مقال عن سيادة القانون والتنمية
في إعلان الاجتماع الرفيع المستوى المعني بسيادة القانون، أشارت الدول الأعضاء إلى أن “سيادة القانون والتنمية أمران مترابطان بشكل وثيق ويعزز كل منهما الآخر، وأن النهوض بسيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي أمر أساسي لتحقيق النمو الاقتصادي المطرد الشامل للجميع، والتنمية المستدامة، والقضاء على الفقر والجوع وإعمال جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية على نحو تام، بما في ذلك الحق في التنمية، وهي أمور تعزز بدورها سيادة القانون”. ولذلك دعت إلى النظر في هذا الترابط في إطار خطة التنمية الدولية بعد عام 2015. وعلى الصعيد الدولي، تضع مجموعة الصكوك الدولية، بما فيها تلك المتعلقة بالتجارة الدولية والتمويل، وتغير المناخ وحماية البيئة والحق في التنمية، المعايير المتفق عليها دوليا التي تدعم التنمية المستدامة.
وعلى الصعيد الوطني، تُعد سيادة القانون أمرا ضروريا لتهيئة بيئة ملائمة لتوفير سُبل العيش المستدامة والقضاء على الفقر. وغالبا ما ينبع الفقر من عدم التمكين والإقصاء والتمييز. وتعزز سيادة القانون التنمية من خلال تعزيز أصوات الأفراد والمجتمعات، عن طريق إتاحة سُبل الاحتكام إلى القضاء، وضمان اتباع الإجراءات القانونية الواجبة وترسيخ سُبل الانتصاف فيما يتعلق بانتهاك الحقوق. ومن شأن تأمين سُبل المعيشة والمأوى والحيازة والعقود أن يمكِّن الفقراء ويجعل في استطاعتهم الدفاع عن أنفسهم في حال وقوع أي انتهاكات لحقوقهم. ولا يقتصر التمكين القانوني على توفير سُبل الانتصاف القانونية بل يدعم تحسين الفرص الاقتصادية.
ولكي تعزز سيادة القانون نتائج التنمية المستدامة، يجب أن تكفل الحماية لجميع حقوق الإنسان، بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والحق في التنمية. وفي حين يمكن أن توفر “السيادة بالقانون” إطارا قانونيا ويقينا تعاقديا وآليات لتسوية المنازعات تدعم النمو الاقتصادي والتنمية، فلا يمكن إلا لسيادة القانون وحدها، المتسقة مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، أن توفر تنمية تكون أيضا شاملة ومستدامة.
ووفقا لما أكده المقرر الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار، فإن التجارب الحديثة تبرهن على أن الجهود الإنمائية الضيقة التي تستبعد الاعتبارات المتعلقة بالعدالة والحقوق لا تحقق التنمية البشرية المستدامة (A/68/345، الفقرة 64).
وأبرزت الجمعية العامة، في جملة أمور، أهمية وصول الجميع إلى العدالة، وشجعت، في هذا الصدد، على توطيد وتحسين إقامة العدل وشددت على أن احترام سيادة القانون وحقوق الملكية وانتهاج السياسات والأطر التنظيمية الملائمة يشجعان على إنشاء المشاريع التجارية، بما في ذلك ريادة الأعمال الحرة، ويسهمان في القضاء على الفقر.
ويمكن أن يقدم تحسين أمن حيازة الأراضي والممتلكات مساهمة حاسمة لضمان التقدم الاجتماعي والاقتصادي في البيئات الريفية والحضرية، ودعم الحد من الفقر وتعزيز المساواة بين الجنسين والسلام والأمن. وتهيئ حيازة الأراضي، بما في ذلك مجموعة واسعة من أنواع الحيازة الملائمة للظروف والاحتياجات المحلية، مثل حقوق الملكية المشتركة وحماية مشاعات الموارد، جوا من الطمأنينة حول ما يمكن عمله بالأراضي أو الممتلكات واستخدامها، ويمكن أن تزيد الفرص والفوائد الاقتصادية من خلال الاستثمار، وتحسين الصحة، والاستقرار المالي والسلامة الشخصية.
وبصورة أعم، يُعد ضمان سيادة القانون في استغلال الموارد الطبيعية عاملا أساسيا في ضمان النمو الاقتصادي الشامل والمستدام والتنمية وفي احترام وحماية وإعمال حقوق الإنسان للأفراد. ويمكن أن تكون الموارد الطبيعية التي تُدار بشكل مستدام وشفاف محركا للرفاه الاقتصادي وأساسا للاستقرار والسلام في المجتمعات. وتستلزم الموارد، مثل الموارد المائية العابرة للحدود، درجة عالية من التعاون بين البلدان المشاطئة وأطرا قانونية مناسبة لدعم الإدارة المستدامة. والإدارة السليمة للموارد الطبيعية، وفقا لسيادة القانون، هي أيضا عامل رئيسي في تحقيق السلام والأمن، يبرز الترابط بين الركائز الثلاث لمنظومة الأمم المتحدة. ويزداد خطر نشوب نزاع عنيف عندما يسبب استغلال الموارد الطبيعية أضرارا بيئية وفقدانا لسُبل المعيشة، أو عندما توزّع الفوائد على نحو غير متكافئ. وتحقيقا لهذه الغاية، يُمكن أن يتسم ضمان مساءلة القطاع الخاص عن أنشطته، فضلا عن دعم القطاع الخاص لتوطيد سيادة القانون، بأهمية بالغة.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً