أساسه :
يقوم سحب الجنسية على مبدأ حق الدولة في تحديد وتنظيم جنسيتها كسباً وفقداً، وهي تنفرد بوضع هذا التنظيم دونما خضوع لأية جهة أخرى. ولذلك، فإن سحب الجنسية ممن كسبها متروك لإرادة الدولة وحدها، حتى تستطيع حماية مجتمعها من دخول أو بقاء عناصر غير جديرة بحمل جنسيتها أو ضارة به. ولذلك يقتصر مجال سحب الجنسية من حيث الأشخاص على من دخلوا دخولاً طارئاً، وبصفة خاصة من دخل فيها بطريق التجنس.
أسبابه وشروطه :
حينما تضع الدولة شروط الدخول في جنسيتها المكتسبة، تفترض توافر هذه الشروط فيمن تدخله فيها، فإذا تبين لها فيما بعد أن الشخص الذي أدخلته في جنسيتها كان غير أمين فيما قدمه من بيانات، جاز لها سحب الجنسية منها، ومن ناحية أخرى، فإن شروط الدخول في الجنسية تستهدف التأكد من توثيق صلة الشخص بالجماعة الوطنية وولائه لها، فإذا صدر من هذا الشخص ما يدل على عدم اندماجه في الجماعة الوطنية، أو ولائه للدولة جاز لها سحب الجنسية منه. وبالنظر إلى أن سحب الجنسية في الحالتين هو سلاح خطير في يد الدولة، فإن مضي فترة معقولة من الزمن تجعل الدولة تطمئن إلى اندماجه في الجماعة الوطنية وولائه لها، ومن ثم لا يصبح هناك مبرر لاستعماله، فيسقط حق الدولة في سحب الجنسية، ويستقر وضع الشخص الذي دخل في جنسيتها، إذ من غير المعقول أن يظل الشخص طيلة حياته مهدداً بسحب الجنسية منه. ولذلك يحدد تشريع الجنسية عادة مدة معقولة، وهي بمثابة فترة اختبار يجوز خلالها سحب الجنسية، وبعد انقضائها لا تستطيع الدولة ممارسة حقها في سحب الجنسية. و حق الدولة في ممارسة هذا الحق مقصوراً على الداخلين في الجنسية المكتسبة، ولا يمتد إلى من كسبوها كسباً أصلياً، وسحب الجنسية خلال فترة الاختبار هو مظهر من مظاهر التمييز بين الوطني الأصيل والوطني الطارئ، بجانب التمييز بينهما من حيث مدى التمتع بالحقوق، الذي سبق أن عرضنا له.
وأهم أسباب سحب الجنسية التي تقررها تشريعات الجنسية هي : عدم الأمانة في اكتساب الجنسية، كتقديم بيانات كاذبة أو إخفاء بعض الحقائق، عدم سلامة الخلق بارتكاب جرائم معينة، عدم احترام أنظمة الدولة، الانقطاع عن الإقامة في الدولة. وبالنظر لخطورة السحب، ترد أسبابه في القوانين على سبيل الحصر. وتختلف التشريعات في بيان الجهة التي تختص بالسحب، فمعظمها يجعله جوازياً، ويعقد الاختصاص للسلطة التنفيذية، وبعضها الآخر يجعله من اختصاص السلطة القضائية، وفي بعض التشريعات يتم السحب بقوة القانون في بعض الحالات.
آثار سحب الجنسية :
يترتب على سحب الجنسية أن يصبح الشخص أجنبياً من تاريخ سحبها دون أن يكون لذلك أثر رجعي، بصرف النظر عما إذا كان قد اكتسب جنسية دولة أجنبية أم لا. الأمر الذي يؤدي إلى انعدام الجنسية. أما عن أثره بالنسبة للتابعين له، فقليل نم التشريعات تجعل سحب الجنسية جوازياً بالنسبة للتابعين، فلا تسحب الجنسية منهم بقوة القانون بالتبعية للمتبوع، بل لابد من إصدار قرار خاص بهم إذا قدرت الدولة ضرورة سحبها منهم، فإذا لم تصدر هذا القرار، يظلون متمتعين بجنسية الدولة، بالرغم من سحبها من المتبوع (الأب أو الزوج(، ولي لسحب الجنسية أثر رجعي
المؤلف : احمد عبد الحميد عشوش
الكتاب أو المصدر : القانون الدولي الخاص
الجزء والصفحة : ص170-171
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً