مقال عن الآثار القانونية لـ كورونا
أن المتابع للواقع يجد أن الكل أصبح مشغولا بفيروس كورونا، وأصبح هو الشغل الشاغل لكل الدول والحكومات، وفي ظل هذه الظروف قامت كثير من الدول بتعليق دخول القادمين إليها، وقامت حكومة السودان مؤخرا بهذا الإجراء بحيث أصبح هذا الفيروس هو الشغل الشاغل لكل الدول.
يثير فيروس كورونا العديد من الإشكالات ذات الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والقانونية؛ ففى هذا المقال سوف نتناول الآثار القانونية لهذا الفيروس، فهذا الفيروس نتجت عنه مجموعة من العوائق والإكراهات في مجال المعاملات التجارية والمقاولات، فنجد معظم الدول قامت بإلغاء وتأجيل العديد من الرحلات الجوية وقامت المملكة العربية السعودية بإيقاف تأشيرة العمرة؛ وكذلك أغلبية الدول العربية قامت بالعديد من إجراءات الوقاية من انتشار الفيروس ومن هذه الاجراءات تم منع الأنشطة واللقاءات والتجمعات في الأفراح والاتراح ونتيجة لكل هذه الإجراءات سوف تسبب لبعض الشركات والأشخاص مجموعة من الأضرار؛ بحيث توجد تعاقدات بين أطراف يصعب تنفيذها في ظل هذه الظروف التي يعلمها الكل كما معلوم أن العقد شريعة المتعاقدين؛ وتنفيذ العقد احتراماً لقوته الملزمة؛ وكذلك لا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين غير أن تنفيذ العقود قد يكون في بعض الأحيان عرضة لتقلبات الظروف المصاحبة لتنفيذ العقد؛ فقد لا تبقى الظروف على حالها طوال مدة تنفيذ العقد فإذا طرأ تغير في هذه الظروف فإنه لا مجال للشك في أن هذا سوف يؤثر على التزامات الطرفين المتعاقدين؛ بحيث يجعل تنفيذ هذا الالتزام إما مرهقاً إرهاقا فاحشاً للمدين؛ مما يهدده بخسارة فادحة إن واصل التنفيذ على شكله الحالي، وأما مستحيلاً في التنفيذ ففى عقد التوريد مثلاً ففي مثل هذه الظروف ترتفع الأسعار بحيث يصبح السعر الذي يحصل به المدين في الالتزام على السلعة الملزَم بتوريدها؛ أكبر من السعر الذي يبيع به، وبهذا يصبح من المستحيل على المدين تنفيذ الالتزام؛ إذ أن ذلك يعرضه لخسارة فادحة تخرج من المألوف في العرف التجاري؛ وهو ما يعبر عنه باختلال التوازن الاقتصادي فنجد أن المشرع السوداني قد وضع في الحسبان حدوث ظروف يصبح معها تنفيذ الالتزام ففي قانون المعاملات المدنية السوداني لسنة ١٩٨٤ المادة ١١٧ قد نصت أنه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها، وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً صار مرهقاً للمدين؛ بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للمحكمة تبعاً للظروف وبعد الموزانة بين مصلحة الطرفين؛ أن ترد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلاً كل اتفاق خلاف ذلك؛ وذكر القانون في الفقرة الثانية من نفس المادة لا يعتبر الالتزام مرهقاً إلا إذا زادت الخسارة على ثلث الالتزام.
يوجد سؤال لابد من طرحه؛ هل يمكن أن يستفيد المتعاقد من نظرية الظروف الطارئة في ظل انتشار فيروس كورونا؟
بالنظر للظروف المحيطة بانتشار الفيروس نجد أنه أصبح مهددا للدول؛ وبسببه يصعب تنفيذ كثير من التعاقدات التي أبرمت؛ ونتيجة لهذه الظروف تم الإخلال بكثير من الالتزامات وما ينتج عن ذلك من إخلال بعقود كانت مبرمة ولكن أصبح من الصعب؛ بل من المستحيل تنفيذ هذه العقود في ظل هذه الأجواء؛ بحيث أصبحت كثير من الدول مغلقة على مواطنيها، وكثير من الشركات والمصانع أغلقت أبوابها وتوقفت عن العمل، وبهذه المعطيات أصبح تنفيذ بعض الالتزامات مستحيلاً؛ ولكن يبقى الحال بطبيعته أن المدين ملزم بإثبات أنه أصبح من المستحيل تنفيذ التزاماته.
الفيروس إلى لحظة كتابة هذا المقال في انتشار، ولم يتم اكتشاف مصل له، وهذا يعني أنه كثيراً من الالتزامات لم يتم الالتزام بها نتيجة للأوضاع.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً