مقال عن فرض سيادة القانون للقاضي عبد الستار بيرقدار .
إن سيادة القانون لا تتعلق بالدولة واجهزتها فقط بل بكل فرد في المجتمع، كما ان هيبة الدولة لا يعني قطعا جبروتها ولا انعزاليتها وترفعها وانفصامها عن الناس بل هي حاجة مجتمعية وضرورة وطنية.
إن مسؤولية تطبيق وإنفاذ سيادة القانون بمساواة وعدالة ونزاهة تقع على عاتق الدولة ولكن في الوقت نفسه يتحمل كل مواطن مسؤولية ممارسة وترسيخ سيادة القانون في حياته اليومية، لان سيادة القانون لا تتعلق بالدولة واجهزتها فقط بل بكل فرد في المجتمع, حيث مبدأ سيادة القانون لا يمكن أن يمارس بانتقائية بل بتعزيز سيادة القانون والقضاء العادل باعتبار ذلك الطريق الوحيد لتعزيز هيبة الدولة.
على هذا الاساس لابد ان نعمل على فرض هيبة الدولة وترسيخ معايير يفترض ان يحتكم اليها الجميع تستند الى قاعدة سيادة القانون وعدالة القضاء، فامامنا مهمة مقدسة وواجب وطني يتجلى بترسيخ قيم الدولة وهيبتها حفاظا على قدسية الدستور والقانون ووحدتنا الوطنية واستقرارنا الاجتماعي، ولا بد من تضافر جهود الجميع، لتعزيز قيم الالتزام بالنظام وسيادة القانون، لانه الطريق الصحيح، لبناء الوطن وتعزيز مسيرته، ومحافظته على حقوق وكرامة الانسان.
لاشك ان نقيض غياب هيبة الدولة هو الفوضى والانفلات والخروج على القانون وحماته من رجال القضاء الامن والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة والعبث بمقدرات الوطن وهي ممارسات تشكل خروجا على روح المواطنة، وتشيع ثقافة اليأس عند الناس.. والتطاول على الدولة واجهزتها ومؤسساتها ليس من حرية الرأي والتعبير ولا يمت للديمقراطية وقيمها بصلة مطلقا؛ فهذا اخلال بالنظام وتجاوز على القانون وقيم المجتمع. المطلوب منا جميعا مواجهة الممارسات والافعال والاعمال الاجتماعية التي تضر بمكونات المجتمع الاساسية وتنميته وتقدمه ورفع شعار «فرض سيادة القانون» على الجميع بعدالة ودون اي تهاون، ومن اجل ذلك يتوجب اتخاذ جميع الخطوات القانونية المتاحة لتطبيق القانون وتحفيز المواطنين على الابتعاد عن الممارسات الخاطئة التي تهدد امن المجتمع.
فالدعوة الى الحفاظ على هيبة القضاء والدستور والقانون لا يعني أن هناك توجها ديكتاتوريا واستبداديا.. لا يجب التضييق على حرية الصحافة والإعلام وينبغي منحها سقفا كبيرا في مجال التعبير عن كل قضايا وهموم الوطن والمواطن والنقد البناء لكل ممارسات السلطة وأجهزتها المعنية والاستفادة من النقد البناء والهادف في التصحيح والإصلاح لكن عندما تبدأ الدخول في المحظور ينبغي محاسبتها.. والمحظور طبعا ليس النظام السياسي أو السلطة والحكومة وإنما المحظور هو الثوابت الوطنية المتعلقة بالوحدة الوطنية والتلاحم الوطني.
وبالتالي نحن أحوج ما نكون اليوم إلى إعادة الاعتبار لهيبة الدولة والنظام والقانون والدستور حتى نحافظ على وحدتنا الوطنية وأمننا واستقرارنا ونتصدى لكل مظاهر الفساد سواء كان سياسيا أو حزبيا أو ماليا أو إداريا.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً