التطـــــــور التاريخـــي لفكــــرة العمـــــل :
تطور مفهوم العمل عبر الحضارات حسب النظرة التي أعطيت له والمكانة التي يتخذها في المجتمع رغم أن نشأة فكرة العمل لازمت وجود وتطور الإنسان ككائن حي ، ورغم أن علاقات العمل بالمفهوم الحديث لم تتجلى إلا خلال الثورة الصناعية إلا أن تلك العلاقات ميزتها التغير موازاة مع تطور وتغيير الأنظمة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية للمجتمع .
وأهم المراحل التاريخية التي تستوقفنا عند دراسة التطور التاريخي لقانون العمل هي :
المطلب الأول : – مرحلة العصور القديمة : ( الحضارات القديمة ) .
عرفت الحضارات العمل بمفهومه التقليدي سواءا في الميادين الزراعية أو الصيد أو حتى الصناعات – كصناعة البرنز – وصناعة الأجر والأسمنت والخشب والزجاج والفخار والجلود ، وقد عرفت كذلك إزدهار في عدة علوم أخرى كالحضارة البابلية والفينقية والحضارة الرومانية التي كانت تقدس العمل وتبغض الركود والبطالة وصلوا إلى مجد عمراني حتى ساد مبدأ إجبارية العمل ووضع القس – سانبول – نظريته المشهورة ” الذي لا يعمل لا يأكل ” لكن نظام الرق حال دون إعطاء التكييف الحقيقي للعمال .
ورغم التجسيد الميداني لمفهوم العمل إلا أن حقوق وحريات العمال وكذا ضماناتهم لم تكن متوفرة في ظل هذه الحضارة كون هناك فئة نبلاء وفئة عبيد بدون أدنى حق .
عموما , ظهر أول أساس مادي للعمل في المرحلة الثانية من تطور المجتمعات البدائية , أي في ظل النظام الطبقي الذي تميز بصفة الإكراه الممارس على العبيد لآداء العمل , وظل هذا المفهوم المادي سائدا لفترة طويلة بسبب مقاومة وسيطرة طبقة الأسياد والأشراف للمحافظة على النظام الطبقي والإمتيازات التي منحوها لأنفسهم بالقهر والإستغلال .
مرحلــــــــة القــــــرون الوسطــــــى
تميزت هذه المرحلة بنظام الإقطاع لإرتكاز النشاط على القطاع الزراعي مستغلين فئة الأقناب أو العبيد مقابل الحماية من طرف السيد أو الإقطاعي .
ولم يعرف نظام الطوائف المهنية والتخصص الحرفي إلا بعد إزدهار المدينة فقد ظهرت نوع من الأعراف والقوانين تبين العلاقة بين الطرفين وظل الأمر إلى غاية قيام الثورة الفرنسية والتي أتت بمبادئ وفلسفة جديدة ليس في ميدان العمل فحسب بل في كل الميادين والقطاعات ،
والخلاصة أنه سواءا الفكر الرأسمالي أو الفكر الإشتراكي يعترفان بأن العمل هو العنصر الأساسي للإنتاج وهو المصدر الأساسي لكل الثورات التي ينتفع بها الإنسان رغم النظرة المختلفة للعمال ولرب العمل ، هذه التطورات الإجتماعية والإقتصادية ساهمت في إيجاد قانون العمل بالمفهوم الحديث والذي المطلب الثالث :
مكانة العمل في الإسلام :
على غرار الديانات السماوية السابقة أعطى الإسلام مفهوما خاصا للعمل بل إقترن العمل بالإيمان والعمل بالمنظور الإسلامي يحقق السعادة في الدين والنجاة في الآخرة ، هذا الإتجاه أكده القرآن الكريم والسة النبوية الشريفة والسلف الصالح .
أولا : – العمل في القرآن الكريم :
يحتوي القرآن الكريم على عدة آيات كريمة تعرضت للعمل علاقته بالإيمان وأخرى حول صنوف وأنواع العمل وأخرى في ميدان السعي والحث على العمل ” من عمل صالحا من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون .” ( 1 ) .
وعموما فقد كرس النظام الإسلامي مفهوما شاملا ومتكاملا للعمل يظهر من خلال الأحكام والقواعد الشرعية التي قررها والتي تربط في مجملها بين الجانب الروحي والجانب المادي للعمل
ثانيا : – العمل في السنة النبوية :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا فليتقنه .” وقال : ” أطلبوا الرزق في خبايا الأرض .” وقال صلى الله عليه وسلم : ” أفضل الأعمال الكسب الحلال . «
وقد تضمنت السنة النبوية أقوالا وأفعالا معاني القرآن الكريم وإعتناء الإسلام بالعمل وجاء في الحديث الشريف ” أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه .”
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً