مقال عن لمحة تاريخية عن نشأة حالة الطوارئ
إن أول إعلان للأحكام العرفية في سوريا بعد استقلالها عن فرنسا كان بتاريخ 15/5/1948 , وكان ذلك بمناسبة حرب فلسطين يومها صدر القانون رقم /400/ وبذات التاريخ صدر القانون /401/ القاضي بإعلان الأحكام العرفية في أراضي الجمهورية العربية السورية, وحدد مفعولها بستة أشهر من نشره, وصدر بعد هذا الإعلان عدد من القرارات التنفيذية لهذا القانون منها ما يتعلق باعتقال الأطباء والممرضين والمهندسين كذلك صدر أيضاً قرار يتعلق بمنع دخول المصورين للاماكن المجاورة للاماكن العسكرية .
وبتاريخ 22/6/1949 صدر المرسوم التشريعي رقم /150/ والمتعلق بتنظيم الإدارة العرفية , والذي استوعب ما ورد بالقانون رقم /400/ بالكامل ولم ينص صراحة على إلغائه .
في مرحلة الوحدة مع مصر صدر المرسوم التشريعي رقم /162/ تاريخ 27/9/1958 لتنظيم حالة الطوارئ التي جاءت بها حكومة الوحدة .
وفي 22/12/1962 صدر في سوريا قانون الطوارئ رقم /51/ فألغى القانون رقم /162/ ولا يزال ساري المفعول حتى الآن إلا انه لم يلغي الحالة الناشئة عن القانون رقم /162/
ويفهم مما تقدم أن حالة الطوارئ سارية المفعول في بلادنا ليس منذ تاريخ استلام حزب البعث للسلطة فحسب , وإنما قبل ذلك بسنوات عديدة تعود للأيام الأولى من مرحلة الوحدة مع مصر .
وجدير بالذكر أن قانون الطوارئ جعل رئيس مجلس الوزراء حاكماً عرفياً ومنحه الصلاحيات التالية :
1. وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والإقامة والتنقل والمرور في أماكن وأوقات معينة .
2. مراقبة الرسائل والمخابرات أياً كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والملفات والرسوم والمطبوعات والإذاعة .
3. تحديد مواعيد فتح الأماكن العامة وإغلاقها .
وبموجب قانون الطوارئ تحال إلى القضاء العسكري ومهما كانت صفة الفاعلين أو المحرضين أو المتدخلين الجرائم الآتية :
أ. مخالفة أوامر صادرة عن الحاكم العرفي .
ب. الجرائم الواقعة على امن الدولة والسلامة العامة من المادة (260 حتى 339 ) من قانون العقوبات .
ج. الجرائم الواقعة على امن السلطة العامة من المادة (369 حتى 387 ) من قانون العقوبات .
د. الجرائم المخلة بالثقة العامة من المادة ( 427 حتى 459 ) من قانون العقوبات .
ه. الجرائم التي تشكل خطرا شاملا من المادة (573 إلى 586) من قانون العقوبات
وفي حال صدور قرار بإلغاء حالة الطوارئ لم تعد لرئيس الوزراء صفة الحاكم العرفي , ولم يعد له أي سلطة في مجال التوقيف العرفي , ويكون الدور كاملا للقضاء والسلطة العدلية .
إذ انه في تلك الحالة لا يمكن توقيف أي شخص إلا وفق الحالات :
أ. حالة الجرم المشهود : يمكن توقيف الفاعل (المشتبه به) من قبل عناصر الضابطة العدلية (الشرطة) على أن لا تتجاوز مدة توقيفه (24) ساعة, ليعرض بعدها الضبط على السلطة القضائية ممثلة بالنيابة العامة, التي تقرر إما تمديد الضبط والتوقيف لمدة معينة لاستكمال التحقيقات أو الإفراج عن المقبوض عليه لعدم قيام الدليل الجرمي , أو إحالة الفاعل مع الضبط إلى القضاء كون التحقيقات الأولية قد انتهت .
ب. أما في حالة غير ما ذكر أعلاه :
يكون ذلك بناء على شكوى تقدم من المتضرر إلى النيابة العامة التي لها أن تحيل الشكوى إلى الضابطة العدلية المختصة لا اخذ أقوال الأطراف, وإعادة الضبط خلال أربع وعشرين ساعة حيث تقرر السلطة القضائية فيما إذا كانت ستحاكم المدعى عليه موقوفاً أو طليقاً .
كما انه لا يمكن توقيف أي شخص من قبل عناصر الشرطة أو الجهات الأمنية إلا بعد إعلام السلطة القضائية الممثلة بالنيابة واخذ الموافقة على التوقيف والتفتيش للمنازل أو لمراقبة المخابرات الهاتفية .
وباعتقادنا انه من الأفضل وقبل إلغاء حالة الطوارئ وضع قانون بديل يكون اخف وطأة ويأخذ بالاعتبار حالة الديمقراطية في الجمهورية العربية السورية .
على أن يكون هذا القانون متدرج بالحالات الديمقراطية, أي بمعنى أدق أن تكون مواده مزيلة لأثر الأحكام العرفية بشكل تدريجي إلى أن نصل في النهاية إلى تحقيق الديمقراطية الكاملة, بعد زيادة الوعي الديمقراطي للمجتمع إذ انه لا يمكن أن ترفع حالة الطوارئ دون أن يكون هناك قانون يسمح للدولة بحماية ممتلكاتها من تخريب العابثين بالأملاك العامة .
وبالتالي لا يمكن رفع حالة الطوارئ دون أن يكون هناك قانون يحمي الدولة من العبث بممتلكاتها واقتصادها من قبل العابثين والمندسين .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً