تحديد مدة التقادم
في تحديد مدة التقادم نجد أن هناك قاعدة عامة حدد على اساسها فترة زمنية معينة وورد عليها العديد من الاستثناءات .
وسوف نعالج كلا من القاعدة واستثنائتها في فرع مستقل لكل منهما .
الفرع الأول القاعدة العامة
القاعدة العامة أن مدة التقادم خمسة عشرة سنة وقد قررتها المادة 374 من القانون المدني حين نصت على أن ” يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة فيما عدا الحالات التي ورد عنها نص خاص في القانون ……….. “
ومدة الخمسة عشرة سنة هذه روعى في تحديدها امرين :
الأول : انها مستمدة من الشريعة الاسلامية حيث لاتسمع فيها الدعوى عند الانكار بعد فوات المدة .
الثاني : انها في تصور المشرع مدة معقولة فهى ليست بالطويلة التي ترهق المدين ولا بالقصيرة التي تباغت الدائن بسقوط حقه .
ويترتب على اعتبار هذه المدة كقاعدة عامة في مدد التقادم انها تكون المدة المتطلبة حين لا يحدد المشرع مدة اخرى لتقادم حق معين ويقوم التقادم المسقط المقرر بمقتضى القاعدة العامة ليس على قرينة الوفاء ولا على الرغبة في عدم ارهاق المدين بمنع تراكم الديون عليه ولكن على اعتبارات متعلقة بالنظام العام وهى تجنب النظر في المنازعات التي يصعب الفصل فيها وحماية الاوضاع المستقرة لذا يجوز للمدين أن يتمسك بهذا النوع من التقادم ولو اقر بعدم الوفاء بالدين
الفرع الثاني الاستثناءات على القاعدة العامة للتقادم
اورد المشرع على القاعدة العامة في مدد التقادم نوعين من الاستثناءات :
اولهما : الاستثناءات الواردة بالمادة 375 من القانون المدني
ثانيهما : الاستثناءات الواردة بنصوص اخرى سواء وردت في القانون المدني أو غيره .
الااننا سوف نقصر بحثنا على النوع الأول من الاستثناءات وهى :-
1 – التقادم الخمسى .
2 – التقادم الثلاثى .
3 – التقادم الحولى .
وذلك على التفصيل التالي ,
1- التقادم الخمسى :
وبمقتضاه يتقادم الحق بمضى خمس سنوات ويخضع لهذا النوع من التقادم الحقوق التالية :
– الحقوق الدورية المتجددة
– حقوق بعض اصحاب المهن الحرة
– تقادم الضرائب والرسوم المستحقة للدولة
أ)- الحقوق الدورية المتجددة :
تنص المادة 385 مدن على أن ” يتقادم بخمس سنوات كل حق دورى متجدد ولو اقر به المدين كأجرة المبانى والاراضى الزراعية ومقابل الحكر كالفوائد والايرادات المرتبة والمهايا والاجور والمعاشات و يسقط الريع المستحق في ذمة الحائز سيء النية ولا الريع الواجب على ناظر الوقف اداؤه للمستحقين الابانقضاء خمسة عشرة سنة ” .
ولكى نطبق نص المادة 375/1 مدني بما تحويه من تقادم خمسى للديون فأننا يجب أن نكون بصدد دين دورى متجدد ويجب أن تجتمع للدين هاتين الصفتين في ذات الوقت لكى يخضع لحكم التقادم الخمسى بحيث اذا انتفى احدهما لما خضع له
· ويقصد بالدورية (4) أن يستحقالدين في مواعيد متتالية سواء زادت أو قلت عن سنة كما لو كان مستحقا كل اسبوع ( كأجرة بعض العمال ) أو شهر ( كأجرة الاراضى الزراعية ) أو ثلاثة اشهر أو سنة أو اقل أو اكثر .
ويلاحظ انه أن كان تواتر الدورية غير مهم الا انه من المهم أن يكون هناك انتظام في هذا التواتر فيشترط أن يكون مستحقا وبانتظام والدورية قد يكون مصدرها الاتفاق كما في الاجرة والمرتب أو القانون كما في الفوائد القانونية والمعاشات والنفقات
· ويقصد بالتجدد أن يكون الدين مستمرا بطبيعته لا ينقطع مادامت العلاقة القانونية المنشئة له قائمة بحيث أن ما يؤدى منه لاينتقص من اصله ومن امثلة ذلك فوائد الديون فهى تستحق بصفة متكررة منتظمة دون أن يؤدى الحصول عليها إلى المساس بأصل الدين .
وصفة التجدد هذه تؤدى إلى استبعاد الدين الذي يتم الوفاء به على شكل اقساط من نطاق التقادم الخمسى لفقدانه لصفة التجدد ذلك لان الوفاء بقسط من الاقساط يؤدى إلى الانتقاص من اصل الدين ولذلك فأن هذه الديون يتقادم كل قسط منها بمضى خمس عشرة سنة من تاريخ استحقاقه .
واذا كان توافر صفتى الدورية والتجديد في الدين امرا ضروريا لخضوعه للتقادم الخمسى فهو في ذات الوقت امرا كافيا اذ لا يتشترط فوق ذلك اى شرط اخر .
اساس تقادم االحقوق الدورية المتجددة و نتائجه:
يقوم هذا النوع من التقادم ومنذ بداية نشأته على رغبة المشرع في التخفيف على المدين لانه يدفع هذه الحقوق الدورية المتجددة من ريعه الدورى المتجدد فأذا اهمل الدائن المطالبة بها لمدة طويلة وتراكمت على المدين وترك ام تقادمها للقاعدة العامة لتعذر عليه الوفاء بها الا بالتصرف في رأس المال وهو ما قد يوقع المدين في الافلاس ويلحق به الخراب فهذه الديون تدفع من الريع فلا يجب أن تستهلك رأس المال .
ويترتب على هذا الاساس للتقادم أن المدين يستطيع أن يتمسك به حتى لو اقر بأنه لم يوف بالدين وهذا هو الحكم الذي قررته المادة 375 مدني
استبعاد بعض الديون من نطاق التقادم الخمسى :-
يستبعد من نطاق التقادم الخمسى الديون الاتية :
1- الريع المستحق في ذمة الحائز سيء النية .
2- الريع الواجب على ناظر الوقف اداؤه للمستحقيين .
ويرجع السبب في استبعاد هذه الديون إلى انها ليست دورية ولا متجددة ومن ثم لا ينسحب عليها حكم التقادم الخمسى بحسب الاصل اى دون حاجة لان يفرد المشرع نص خاص لهذا الاستبعاد ولكن المشرع اثر أن ينص على هذا الاستبعاد بشكل خاص حتى يحسم هذا الخلاف الذي ثار حول تقادم هذه الديون .
ب)- تقادم حقوق بعض اصحاب المهن الحرة :
تنص المادة 376 مدني على انه ” تتقادم بخمس سنوات حقوق الاطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين والخبراء ووكلاء التفليسة والسماسرة والاساتذة والمعلميين على أن تكون هذه الحقوق واجبة لهم جزاء عما ادوه من عمل من اعمال مهنتهم وما تكبدوه من مصروفات “
ولكى تتقادم هذه الحقوق لابد من توافر شرطين هما :
الأول : أن يكون صاحب الحق من الاشخاص الذين عددتهم المادة 376 على سبيل الحصر .
وهؤلاء الاشخاص قد وردا على سبيل الحصر وبالتالى فاذا ثبت أن الحق لصاب مهنة خلاف اصحاب المهن الواردة بالمادة 376 فأنه لايخضع للتقادم الخمسى وانما يخضع للقاعدة العامة التي تقرر التقادم بخمسة عشرة سنة مالم يكن خاضعا لاستثناء اخرى .
الثاني : أن تكون هذه الحقوق واجبة لاصحابها عما ادوه من عمل من اعمال مهنتهم وما تكبدوه من مصروفات تطلبها اداء هذا العمل .
يلاحظ من هذه المادة أن ما يتقادم خمسيا ليس فقط المقابل الذي يستحقه صاحب المهنة عما ادوه من عمل ولكن ايضا ما تكبده من مصروفات اقتضاها اداء العمل كمصروفات نقل المريض واقامته تحت اشراف الطبيب ومصروفات التحاليل الطبية والادويه وما يستحقه المحامى من رسوم قضائية قام بدفعها عن الموكل .
اما أن كان صاحب المهنة لا ينطبق عليه الوصف المتقدم فهو لايخضع للتقادم الخمسى بل للتقادم وفقا للقاعدة العامة .
· بدء سريان تقادم هذه الحقوق:
تنص م 379 /1 مدني على أن يبداء سريان التقادم في الحقوق المذكورة في المادتين 379 و 378 من الوقت الذي يعم فيه الدائنون تقادماتهم ولو استمروا فالواضح من نص هذه المادة أن الوقت الذي يبداء فيه سريان التقادم هو الوقت الذي يتم فيه اداء الخدمة أو العمل وفى حالة تكرار الاداءات فأن كل دين يعتبر قائما بذلته عن باقى الديون التي تكون بين الطرفين .
· اساس هذا التقادم :
يستند التقادم في هذا النوع من الديون إلى قرينة الوفء فالعادة قد جرت على اقتضاء الاشخاص الذيين عددتهم المادة 376 مدني عقب اداء خدماتهم فاذا مضت خمس سنوات على اداء الخدمة فالذى يغلب على الظن هو أن الشخص قد اقتضى حقه فعلا .
ويترتب على الاستناد إلى قرينة الوفاء الاتى :-
1- انه يكفى أن يتمسك المدين بالتقادم حتى ينقضى الدين ولا يصح أن توجه اليه اليمين بأن ذمته لم تعد مشغولة بالدين .
2- أن المدين اذا اتى عملا يتعارض مع دلالة قرينة الوفاء فلا يجوز له وقد هدمها أن يتمسك بها .
3- أن هذا النوع من التقادم غير قابل للوقف ذلك لأان الوقف علته أن لا يكون الدائن قادرا على المطالبة بحقه .
ج)- تقادم الضرائب والرسوم المستحقة للدولة وفقا للقانون 646 لسنة 1953
كانت المادة 377 مدني تقضى بأن ” تتقادم بثلاث سنوات الضرائب والرسوم المستحقة للدولة ويبداء سريان هذا التقادم من نهاية السنة التي دفعت بغير حق ويبداء التقادم من يوم دفعها ” .
الا أن المشرع رأى أن هذه المدة وامام ضغط العمل على الجهات المنوط بها تحصيل الضرائب تبدو قصيرة مما يهدد حقوق الدولة بالضياع .
فجاء القانون 646 لسنة 1953 ومد هذه المدة إلى خمس سنوات مالم ينص في القانون على مدة اطول من ذلك .
· اساس هذا التقادم :
يقوم هذا النوع من التقادم على قرينة عدم ارهاق المدين واثقال كاهله بتراكم الديون عليه فيجوز له التمسك به ولو بداء بالمنازعة في التزامه بها .
2- التقادم الثلاثى :
ويتقادم الحق وفقا لهذا النوع بثلاث سنوات ويتقادم بهذه المدة ما دفع من ضرائب ورسوم بغير وجه حق .
# تقادم الحق في استرداد ما دفع من ضرائب أو رسوم بغير وجه حق .
تنص المادة 377/2 مدني على أن ” يتقادم بثلاث سنوات ايضا الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق ويبداء سريان التقادم من يوم دفعها “
– وتتضمن هذه المادة حكمان :
الأول : أن الحق في استرداد ما دفع من ضرائب أو رسوم بغير حق يتقادم بثلاث سنوات .
الثاني : أن هذا التقادم يبداء في السريان من يوم دفع الضرائب أوالرسوم بغير حق
3- التقادم الحولى ( السنوى ):
تنص المادة 378 مدني على انه ” تتقادم بسنة واحدة الحقوق الاتية :
1- حقوق التجار والصناع عن اشياء وردوها لاشخاص لايتجرون في هذه الاشياء وحقوق اصحاب الفنادق والمطاعم عن اجر الاقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم .
2- حقوق العمال والخدم والاجراء من اجور يومية وغير يومية ومن ثمن ما قاموا به من توريدات .
ويجب على من يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة أن يحلف اليمين على انه ادى الدين فعلا وهذه اليمين يوجهها القاضى من تلقاء نفسه وتوجه إلى ورثة المدين أو اوصيائهم أن كانوا قصرا بانهم لايعلمون بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء “
أ) حقوق التجار والصناع عن اشياء وردوها لاشخاص لا يتجرون فيها :
ومن ذلك ما يورده البقال أو الجزار أو صاحب الملابس أو الاحذية لعملائه
ويشترط لخضوع الحق لهذا التقادم :
1- أن يكون صاحب الحق تاجرا أو صانعا بالمعنى المتعارف عليه قانونا.
2- أن تكون الاشياء التي وردها التاجر أو الصانع متعلقة بتجارته أو صناعته .
3- أن تورد هذه الاشياء إلى اشخاص لا يتجرون فيها .
ب) حقوق اصحاب الفنادق والمطاعم عن اجر الاقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم :
ويبداء سريان تقادم كل حق منذ أن تكون له ذاتيته المستقلة وهو يعتبر كذلك بالنسبة لاصحاب الفنادق عند انتهاء اقامة العميل بالفندق فمنذ هذا الوقت يبداء التقادم في السريان وبالنسبة لاصحاب المطاعم عقب انتهاء العميل من تناول الطعام والشراب .
ج) حقوق العمال والخدم و الاجراء من اجور يومية و غير يومية ومن ثمن ما قاموا به من توريدات :
– العمال هم عمال المصانع و المتاجر و المزارع
– الخدم و الاجراء هم خدم المنازل وعمال الفنادق والمطاعم كما يندرج في الاجراء ضغار الصناع كالسباك والحداد والنجار وميكانيكى السيارات
فكل هؤلاء أن كان الحق يدفع لاى منهم فة مواعيد دورية كيوم أو اسبوع أو شهر فهو يتقادم وفقا لميعاد استحقاقه اما أن كان الحق يدفع له عن خدمة عارضة فهو يستحق بمجرد الانتهاء من العمل ويبداء تقادمه من هذا الوقت .
وجوب حلف اليمين كشرط للحكم بالتقادم :-
يقوم التقادم الحولى على اساس قرينة الوفاء الا انها قرينة ضعيفة , ذلك أن المألوففى التعامل أن يتقاضى هؤلاء الاشخاص حقوقهم بمجرد استحقاقها فاذا مضت سنة دون المطالبة بها فالراجح عقلا انهم يكونوا قد استوفوها فلا يطالب المدين بتقديم ما يثبت براءة ذمته خاصة وان العادة لم تجر على الحصول على مخالصات من مثل هؤلاء الدائنيين .
ونظرا لان هذه القرينة ضعيفة فقد اوجب المشرع على القاضى أن يوجه من يتمسك بالتقادم يمينا معينة يترتب عليها اثرا معينا .
ويختلف مضمون هذه اليمين حسب ماذا كان المتمسك بالتقادم هو المدين ذاته أو ورثته :-
– فاذا كان المتمسك بالتقادم هو المدين تسمى ” يمين الاستيثاق ” ويكون مضمونها أن المدين ادى الدين فعلا .
– اذا كان المتمسك بالتقادم هم ورثة المدين فأن اليمين توجه اليهم و تسمى ” يمين العلم ” ومضمونها انهم لا يعلمون بوجود الدين أو بحصول الوفاء .
واليمين في الحاتيين وجوبية على القاضى فيلتزم بتوجيهها من تلقاء نفسة
ويترتب على حلف اليمين احد اثران :
1- اما أن يحلف المدين أو ورثته انه ادى الدين اولا يعلمون بوجوده فينبغى على القاضى أن يحكم بانقضاء الدين بالتقادم .
2- اما أن ينكل من وجهت اليه اليمين عن الحلف وفى هذه الحالة يثبت الدين في ذمته ويحكم عليه به ويلتزم بالوفاء به ولا يتقادم بعد ذلك الا بمرور خمسة عشرة سنة من تاريخ صدور الحكم أو من وقت النكولاذا لم يصدر حكم .
الا انه في جميع الاحوال فأن هذه اليمين قاصرة على التقادم الحولى فقط ولا يمتد لاى تقادم اخر .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً