قانون العمالة المنزلية القطري: خطوة مهمة ولكن يقوضها استثناء العمالة المنزلية من نظام حماية الأجور والافتقار إلى آليات التظلم
مررت قطر قانونًا يحمي العمالة المنزلية لتصبح بذلك ثاني دولة خليجية تقر قانونا للعمالة المنزلية. ووفقًا للقانون، لا يمكن استئجار العمال المنزليين إلا بعقد مكتوب معتمد من وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية. ومن المؤكد أن إصدار القانون رقم 15 لعام 2017 يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح ولكنه سيتطلب إدخال تعديلات كبيرة على الـ 24 مادة الحالية لتوفر ضمانات حقيقية تحسّن أوضاع عمالة المنازل. وسيؤثر القانون على ظروف معيشة وعمل 173,434 من العمالة الوافدة المشتغلة في قطاع العمل المنزلي، والذي تشكل الإناث منه نسبة 62%.
كانت الكويت أول من مررت قانون العمالة المنزلية في 2015. كما أقرت الإمارات مؤخرا قانونا اتحاديا أطلقت عليه قانون “عمال الخدمة المساعدة”. وتعمل السعودية وفقًا للوائح شاملة توضح بالتفصيل حقوق عمالة المنازل.
أجرت منظمة Migrant-Rights.org تحليلاً لمسودة القانون القطري في الشهر الماضي، وسلطت الضوء على بعض الأحكام التي نقترح إعادة النظر فيها.
كما اطلعنا بتمعن على مشروع القانون الأصلي بالعربية كما ورد في جريدة الراية أدناه:
النقطة الأولى في المادة 11 توضح واجبات العامل المنزلي. وتنص على التزام العاملين باحترام قوانين الدولة وتقاليدها الثقافية وقيمها الدينية والأخلاقية. وغموض هذه الواجبات قد يجعل من السهل على أرباب العمل إنهاء العقد استشهادًا بهذه المادة، فهي لا تحدد من المسؤول عن تثقيف العمالة المنزلية بقوانين البلد وتقاليدها. وهذا يقودنا إلى دور وكلاء التوظيف كما هو منصوص عليه في المادة 4:
سيتم التوظيف من خلال وكلاء توظيف مفوضين، ويمكن قبول التوظيف المباشر؛ ولكن بعد الحصول على إذن من وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية. ولم يرد ذكر ماهية الأحكام القائمة الخاصة بالتوظيف المباشر وكيفية ضبط وكالات التوظيف ومراقبتها، وضرورة قيامها بتدريب العمالة وتوجيهها قبل وبعد وصولها لقطر حول القوانين المحلية والتقاليد والقيم المتعارف عليها، ما قد يعالج المشكلة التي ذكرناها أعلاه فيما يتعلق بالمادة 11.
وينص القانون على أن اللوائح الخاصة بتوظيف عمالة المنازل وفحوصهم الطبية وتصاريح إقامتهم محكومة بالقانون رقم 21 لسنة 2015 على نحو لا يتعارض مع القانون رقم 15 هذا لسنة 2017.
القانون رقم 21 يغطي مشكلات حرجة من حيث الإقامة والتوظيف بما في ذلك ترك صاحب العمل وتغييره. وليس من الواضح ما إذا كان العامل المنزلي سيُتاح له الوصول إلى آليات الانتصاف إذا لم يوفر صاحب العمل له تصريحًا بترك العمل وإذا كان الأمر كذلك، فما هو شكل آلية رفع الشكوى وإنصاف العامل حقه إذا حرم منه؟
تتضمن بعض النقاط البارزة الإيجابية من القانون رقم 15 ما يلي:
(المادة 17) يحق للعامل المنزلي إنهاء عقد التوظيف قبل انتهاء مدته إذا:
أخل صاحب العمل بالالتزامات المذكورة في عقد أحكام هذا القانون
مارس صاحب العمل أو أي من ممثلي صاحب العمل الاحتيال أو الغش فيما يتعلق بشروط العقد
اعتدى صاحب العمل بالهجوم على العامل المنزلي أو أي من أفراد أسرة العامل المنزلي بطريقة تؤثر على جسده أو حياته
كان هناك خطر كبير يهدد سلامة العامل المنزلي أو صحته بشرط أن يكون صاحب العمل مدركًا لوجود هذا الخطر ولم يعمل على إزالته.
على الرغم من الاعتراضات التي أثيرت في مجلس الشورى، فإن القانون النهائي ينص على إجازة سنوية مدفوعة الأجر مدتها ثلاثة أسابيع (المادة 14) ودفع أجر ثلاثة أسابيع عن كل سنة من سنوات الخدمة كمكافأة نهاية الخدمة (المادة 15).
الحد الأقصى لساعات العمل هو 10 ساعات في اليوم (المادة 12)
إجازة أسبوعيًة مدفوعة الأجر لا تقل عن 24 ساعة متواصلة أسبوعيًا (المادة 13).
فرض غرامة تتراوح من 5 آلاف إلى 10 آلاف ريال قطري كحد أقصى في حالة مخالفة أحد أحكام القانون مع تطبيق أقصى غرامة لاستقدام وتشغيل موظفين دون السن الأدنى وللتخلف عن دفع أجور العمال أو الاقتطاع من أجورهم من غير وجه حق (المادة 21).
بالرغم من أهمية هذه القوانين، وما يمكن أن تحققه للعمالة المهاجرة، فإن ضمان الحصول على هذه الحقوق يتطلب بنية قانونية تحتية لا وجود لها. ولا يزال الوصول إلى آليات الشكاوى معضلة حقيقية لتمكين هذا القانون الجديد.
وافقت قطر أيضًا في وقت سابق من هذا الشهر على تأسيس لجنة جديدة لتسوية المنازعات العمالية والتي سيتم إضافتها لمسؤوليات وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية في قطر، وستتولى إصدار قرارات في غضون ثلاثة أسابيع من تقديم العامل لشكواه. ولكن العمالة المنزلية غير مسموح لها بتقديم شكاوى من خلال هذه اللجان ما يُضعف قانون العمالة المنزلية الجديد ويسهم في استمرار مشكلة تهميشهم.
وعلى الرغم من أن القانون يقترح دفع الرواتب عن طريق التحويل المصرفي، إلا أن العمال المنزليين لا زالوا مستبعدين من نظام حماية الأجور. ومن الانتقادات الأخرى الموجهة للقانون كونه لا ينص على حد أدنى للأجور.
تحث منظمة Migrant-Rights.org قطر على إعادة تقييم الثغرات ونقاط الضعف الموجودة في القانون الجديد وتقويم البيئة القانونية لتصبح أكثر استعداداً لتطبيق القانون الجديد وضمان التزام الأطراف المعنية بما ينص عليه.
تعليقات من الجماعات الحقوقية
صرحت منظمة العفو الدولية في بيان عام أن القانونين الجديدين بشأن العمالة المهاجرة يعكسان نوعا من التقدم ولكن لا تزال هناك ثغرات كبيرة.
وقد يسهم القانونان الجديدان بشأن حقوق العمالة المنزلية وقدرة العمالة المهاجرة على تحصيل التعويضات عند التعرض لإساءة في المعاملة من جانب أصحاب العمل، قد يسهمان في حماية حقوق العمل في قطر، ولكن هناك ثغرات كبيرة ينبغي أن تعالجها السلطات القطرية كمسألة ذات أولوية.
وإذا عملت اللجنة الجديدة بصورة فاعلة وعادلة، فينبغي أن تعالج بعض الحواجز التي تحول دون وصول العمالة المهاجرة إلى العدالة. وقد وجدت منظمة العفو الدولية في أبحاثها في قطر أن النظام القائم لمحكمة العمل يجبر العمال على الانتظار لعدة أشهر، وحضور جلسات متعددة، ودفع رسوم باهظة في أغلب الأحيان على أمل استرداد الأجور المفقودة والتعويضات الأخرى. وقد جعلت هذه المشكلات نظام المحكمة بطيئًا ومكلفًا في أغلب الأحيان بالنسبة للعمال.
كما ألقت منظمة العفو الدولية بالضوء على شكوى بشأن معاملة قطر للعمالة المهاجرة في نوفمبر2017 ودعت لإعادة النظر فيها: “لكي تُظهر دولة قطر لإدارة منظمة العمل الدولية بأنها تعالج بشكل فعلي مسألة العمل الجبري، يتعين أن تنفذ الدولة إصلاحات أساسية، بما في ذلك إمداد العمالة المهاجرة بالحق في تغيير الوظائف ومغادرة البلد دون الحاجة إلى إذن صاحب العمل”.
وصرحت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان لها: “إن اعتماد قطر لقانون جديد بشأن العمالة المنزلية يوفر لأول مرة حقوقا عمالية للعمالة المنزلية. ويجب على السلطات القطرية أن تقر سياسات تنفيذ قوية للقانون وتسد الثغرات التي تعرض العمالة المنزلية لخطر الاستغلال”.
ومع أن القانون يتضمن عددًا من الأحكام الإيجابية، فإنه لا يزال أضعف من قانون العمل الذي يحمي جميع الفئات العاملة الأخرى، ولا يتطابق تمامًا مع اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن العمالة المنزلية، والتي تعد المعاهدة الدولية المعتمدة بشأن حقوق العمالة المنزلية.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً