اختصاص رئيس الدولة في تعيين الممثلين الدبلوماسيين واعتمادهم
المؤلف : علي سعد عمران
الكتاب أو المصدر : ظاهرة تقوية مركز رئيس الدولة في بعض النظم الدستورية
ويشمل هذا الاختصاص سلطة رئيس الدولة في تعيين الممثلين الدبلوماسيين وارسالهم إلى الدول الاخر والى المنظمات الدولية ،كما يخوله حق تلقي اوراق اعتماد الممثلين الدبلوماسيين الاجانب (1) .
ونجد ان الدستور الفرنسي لعام 1958 نص في المادة (14) بأن (( يعتمد رئيس الجمهورية السفراء والمبعوثين فوق العادة لدى الدول الاجنبية كما يتولى رئيس الجمهورية اعتماد السفراء والمبعوثين فوق العادة الاجانب لديه)) .
فالاختصاص المذكور في المادة السابقة يختص رئيس الجمهورية بممارسته لكن مع اشتراك الحكومة معه في ممارسته وذلك لأن نص المادة (19) المذكورة سلفاً قد عددت الإختصاصات التي يباشرها رئيس الدولة منفرداً ولم يكن منها نص المادة (14) لذا فأن رئيس الجمهورية لايستقل تماماً بممارسة هذا الاختصاص بل لابد من وجود توقيع اخر بجوار توقيعه، فاختصاص رئيس الجمهورية في هذا المجال يحتاج إلى التوقيع الوزاري الاضافي من الوزير الأول ووزير الخارجية (2) .
وقد نص دستور تونس لعام 1959 في المادة(45) بأن((يعتمد رئيس الجمهورية الممثلين الدبلوماسيين للدولة في الخارج ويقبل اعتماد ممثلي الدول الاجنبية لديه))
وفقا للنص المتقدم فأن رئيس الجمهورية يتمتع بسلطة تقديرية واسعة في هذا المجال(3) ، خصوصاً إذا علمنا ان الدستور التونسي لم يشترط وجود توقيع مجاور لتوقيع رئيس الدولة .
اما دستور مصر لعام 1971 فقد نص في المادة(143) بأن ((يعين رئيس الجمهورية …والممثليين السياسيين ويعزلهم على الوجه المبين في القانون كما يعتمد ممثلي الدول الاجنبية السياسيين )) .
ومن الملاحظ على نص المادة المذكورة انها قد اختصت رئيس الجمهورية وحده بتعيين وعزل الممثلين الدبلوماسيين(4) ، فسلطة رئيس الجمهورية في هذا المجال لا تخضع لاي قيد(5)، فالدستور لم يشترط التوقيع المجاور إذ جعل رئيس الجمهورية ينفرد بسلطة التعيين والعزل المذكورة في النص وهو بذلك يتمتع بحرية مطلقة في هذا الشأن(6)، ويمثل انفراد رئيس الجمهورية بهذه السلطة من أهم الامثلة على السلطات الواسعة للرئيس وهيمنته على السياسة الخارجية(7) وقد بين القانون الأساسي العراقي لعام 1925 في المادة(26/8) بأن (( الملك بناء على اقتراح الوزير المسؤول يعين ويعزل جميع الممثليين السياسيين …)) . ويبدو من خلال النص بأن للملك وبناء على اقتراح من الوزير ان يعين ويعفي الممثليين الدبلوماسيين ،غير ان هذا لايعد قيداً على سلطة الملك في هذا الشأن ،وذلك لأن الملك له ان يعين رئيس الوزراء والوزراء ويعفيهم من مناصبهم بكل حرية وله في ذلك سلطة تقديرية واسعة لذا يكون من باب اولى ان تكون للملك سلطة تقديرية واسعة في الموافقة على تعيين الممثليين السياسيين واعفائهم من مناصبهم لأن من يملك الكل يملك الجزء ، وبما ان سلطة الملك ودوره مؤثر في رسم السياسة العامة ،لذا فهو يستطيع التدخل في السياسة الخارجية التي منها الموافقة على تعيين الممثليين الدبلوماسيين وعزلهم .
اما دستور العراق لعام 1970 فقد بين في المادة(58) وهي بصدد بيان صلاحيات رئيس الدولة بأن له (( و- تعيين واعتماد الممثلين الدبلوماسيين العراقيين لدى البلدان العربية والاجنبية وفي المؤاتمرات والمنظمات الدولية … ط- قبول الممثليين الدبلوماسيين الدوليين وطلب سحبهم)) .
والملاحظ ان النص المتقدم قد اعطى لرئيس الجمهورية ممارسة هذه الصلاحية بصورة مطلقة وذلك لأن الدستور لم يشترط ان يمارس رئيس الدولة صلاحياته بواسطة وزرائه فضلاً عن ان النص لم يبين ان التعيين الاعفاء يتم وفقا للقانون ، وهذا يعطي دلالة واضحة على انفراد رئيس الدولة في ممارسة هذه الصلاحية وانها تتم لرغبته الشخصية فقط .
_____________________
1- د. إسماعيل إبراهيم البدوي : اختصاصات السلطة التنفيذية في الدولة الإسلامية والنظم الدستورية المعاصرة ، ط1 ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1993،ص206 .
2- د. زهير شكر : الوسيط في القانون الدستوري –القانون الدستوري والمؤسسات السياسية – ، الجزء الأول ، ط3 ، بيروت ، المؤسسة الجامعية ، 1994، ص295 .
3- طه حميد حسن العنبكي : النظام السياسي التونسي 1956 – 1989 ، رسالة ماجستير ، جامعة بغداد ، كلية العلوم السياسية ، 1992، ص68 .
4- د. إبراهيم عبد العزيز شيحا : النظام الدستوري المصري ، الجزء الثاني، الإسكندرية، منشأة المعارف ، 1993 ، ص277 .
5- د. مصطفى أبو زيد فهمي : الدستور المصري فقهاً وقضاءً ، ط9 ، الإسكندرية، دار المطبوعات الجامعية ، 1996 ، ص 434 .
6- حميد حنون خالد الساعدي : الوظيفة التنفيذية لرئيس الدولة في النظام الرئاسي –دراسة مقارنة مع الدستور العراقي – ، أطروحة دكتوراه ، جامعة عين شمس ، كلية الحقوق ، 1981،ص287 .
7- د. عبد الغني بسيوني عبد الله : الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، 2004،ص785 .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً