توضيحات قانونية حول تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب الأردني
د.ليث نصاروين
في خضم سلسلة الإصلاحات السياسية التي تشهدها المملكة هذه الفترة والمتمثلة في إجراء تعديلات على مجموعة من القوانين الناظمة للحقوق والحريات العامة أهمها قانون الاجتماعات العامة وتعديلات جوهرية على نصوص الدستور الأردني لإعادة التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية, لا بد من الإشارة إلى ضرورة توسيع نطاق العملية الإصلاحية لتشمل التشريعات الناظمة لمجلس النواب. فمن ضمن الأمور التي أدرجت في الإرادة الملكية السامية بدعوة مجلس الأمة إلى الاجتماع في دورته الاستثنائية الحالية إقرار مشروع نظام معدل للنظام الداخلي لمجلس النواب لسنة .2011
إن النظام الداخلي لمجلس النواب يصدر استنادا لأحكام المادة (83) من الدستور والتي تعطي المجلس الحق في وضع مجموعة من القواعد القانونية لضبط وتنظيم إجراءات عمله فيما يتعلق بلجان المجلس ومشاريع القوانين وآلية التصويت عليها ونظام الجلسات ووسائل الرقابة السياسية التي يملكها مجلس النواب في مواجهة السلطة التنفيذية من أسئلة واستجوابات ومناقشة عامة واقتراحات برغبة والعرائض والشكاوى.
إن هناك حاجة ماسة لإقرار نظام داخلي جديد لمجلس النواب أو على الأقل تعديل بعض بنوده التي تعتبر مخالفة للدستور.
فمن أهم المواد في النظام الداخلي الحالي التي يجب إلغاؤها لعدم دستوريتها المادة (65/ب) والتي تنص على أنه يجوز لمجلس الوزراء استرداد مشروع القانون قبل التصويت على إحالته للجنة المختصة.
إن المادة السابقة قد سبق وأن أعلن عدم دستوريتها في القرار الصادر عن المجلس العالي لتفسير الدستور رقم (1) لسنة 2001 والمتضمن الإجابة حول ما إذا كان يمتنع على رئيس الوزراء بمقتضى أحكام الدستور استرداد مشروع قانون سبق له وأن أحاله إلى مجلس النواب سواء كان المجلس منعقدا أو منحلا. فقد قرر المجلس العالي بالإجماع أن المادة (65/ب) من النظام الداخلي لمجلس النواب غير دستورية وأنه يحق لرئيس الوزراء استرداد مشروع أي قانون من مجلس النواب في أي وقت يشاء حتى وإن تم التصويت على إحالته للجنة المختصة, ذلك على اعتبار أن الحكومات المتعاقبة منذ صدور الدستور عام 1952 كانت تقوم باسترداد مشاريع القوانين التي سبق وأن أحالتها على مجلس النواب.
بالتالي فقد تحولت تلك الممارسة إلى عرف دستوري مستقر يجب عدم النص على مخالفته في النظام الداخلي لمجلس النواب. وعلى الرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على إعلان عدم دستورية المادة (65/ب) من النظام الداخلي المجلس النواب إلا أن المجلس لم يحرك ساكنا لتعديل نظامه الداخلي وفق مقتضيات الحاجة.
ومن المواد الأخرى في النظام الداخلي الحالي لمجلس النواب والتي تعتبر مخالفة للدستور المادة (22) والتي تنص على أنه يعتبر المنتخب نائبا ويمارس حقوق النيابة منذ إعلان نتيجة الانتخاب. إن النائب يكتسب صفة النيابة منذ نشر نتائج الانتخاب العام في الجريدة الرسمية ولمدة أربع سنوات استنادا لأحكام المادة (68) من الدستور.
أما ممارسته حقوق النيابة فقد ربطها الدستور الأردني بضرورة أداء القسم أولا. فقد نصت المادة (80) من الدستور على أنه يجب على كل عضو في مجلس النواب قبل الشروع في عمله أن يقسم يمينا أمام مجلسه بالصيغة المحددة في الدستور.
وهو ما أكده المجلس العالي لتفسير الدستور في قراره رقم (1) لسنة 2003 بالقول أن أداء العضو في مجلس النواب اليمين التي نصت عليها المادة (80) من الدستور شرط دستوري يجب أن يستوفيه العضو قبل الشروع في عمله في المجلس الذي ينتمي إليه, وهو ما يعني أن المادة (22) من النظام الداخلي لمجلس النواب مخالفة للدستور.
إن هناك حاجة ملحة لتخصيص وقت في الدورة الاستثنائية الحالية لمراجعة النظام الداخلي لمجلس النواب إما بإقرار مشروع النظام الجديد أو تعديل النظام الحالي وإلغاء المواد التي تخالف أحكام الدستور.
اترك تعليقاً