جرائم الاعتداء على المال العام
مع الأيام بدأت تظهر إلى السطح أمور لم تكن موجودة، وهذا أمر طبيعي فالتطور سمة الحياة ودلالات الوجود، إلا أن ما نريد للأسف التركيز عليه هو هذا التطور الذي نشاهده في حقل انتهاك القيم والأخلاق والمثل وبروز أمثال شاعت بين أفراد المجتمع المتأمل في معانيها يراها تذهب إلى مذاهب شتى لكن قد يكون أظهرها الدعوة إلى الأنانية وحب الاستحواذ وقتل الإيثار لدى الأشخاص. واصبح يوجد ميل لدى العض نحو الاعتداء
على المال العام.
وإذا ما كان هذا الأمر ليس شائعاً ، هكذا آمل !! فإن مجرد ظهوره في مجتمع ينذر بعواقب سيئة فهو يشير إلى نفر من الناس إلى ارتكاب الجريمة أو بمعنى أدق يميل إلى الانحراف عن الطريق القويم.
وقد تكون صور الانحراف عديدة إلا إن ما قد لفت نظري على الأقل في إطار الحقل الذي أعرفه هو ميل الناس بل تعمدهم الاعتداء على الأموال العامة وقد اتخذ هذا الاعتداء أيضاً أشكالاً شريحة من الأفراد في ارتكابها بشكل أزعج الدولة مما جعلها تحاول رسم خطط لمحاولة الحد بين هذه الانتهاكات التي في واقع الأمر أراها في ازدياد أقلق الجميع.
وقد يكون من غريب القول أن هناك فئة من الناس قد ظهرت مساندة لشريحة الأفراد الذين يرتكبون مثل هذه الأفعال ، بل إن الأمر لم ينحصر في هذه المساندة حيث أرتقت المساندة إلى حد وصف هؤلاء الأفراد بالذكاء وتشغيل الدماغ ووصف الآخرين غيرهم بالطيبة ، حتى صارت هذه الأخيرة سُبة في عرف الكثير من الأشخاص.
هذا ومما قد يكون من المؤشرات الخطيرة لتصاعد الاعتداء على المال العام، قابله عدم إحساس الأفراد بأن هذا المال هم شركاء فيه متساوون وهو مؤشر يحتاج إلى وقفات.
المال العام في نطاق التشريعات الليبية :
لقد أورد المشرع الليبي العديد من التعريفات للمال العام،
قد يكون من الأوفق التعرض لها تباعاً:
أولاً: قانون 10 لسنة 23م بشأن التطهير نصت المادة الثالثة منه على أنه(يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا القانون، الأموال المملوكة أو الخاضعة لإدارة أو إشراف اللجان الشعبية العامة أو المؤسسات العامة أو المصالح والأجهزة القائمة بذاتها أو المشروعات أو المؤتمرات أو الاتحادات أو النقابات أو الروابط المهنية أو الجمعيات أو الهيئات العامة والخاصة ذات النفع العام أو النوادي أو الشركات أو المنشآت المملوكة بالكامل لإحدى الجهات المذكورة أو التي تساهم في رأسمالها وكذلك الوحدات الاقتصادية المملكة التي لم يتم تسديد قيمتها أو أي جهة أخرى بنص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة).
ثانياً: القانون رقم 2 لسنة 1979ف بشأن الجرائم الاقتصادية – نصت المادة الثالثة منه على أنه:-
( يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا القانون الأموال المملوكة أو الخاضعة لإدارة وإشراف أحدى الجهات المذكورة في المادة السابقة ( وهي اللجان والمؤتمرات والأمانات والبلديات ووحدات الإدارة المحلية والهيئات والمؤسسات العامة الاتحادات النقابات الروابط الجمعيات الهيئات التي تساهم في رأس مالها هذه الجهات – المنشآت التي طبقت بشأنها مقولة (شركاء لا أجراء)أو أي جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة)
ثالثا: المادة 87 من القانون المدني نصت على أنه:
1 ـ تعتبر أموال عامة، العقارات والمنقولات التي للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة للمنفعة العامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار.
2 ـ وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم
حماية المال العام من اعتداءات الموظفين:
أ ـ جرائم الاختلاس:
لقد عرف قانون العقوبات الموظف العام كما عرفه قانون الجرائم الاقتصادية في إطار تطبيق أحكام هذا القانون الأخير، وقد جاء الفصل الرابع من قانون الجرائم الاقتصادية بنصوص تتعلق بجرائم الاختلاس وإساءة استعمال السلطة سوف نتعرض لها باختصار لضرورات سعة المقال.
1 ـ جريمة اختلاس الموظف العام للمال العام: نصت المادة 27 من قانون الجرائم الاقتصادية على أنه(يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل موظف عام اختلس أموالاً عامة أو أموالاً للأشخاص مسلمة إليه بحكم وظيفة أو دعى ملكيتها أو ملكها لغيره، وتكون العقوبة حد السرقة إذا توفرت شروطه ).
2 ـ جريمة استيلاء الموظف العام على المال العام:
يعاقب بالسجن كل موظف عام استولى دون وجه حق على مال عام، فإذا وقع الفعل غير مصحوب بنية التملك تكون العقوبة الحبس وبغرامة لا تجاوز ألف دينار أو إحدى هاتين العقوبتين.
ثالثاً: سرقة الكهرباء والمياه: المادة 32 من قانون الجرائم الاقتصادية نصت على أنه (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر كل من اختلس الطاقة الكهربائية أو المياه من شبكات المرافق العامة).
ب ـ جرائم إهمال الموظف في حفظ المال العام:
1 ـ التقصير في حفظ وصيانة المال العام حيث نصت المادة 15 المعدلة من قانون الجرائم الاقتصادية على أنه (يعاقب بالسجن الموظف العام المكلف بحفظ أو صيانة مال عام إذا قصر في حفظ أو صيانة هذا المال).
2 ـ المادة 14 جرائم اقتصادية حيث نصت على أنه يعاقب بالسجن كل موظف عام استخدم ما عهد به إليه بحكم وظيفته من مال عام في غير الأغراض التي خصص لها بمقتضى خطة التحول الاقتصادية والاجتماعية وبطريقة يترتب عليها إلحاق ضرر بأهداف هذه الخطة، هذا و توجد العديد من النصوص القانونية في التشريع الليبي تهدف إلى حماية المال العام من أن تطاله يد العبث سواء أكان هذا العبث والإهمال صادراً من الموظفين العموميين أو من الأفراد العاديين ولذلك فلقد اعتبر المال العام ظرفاً يشدد من خلاله العقوبة في جرائم السرقة و جرائم الإتلاف ومن ذلك ما نص عليه البند الثالث فقرة ت2 من المادة 446 من قانون العقوبات حيث نصت المادة المذكورة على أنه (تكون العقوبة الحبس مع الشغل مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات “دنانير” ولا تزيد على خمسين ديناراً.
3 ـ إذا وقعت السرقة على منقولات موجودة في إدارات أو منشآت عامة أو كانت معروضة بحكم الضرورة أو العادة اعتماداً على الثقة العامة أو معدة لخدمة أو مصلحة عامة).
ولكن في كل الأحوال تدخل هذه الأمور في الإطار النظري لبند وتنفيذ القانون هو المؤشر القوي لتفعيل نصوصه.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً