القاضي في سطور
القاضي سامر النمري- محكمة بداية رام الله
القضاء من أهم ركائز المجتمع فقد شرع الإسلام القضاء لأنه وسيلة لتحقيق العدل والعدالة ورد الحقوق إلى اصحابها فينتشر الأمان بين الناس وتصان دماءهم وأموالهم وأعراضهم.
ولأهمية القضاء وجب تعيين قضاه تتصف فيهم الفطنة والذكاء والخبرة بأحوال الناس حتى لا يخدعه الظالم أو أحد المتنازعين وأن يكون تقياً عدلاً وإلا ضاعت حقوق الناس. وأن يكون أهلاً للقضاء بمعنى أن يكون قويا قادرا على تحمل المسؤولية الجسيمة فقيل في هذا المقام (من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين) وطلب أبو ذر من النبي محمد صلي الله علية وسلم أن يأمره على بعض البلاد فقال له صلي الله علية وسلم (يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزى وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها) رواه مسلم واحمد وعلى القاضي أن يتخلى عن أهوائه، فيتجنب القضاء في حالة الغضب أو القلق أو الجوع الشديد أو في حالة الخوف المفزع أو في حالة الحر الشديد أو البرد الشديد ففي كل هذه الأحوال يكون فكر القاضي مشوشا وذهنه غير صاف فيمكن أن يخطئ في القضاء.
وللقاضي أن يعمل عقله في الأمور التي ليس فيها نص فيجتهد وله آجر فقيل (أن حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر) والمقصود بالأجرين أجر الإجتهاد في معرفة الحق وأجر التوصل إلى الحق ومعرفته فإن أخطأ فله أجر واحد وهو أجر الإجتهاد في محاولة الوصول للحق وليس عليه ذنب أن أخطأ ما دامت نيته معرفة الحق إذا كان مالكا لأدوات الإجتهاد قال تعالى:( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن تعمدت قلوبكم وكان الله غفور رحيم /الأحزاب).
ومن آداب القاضي أن يساوى بين المتخاصمين في الدخول عليه وفي الجلوس أمامه وفي إستقباله لهما وفي الإستماع إليهما وفي الحكم عليهما فلا يحترم أحد دون الآخر ولا يجلس أحدهم في مكان أفضل من الآخر وألا يعطي لأحدهما حق التحدث أكثر مما يعطي للآخر وأن يبعد عواطفه تجاه أي منهما عند الفصل بينهما وأن يترفع عن الألفاظ المسيئة والقدح والذم التي تسيء له وتسئ للقضاء .
عن علي رضي الله عنه قال بعثني رسول الله إلى اليمن قاضيا فقلت يا رسول الله ترسلني وأنا حديث السن ولا علم لي بالقضاء فقال إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الأخر كما سمعت من الأول فإنه احرى أن يتبين لك القضاء (أبو داوود).
وعلى القاضي ألا يقبل من أحد المتنازعين شيئا حتى لا يعد ذلك رشوة ولا يحل للقاضي أن يقضي بما يغلب على ظنه قال تعالى (وأن الظن لا يغني من الحق شيئا/ النجم)، قال رسول الله صلي الله علية وسلم ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث) متفق عليه.
ولا يحل للقاضي أن يتباطأ في فصل القضاء وإنفاذ الحكم لمن ظهر له الحق وعليه أن يقضى بما إطمأنت به نفسه فإن البر فيه، قال رسول الله صلي الله علية وسلم ( البر ما اطمأنت إليه النفس وإطمأن إليه القلب / الدرامي وأحمد).
فإذا وجد الإنسان في نفسه ضعيفا بحيث لا يستطيع تحمل مسؤولية القضاء ابتعد عنه وتركه لمن وجد في نفسه القدرة على القيام بالقضاء مع توفر شروط القاضي فيه. روى أن حياة بن شريح دُعي إلى أن يتولى قضاء مصر فرفض فهدد بالسيف فأخرج مفتاحا كان معه وقال هذا مفتاح بيتي ولقد إشتقت إلى لقاء ربي) أي أنني مستعد للموت ولكن لن أتولى القضاء .
اترك تعليقاً