مقال عن قانون الحجر الصحي بين خصوصيات الماضي ومتطلبات الحاضر
نهجت معظم الدول مساطر غير مسبوقة لمكافحة مرض 19 covid و أولهم كانت الصين التي وضعت إقليم هوبي بأكمله تحت الحجر الصحي فحاولت بعض الدول تكرار التجربة الصينية ,غير أن السلطة و النفوذ كانت العائق للقيام بهذا النهج.
فمثلا إيطاليا اتخذت أشد الإجراءات, حيث وضعت السلطات البلد بأسره رهن الحجر الصحي، غير أن هناك بعض الدول التي تصدت للأمر دون إغلاق البلاد، ككوريا الجنوبية، إذ أجرت فحوصات لمئات الآلاف في الطرق، وبذلك سجلت انخفاضا في عدد الحالات كنتيجة لاستراتيجية الخوف على اقتصادها, بالإضافة الى أن التطور الذي وصلت له هذه الاخيرة هو ما يسمح لها باتباع هذه الخطة.
فما يجب تعلمه من هذه الدول هو السرعة في رد الفعل ونشر الوعي بين الناس وهذه الإجراءات أسست لها هذه الدول بقوانين وتشريعات تؤطر حالة الطوارئ الصحية ولعل بريطانيا أحسن مثال بتمريرها تشريع يسمح بالعزل الإجباري ,كما أنها تعتزم على اتخاذ قرار يسمح لرجال الأمن استخدام السلاح لردع الأشخاص الظاهر عليهم أعراض الفيروس في عرض حصري لأحدث المسلسلات حالة استمرارهم مخالفة ضوابط الحجر الصحي.
زيادة على ذلك نواكب ما قامت به الجمهورية الفرنسية بنشر مرسوم رقم 2020/260 بتاريخ 16 مارس 2020 الذي ينظم التجوال في مناطق 19-covid ،وكما لا يخفى على متتبعي الشأن المحلي فالمملكة المغربية شرعت في تطبيق الحجر الصحي، إلا ان الذي يطرحه المتعلقين بالشأن القانوني هل الدولة المغربية قامت بمأسسة هذا الإجراء على أرضية قانونية معينة؟ وفي حالة التأكيد ما هو هذا الإطار القانوني؟ وماهي أبرز تغراته؟ كيف يمكن تجاوزها ؟
فكما توقعنا سابقا أعلن المغرب بالفعل عن حالة الطوارئ الصحية سائر نهج الدول السابقة، بل وكان أكتر احترازا ،وقد فعل هاته الإجراءات رغم عدم تجاوز المغرب لدرجة خطورة تفشي الوباء وحدود الحالات في 96 حالة بتاريخ 21مارس ، وكان السبب في هذا الاحتراز هو استفادة المغرب من التجارب السابقة للدول التي مر منها هذا الوباء.
الا ان الملاحظ ان الأساس القانوني المنظم لممارسة هذا الإجراء اعتبره البعض بمثابة الشيخ الهرم الذي ارغمته الحياة على العودة إلى العمل ويتعلق الأمر بالمرسوم الملكي رقم 56.554 بتاريخ 26 يونيو 1967 بمثابة قانون يتعلق بوجوب التصريح ببعض الأمراض و اتخاذ التدابير الوقائية للقضاء على هذه الأمراض والذي يشتمل على 6 فصول.
ولقد حدد كيفية تطبيق هذا المرسوم الملكي والذي يتم بقرار من وزير الصحة- رقم 65.511 بتاريخ 27 يونيو 1967 ، -إذ حدد لنا الأمراض التي يجب التصريح بها عملا بالمرسوم الملكي ،وهي أولا الأمراض الجاري عليها الحجر الصحي والتي أجملها في هذه الأمراض كالطاعون و الكوليرا وحمى الصفراء الجدرية التيفوس الوبائي… وأضاف ثانيا الأمراض ذات الصبغة الاجتماعية واجملها في السل الرؤوي، الزهري وحمى المستنقعات و اخيرا الأمراض
المعدية او الوبائية كالشلل، السليان الابيض، الكزاز… و هذه الأمراض تجدر الإشارة الى أنها جاءت على سبيل المثال لا الحصر.
كما جاء أيضا في الفصل الثاني أنه يجب التصريح بالأمراض المتجلية في شكل وبائي وهذه التصريحات يقوم بها الأطباء وذلك بالادلاء بها في ورقة التصريح المطابقة للنموذج الأول الملحق بهذا القرار.أما المستخدمين الطبيين فخصص لهم ملحق ثاني بشكليات مغايرة عن الاولى .
وتجدر الإشارة الى أن هذه الأمراض يترتب عنها التطهير الإجباري ذلك أن هناك بعضة الأمراض يستعمل إجباريا مبيدات الحشرات كالطاعون و حمى المستنقعات… ، المؤكد لنا ان هذا المرسوم و القرار والذي يحدد في تطبيقه يختص بقطاع الصحة بشكل متواضع الا أنه لا يحيط علما الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية وحتى الزجرية ،الأمر الذي يستوجب معه على المشرع تمرير قانون و بسرعة بسب هذه الظرفية, و يجب تجاوز طريقة التصويت التقليدية في مجلس النواب و المستشارين وكذلك فرض التصويت عن بعد لتفادي الاحتكاك في ضل هاته الظروف .
غير أن هذا القانون يجب أن يكون يسيرا بالنسبة للقطاع الصحي بترك المتقاعدين والمختصين في هذا المجال الإمكانية للولوج للمستشفيات ولما لا السماح لطلبة الطب و التمريض إمكانية العمل لسد الخصاص في ظل هذه الأزمة.
لكن التساؤل هل سيشمل حماية المستأجرين من الافراغ بسبب هذه الأزمة الاقتصادية، أو على الأقل إتباع نهج الجارة فرنسا والتي أسست للإستمارة الخاصة بالتجوال إطارا قانوني وهو المؤرخ في 16 مارس 2020 والذي لم يتجاوز 4 فصول إذ جاء بوضع تدابير خاصة لمنع انتشار الفيروس، وترك للقوة العمومية اتخاذ الاجراءات القانونية المتطلبة حسب الظروف،أي أن الإستمارة كان لها أساس قانوني، ما يدفعنا للتساؤل أيضا هل الاستمارة التي وضعتها وزارة الذاخلية رهن طلب المواطنين والتي لم يتوصل بها العديد من الساكنة الأمر الذي حتم عليهم النزوح لأزقة الشوارع بعشوائية وعدم إتباع تعليمات السلطات و البحت عنها من شأنها التأسيس لأفعال يمكن وصفها بالإجرامية وهل يمكن وصف هذا الخروج بالعصيان المجرم وفق الفصل 300 طبقا لمقتضيات القانون الجنائي،أو أنه يمكن تكييفه بمقاومة تنفيذ أشغال أمرت بها السلطة العامة ،والذي يعاقب عليه من شهرين الى 6 أشهر وفق للفصول 688 من نفس القانون، وهو الأمر الحاصل حاليا إثر عدم التوصل بعض الساكنة بالاستمارة مما يشكل عائقا للبقاء في المنازل، في حين كان أولى أن تساير السلطات المختصة إجراءاتها الإحترازية بتوفير هذه الاستمارة على المواقع الالكترونية والمنصات أو بوابتها الرقمية عبر شبكة الإنترنت وتوفير خاصية المصادقة عليها بالامضاء الاكتروني في إطار الادارة الاكترونية التي جاء بها المخطط الاستراتيجي “المغرب الرقمي” لتفادي الاحتكاك والخروج وخرق الحجر الصحي وبذلك تفاذي مجموعة من المشاكل التي عرفتها بعض الأحياء خاصة الشعبية.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً