التمييز بين التحكيم والقضاء :
التحكيم هو الاتفاق على طرح النزاع على شخص معين أو أشخاص معينين ليفصلوا فيه دون المحكمة المختصة به (دكتور أحمد أبو الوفاء – التحكيم الاختياري والإجباري ص15) فهو تعبير عن رغبة الطرفين في عدم عرض نزاعهم على القضاء العادي في الدولة ، ورغبتهم في إقامة محكمة خاصة بهم يختارونها هم ويحددون لها موضوع النزاع والقانون الذي يرغبون تطبيقه فيما بينهم (دكتور محى الدين علم الدين – منصة التحكيم التجاري الدولي – القاهرة – الجزء الأول 1986 – ص7 ، 8) فالتحكيم نظام لتسوية المنازعات عن طريق أفراد عاديين يختارهم الخصوم ، وهذا النظام يسمح لأطراف النزاع بإقصاء منازعاتهم عن الخضوع لقضاء المحاكم المخول لها طبقا للقانون . كما تحل عن طريق أشخاص يختارونهم (دكتور أبو زيد رضوان – الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي مرجع سابق ص19) .
أما القاضي فلا يختار من الخصوم بل يعين من السلطة العامة في الدولة ، أنه موظف عام ، ومعنى ذلك أن جوهر التحكيم يتمثل في اختيار الخصوم لقاضيهم ، فالمحكم ليس قاضيا مفروضا على الطرفين وإنما هو قاض مختار من خلالهم بطريق مباشر أو غير مباشر (دكتور محى الدين علم الدين مرجع سابق ص8) ، وهو يمثل قضاء موازي لقضاء الدولة ، ووظيفة المحكمة تكاد تتطابق مع وظيفة القاضي ، ذلك أن إقامة العدل بين الأفراد وإن كان من وظائف الدولة الحيوية ، إلا أن الدولة لا تحتكر هذا العمل إذ أن للأفراد الاتفاق على اختيار (حكم) ليقضي فيما ينشب من نزاع (دكتور أبو زيد رضوان مرجع سابق ص6 ، 28) إلا أن يلاحظ أن القاضي يكون ملزما بتطبيق قواعد القانون على النزاع .
أما المحكمة فله سلطات واسعة من سلطات المحكم حيث قد يفوض بالصلح بين الخصوم ، والدولة تسأل عن أخطاء القاضي مسئولية المتبوع عن أعمال التابع طواعية المادة 240 من القانون المدني ، بينما لا تسأل الدولة عن أخطاء المحكم لأنه ليس تابعا لها ، ويلاحظ أيضا أن المحكم غير ملزم بتطبيق قانون المرافعات على إجراءات الخصومة ما لم يتفق الخصوم على غير ذلك ، أما القاضي يكون ملزما بتطبيق قواعد المرافعات على الخصومة ، (دكتور محمود محمد هاشم – اتفاق التحكيم وأثره على سلطة القضاء في الفقه الإسلامي والأنظمة الوضعية – دار الفكر العربي ص14) .
اختلاف التحكيم عن الخبرة :
يختلف التحكيم عن الخبرة . فالمحكم يقوم بوظيفة القضاء ويحسم النزاع بين الخصوم ورأيه يفرض عليهم ، بينما الخبير لا يكلف إلا بمجرد إبداء الرأى فيما يطرح عليه من مسائل ، وهذا الرأى لا يلزم الخصوم كما لا يلزم القاضي ، والمحكم يصدر حكما ويتقيد بالأوضاع والمهل (المواعيد) والإجراءات المقررة في باب التحكيم بينما الخبير يكتب تقريرا ولا يتقيد إلا بالإجراءات والمواعيد المقررة في قانون الإثبات .
وقد يدق في بعض الأحوال تحديد حقيقة المقصود من المهمة الملقاة على عاتق شخص ما ، وما إذا كانت هى مهمة تحكيم أو خبرة ، والعبرة في تكييف الوضع بحقيقة المقصود من المهمة وليس بالألفاظ التي يصاغ بها المطلوب من الشخص ، فإذا قرر الخصوم موافقتهم على الأخذ برأى أشخاص معنيين يستشارون فيما يرفع إليهم من نزاع فإن الأمر يعتبر تحكميا وليس بخبرة ، ويعتبر محكما الذي يكلفه الخصوم بحسم نزاع بينهم ولو وصفه هؤلاء بكونه خبيرا أو مستشارا ، ولا يعتبر محكما الشخص الذي يكلفه الخصوم أو القاضي بتقدير قيمة الخسائر في حادثة ما ، ولا يجوز الالتجاء إليه عند حصول نزاع بين الطرفين في هذا الصدد ، ولو وصف بـه محكم ، وعلى قاضي الموضوع استخلاص حقيقة مقصود الخصوم من واقع الدعوى وظروف الحال . (راجع الدكتور أحمد أبو الوفا – التحكيم) .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً