منهج الشورى وطريقة الحكم
يحتل مبدأ الشورى مكانة متميزة في الاسلام فقد حثت تعاليم ديننا الاسلامي الحنيف وشريعتنا السمحة على انتهاج هذا المبدأ وقد ورد ذكر الشورى في أكثر من موضع من القرآن الكريم ، بل إن إحدى سور القرآن الكريم تحمل اسم الشورى قال تعالى في محكم التنزيل :
“وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ”، وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ” سورة الشورى (الآيتان 37-38). وقد ورد ذكر الشورى في هذه الآية الكريمة بعد الصلاة التي هي عماد الدين وقبل الزكاة فوضع عز وجل الشورى بين ركنين من اركان الاسلام مما يدل دلالة واضحة على أهميتها ومكانتها المرموقة. وقال جل شأنه :
“فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” (سورة العمران ، الآية 159).
كما أكدت سنة نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم هذا المبدأ فقد كان يستشير أصحابه رضوان الله عليهم في كثير من الأمور التي تقبل الاجتهاد ولم ينزل بشنها وحي وسار على نهجه خلفاؤه الراشدون المهديون من بعده.
ولعنا بمناسبة تشريف نائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ، حفظه الله ورعاه ، لحفل مجلس الشورى لالقاء خطابه السنوي وبدء أعمال المجلس لسنته الثانية من دورته الثالثة ، نستذكر الرأي الصائب والبصيرة الثاقبة لمؤسس هذا الكيان الكبير – المغفور له بإذن الله – الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود الذي اختار منهج الشورى أسلوبا وطريقة للحكم والادارة على هدى من كتاب الله العزيز ومن سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم حيث قام الحكم في هذه البلاد الطاهرة منذ تأسيس المملكة على منهج الشورى دون انقطاع منذ عهد القائد المؤسس الملك عبدالعزيز – رحمه الله – وحتى يومنا هذا في هذا العهد الزاهر الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني الذي تم فيه وضع الهيكل التنظيمي الحديث لمجلس الشورى حيث أصدر ح يحفظه الله – أمره الملكي الكريم رقم م/91 وتاريخ 27/8/1412هـ القاضي بإنشاء مجلس الشورى ووضع نظام المجلس ومنذ ذلك التاريخ انطلق مجلس الشورى انطلاقة جديدة على أسس حديثة ومنهج مدروس وخطى خطوات واسعة نحو منافسة العديد من الموضوعات التي تحال إليه في كافة المجالات.
وهنا تجدر الإشارة أن تجربة الشورى في المملكة مرت بثلاث مراحل رئيسية :
أولا : مرحلة البناء والتطبيق في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز – طيب الله ثراه – حيث أطلق دعوته للشورى عام 1343هـ عند لقائه بعلماء مكة المكرمة للتشاور في التشكيل الذي ينبغي أن تكون عليه إدارة البلاد تم على أثرها تشكيل مجلس الشورى الأهلي ثم صدر الأمر الملكي رقم 37 وتاريخ 9/1/1346هـ بنظام مجلس الشورى كأول تنظيم رسمل لنظام المجلس.
ثانيا : مرحلة المراجعة والتقويم :
وتشتمل هذه المرحلة على السنوات من 1373هـ حتى 1402هـ ومن بداية عهد الملك سعود حتى نهاية عهد الملك خالد يرحمهما الله.
ثالثا : مرحلة التحديث والتطوير :
في هذا العهد الزاهر الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود والتي تميزت بصدور الأمر الملكي الكريم 1/91 وتاريخ 27/8/1412هـ القاضي بإصدار نظام جديد لمجلس الشورى وتعيين أعضائه البالغ عددهم (60) عضوا في دورته الأولى ويزد العدد الى (90) عضوا في دورته الثانية ثم الى (120) عضوا في دورته الثالثة وقد صدر النظام في حلة جديدة وهيكل جديد ورؤية مستندة الى مبادئ الدين الاسلامي الحنيف والشريعة الغراء وعليه فقد انطلق مجلس الشورى لتحقيق الغايات المرجوة من انشائه للمساهمة في تقديم النصح والمشورة فيما يحال اليه من أعمال لمناقشتها وابداء الرأي بشأنها بما يحقق 0 وبإذن الله – مصلحة الوطن والمواطن وهي أمانة عظيمة وضعها خادم الحرمين الشريفين – أيده الله – وحكومته الرشيدة على عاتق أعضاء المجلس وهم بذلك يتحملون مسؤولية كبيرة تجاه دينهم ومليكهم ووطنهم وهم بإذن الله أهل لهذه الثقة الغالية 00 ولا غرو في ذلك فأعضاء المجلس هم نخبة مختارة متميزة من خيرة أبناء مجتمعنا السعودي الأبي الذي اختارهم ولاة الأمر – خفظهم الله – للاستفادة من خبراتهم المتميزة وعلمهم الغزير وجهودهم المخلصة لحبث ودراسة كافة ما يحال اليهم من موضوعات وابداء الرأي الصائب والمشورة ومساعدة الأجهزة الحكومية المختلفة على اتخاذ القرار المناسب فلهم منا جميعا أصدق التمنيات بالتوفيق والسداد وخالص الدعاء بأن يمدهم المولى بعونه وتوفيقه لأداء الأمانة الملقاة على عاتقهم والقيام بالدور الحيوي والهام المناط بمجلس الشورى ولجانه المختصة.
اترك تعليقاً