المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والممارسة
د. أسامة بن سعيد القحطاني
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
من أهم المبادئ التي جاءت بها الشريعة الإسلامية هو مبدأ العدل مع المرأة وحفظ حقوقها، فحرَّمت كثيرا مما كان يفعله أهل الجاهلية من ظلم للمرأة. وكان من مظاهر ذلك؛ تحريم وأد البنات الذي كان يفعله أهل الجاهلية ازدراء للنساء، على الرغم من أن أغلب السور التي تحدثت عن هذا الأمر هي سور مكية وأغلب البنات اللاتي كان القرآن يدافع عنهن حينها من بنات المشركين! لم تفرق الشريعة بين الرجل والمرأة في كثير من الحقوق، فيما هما فيه متساويان في الواجبات.
وكان من عدل الشريعة أن فرقت بينهما فيما هما فيه مختلفان من حيث الواجبات أو الاحتياجات. فقد فرقت بينهما في العبادات؛ مثل الصلاة والصيام فقط عندما يطرأ طارئ يغير الحال بالنسبة للمرأة كالحيض، وكذا في النفقة من حيث وجوبها والرعاية للأبناء، وهكذا. كما أن الشريعة ساوت بينهما في كثير من الأمور من بينها؛ حق التملك، والاتجار وممارسة الأعمال، والذمة المالية، ولم يربطها الشارع بموافقة الزوج أو الأب والولي أبدا.
كما أن حقها في التقاضي أمام القضاء مساو للرجل أيضا، وكذا جميع الأمور المرتبطة بذلك من وكالات وما إلى ذلك، ولا يجوز التفريق بينهما في الحقوق إلا فيما فرق فيه الشرع صراحة، حيث إن الأصل هو المساواة. هذا التفريق والمساواة في كلتا الحالتين من تمام العدل الرباني الذي جاء به الإسلام، حيث إن من مقاصد الإسلام الكلية التيسير وعدم التضييق على العباد.
وفي نظري؛ أن التضييق على النساء في أي أمر من الأمور السابقة التي كفلها الإسلام لهن، وإلجاءهن أو اضطرارهن إلى التخلي عن هذه الحقوق المشروعة كالإلجاء إلى التوكيل مثلا واضطرارهن إلى عدم ممارسة العمل ونحوه، نوع من التعدي على ما أباحه الله تعالى وكفله لهن، الذي هو محرم في الشريعة العادلة بعدد من النصوص لا تخفى.
وفي حال الاستناد إلى مبدأ سد الذريعة في ذلك؛ فإنه يجب ألا يتعدى ذلك إلى استلاب ذلك الحق الثابت للمرأة أو حتى التضييق في ممارسته؛ لأن ذلك من التضييق فيما أباحه الله لداعي الحاجة أو الضرورة، والتضييق في ذلك يخالف العقل والشرع ويتعارض مع مصالح الناس الضرورية.
حيث إن ممارسة المرأة حقوقها أمر جبلي، وتفرضه الظروف والحاجات، كما هو الحال بالنسبة للرجل تماما. فللمرأة أن تعمل وتتاجر وتتقاضى أصالة أو وكالة، كما هي تأكل وتشرب وتنام.
ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تمنع المرأة من حقوقها الطبيعية بأي حجة كانت، خاصة أن كثيرا من تلك الأحكام عائدة في الحقيقة إلى العادة والوهم فقط.
اترك تعليقاً