مقال عن ملكية الطبقات في التشريع التونسي.
إعداد : الأستاذ تميم خذير
(متفقد مركزي للملكية العقارية ببن عروس)
يتميز النظام القانوني لملكية الطبقات في تونس بإزدواجية بين نظامين: نظام السفل والعلو(1)وبين نظام البناءات العمودية(2) هذه الازدواجية لا تنفي التعايش بين النمطين الأول مغرق في التاريخ ومن استنباطات الفقه الإسلامي مازال العمل به في أحياء المدن القديمة والثاني جاءنا من التشريع الفرنسي الذي حاول تقنين هذه الملكية واحاطتها بجملة من الواجبات المحمولة على المتساكنين سواء في إدارة المشترك منها أومن خلال الملكية الخاصة
نظام السفل والعلو:
ينطبق هذا النظام على البناءات ذات الشكل التقليدي “الديار العربي” أو الفيلات ذات الطوابق، وهذه البناءات لا تمثل عمارات بالمفهوم الفني للكلمة
تاريخيا كان الفقه الإسلامي سباقا في إقرار ملكية الطبقات وتنظيمها، حيث أجاز أن يكون السفل لمالك، والعلو لمالك آخر، وبذلك تكون ملكية كل طبقة شاملة لكل الأجزاء بصورة مستقلة عن الطبقة الأخرى، وليس بينهما إلا حقوق ارتفاق وجوار متبادلين.
وهكذا فقد أجاز الفقهاء تملك الشقق والطبقات عملا بالقواعد العامة في الفقه الإسلامي الذي يجيز بيع الأموال، ويجيز تملكها مفرزة أو شائعة، كما يجيز تقرير حقوق الارتفاق عليها،حيث منح صاحب الفوقاني حق القرار على التحتاني، وصاحب التحتاني حق السقف على الفوقاني، وليس لأحدهما أن يفعل شيئا مضرا إلا بإذن الآخر، ولا أن يهدم بناءه بنفسه.
بل تحدثت نصوص الفقه الإسلامي عن بيع الهواء، وهو يتضمن بيع الفراغ الذي يعلو الأدوار، وفي هذا الشأن يقول ابن عاصم في تحفته:
وجازا أن يشتري الهواء لأن يقام معه البنــاء
وهذا النمط من البناء ليس له تقنين خاص في القانون التونسي سوى الإشارة الواردة صلب الفصل الأول من الأمر العلي المؤرخ في 17 فيفري 1957 والمتعلق بالملكية المشتركة للعمارات المقسمة إلى طوابق.
علما وأن هذا الأمر قد ألغيت فصوله من 10 إلى 29 وأضيفت إلى مجلة الحقوق العينية ولم يبق منه سوى الفصول من 01 إلى 09.
ويقوم نظام الملكية داخل هذا الصنف من البناءات العمودية على استقلالية مالك العلو عن مالك السفل بمعنى أن يكون كل من صاحب العلو والسفل مالكا لطبقته ملكية مفرزة أرضا وسقفا وحوائط.
فيملك صاحب السفل الأرض التي أقيم عليها البناء إلى حد السقف لتبدأ ملكية صاحب العلو من أرضية بنائه المقامة على سقف صاحب البناء السفلي إلى حدّ السطح.
البناء العمودي:
نظمت مجلة الحقوق العينية صلب فصولها من 85 إلى 102 البناءات العمودية التي تخضع إلى نظام ملكية الطبقات وهي العمارات ومجموعة العمارات والمركبات العقارية دون التطرق لمفهوم العمارة أو لمفهوم المركب العقاري
العمارة حسب التعريف الفقهي بمفهومها التقني هي كل بناء زاد ارتفاعه عن ارتفاع الأرض وقسم إلى عدة وحدات معمارية أي طوابق أو شقق أو محلات
ومن خصائص هذه البناءات إفراز صنفين من الأجزاء:
أجزاء مفرزة : وتتمثل في الطابق أو الشقة أو المحل التجاري.
– أجزاء مشتركة ومشاعة : وتتمثل في الأرض المقام عليها البناء والمساحات والممرات الخارجية والحدائق والفضاءات والمعابر والتجهيزات والقنوات والسلالم والمصاعد وبيت الحراسة والصحون والسطوح وغيرها من الأجزاء المخصصة لاستعمال كافة الشركاء (الفصل 85 الفقرة 2 )
– ويخضع الإشهار في إطار نظام ملكية الطبقات إلى مقتضيات الفصل 99 من مجلة الحقوق العينية الذي يقتضي أن يتم الترسيم بطريقة الاستخراج بمعنى انه يستخرج من الرسم الأصلي رسوم عقارية على عدد الأجزاء المفرزة أي عدد الشقق والمحلات وغيرها اعتمادا على أمثلة هندسية معدة من قبل ديوان قيس الأراضي ورسم الخرائط أو من قبل مهندس مصادق عليه وهو ما قد يراه البعض يهم النظام العام.غير ان جريان العمل وامام المصاريف الباهضة التي ترافق عملية التقسيم واعداد الأمثلة الهندسية يلجؤ البعض الى تغيير التجرئة العامة للعقار من امتار الى أجزاء واضافة مساحة العلو الى المساحة الجملية للعقار مما يترتب عليه نظام هجين لا يراعي لا حقوق الارتفاق المتعلقة بالطوابق ولا بملكية السطوح والمشترك..
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً