المنازعات الإدارية……. والتظلم منها
تركز الاهتمام في غالب الأحوال بالقضايا العمالية المتعلقة بالقانون رقم 6 لسنة 2010، في شأن العمل بالقطاع الأهلي والقوانين السابقة عليه، ولم ينل تناول أوضاع الموظفين بالقطاع الحكومي نفس القدر من الاهتمام، إلا أنه يجب التنويه هنا إلى أنه يجب أن يكون هناك اهتمام بأوضاع الموظفين العاملين بالجهات الحكومية، فهم الشريحة الأكبر في اهتمام الحقل النقابي، وعليه فإننا سنتناول موضوعًا في غاية الأهمية، وهو المتعلق بالقرارات الإدارية من حيث صدورها والتظلم منها والطعن عليها، وقبل ذلك العيوب التي تعيب القرار الإداري وتجعله لأن يكون محلا للطعن.
ونتناول في البداية هنا، استعراض المنازعات الإدارية والتظلم من القرارات الإدارية، حيث ننوّه إلى أن القضاء الكويتي لم يعرف في بداياته القضاء الإداري الخاص بالخصومات الإدارية أو ما يعرف بـ «قضاء الإلغاء» إلى أن انتهى الأمر بصدور مرسوم بالقانون رقم 20 لسنة 1981 بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية للنظر في المنازعات الإدارية، حيث حدّد ذلك المرسوم الأحكام الخاصّة بهذه المنازعات.
ولقد نصّت المادة الأولى من المرسوم المشار إليه بأن يتمّ إنشاء دائرة إدارية بالمحكمة الكلية يُعهد إليها بالمسائل التالية:
1- المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت والعلاوات المستحقة للموظفين المدنيين أو لورثتهم.
2- الطلبات التي يقدّمها ذو الشأن بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة.
3- الطلبات التي يقدّمها الموظفون المدنيون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بالترقية.
4- الطلبات التي يقدّمها الموظفون المدنيون بإلغاء القرارات الصادرة بإنهاء خدمتهم أو بتوقيع جزاءات تأديبية عليهم، ويستثنى من ذلك إنهاء الخدمة بقرار من مجلس الوزراء.
وهذه المسائل كلها تتعلق بشؤون الموظفين المدنيين العاملين بالجهات الحكومية والمتمثلة في (الوزارات، المؤسّسات العامة، الهيئات العامة) على حدّ سواء.
ولقد بيّنت المادة «3» من المرسوم شرطاً أساسيًا لقبول الدعوى وهو شرط المصلحة المباشرة في رافع دعوى الإلغاء، ومن ثمّ فإن تلك الدعوى تختلف عن غيرها من الدعاوى القضائية التي تشترط توافر المصلحة كشرط لازم، غير أن تلك المصلحة لا يشترط فيها أن تكون شخصية ومباشرة، على العكس من قضاء الإلغاء الذي يشترط ذلك كشرط لقبول الدعوى والذي تحتم أن تكون المصلحة شخصية ومباشرة. فدعوى ما يعرف بالحسبة غير معروفة في قضاء الإلغاء.
بينما حدّدت المادة «4» أنه يشترط لقبول الطلبات المحدّدة بالفقرات (الثانية والثالثة والرابعة) من المادة الأولى من المرسوم رقم 20 لسنة 1981، أن يكون الطعن المقدّم من صاحب العلاقة قائمًا على أي من الأسباب التالية:
أ- عدم الاختصاص.
ب- وجود عيب في الشكل.
ج- مخالفة القوانين واللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها.
د- إساءة استعمال السلطة.
وكل هذه الأسباب، إنما ترجع- في الحقيقة- إلى أصل واحد ألا وهو مخالفة القانون سواء في مضمونه أو في أهدافه.
وبعد إنشاء هذه الدائرة، فإنه لا يجوز لأي جهة أخرى أن تنظر في الحكم بإلغاء القرارات الإدارية، بل يكون للدائرة الإدارية وحدها ولاية الحكم بإلغاء هذه القرارات، كما أن لها وحدها أيضًا الحكم في أية تعويضات ناشئة عنها، سواء تمّ رفعها بطريقة أصلية أو جاءت بصفة تبعية كطلب أو على سبيل الاحتياط لطلب إلغاء القرار الإداري.
ورغبة من المشرّع في استقرار الأوضاع في الجهة الإدارية فلقد رأى أن مجرد رفع الدعوى بطلب الإلغاء لا يترتب عليه إيقاف العمل بالقرار المطلوب إلغاؤه، وهذا هو الأصل العام، ولكن المشرّع جعل للمحكمة سلطة جوازية، وفي حالة واحدة فقط، هي إنهاء الخدمة، فلها في هذه الحالة جواز الأمر باستمرارية صرف كل المرتب أو بعضه حتى يتمّ الفصل في الدعوى، ولكنه قد اشترط في ذلك التالي:
أ- أن يتمّ طلب ذلك في الصحيفة المقدّمة في الدعوى.
ب- إذا رأت المحكمة من ظروف الدعوى ما يبرّر ذلك الطلب.
ولقد حدّدت المادة «7» من المرسوم بيان ميعاد الطعن في القرارات الإدارية، حيث حدّدته بستين يومًا من التالي:
1- تاريخ نشر القرار المطعون فيه في الجريدة الرسمية.
2- النشرات التي تصدرها الجهات الحكومية.
3- إعلان صاحب الشأن به.
4- ثبوت صاحب العلاقة بالقرار علمًا بيقينها.
ويكون ثبوت العلم به، وعلى سبيل المثال، إذا ما تقدّم بالتظلم من القرار فإن ذلك يعدّ دليلا كافيًا على صحّة علمه به.
غير أن هذا الميعاد المحدّد بستين يومًا ينقطع في حالة تقدّم صاحب العلاقة بتظلم إلى الجهة التي أصدرت القرار أو الجهة الرئاسية لها، وفي هذه الحالة فإنه يحسب ميعاد رفع الدعوى من تاريخ فوات موعد ستين يومًا على تقديم التظلم أو الرفض الصريح للتظلم.
عرضنا بعض أحكام المرسوم بالقانون رقم 20 لسنة 1981 وتعديلاته بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية.
ونستكمل هنا أحكام هذا المرسوم، وذلك بهدف تثقيف العاملين بالجهات الحكومية بركن هامّ من التشريعات الخاصّة بحقوقهم الوظيفية لكي يكونوا على بصيرة ودراية بهذه الأحكام.
حيث نعرض هنا بالتنويه إلى أن المرسوم بالقانون رقم 20 لسنة 1981 قد نصّ في مادّته الأولى على المسائل التي تختصّ بها الدائرة الإدارية، وهى الخاصّة بصفة عامة بالوظائف العامة المدنية.
< وعليه، فقد رتّبت المادة رقم «8» من المرسوم بأنه بالنسبة لهذه المسائل: «عدم جواز تقديم طلبات الإلغاء المتعلقة بها قبل أن يتمّ التظلّم منها إلى الجهة الإدارية التي أصدرتها أو الجهات الرئاسية لها، كما أنه يتعيّن التقيّد بالمواعيد المقرّرة لكي يتمّ البتّ في التظلّم».
وأن الهدف من ذلك هو: «التقليل قدر الإمكان من كمّ القضايا الإدارية المرفوعة أمام القضاء بين الحكومة وأصحاب الشأن، وتخفيف العبء عن القضاء». كما أنه- وفي ذات الوقت- «قد يكون التظلّم فرصة للجهة الحكومية مصدرة القرار لإعادة النظر في قرارها ومعالجة أي خلل».
ومن هنا: فإنه إذا ما تحقّقت مصلحة صاحب الشأن باستجابة الإدارة للتظلّم المقدّم منه- إذا ما تبيّن لها جدّية هذا التظلّم- فإنه لن تكون هناك مصلحة للاستمرار في رفع دعوى الإلغاء طالما أن صاحب العلاقة قد تحقّق له ما يهدف إليه وهو إلغاء القرار الإداري.
< كما أن الفقرة الأخيرة من المادة رقم «7» قد قرّرت بموجب صدور المرسوم «بيان إجراءات تقديم التظلّم والبتّ فيه»، وتنفيذًا لذلك فقد صدر بتاريخ 5/10/1981 بشأن إجراءات تقديم التظلّم من القرارات الإدارية والبتّ فيه.
< وقد بيّنت كل من المادتين رقم «9» و «10» من المرسوم «الإجراءات المتعلقة برفع الدعوى الإدارية» مبيّنة بأن ذلك يكون من خلال صحيفة يتمّ إيداعها لدى إدارة كتاب المحكمة، على أن يحدّد بتلك الصحيفة: (موضوع المنازعة، وأسبابها، والطلبات المقدّمة من مقدّم الصحيفة)، هذا بالإضافة إلى (البيانات العامة التي يجب أن تشملها أوراق الدعاوى بصفة عامة)، على أن يرفق بأصل الصحيفة عدد من الصور منها.. وعند إيداع الصحيفة يتمّ اتخاذ الإجراءات التالية:-
1- يتمّ تسليم المودع إيصالا يثبت به تاريخ الإيداع وساعته.
2- تقوم إدارة الكتاب بإخطار الخصوم خلال الأيام الثلاثة التالية لإيداع الصحيفة. وفي هذه الحالة يتمّ إعلان الجهات الحكومية والمؤسّسات العامة بمقرّ إدارة الفتوى والتشريع.
3- يكون لأطراف الخصومة الحق في الردّ على ما جاء في الصحيفة بمذكرة يتمّ إيداعها بإدارة كتاب المحكمة، مرفقًا بها المستندات اللازمة، وذلك خلال ثلاثين يومًا من تاريخ الإعلان بالنطق.
4- بمجرد انتهاء مهلة الـ 30 يومًا تقوم إدارة كتاب المحكمة بتحديد موعد الجلسة لنظر الموضوع خلال شهرين على الأكثر، على أن يتمّ إخطار كافة وجميع الأطراف قبل موعد الجلسة بأسبوع على الأقل، وذلك بناءً على خطابات موص عليها بعلم الوصول.
5- يجوز خلال المرافعات أن يقوم الخصوم بتقديم مذكرات أو مستندات جديدة إذا صرّحت المحكمة بذلك وفي خلال المواعيد التي تحدّدها.
< وبالنسبة للرسوم فقد صدرت المادة رقم «11» من المرسوم بأن يكون رسم طلبات الإلغاء ووقف التنفيذ (عشرة دنانير) لكل طلب، تتعدّد بتعدّد القرارات والطلبات، نظرًا لأن القانون رقم «7» لسنة 1973 في شأن الرسوم القضائية لم يعالج الرسوم الخاصة بهذا النوع من الدعاوى.
< ومن حيث استئناف أحكام الدائرة الإدارية فلقد قرّرت المادتان رقم «11» و»12» قابلية هذه الأحكام للاستئناف في حالة ما إذا كان النزاع غير مقدّر القيمة، أو كانت قيمته تتجاوز 1000 دينار. وفيما عدا ذلك يكون الحكم نهائيًا.
< وقرّرت المادة رقم «14» من المرسوم بأن «ميعاد استئناف الأحكام الصادرة من الدائرة الإدارية هو ثلاثون يومًا من تاريخ صدور الحكم»، على أنه يجب في هذه الحالة أن يتمّ التوقيع على صحيفة الاستئناف من أحد المحامين أو من أحد أعضاء الفتوى والتشريع- إذا كان الاستئناف مرفوعًا من أحد الجهات الحكومية أو المؤسّسات العامة- ورتّب القانون البطلان على مَن يُخالف ذلك.
< أما المادة رقم «15» من المرسوم فقد قرّرت أنه: «فيما عدا ما نُصّ عليه في هذا القانون يسري على الدعاوى المنصوص عليها فيه والأحكام الصادرة فيها وطرق الطعن في هذه الأحكام القواعد والإجراءات المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية»، ودون تحديد مواعيد بذاتها، ومؤدّى ذلك هو: جواز الطعن بالتمييز على الأحكام الصادرة من الدائرة الإدارية وفق ما نصّت عليه الشروط والأوضاع والإجراءات المقرّرة في قانون المرافعات المدنية والتجارية الخاصّة بالطعن بالتمييز في سائر الأحكام الاستئنافية.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً