الملكية في التشريع الاسلامي
في التشريع الإسلامي أسباب الملكيّة تنحصر في أربعة أسباب . و هذه الأسباب هي التي سأعالجه في هذا الموضع .
أبدأ بالسبب الأول و هو إحراز المباحات . فما المقصود بالاحراز و ما المقصود بالمباحات؟
الاحراز هو الاستيلاء بقصد التملك . و لكلّ إنسان أن يستولي على ما يقدر من المباحات . و ما استولى بهدف التملك فقد ملكه .
أما المباح فهو المال الّذي لم يدخل في ملك شخص و لا يوجد مانعُ شرعي من تملكه , كصيد الأسماك في البحر , و جني الفواكه في الأشجار الغير المملوكة , إلخ ..
فالاستيلاء على المباح هو سبب من أسباب التملك . و ملكية المباحات بالاحراز لا تنهض إلاّ على شرطين جوهريين : الأول أن لا يكون قد سبق إلى احراز المباح شخصٌ سابق . فالقاعدة الفقهية تقول : ” من سبق إلى مباحٍ فقد ملكه ” . و الشرط الثاني أن يكون القصد من احراز المباح هو التملك .
أمّا السبب الثاني من أسباب الملكية حسب رأي التشريع الإسلامي فهو العقد أو العقود و هو من أعظم أسباب الملكية و أكثرها وقوعاً .
و العقد في اللغة يأتي بمعنى الربط أي جمع طرفي حبليين و نحوهما و شد أحدهما بالآخر , حتّى يتصلا فيصبحا كقطعة واحدة , و العقدة هي الموصل الّّذي يمسكها و يوثقهما . في الفقه , و هو ما يهمنا , العقد هو ارتباط إيجاب بقبول على وجه مشروع يثبت أثرهُ في محله .
و العقد هو ضربٌ من تصرفات الإنسان , و التصرف في لغة الفقهاء هو كلّ ما يصدر من شخصٍ بارادته و يرتب الشرع عليه نتائج حقوقيّة . بيد أنه يشترط لتكون العقود سبب من أسباب الملكية توفر شرطين مهمين هما الأهلية و الاختيار .
أمّا السبب الثالث من أسباب الملكية فهو الخلفية .
و الخلفية نوعان : خلفية شخص عن شخص , و هي الإرث . و خلفية شيء عن شيء , و هي التضمين أو التعويض .
فأما الإرث فهو خلفية يحل بها الوارث محل المتوفي في ملكية أمواله المخلفة و في المسؤوليات المالية بتلك الأموال أو التركة . و الإرث جبري و لا يسقط باسقاط الوارث . .
و أما خلفية شيء عن شيء فتسمى التعويض أو التضمين . فلو أتلف أحدٌ لآخر شيئاً أو ألحق بغيره ضرراً ففي ذلك يجب عليه ضمان ما أتلفه و تعويضه .
و اخيراً هناك التولد من المملوك كسبب رابع و أخير من أسباب الملكية حسب رأي الفقه الإسلامي . و التوليد من المملوك نعني به أن ما يتولد أو ينشأ من المملوك مملوك . فصاحب الأصل هو أولى بفرعه , و مثال ذلك مالك الأشجار فهو أولى بثمر شجرته من غيره .
المرجع
المدخل الفقهي العام , الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد , مصطفى أحمد الزّرقاء . المجلد الأول . دار الفكر .
اترك تعليقاً