كغيرها من الجرائم , لابد من توافر عناصرها الاساسية حتى تتحقق الجريمة وفق المنطلق القانوني الناظم للجريمة وتلك العناصر هي مايعرف قانوناً بمصطلح الأركان القانونية وبالتالي فإن اركان جريمة القتل قصداً , بشكل عام , هي ثلاثة :
الركن الأول : وهو أن يكون المعتدى عليه انساناً حياً , وهو مايعرف بمحل الاعتداء أو الركن المفترض .
والركن الثاني : هو الاعتداء , أي أن يعتدي الفاعل على حياة المجني عليه اعتداء يزهق به روحه , أو يمحو به وجوده ككائن حي وهو مايعرف بالركن المادي .
أماالركن الثالث : وهو أن يتوافر في نفس الفاعل حين الاعتداء قصد ازهاق الروح بنية القتل أي نية إحداث الموت وهو مايعرف بالركن المعنوي .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً