النظام الملكي
التعريف
يكون النظام ملكياً إذا كان الوصول إلى رئاسة الدولة يتم بالوراثة، ويسمى رئيس الدولة عندئذ بالملك، كما قد تطلق عليه أوصاف أخرى في بعض الأحوال، كالامبراطور أو الأمير أو السلطان، أو غير ذلك. وقد كان النظام الملكي la monarchie هو السائد قديماً إلا أنه صار أقل انتشاراً في الوقت الحاضر، إذ تحول كثير من النظم الملكية في أعقاب الثورة الفرنسية إلى نظم جمهورية. ولكن ذلك ليس قاعدة مطلقة، فقد تتحول بعض الدول من النظام الجمهوري إلى النظام الملكي، كما حدث في إسبانيا إثر سقوط حكم فرانكو على سبيل المثال.
قامت الملكية في أصلها التاريخي على زعم أن الملوك يستمدون سلطتهم من الله عزّ وجلّ، وأنهم خلفاء الله تعالى في أرضه، وذلك في سبيل الدفاع عن سلطانهم المطلق، وعدم مسؤوليتهم أمام الشعوب. ولم تتهذب الملكية لتماشي تطور الحضارة، وتلائم مقتضيات هذا التطور إلا بمشقة وعسر بالغين، وبعد صراع رهيب بين الملوك والشعوب أسفر عن صلابة الشعوب وتمسكها بحقوقها واستعدادها للدفاع عنها مهما كانت فداحة التضحيات، مما أسفر في النهاية عن تطوير النظام الملكي واكتسابه أبعادًاً دستورية جديدة ضمن البنيان السياسي للدولة.
أنواع الملكيات
قد تتخذ الحكومة الملكية عدة صور:
1ـ الملكية الاستبدادية despotique monarachie: لا يتقيد فيها الملك بأيّ قانون قائم، ولا يعترف بالخضوع لأيّ سلطة، ولا يقيم وزناً للحريات.
2ـ الملكية المطلقة monarachie absolue: وفيها يتقيد الملك بالقوانين القائمة وإن كان يستطيع تعديلها أو إلغاءها، وهو يجمع كل عناصر السلطة في يده لا يشاطره فيها أحد، ولا يوجد من يسأله عن ممارسة هذه السلطة، فهو السيد المطلق، و لا يسأل عما يفعل أمام أيّ هيئة.
3ـ الملكية الدستورية monarachie constitutionnelle: حيث يكون رئيس الدولة الأعلى في هذه الحالة ملكاً يتولى الحكم عن طريق الوراثة، ولكن الشعب هنا يكون صاحب السلطة، وتكون له وحده السيادة، ولا يكون للملك السيادة ولا حتى أيّ جزء منها، ولا يمارس أية سلطة فعلية، إنما تتركز السلطة الفعلية في أيدي الهيئة المنتخبة من الشعب صاحب السلطان الأصيل، ويلاحظ أن النظام السياسي البرلماني هو المجال الأصيل لتطبيق نظام الملكية الدستورية.
مزايا النظام الملكي وعيوبه
ينسب أنصار النظم الملكية إليها كثيراً من المزايا، أهمها:
1ـ أن الملكية تحقق نوعاً من الثبات والاستقرار، مما يجنب البلاد الاهتزازات السياسية والاقتصادية العنيفة التي يمكن أن تصيب البلاد في النظم الجمهورية عند اقتراب موعد إجراء الانتخابات لاختيار رئيس الدولة.
2ـ أن وضع الملك السامي فوق الأحزاب وفوق باقي سلطات الدولة ـ خاصة فوق البرلمان والحكومة ـ يمكنه من القيام بدور الحكم بين كل هذه الهيئات والسلطات المتنافسة، ويصلح بينها وصولاً إلى تحقيق المصلحة العامة.
3ـ أن شخصية الملك تؤدي دوراً مهماً ـ إذا كانت صالحة ـ في نطاق العلاقات الدولية، وتستطيع أن تكسب لبلاده مزيداً من الاحترام والمصالح بفضل ما يعقده من صداقات مع ملوك الدول الأخرى ورؤسائها.
4ـ يمكن للنظام الملكي أن يوجد الترابط والوحدة في بعض البلاد التي يتألف شعبها من عناصر متنافرة غير متجانسة.
5ـ أن سهولة انتقال الملك إلى ولي العهد عند وفاة الملك يريح البلاد من شرور الفراغ السياسي والصراع الرهيب الذي يشاهد في فترات الحكم الانتقالية التي تسود بعض النظم الأخرى.
وبالمقابل فإن خصوم النظم الملكية ينسبون إليها بعض المثالب، منها:
1ـ أنها تتنافى مع الديمقراطية، ولا تتيح لجميع أفراد الشعب فرصة السعي إلى تولي منصب رئيس الدولة.
2ـ أن نظام وراثة العرش قد يأتي بملك غير صالح، كما قد يوليها لملوك قصّر.
3ـ أن تربية الملوك وأولياء العهد يمكن أن تجعلهم يترفعون عن أفراد شعبهم، ويتعالون عليهم، كما أنهم قد يتعلمون طرق تدبير الدسائس وحبك المكائد التي تحفظ لهم عروشهم، الأمر الذي يجعل حياتهم حرباً مستمرة بينهم وبين شعوبهم.
4ـ أن النظام الملكي يتنافى مع الديمقراطية التي تقوم على سيادة الشعب والمساواة بين جميع الأفراد، إذ كيف يكون الشعب هو صاحب السيادة، ولا يكون له حق اختيار رئيسه، وإنما تختاره المصادفة؛ مصادفة المولد من ملك.
اترك تعليقاً