الموطن في القانون العراقي يقوم على تصوير واقعي متأثرا بأحكام الشريعة الإسلامية ، فلكي يكتسب الشخص موطناً في العراق لابد أن يجعل إقامته العادية فيه ، إذ عرفت المادة (42) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 الموطن بأنه (المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة بصفة دائمة أو مؤقتة ، ويجوز أن يكون للشخص أكثر من موطن) . فالنص وفقاً للقانون العراقي يغلب الركن المادي المتمثل بالإقامة على الركن المعنوي في اكتساب الموطن في العراق ،على أن تكون هذه الإقامة قانونية سواء أكانت متصلة أو يتخللها فترات انقطاع للدراسة أو المعالجة أو لأي سبب معقول آخر ، فتوافر الركن المادي وحده يكفي لاكتساب الموطن في العراق ، فيكون القانون العراقي بذلك قد أدمج فكرة الموطن في الإقامة العادية(1). بدليل أن النص اعتبر إقامة الشخص في العراق عادة بصفة مؤقتة أو دائمة موطنا له ، فلو لم يهدف النص إلى هذه النتيجة لنص المشرع صراحة على ضرورة توافر نية البقاء وهي عنصر الإقامة المستمرة ، ولان الإقامة العادية في العراق بصورة دائمة أو مؤقتة تفترض بالضرورة وجود نية البقاء حتى لو لم تكن متصلة(2) .
ويترتب على التصوير الواقعي للموطن في القانون العراقي ، امكان تعدد الموطن عندما تتوافر للشخص إقامة عادية في أكثر من دولة كما يترتب عليه امكان بقاء بعض الأشخاص بلا موطن .وقد أجاز المشرع العراقي امكان تعدد الموطن في الفقرة 2 من المادة (42) ” يجوز أن يكون للشخص أكثر من موطن واحد ” وتطبيقا لفكرة تعدد الموطن نص المشرع العراقي على بعض الحالات التي يتعدد فيها الموطن للشخص الواحد ، كحالة (القاصر المأذون له بالتجارة) .حيث نصت الفقرة الثانية من المادة (43) من القانون المدني العراقي على (ومع ذلك يجوز أن يكون للقاصر المأذون له بالتجارة موطن خاص بالنسبة للأعمال والتصرفات التي يعتبره القانون أهلا لمباشرتها)
وكذلك نص على حالة (الموطن الخاص) الذي يباشر فيه الشخص تجارته أو حرفته بالنسبة لإدارة أعماله المتعلقة بالتجارة أو الحرفة في المادة (44) إذ جاء فيها (يعتبر المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو حرفة موطناً له بالنسبة إلى إدارة الأعمال المتعلقة بهذه التجارة أو الحرفة) ، وكذلك نص المشرع العراقي على حالة الموطن المختار في المادة (45) وهو الموطن الذي يتخذ لتنفيذ عمل قانوني معين فجاء نص المادة كما يلي : ( 1- يجوز اتخاذ موطن مختار لتنفيذ عمل قانوني معين ، 2- الموطن المختار لتنفيذ عمل قانوني يكون هو الموطن بالنسبة لكل ما يتعلق بهذا العمل بما في ذلك إجراءات التنفيذ إلا إذا نص صراحة على حصر الموطن على أعمال دون أخرى) ، أما (الموطن المأذون به) (3). وهو الذي تشترطه بعض الدول ويتم ضمن إجراءات رسمية للحصول على إذن بالتوطن في الدولة ، ولم يأخذ المشرع العراقي بهذا النظام .
___________________________
[1]- د.ممدوح عبد الكريم حافظ ، مصدر سابق ، ص172 وما بعدها .
2- د.غالب علي الداؤدي ، د.حسن الهداوي ، مصدر سابق ، ص180-181 .
3- يلاحظ أن القانون الفرنسي كان يشترط في المادة (13 ) من القانون للحصول على موطن في فرنسا بالنسبة للأجنبي أن يحصل على إذن بالتوطن وبالتالي لا يطبق القانون الفرنسي على كل أجنبي مستوطن في فرنسا ما لم يحصل على هذا الإذن في حالة الميراث وغيرها من الأعمال المتعلقة بالتركة وبذلك يطبق قانون الموطن الأصلي للأجنبي في هذه الحالة وهو في الغالب قانون جنسيته ، ولما ألغيت المادة 13 لقانون الجنسية الفرنسي الصادر سنة 1927 أصبح لا محل لهذه التفرقة وطبق القانون الفرنسي على جميع الأجانب المتوطنين في فرنسا . انظر ، د.أبو العلا علي أبو العلا ، مصدر سابق ، ص 28 .
المؤلف : ريا سامي سعيد الصفار
الكتاب أو المصدر : دور الموطن في الجنسية
الجزء والصفحة : ص25-26
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً