حـقـوق الـمـرضـي فـي جـمـهـوريـة مـصـر الـعـربـيـة
أن حقوق المرضي من منظور الحق في الصحة الذي من مؤشراته «جودة ومقبولية الخدمات لدي المواطنين وإتاحة الحصول عليها ماليا وجغرافيا في توافر ودون تمييز بما يحقق الإنصاف في الفرص الصحية المختلفة» ولكن الواقع اليومي يؤكد أنه في كل من القطاعات الصحية العامة والخاصة والمختلطة فى مصر يوجد قصور شديد في هذه الجوانب الحقوقية سواء للمرضي والأصحاء وتشير تقارير إلي عدم رضاء المواطنين عن جودة الخدمات الصحية التي تقدم لهم مما أدي إلي فقدان الثقة بين المواطن ونظامه الصحي .
أسباب عدم رضاء المواطنين عن الخدمات الصحية
من الضروري الرجوع للخلفية التاريخية والأخلاقية التي يستند إليها النظام الصحي المصري ومنها أنه يكتسب شرعية بقائه واستمراره وقدرته علي الإصلاح فيما يتعلق بالمدارس الأخلاقية التي تعتمد عليها النظم عالميا فهي تتراوح ما بين المدرسة النفعية بشقيها الذاتي والموضوعي وهي المدرسة الأكثر شيوعا في أداء النظم الصحية وتقوم علي أساس ما يحدث من نتائج وتفترض أن الغاية تبرر الوسيلة وتدافع عن تحليل التكلفة / والمنفعة والمشكلة في هذه المدرسة في الرعاية الصحية أن مقدم الخدمة النظام يتصرف باعتباره وكيلا عن المريض الذي يفترض أنه لا يعرف ما ينفعه أو يضره لذلك فلا تهتم المدرسة بتوفير ضمانات كافية لحقوق المريض وغالبا ما يسيطر النظام علي قرارات الخدمة بما يناسب مصالح مقدميها فعلي سبيل المثال الأطباء الذين يتلقون رسماً مقابل الخدمة يمتلكون كل الأسباب لتشجيع طرق الرعاية غير الضرورية أو غير الملائمة الطلب الذي يحفزه المنتج كما أن المرضي يواجهون صعوبات كبيرة في الحكم علي جودة الخدمة التي تقدم لهم وهذه من سمات النظم الأبوية ذات السلطة شبه الإلهية المطلقة وهي سليلة مفهوم الحكيم ساحر القبيلة صاحب السلطة الدينية وسيطرة هذه المدرسة تجعل الخدمة الصحية عرضة لقوي الاحتكار في ظل انعدام الشفافية والحق في المعرفة مع تدني أحوال المستهلكين الاقتصادية الذي يدفع في آخر الطريق إلي انهيارات الأسواق الشائعة وتلك المدرسة الأخلاقية التي تتجاهل الأبعاد المهمة للإنصاف والعدالة فيما يتعلق بالحق في الرعاية الصحية أما المدرسة الأخلاقية المجتمعية التي تري الفرد في المجموع عبر منظومة من الفضائل العامة لأن شخصية المجتمع تعتمد علي شخصية الأفراد ولذا تلجأ تلك المدرسة إلي النظم والإجراءات الصحية العامة والشاملة وتعبئ كل مواردها مثل تجربة ماو الصينية في الصحة مع منع كل ما له علاقة بالمبادرة الخاصة أو الشخصية .
المدرسة الثالثة فى الرعاية الصحية
بين المدرستين السابقتين تبرز مدرسة ثالثة قد تسمي بالطريق الثالث أو الليبرالية الأخلاقية التي تتبني منظور المساواة وحقوق الإنسان المتكاملة وتحاول حل الصراع بين المصلحة العامة والحقوق الشخصية الفردية وتركز علي الحقوق الإيجابية التي تعني أن كل فرد لديه حقوقا إيجابية واجبة الاحترام في الحد الأدنى من الخدمات والموارد المطلوبة لضمان المساواة في الفرص، وذلك اعتمادا علي مبدأ الاحترام حيث توفر الدول هذه الحقوق الإيجابية للأفراد في ظل عدالة توزيع الموارد الصحية المتاحة وهو ما يشمل الحق في الرعاية الصحية والحق في الصحة أيضا وهذا ما يدعو إلي منظور إعادة توزيع الدخل والموارد والفرص مع تدعيم الفئات الأكثر تهميشا وحاجة وهو الأمر الذي يضع أولويات صحيحة لهذه الاحتياجات لتفادي الوفيات التي تحدث والإعاقات التي تصيب قبل الأوان وبما يشمل أيضا مد أعمار كبار السن وحمايتهم . ولا يمكن تصور وجود مدرسة أخلاقية نقية تماما من آثار المدرستين ولكن تداخل الخلفيات الثلاث يؤدي لصراع وتشابك لا تحسمه سوي الاختيارات الحرة وإرادة البشر في هذه المجتمعات في تحولاتها التاريخية المتتالية في هذا السياق قد يكون من المهم مراجعة نظامنا الصحي منذ نشأته الحديثة في عهد محمد علي باشا لنعرف أي المدارس الأخلاقية تلك التي تحكم نظامنا الصحي حتي اليوم
حتي يمكننا تفادي سلبيات المدارس الثلاثة وكفالة الحق فى الرعاية الصحية لكل المصريين نطالب المجتمع المدني فى مصر بضرورة العمل على دعم حقوق المرضي فى العلاج والرعاية الصحية .
اترك تعليقاً