الإبداع – مفهومه القانوني :
– الإبداع ، ما هيته : عمل ذهنى وجهد خلاق يعبر عن موقف حر ّواع يتناول ألوانًا من الفنون والعلوم ، تتعـدد أشكالها وطرائـق التعبير عنها – ويتخذ ثوبًا ماديًا يتعدى المبدع ، ويؤثر فى الآخرين .
الإبداع – علميًا كان أم أدبيًا أم فنيًا أم ثقافيًا – ليس إلا موقفًا حرًا واعيًا يتناول ألوانًا من الفنون والعلوم تتعدد أشكالها ، وتتباين طرائق التعبير عنها ، فلايكون نقلاً كاملاً عن آخرين ، ولاترديدًا لآراء وأفكار يتداولها الناس فيما بينهم – دون ترتيبها أو تصنيفها ، أو ربطها ببعض وتحليلها – بل يتعين أن يكون بعيدًا عن التقليد والمحاكاة ، وأن ينحلّ عملاً ذهنيًا وجهدًا خلاّقًا، ولو لم يكـن ابتكارًا كاملاً جديدًا كل الجدة ، وأن يتخـذ كذلك ثوبًا ماديًا – ولو كان رسمًا أو صوتًا أو صورة أو عملاً حركيًا – فلاينغلق على المبدع استئثارًا، بل يتعداه إلى آخرين انتشارًا ، ليكون مؤثرًا فيهم.
[القضية رقم 2 لسنة 15 قضائية “دستورية” بجلسة 4/1/1997 جـ8 “دستورية” صـ241]
حرية الإبداع – حرية التعبير :
– الإبداع لا ينفصل عن حرية التعبير ، بل يتدفق عن طريق قنواتها ، ولا يكون على خلاف أهدافها ، وقهره عداون عليها .
البين من الأحكام التى انتظمها القانون رقم 35 لسنة 1978 فى شأن نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية، تغييها صون حرية الإبداع من خلال أدواتها فى قطاع المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية ، ليكون لكل منها نقابتها التى ترعى مصالح أعضائها العاملين بها ، وتكفل لمواهبهم وملكاتهم الذهنية الفرص التى تلائمها، وعلى الأخص من خلال تشجيعها وتقرير المزايا التى تخصها ؛ وكان الإبداع بذلك لاينفصل عن حرية التعبير، بل هو من روافدها ، يتدفق عطاءً عن طريق قنواتها ، ويتمحض فى عديد من صوره – حتى ماكان منها رمزيًا – عن قيم وآراء ومعان يؤمن المبدعون بها ويدعون إليها ، ليكون مجتمعهم أكثر وعيًا ، وبصر أفراده أحدّ نفاذًا إلى الحقائق والقيم الجديدة التى تحتضنها.
ومن ثم كان الإبداع عملاً إنشائيًا إيجابيًا، حاملاً لرسالة محددة ، أوناقلاً لمفهـوم معين ، مجاوزًا حدود الدائرة التى يعمل المبدع فيها ، كافلاً الاتصال بالآخرين تأثيرًا فيهم ، وإحداثًا لتغيير قد لايكون مقبولاً من بعض فئاتهم .
وما ذلك إلا لأن حرية التعبير لايجوز فصلها عن أدواتها ، وأن وسائل مباشرتها يتعين أن ترتبط بغاياتها، فلايعطل مضمونها أحد ، ولايناقض الأغراض المقصودة من إرسائها ، ولايتصور بالتالى أن يكون الإبداع على خلافها ، إذ هو من مداخلها ، بل إن قهر الإبداع عدوان مباشر عليها ، بما مؤداه : أن حريـة التعبير عن الآراء ونشرها بكل الوسائل المنصـوص عليهـا فى المادة (47) من الدستور ، إنما تمثل الإطار العام لحرية الإبداع التى بلورهـا بنص المادة (49) بما يحول دون عرقلتها ، بل إنها توفر لإنفاذ محتواها وسائل تشجيعها. ليكون ضمانها التزامًا على الدولة بكل أجهزتها.
[القضية رقم 2 لسنة 15 قضائية “دستورية” بجلسة 4/1/1997 جـ8 “دستورية” صـ241]
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً