الشروع في الجريمة حسب القانون العراقي
توثيق استشارات قانونية
بقلم : زينب وحيد
باحثة قانونية في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية
الشروع في الجريمة وفقاً لقانون العقوبات العراقي النافذ
الجريمة هي كل فعل أو امتناع عن فعل جرمه القانون وحدد له عقوبة إذا صدر عن انسان مسؤول.
وللجريمة في ارتكابها عدة صور وهي أما أن تكون تامة او مساهمة في الجريمة او شروع في الجريمة والأخير هو الذي سيكون محور بحثنا.
حيث يقصد بالشروع وفقا لما عرفته المادة 30 من قانون العقوبات العراقي بأنه (البدء بتنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها).
يتضح من التعريف أعلاه بان الشروع في الجريمة لايقع دفعة واحدة بل يمر بثلاث مراحل وهي كالآتي:
1. مرحلة التفكير والتصميم
2. مرحلة الأعداد والتحضير
3. مرحلة التنفيذ
وتتفق قوانين العقوبات على إن لأعقاب على مرحلتي التفكير والتصميم والاعداد والتحضير إلا إذا كانت هي بأصلها جرائم منصوص عليها قانونا انما يعاقب قانون العقوبات على مرحلة التنفيذ وهي بداية الشروع بالجريمة وسار على النهج نفسه المشرع العراقي في المادة 30 من قانون العقوبات العراقي السالفة الذكر.
للشروع ثلاثة أركان وهي:
1. البدء بتنفيذ الفعل الإجرامي.
2. بقصد ارتكاب جناية أو جنحة.
3. تخلف النتيجة الجرمية التي يريدها الجاني لسبب خارج عن إرادته.
ولم يعرف قانون العقوبات العراقي البدء بالتنفيذ شانه في ذلك شان قوانين العقوبات الاخرى ولم يبين الصفات التي تميزه عن الاعمال التحضيرية فالبدء بالتنفيذ هو البدء بالشروع ويعاقب عليها. بينما الأعمال التحضيرية ليست من الشروع ولاعقاب عليها.
وقد يصعب في بعض الحالات التمييز بين الأعمال التحضيرية والبدء بالتنفيذ مما يقتضي وجود معيار يميز بينهما، وهناك معياران للتميز هما:
1. المعيار الموضوعي: ويرى أصحاب هذا المعيار بان البدء بالتنفيذ هو الفعل الذي يبدء به الجاني بتنفيذ الفعل المادي المكون للجريمة
2. المعيار الشخصي: ويؤكد أنصاره على أهمية إرادة الجاني الإجرامية وميوله الخطرة ومدى دلالة الفعل على ارتكاب الجريمة بحيث يستدل ان الجاني اتجه إلى ارتكاب فعل معين وان الخطوة التالية المباشرة ستؤدي الى ارتكاب الجريمة، أو بعبارة أخرى إن البدء بالتنفيذ هو الفعل المؤدي مباشرة او حالا الى الجريمة كما لو سدد الجاني سلاحه مباشرة تجاه المجني عليه.
وقد اخذ قانون العقوبات العراقي بالنسبة لتحقق البدء بالتنفيذ المحقق للشروع بالجريمة بالمعيار الشخصي أي انه أولى عنايته إلى إرادة الجاني الإجرامية وميوله الخطرة، حيث إن المشرع لم يشترط لتحقق الشروع ان يبدء الجاني بتنفيذ الفعل المكون للركن المادي للجريمة بل يكفي لتحقق الشروع ان يرتكب الجاني فعلا يدل على قصده بارتكاب الجريمة وهو ماجاء ذكره في المادة 30 من قانون العقوبات العراقي وقد اخذ به القضاء العراقي.
أما بالنسبة للركن الثاني وهو قصد ارتكاب جناية أو جنحة ويتضح من هذا الركن بان لاشروع بالمخالفات لبساطتها وعدم خطورتها، ولابد هنا من توفر قصد ارتكاب جريمة معينة فاذا انعدم هذا القصد انعدم الشروع. ويجب أن ينصب القصد الجنائي على ارتكاب الجريمة تامة كالقتل لا نية الشروع فيها اما اذا انصب القصد على عدم إتمام الجريمة فان فعل الجاني لايحقق الشروع بل قد يحقق جريمة أخرى إذا توفرت أركانها. ويعرف القصد الجنائي من الافعال والظروف التي ارتكبت بها الجريمة ومن أحوال المجرم وسوابقه واعترافاته، وان إثباته مسالة تخضع لتقدير قاضي الموضوع. أما الركن الثالث فهو وقف التنفيذ أو خيبة أثره لسبب خارج عن ارادة الجاني ويقصد به عدم اتمام الجاني لجريمته لأسباب خارج عن إرادته وتكون على صورتين:
1. الشروع الناقص أو الجريمة الموقوفة: وفيها لا يتم الجاني الأفعال اللازمة لوقوع الجريمة بسبب خارج عن إرادته.
2. الشروع التام أو الجريمة الخائبة: وفيها يتم الجاني الافعال اللازمة لوقوع الجريمة ولكن لا تحقق لسبب خارج عن إرادته.
وقد عدت المادة (30) من قانون العقوبات العراقي الجاني شارعا في جريمته في تلك الصورتين.
وقد يكون الشروع محلا للمساهمة الجنائية ،فالمسؤولية الجنائية لاتقتصر على الفاعل الاصلي وانما تمتد لغيره من المساهمين الأصليين والتبعيين كما لو كانت الجريمة تامة.
ومما يجدر ذكره انه لا شروع في الجرائم غير العمدية ولاشروع في الجرائم ذات النتائج الاحتمالية ولاشروع في المخالفات.
أما العقوبة المقررة لها وفقا لقانون العقوبات العراقي فهي اخف من عقوبة الجريمة التامة حيث حددتها المادة 31 كالآتي:
- 1- السجن المؤبد إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة الإعدام.
- 2- السجن لمدة لا تزيد على 15 سنة اذا كانت العقوبة. المقررة للجريمة السجن المؤبد.
- 3- السجن لمدة لاتزيد على نصف الحد الأقصى للعقوبة المقررة للجريمة إذا كانت العقوبة السجن المؤقت.
- 4- السجن والغرامة بما لا يزيد على نصف الحد الاقصى للعقوبة المقررة للجريمة اذا كانت عقوبتها الحبس والغرامة.
أما المادة 32 من نفس القانون فقد نصت على العقوبات التكميلية والتبعية والتدابير الاحترازية المقررة للجريمة التامة بقولها (تسري على الشروع الاحكام الخاصة بالعقوبات التبعية والتكميلية والتدابير الاحترازية المقررة للجريمة التامة).
اترك تعليقاً