مدة تقادم الدعوى الجنائية :
لقد نصت المادة (15/1) من قانون الإجراءات الجنائية المصري على أن: “تنقضي الدعوى الجنائية في مواد الجنايات بمضي عشر سنين من يوم وقوع الجريمة، وفي مواد الجنح بمضي ثلاث سنين وفي مواد المخالفات بمضي سنة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك” وقد سار على هذا المنوال المشرع الأردني في المادة (338) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، حيث حدد مدة التقادم في الجناية بعشر سنين والجنحة بثلاث سنين، وفي المخالفة، بسنة واحدة(1).
أما بالنسبة للمشرع العراقي فكما ذكر سابقاً بأنه لم يأخذ بتقادم الدعوى الجنائية كأصل عام، ولكنه استثنى من ذلك الجرائم التي يشترط لقيامها تقديم شكوى من قبل المجني عليه والتي نصت عليها المادة (3) الأصولية، فحددها بثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة أو زوال العذر القهري الذي حال دون تقديم الشكوى، كما أنه أخذ بتقادم الدعوى الجنائية في قانون رعاية الأحداث رقم (76) لعام 1983 في المادة (70) التي قررت انقضاء الدعوى الجنائية بمضي عشر سنوات في الجنايات وخمس سنوات في الجنح. ومن التحديد لمدة التقادم في التشريعات التي أخذت به كأصل عام، يتبين بأن المشرع قد أخذ بمبدأ تدرج مواعيد التقادم وفقاً لجسامة الجريمة المرتكبة.
وما يجدر ذكره بأن التشريعات التي أخذت بتقادم الدعوى الجنائية قد استثنت من هذه القاعدة بعض الجرائم، وهذا ما ورد في الفقرة الثانية من المادة (15) من قانون الإجراءات الجنائية المصري رقم (150) لعام 1950 حيث نصت على أنه: “أما في الجرائم المنصوص عليها في المواد (117، 126، 127، 282، 309) من قانون العقوبات والتي تقع بعد تاريخ العمل بهذا القانون، فلا تنقضي الدعوى الجنائية الناشئة عنها بمضي المدة“، والجرائم التي أشار إليها النص هي استخدام العمال سخرة، وتعذيب متهم لحمله على الاعتراف، ومعاقبة محكوم عليه بعقوبة لم يحكم بها أو بأشد مما حكم به، وحصول القبض بغير حق بزي مستخدمي الحكومة، والاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمواطن.
وهذا النص قد أضيف لاحقاً للمادة (15) إجراءات مصري تطبيقاً لنص المادة (57) من الدستور المصري لعام 1971 والتي نصت على أن: “كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية عنها بالتقادم، وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء“، فقد استبعد المشرع الدستوري هذه الجرائم من نطاق التقادم لخطورتها وإهدارها حقوقاً أساسية للمجتمع(2).
ولكن هذا الاستثناء لن ينال من القاعدة العامة الخاصة بتقادم الدعوى الجنائية التي أخذ بها المشرع المصري، كما أنه لن ينال من الأساس التي يقوم عليه التقادم على شرط أن يقتصر الأمر على الجرائم الواقعة من الموظفين العموميين والقائمين بأعباء السلطة العامة، وأن يلتزم المشرع معياراً دقيقاً في تحديد الجرائم التي يسري عليها الاستثناء من أحكام التقادم(3).
فاختلاف مدة التقادم في القانون الجنائي عنها في القانون المدني، هو إبراز لخصوصية تقادم كل منهما، وتصريحاً بذاتية القواعد الجنائية الإجرائية.
__________
1- ينظر: د. ممدوح خليل البحر، مبادئ قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان 1998، ص99.
2- ينظر: د . الدستور والقانون الجنائي، دار النهضة العربية، القاهرة 1992، ص72-73.
3- لمزيد من التفصيل ينظر: د. عبد العظيم مرسي وزير، الجوانب الإجرائية لجرائم الموظفين والقائمين بأعباء السلطة العامة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1987، ص505-510.
المؤلف : فاضل عواد محميد الدليمي
الكتاب أو المصدر : ذاتية القانون الجنائي
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً