أهلية الاتفاق على التحكيم في الشركات
أصبح اللجوء للتحكيم ضرورة ملحة في هذه الآونة، وذلك نظراً لتطور الدول في مجالات الاستثمار، وبالتالي كثرة النزاعات ، حيث كان الباعث الأساسي هو إيجاد وسيلة قانونية تمكن أطراف النزاع من حل خلافتهم بشكل سريع و فعال يتناسب مع حجم أعمالهم دون تعطيل و توفيراً للوقت الذى لا يتوفر في القضاء العادي.
والتحكيم هو نظام خاص للفصل في المنازعات بين الأفراد و الجماعات سواء كانت مدنية أو تجارية ، عقدية كانت أو غير عقدية فقوام التحكيم الخروج عن طريق التقاضي العادي حيث يعتمد على أن اطراف النزاع هم من يختارون هيئة التحكيم .
و لكى يكون الاتفاق على التحكيم صحيحا فقد أورد المشرع الإماراتي عدة شروط لابد من توافرها حددها فى قانون الإجرءات المدنية الإتحادى (المادة 203) ، وتلك الشروط منها ما هو متعلق بإتفاق التحكيم ذاته ، ومنها ما هو متعلق بالشخص الذى يبرم اتفاق التحكيم .
وسوف نتولى بيان تلك الشروط بأنواعها تباعا فى سلسلة مقالات نبدئها بالأهلية التى استلزمها القانون لإبرام إتفاق التحكيم، ونخص بالذكر تلك الاهلية فيما يتعلق بالشركات .
نصت المادة 203 بفقرتها الرابعة من قانون الاجراءات المدينة الاتحادى على أنه ” لا يصح الاتفاق على التحكيم إلا ممن له أهلية التصرف في الحق محل النزاع “.
وكانت أهلية التصرف في الحق محدده في قانون المعاملات المدنية بالنسبة للشخص الطبيعي ؛فيحق لكل شخص طبيعي تتوافر في شروط أهلية التصرف في حق إبرام اتفاقا على التحكيم لفض أي نزاع يتعلق بمعاملاته.
وبالنسبة للاشخاص الاعتبارية ( الشركات ) فقد نصت المادة 273 من قانون الشركات الإماراتى على أنه: ” يكون لمدير الشركة السلطة الكاملة في أدارتها وتعتبر تصرفاته ملزمة للشركة…” . ومن تلك المادة يستنبط أن مدير الشركة له السلطة الكاملة في إدارتها وتشمل تلك السلطة سلطة الاتفاق على التحكيم حيث ان نص المادة عام إذ أعطى السلطة الكاملة للمدير ولم يستثنى منها استثناء، الامر الذى يكون معه مدير الشركة قد اكتسب الأهلية لابرام شرط التحكيم من قوة القانون.
الا ان ذلك لايمنع الشركاء بالشركات ومن لهم صلاحية الأمر فيها من حجب تلك الأهلية من المدير بنص مكتوب فى عقد الـتأسيس أو جمعية عمومية ، وبالتالى فإن الاصل هو توافر الأهلية لمدير الشركة لإبرام اتفاقا علي التحكيم ، والاستثناء هو مالم يتفق الشركاء على حد سلطة المدير من ابرام اتفاق تحكيم.
وينسحب ذلك الحكم على كل مدير فى أى شركة سواء تضامن أو توصية بسيطة أو ذات مسئولية محدودة معين من قبل الشركاء أو شريكا ، وكذا رئيس مجلس الادارة فى شركات المساهمة أو غيره ممن تعينه الجمعية العمومية.
ولايصطدم ذاك الحكم مع ما نصت عليه المادة رقم 58/2 من قانون الاجراءات المدنية التى تنص على انه ” لا يصح بغير تفويض خاص الإقرار بالحق المدعى به أو التنازل عنه أو الصلح أو التحكيم “
حيث أن حكم هذا النص وفقاً لمضمونه واستقرارات القضاء بالدولة إنما ينصرف إلى الوكيل بالخصومة فحسب، و لا يتعدى إلى سلطة مدير الشركة في إداراتها و أهليتها في الاتفاق على التحكيم.
” محكمة النقض – الأحكام المدنية و التجارية طعن رقم 955 لسنة 2010 قضائية “
ومن المعلوم ضرورة الإلمام بأحكام أهلية الاتفاق على التحكيم على نحو ما بيناه فى مقالنا ، لان الإخلال به هو من مبطلات الاتفاق والعملية التحكيمية برمتها ، وحسناً بالمشرع الاماراتى حينما أوردها فى حالات بطلان أحكام التحكيم كما نصت المادة 216 من قانون الاجراءات المدنية التى ستكون حديثنا فى يلى من مقالات ، وعلى كل حال فإن مراعاة أهلية الاتفاق على التحكيم فيها الحفاظ على الحق في اللجوء اليه .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً