مقال عن الطبيعية القانونية لإحالة الموظف إلى التحقيق بالقانون العراقي
إن قرار فرض العقوبة الانضباطية مهما بلغ ما يتصف به من حيدة وعدالة ، لا يمكن قبوله إلا إذا اتفق مع ما يوجبه القانون من إجراءات واجبة الإتباع عند فرض العقوبة الانضباطية على اعتبار إن تلك الإجراءات تشكل ضمانة للموظف المراد معاقبته انضباطيا ، ولعل أولى الخطوات التي تنطلق معها آلية الانضباط هي أحالة الموظف المنسوب إليه المخالفة إلى التحقيق أو التحقيق معه ، فما هي الطبيعة القانونية للإحالة إلى التحقيق وهل يعد هذا العمل قرارا إداريا أم عمل من طبيعة أخرى ؟
ابتداءا لا بد القول بان الإحالة على التحقيق لا يعد قرارا إداريا بل هو مجرد إجراء سابق لاتخاذ القرار الإداري والخاص بفرض العقوبة الانضباطية ، فهو يدخل ضمن الأعمال أو الإجراءات الواجب استيفائها قبل إصدار قرار فرض العقوبة الانضباطية وقد عده الفقه والقضاء المصريان مجرد إجراء من إجراءات التنظيم الداخل للعمل قصد به ضمان حسن سير العمل داخل المرفق العام .
ويترتب على ذلك عدم إمكانية الطعن بقرار الإحالة إلى التحقيق أمام القضاء الإداري بدعوى الإلغاء وذلك لاعتبارين :
الأول : هو إن الإحالة ليست قرارا إداريا إنما مجرد إجراء ممهد للقرار الإداري، على اعتبار إن الإحالة لا تحدث تغييرا في المراكز القانونية وهذا ما يشترط في القرار الإداري .
والثاني : هو انعدام المصلحة لدى الموظف بالطعن بالإحالة والمصلحة هي شرط من شروط قبول الدعوى حيث لا يؤثر هذا الإجراء على مركز قانوني للموظف وهذا ما أكدته محكمة القضاء الإداري في مصر في 12 / 3 / 1958
وبالتالي لا يجوز الطعن بالإحالة بمعزل عن الدعوى التأديبية، وهذا ما درجت على إتباعه المحكمة الإدارية العليا في مصر وأكدته بقرارها رقم د 1996 في 12 / 5 / 1984
أما في العراق فان إجراء الإحالة إلى التحقيق ليس واضح المعالم فلا تلجا الجهة الإدارية إلى إحالة الموظف إلى التحقيق إنما تلجا إلى إصدار قرار بتشكيل لجنة تحقيقيه للتحقيق بما منسوب للموظف من مخالفة ، وبالتالي تنطلق الإجراءات الانضباطية من هذا القرار ولا شك في كون تشكيل اللجنة التحقيقية يعد قرارا إداريا على الرغم من عدم وضوح قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 المعدل بخصوص هذه المسالة ، ولعل سبب عدم اللجوء إلى الإحالة في العراق هو ان الإحالة تفترض وجود جهة إدارية مختصة بمباشرة عملية التحقيق سابقة بالوجود على المخالفة وهذا ما نفتقده في العراق فقرار تشكيل اللجنة التحقيقية هو الذي يخلق جهة التحقيق وبالتالي يشكل في الوقت ذاته قرار بإنشاء جهة التحقيق وإحالة على التحقيق .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً