النظام القانوني لاستعمال الأموال العامة
المحامية: منال داود العكيدي
يخضع النظام القانوني لاستعمال الاموال العامة لفكرة رئيسة وهي تخصيص هذه الاموال للنفع العام لذلك يجب على الادارة ان تعمل على ايجاد توازن بين مالها من سلطات واختصاصات في هذا الشان وما للافراد من قدرة الانتفاع بالاموال العامة واستعمالها بما لايتعارض مع تخصيصها للنفع العام .
وبطبيعة الحال فان تطبيق هذا المبدا يتفرع الى نظم وقواعد متعددة ومتميزة طبقا لطبيعة استعمال المال العام وطبقا لمختلف مفردات الاموال العامة المستعملة فاستعمال المال العام تتميز قواعده بحسب طبيعة هذا الاستعمال فهناك الاستعمال الاعتيادي للمال العام وهناك ايضا الاستعمال غير الاعتيادي للمال العام وهذا التمايز في طبيعة الاستعمال ينعكس على سلطة الادارة في تنظيم النوعين المذكورين من الاستعمال ففي حين تكون سلطتها مقيدة بالنسبة لتنظيم الاستعمال الاعتيادي بينما تكون سلطتها في الاستعمال غير الاعتيادي للمال العام تقديرية .
ومن ناحية اخرى فهناك الاستعمال الجماعي او المشترك للمال العام وهناك ايضا الاستعمال الخاص او الفردي وكل منهما يخضعان لقواعد متميزة اذ يكون الاول استعمالا حرا ومجانيا اما الثاني اي الاستعمال الفردي او الخاص فانه يخضع لقواعد اخرى وهي بدورها تتميز في كل من الاستعمالين . ويظهر لنا ايضا الاختلاف في مفردات الاموال العامة فهناك الاموال المخصصة للمرفق العام وهناك الاموال المخصصة للاستعمال المباشر فالاول ينتفع الافراد به عن طريق المرفق العام فيتعاملوا مع هذا المرفق مثل سكة الحديد والسيارات العامة والخطوط التلفونية والاجهزة اللاسلكية وغيرها حيث يخضع الافراد في استعمالهم لهذه الاموال وانتفاعهم بها لضوابط وشروط معينة تختلف من مرفق الى اخر يتم تحديدها من قبل ادارة المرفق المتخصص ويلاحظ ان هناك من المرافق العامة قد لايباح للافراد استعمالها كالمنشات العسكرية التابعة لمرفق الدفاع .
اما بالنسبة للاموال العامة المخصصة للانتفاع المباشر فيوجد نوعين من هذه الاموال هي : اموال مخصصة اساسا للانتفاع المشترك او الجماعي من قبل عامة الافراد كالطرق العامة والمتنزهات وشواطئ البحر وهي من حيث الاصل تستعمل بصورة جماعية ويطلق على هذا الاستعمال العادي ولكن في بعض الاحيان يكون هناك مجالا للاختصاص بجزء معين منها لبعض الافراد وهو مايطلق عليه الاستعمال غير العادي .
فلاستعمال المشترك او الجماعي لللامال العام هو انتفاع كل الافراد على قدم المساواة بالمال العام بشكل مباشر ولكن على نحو عارض وغير مستمر ودون ان يتعارض هذا الاستعمال مع تخصيصه . وهذا الاستعمال يعتبر من مظاهر ممارسة الافراد لحرياتهم الفردية كحرية المرور في الطرق العامة وحرية التجارة عن طريق نقل البضائع على الطرق البرية والنهرية وكذلك حرية ارتياد دور العبادة ويتميز هذا الاستعمال بحرية الافراد فيه الا ان هذه الحرية لاتكون مطلقة من اي قيد فهذه الحرية خاضعة لتنظيم سلطات الضبط الاداري العام والخاص التي تتمثل باصدار اللوائح او الانظمة او الاوامر الفردية ولكن ينبغي ان لايصل الامر الى المنع او الحظر الشامل لاستعمال حرية من الحريات .
ومن خصائص الاستعمال الجماعي او المشترك للاموال العامة هو مساواة الافراد في الانتفاع او الاستعمال المشترك للمال العام فاذا كان الاصل في استعمال الافراد للمال العام وانتفاعهم به يعتبر ممارسة لحرية من حرياتهم الفردية فان ذلك يقتضي مساواتهم في ممارسة هذا الحق كقاعدة عامة لذلك فان القيود التي تفرض لتنظيم ممارسة الافراد لحرية الانتفاع انما ترد ضمن قواعد عامة مجردة تحقيقا للمساواة وهذه القواعد ليست مطلقة بل يرد عليها بعض الاستثناءات الموضوعة على اسس موضوعية تقتضيها طبيعة الاشياء وتقتضيها مصلحة من المصالح الجديرة بالرعاية والاهتمام وان تكون تلك الاستثناءات مقررة بموجب قواعد عامة .
وكنتيجة لحرية الانتفاع في المال العام هي ان يكون الانتفاع مجانيا اي بدون مقابل من التزامات مالية على المنتفعين ذلك لان الاستعمال المشترك هو استعمال او انتفاع عادي يتفق مع تخصيصه كما انه لايجوز لسلطة الضبط الاداري من ناحية اخرى ان تستعمل سلطتها الضبطية لاغراض مالية لذلك كان الاصل عدم تقاضي رسوم على المرور في الطرق العامة او على الوقوف فيها ولكن ان دعت الضرورة الى ذلك فانه يجب ان يتم فرض الرسوم لدواعي التنظيم ولابد ان يكون بقانون او بناء على قانون .
واموالا اخرى يتم الانتفاع بها بشكل مباشر ولكنها تستعمل باسلوب الاشغال الخاص وليس المشترك كالاملاك العامة المخصصة لاستعمالها كاسواق اذ يختص كل بائع بجزء معين منها لغرض عرض بضائعه فيها ،ففي هذه الحالة نكون في مواجهة مال عام مخصص للاستعمال المباشر من قبل الافراد ولكن التخصيص هنا ليس لاستعمالهم المشترك وانما لاستعمالها على وجه الاختصاص والانفراد باجزاء من هذا المال كالاملاك العامة المخصصة لاستعمالها كاسواق والمقابر العامة وكذلك ساحات وقوف السيارات ومن الواضح هنا ان الاشغال الفردي هذا لايعتبر استعمالا غير عادي للمال العام وانما هو استعمال عادي يتفق مع تخصيصه اذ ان فكرته مستمدة من فكرة الاستعمال الفردي العادي للمال العام فباعتباره اشغالا عاديا فالادارة لاتملك ازاءه سلطة تقديرية بالنسبة لمنح الرخصة او الغائها بعد منحها فالادارة تملك فقط في هذه الحالة تنظيم الاستعمال ومن ثم تستطيع الرفض او الالغاء حينما لايقبل التقدم للحصول على الترخيص بالشروط الموضوعة من قبل الادارة او انه يخالفها بعد منحه الترخيص .
اترك تعليقاً