القانون في المصيدة!!
عندما نختلف نحن كإعلاميين أو محللين حيال مباراة معينة، ولا نتفق على نوعية تقييمها أو الأسلوب الذي سارت عليه تلك المباراة، يدخل هذا الاختلاف في النوع المسموح والممكن، لأننا نتحدث عن رؤية فنية مبنية على رؤى شخصية تختلف من شخص، بناء على الخبرة المكتسبة وطبيعة الطرح وأسلوب تفسير وشرح ما يحدث.
ما يثيرني بالفعل ويجعلني أقف حائرا هو ما أراه في الوسط التحكيمي ومحللي المباريات من الناحية القانونية، وهم يختلفون فيما بينهم على الأمور القانونية التي لا تحتاج إلى اجتهاد أو تفسير ذاتي، فقانون كرة القدم ربما يكون الأشهر على مستوى العالم، ورغم ذلك نقرأ ونستمع إلى اختلافات أحياناً حادة في تفسير القانون واللوائح الخاصة باللعبة. الغريب في الأمر أن جميع المحللين القانونين، بدون استثناء هم من الحكام الكبار الذين مروا على الكرة السعودية، منهم محمد فودة وعبدالرحمن الزيد والعقيل والوادعي وليعذرني من لم أذكر من المحللين، اختلفوا فيما بينهم حتى في تفسير بعض الحالات وكل منهم تعصب لرأيه واستند إلى المواد القانونية التي فسرها كل منهم على مزاجه وحسب رؤيته.
صحيح أن كثير من القرارات التحكيمية هي تقديرية تعود إلى حكم المباراة، إذا كان هذا هو الواقع، لماذا نناقش قضايا محسومة فعلا؟. وإذا كان التقدير الذاتي للحكم هو سيد الموقف في الملعب، ما هو أسلوب التقييم المنطقي الذي يمكن أن نبني عليه تقييم مستوى التحكيم لدينا؟ ومن يقوم بهذا التقييم؟. هل نحن نبحث عن أستاذية نمارسها على الحكام الحاليين؟ أم أن هؤلاء الحكام لا يفقهون في القانون أو أن ما لديهم من لوائح تختلف عن تلك الموجودة لدى المحللين؟.من وجهة نظر شخصية أعتقد أن بعض المحللين الحاليين لا يبحثون عن تطوير الذات وتنمية قدراتهم ومتابعتهم للأحداث والتغيرات، بالضبط مثلهم مثل الحكام الموجودين حاليا، والتطوير هنا ليس بالضرورة أن يكون في اللوائح والمواد المضافة إلى القانون، ولكن في أسلوب الطرح والنقاش ولغة الحوار والتعليق والحديث عن الحكام. ربما ثقة الحكام السعوديين في أنفسهم في هذه الأيام تعيش أسوء أيامها، ولا أعتقد أنها بالكامل بسبب الأخطاء الكبيرة التي وقع فيها هؤلاء الحكام، ولكن، ولا يجب إغفال هذا الجانب، كان هناك دور كبير لأسلوب التعليق وطريقة متابعة الأخطاء التي وقعوا فيها. فالحكم لا يملك من الوقت أكثر من ثوان قليلة جدا لاتخاد قراره وإطلاق صافرته، بينما يعيش المحلل أمام جهاز العرض ساعات يعيد من خلالها اللقطة من أكثر من زاوية وأكثر من لقطة وبالحركة البطيئة أو عن طريق المحاكاة الإلكترونية، قبل أن يصدر قراره حول التحكيم والحكام، ومن تم يلتقط بعض رؤساء الأندية وأعضاء الشرف والإداريين والجمهور هذا التقييم والتعليق على الأخطاء لتصبح فجأة وصمة عار في جبين الحكم والتحكيم، وتنهال الانتقادات غير (المهذبة) في كثير من الأحيان على رأس الحكم.لست ضد إظهار الأخطاء التي يقع فيها الحكم ولكني أبحث عن الأسلوب الأمثل الذي يمكن من خلاله أن نقيم ذلك الخطأ ونقيم التحكيم بشكل عام!. حتى نعيد ثقة الحكم السعودي في نفسه علينا أولا أن نكبح جماح تلك الأساليب الاستفزازية التي يمارسها الكثيرون على التحكيم.
أحمد صادق دياب
اترك تعليقاً