إجراءات التحكيم في القانون المصري
محاضرات في إجراءات التحكيم
أولا :- في افتتاح إجراءات التحكيم :-
يقصد بإجراءات التحكيم مجموعة الأعمال الإجرائية التتابعة التي تستهدف الحصول على حكم من هيئة التحكيم يفصل في النزاع القائم بين طرفي التحكيم ، وهي بهذه المثابة تفترض تحقق عدة أمور سابقة على طرح النزاع على هيئة التحكيم ، فطرح النزاع على هيئة التحكيم يفترض أولا :-
1- تمام تعيين هيئة التحكيم ، وهذا الأمر متروك بحسب الأصل لطرفي النزاع ، أو لمن يختارونه ثم من بعد لقضاء بناءا على طلب أحد الطرفين في حالة نكولها أو نكوله عن القيام بالتعيين المطلوب ( المادة 15 من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 ) .
2- وطرح النزاع على هيئة التحكيم تفترض ثانيا قبول المحكم أو المحكمين لمهمة التحكيم ( مادة 16/3 من قانون التحكيم المذكور التي تنص على أن ” يكون قبول المحكم القيام بمهمته كتابة ويجب عليه أن يفصح عند قبوله عن أية ظروف من شأنها إثارة شكوك حول إستقلاله أو حيدته . ” ، والكتابة هنا مطلوبة لمجرد الإثبات وليس باعتبارها شكلا للقبول لا يوجد إلا بقيامه ، ولذلك يكفي لإثباته قيام المحكم أو المحكمين بمهمة التحكيم بالفعل أو البدء فيها إذ أن هذا الأمر أو ذلك يفيد قبولا قاطعا وإن كان ضمنيا.
3- وطرح النزاع على هيئة التحكيم يفترض ثالثا تعيين النزاع المحكم فيه ، ولا صعوبة في الأمر عندما يكون اتفاق التحكيم لاحقا على قيام النزاع إذ في الغالب أن يتضمن اتفاق التحكيم تعيينا له ، ولكن الاتفاق على التحكيم قد يكتفي بتعيين المنازعات محل التحكيم بجنسها كما هو الحال في عادة في شرط التحكيم المدرج بعقد أصلي ، وفي هذه الحالة لا يتصور أن تبدأ خصومة التحكيم إلا إذا قام بالفعل بين الطرفين نزاع من المنازعات المتفق على التحكيم في جنسها ففي هذه الحالة يتم تحديد النزاع محل التحكيم بالآتي ، إما بوثيقة تحكيم خاصة ، وإمام في طلب التحكيم الذي يرسله أحد الطرفين إلى الأخر ، وإما أمام هيئة التحكيم في بيان الدعوى الذي يقدم إليها ، وقد عرضت المادتان 27 و30 من قانون التحكيم في المواد لمدنية والتجارية سالف الذكر لافتتاح إجراءات التحكيم ، ويتضح من هذين النصين وجوب التفرقة بين طلب التحكيم وبين طرح النزاع على هيئة التحكيم فإجراءات التحكيم تبدأ بتسليم طلب التحكيم إلي المدعى عليه ، أما عرض النزاع على هيئة التحكيم فلا يبدأ إلا بإرسال بيان الدعوى إلى المدعى عليه وإلى هيئة التحكيم .
ماهية طلب التحكيم :-
نصت المادة 27 من قانون التحكيم سالف الذكر على أن ” تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم من المدعي ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر . ” ( والمقصود هنا هو إجراءات التحكيم السابقة على طرح النزاع على هيئة الحكيم ) ، وإذا كان المقصود هو إجراءات طرحها على هيئة التحكيم على وجه التحديد وكان المشرع قد نص عل تسليم الطلب إلى المدعى عليه وإلى هيئة التحكيم معا ، وأهم الإجراءات السابقة على طرح النزاع على هيئة التحكيم هو تشكيل هيئة الحكيم أو استكمال تشكيلها والحصول على موافقة هيئة التحكيم على القيام بالمهمة التي تم اختيارها للقيام بها ، فإذا ما استجاب المدعى عليه لطلب الدعي وتم تعيين هيئة التحكيم باشر الطرفان بعد ذلك الاتفاق مع هيئة التحكيم المختارة على القيام بمهمة التحكيم وعلى مدة التحكيم ، أما إذا لم يستجب ا لمدعى عليه لدعوة المدعي فيكون أمام المدعي الالتجاء إلى القضاء لتشكيل هيئة التحكيم أو استكمال تشكيلها .
………………………………………….. …………
طرح النزاع على هيئة التحكيم :-
إذا تعلق الأمر بتحكيم حر فإن النزاع لا يعتبر مطروحا على هيئة التحكيم إلا منذ تحديد أعضائها وقبلهم للمهمة الموكلة إليهم صراحة أو ضمنا ، وإذا تعلق الأمر يتحكيم نظامي لدى هيئة أو منظمة أو مركز من مراكز التحكيم الدائم ، فالنزاع يعتبر مطروحا على هيئة التحكيم التي تحددها هذه الهيئة أو هذا المركز أو هذه المنظمة بمجرد قبول الطرفين إجراء التحكيم لديها إذ أنها تعتبر موكلة من الطرفين باختيار هيئة التحكيم .
………………………………………….. …………
دور المدعي في خصومة التحكيم :-
تفتتح خصومة التحكيم بمجرد أن يطلب أحد الطرفين أو كلاهما إلى هيئة التحكيم بدء طرح النزاع أمامها وذلك بعد اختيار المحكمين واختيار المكان والزمان حسب الاتفاق أو المشارطة ، وبعد ذلك يتعين على المدعي أن يرسل إلى المدعى عليه – خلال الأجل المتفق عليه من الطرفين أو الذي تكون قد أقرته هيئة التحكيم ( في حالة عدم الاتفاق على الأجل ) – بيانا مكتوبا بدعواه وهذا البيان يرسله أيضا إلى كل محكم ، ويتضمن هذا البيان المعلومات الأساسية التي تشتمل على اسم المدعي وصفته وعنوانه واسم المدعى عليه وصفته وعنوانه مع شرح لموضوع النزاع وأسانيده وتحديد المسائل موضوع التحكيم والمسائل التي تشتمل عليها مشارطة التحكيم أو الاتفاق حتى يكون المحكمون والمحتكم ضده ( المدعى عليه ) على بينة من هذا النزاع ظروفه وملابساته مع الإشارة إلى المدة التي يتعين على المدعى عليه أن يعقب فيها على ما جاء بطلب التحكيم ، وهذه المدة إما أن يكون طرفا التحكيم قد اتفقا عليها أو حدتها هيئة التحكيم ، ويختتم المدعي بيانه بتحديد طلباته .
………………………………………….. …………
دور المدعى عليه ( المحتكم ضده ) في خصومة التحكيم :-
بعد أن يتلقى المحتكم ضده طلب التحكيم من المدعي خلال الميعاد المحدد بمعرفة هيئة التحكيم أو الميعاد المتفق عليه فإنه يرسل رده أو تعقيبه على طلب التحكيم ( صحيفة الدعوى ) وذلك لكل محكم وللمدعي أيضا على ان يكون هذا الرد بمذكرة مكتوبة تنطوي على دفاعه ودفوعه ومستنداته التي يستند عليها .
………………………………………….. …………
حق المحتكم ضده ( المدعى عليه ) في الدفوع والطلبات العارضة :-
أجازت الفقرة الثانية من المادة 30 سالفة الذكر على أن للمدعى عليه أن يتمسك بحق ناشئ عن النزاع وذلك بالدفع بالمقاصة ، وهذا الدفع ليس من النظام العام فيجوز للمدعى عليه إثارته ولو في مرحلة لاحقة ن الإجراءات إذا كانت أسباب تاخير المدعى عليه في إبدائه كان لها ما يبررها وقبلتها هيئة التحكيم .
والطلبات العارضة التي يحق للمدعى عليه أن يتقدم بها في مذكرة دفاعه أو رده أو تعقيبه على الدعوى فهي تنحصر في الأتي :-
أ- طلب المقاصة القضائية ، وطلب الحكم بالتعويض عن ضرر لحقه من الدعوى الأصلية أو من إجراء فيها .
ب- أي طلب يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها ، أو أن يحكم بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه .
ت- أي طلب يكون متصلا بالدعوى اتصالا لا يقبل التجزئة .
ث- ما تأذن هيئة التحكيم بتقديمه مما يكون مرتبطا بالدعوى الأصلية .
وواضح أن هذه الطلبات العارضة لم ترد على سبيل الحصر لأنها تشتمل أي طلب يتصل بالدعوى الأصلية اتصالا لا يقبل التجزئة .
………………………………………….. …………
التدخل في خصومة التحكيم :-
النص في المادة 30 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 أجاز للمدعى عليه فقط أن يتقدم بطلبات عارضة على نحو ما أوضحناه سلفا ، وقد سكت النص عن تناول حالة التدخل سواءا كان هجوميا أو انضماميا ، ومن ثم ونظرا لأن خصومة التحكيم لها طبيعة خاصة وطبقا لإرادة الطرفين فقد لا يكون هذا للغير طرفا في اتفاق التحكيم أو مشارطة التحكيم ومن ثم يصعب عليه التدخل في إجراءات التحكيم ، وبوسع هذا الغير أن يتعامل مع طرفي النزاع مباشرة باللجوء إلى قاضيه الطبيعي .
………………………………………….. …………
تقديم المستندات :-
أجازت الفقرة الثالثة من المادة 30 من القانون رقم 27 لسنة 1994 لكل من الطرفين ( المدعي والمدعى عليه ) أن يرفق بمذكرات دفاعه صورا ضوئية أو عرفية من المستندات والوثائق التي يستند عليها ، وله أن يشير إلى وثائق أو مستندات لم يقدم صورها محتفظا بحقه في تقديمها كأن يكون هناك مستند في جهة ما يجري استخراجه ، وإذا جحد الخصم صور المستندات وتمسك بتقديم الأصول كان لزاما على هيئة التحكيم أن تكلف الخصم الذي قدم الصور أو يقدم أصولها أو صور رسمية منها ، ويجوز لهيئة التحكيم في جميع الأحوال ومن تلقاء نفسها ودون أن يطلب الخصم أن تطلب تقديم أصول المستندات من أي من طرفي النزاع ، كما ترسل صورة مما يقدمه أحد الأطراف إلى هيئة التحكيم من مذكرات أو مستندات أو أوراق أخرى إلى الطرف الأخر ، وكذلك يرسل صورة إلى كل من الطرفين من كل ما يقدم إلى الهيئة المذكورة من تقارير الخبراء أو المستندات وغيرها من الأدلة طبقا لما ورد بنص المادة 31 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 ، وهذا النص ما هو إلا ترديد للقواعد العامة في أسس نظام وإجراءات التقاضي .
………………………………………….. …………
تعديل الطلبات :-
نصت المادة 32 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 على أنه لكل من طرفي التحكيم تعديل طلباته أو أوجه دفاعه أو استكمالها خلال إجراءات التحكيم ما لم تقرر هيئة التحكيم عدم قبول ذلك منعا من تعطيل الفصل في النزاع .
بادئ ذي بدء تجدر الإشارة إلى أن تعديل الطلبات أو الطلبات الختامية من الأمور المعروفة والحقوق المستقرة للمتقاضين طالما أن الدعوى ما تزال في مرحلة المرافعة ، ولكن إذا ما أريد من وراء تقديم طلب التعديل أو تكرار هذا الطلب إطالة أمد بحث النزاع وعرقلة الفصل في الدعوى فإن من حق هيئة التحكيم أن تلتفت عنه .
………………………………………….. …………
المرافعة أمام هيئة التحكيم :-
نصت المادة 33 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 على مرحلة المرافعة أمام هيئة التحكيم بقولها “1- تعقد هيئة التحكيم جلسات مرافعة لتمكين كل من الطرفين من شرح موضوع الدعوى وعرض حججه وأدلته ولها الاكتفاء بتقديم المذكرات والوثائق المكتوبة ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك .
2- ويجب إخطار طرفي التحكيم بمواعيد الجلسات والاجتماعات التي تقرر هيئة التحكيم عقدها قبل التاريخ الذي تعينه لذلك بوقت كاف تقدره هذه الهيئة حسب الظروف .
3- وتدون خلاصة وقائع كل جلسة تعقدها هيئة التحكيم في محضر تسلم صورة منه إلى كل من الطرفين ما لم يتفقا على غير ذلك.
3- ويكون سماع الشهود والخبراء بدون أداء يعين . ” .
فالأصل أن تتم جلسات المرافعة في حضور الطرفين حيث يبدي كل طرف ما يعن له من ملاحظات أو دفوع أو دفاع شارحا وجهة نظره وشارحا مدلول المستندات المقدمة ويكون لخصمه حق الرد والتعقيب ، إلا أن النص أجاز أن تكتفي هيئة التحكيم بما قدم من أوراق ومستندات ومذكرات مكتوبة دون حاجة لمرافعة شفوية متى كانت هذه الأوراق كافية بذاتها لإظهار وجه الحق في النزاع ، ولكن إذا اتفق الطرفان على تبادل المرافعات الشفوية تعين على الهيئة أن تمكنهما من ذلك ، وتتولى الأمانة الفنية لهيئة التحكيم ( السكرتارية ) إخطار الطرفين بمواعيد جلسات المرافعة قبل حصولها بوقت كاف وتتأكد الهيئة من وصول هذه الإخطارات بالبريد بحيث إذا تخلف أحد الطرفين أو كلاهما رغم التأكد
منقول
اترك تعليقاً