مقال قانوني – التمييز بين الأجراء وآثاره على تحقيق العدالة الاجتماعية بالمقاولة

بقلم ذ محمد المعاشي

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

باحث مختص في قانون الشغل
بعد أن وقفنا في الجزئين السابقين على” مبدأ الحق في المساواة بين الأجراء في ظل التشريع الدولي والعربي والمغربي” و على ” إنعدام مبدأ المساواة وانتشار التمييز بين الأجراء داخل المقاولة”

فإننا سنقف في هذا الجزء الثالث والأخير على “التمييز بين الأجراء و آثاره على تحقيق العدالة الاجتماعية بالمقاولة”

الجزء الثالث
التمييز بين الأجراء وآثاره على تحقيق العدالة الاجتماعية بالمقاولة
إذا كانت العدالة الاجتماعية ترتكز على عدة أسس، أهمها المساواة في الحقوق والواجبات وعدم التمييز بين الأفراد أمام القانون، وتكافئ الفرص، وتولي مناصب المسؤولية، والحصول على المكاسب، والامتيازات والفوائد، فإن ما هو سائد في العديد من المقاولات والمؤسسات هو نهج المشغل في إدارة أعماله لسياسة التمييز بين الأجراء، من نفس اللون ونفس الجنس ونفس العقيدة، وبمعنى أوضح من نفس الفئة المهنية التي تزاول نفس العمل والمهمة والمسؤولية، والمصنفة في نفس الإطار، وفي نفس المستوى والأقدمية، حيث العمل من نفس القيمة، وبالتالي فإن هذه السياسة الممنهجة تقف عائقا في وجه تحقيق العدالة الاجتماعية داخل المقاولة

إن غياب المساواة في الحقوق بين الأجراء داخل المقاولة، والتغاضي والتجاوز في تطبيق القانون، يؤدي لا محالة إلى انتشار المحسوبية والزبونية والمحاباة والرشوة في الحياة العامة، وإلى الشعور بالتذمر، وإلى انعدام تكافؤ الفرص، وإلى انتشار الظلم والطغيان، والانتقام من الاجراء الذين لا يتفقون المشغل مع سياسته التدبيرية للمقاولة، والتحرش والابتزاز، وانتشار الفساد بجميع أنواعه، حيث التمييز بين الأجراء بالمقاولة غالبا ما يتجلى في منح امتيازات مالية وعينية لفئة دون أخرى، كالترقية في مناصب المسؤولية، والزيادة في الأجر بصفة مستمرة، والرفع من التعويضات والمنح التي يستفيد منها الأصدقاء والمقربين وذوي النفوذ، وتلبية طلبات الانتقال لفئة من الأجراء دون الأخرى، والتعسف على فئة من الأجراء عن طريق نقلهم لمصالح أخرى وما يترتب عنها من حالات اجتماعية واضطرابات نفسية أو إحالتهم على المجالس التأديبية أو فصلهم تعسفيا، واستفادة البعض من امتيازات اجتماعية، والتكوين لشريحة من الأجراء على حساب الشريحة الأخرى، وإقصاء البعض من الانخراط في الضمان الاجتماعي الخ

فضلا عن أن خرق المشغل لمبدأ المساواة في تدبيره للرأسمال البشري، ونهجه للسياسة التفضيلية، وما ينعكس ذلك على نفسية الأجراء نظراً لغياب العدالة الاجتماعية داخل المقاولة، غالبا ما يترتب عنه بروز فئة من الأجراء يعارضون سياسة المشغل في إدارة أعمال المقاولة، مما يضطر المشغل إلى خلق جماعة ضغط من الأجراء لتأييد سياسته والتستر على فساده المالي، بعد إغرائهم وغدقهم بامتيازات مادية ومعنوية خارج القانون، وبالتالي فإن السياسة التمييزية بين الأجراء داخل المقاولة نتيجة غياب تحقيق العدالة الاجتماعية، هي من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى خرق مبدأ تكافئ الفرص، وما ينعكس ذلك بصفة أوتوماتيكية على مردودية العمل وعلى تنمية المقاولة، وفي الأخير تفتقر المقاولة للتوازن الاجتماعي الذي ينبني على تحقيق العدالة الاجتماعية

وعليه، إذا كان غياب العدالة الاجتماعية لها آثار على نفسية الأجراء(1)، فما هي الأطراف التي تساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن الاجتماعي بالمقاولة؟( 2

غياب العدالة الاجتماعية وآثارها على نفسية الأجراء
إذا كانت الحرية في تسيير المقاولة، فإنه لا يجب أن يتم وفق رغبات المشغل، ومساعديه المفوض لهم سلطة التدبير للتحكم في جميع دواليب الإدارة، حيث إفراطهم في التسيير يعد من الأسباب التي قد تؤدي لا محالة إلى خلق فوارق طبقية بين الأجراء، وبالتالي أن القرارات التي يتخذها المشغل في شأن تدبير الرأسمال البشري، غالبا ما تكرس سياسة التمييز بين الأجراء وما ينتج عنها من خرق للقوانين التنظيمية في مجال الشغل من جهة، ومن جهة أخرى، التعسف على فئة من الأجراء، وبالتالي يفضي ذلك إلى إقصاء الكفاءات الداخلية بالمقاولة، نظرا لإنعدام تحقيق العدالة الاجتماعية، وغياب هذه الأخيرة يؤدي بصفة مباشرة إلى فقدان تحقيق كل من التوازن الاجتماعي و السلم الاجتماعي بالمقاولة

إن غياب تحقيق العدالة الاجتماعية نتيجة انتشار التمييز بين الأجراء داخل المقاولة، يؤثر سلبا على نفسية الأجراء الذين يتعرضون للتمييز من طرف المشغل، حيث يتولد عنه ضغط نفسي، ناهيك عن ضغط العمل الذي تتعرض له هذه الفئة المقصية، وهذا قد يعرض هذه الأخيرة لحالات من الاضطراب والقلق والإحباط، الذي يؤثر على حالتهم الصحية والنفسية والفكرية والسلوكية، وأحيانا الإقدام على الانتحار أو محاولة الانتحار أو ارتكاب جرائم في حق زملائهم أو رؤسائهم، وهناك حالات عديدة عرفتها المقاولات والمؤسسات في هذا الشأن وعرضت على القضاء

ونظراً لخطورة هذه الظاهرة، وأمام غياب إحصائيات وأرقام رسمية توثق لذلك، دفع بالبعض إلى تأسيس جمعية() التي تعد الأولى من نوعها في المغرب تعني بضحايا الضغط النفسي في أماكن العمل، والتي تهدف إلى تحسيس المقاولات إزاء هذه المخاطر، وتوفر الرعايا والمتابعة النفسية اللازمة للضحايا، وفي ظل الفراغ القانوني الذي يضمن للأجراء العمل في جو مهني وصحي، تأبى هذه الجمعية إلى تقديم ملتمسا لوزير التشغيل لتجريم هذا النوع من الممارسات

إن تدخل المشغل في خرق مبدأ المساواة في الحقوق، حتى يفسح له مجال لممارسة سياسة التميز بين الأجراء، وما يتولد عنها من ضغط نفسي الذي ينعكس سلبا على مردودية المقاولة من جهة، ومن جهة أخرى، يلقي بظلاله على الاقتصاد الوطني، وبالتالي ترتفع معه درجة الاحتقان الاجتماعي داخل المقاولة، لذا وجب تدخل المشغل ليراعي مبدأ استقرار الشغل في كل مراحل إدارة أعمال المقاولة، ومن أجل كذلك خلق التوازن الاجتماعي داخل المقاولة عن طريق عدالة اجتماعية سليمة

وتحقيق التوازن الاجتماعي نتيجة العدالة الاجتماعية بالمقاولة لا يتأتى إلا بمساهمة أطراف رئيسية في ذلك

الأطراف المساهمة في تحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن الاجتماعي بالمقاولة
انطلاقا من توسيع مهام واختصاصات كل من ممثلي الأجراء كفرقاء اجتماعيين، وكذا جهاز المراقبة المكلف بتفتيش الشغل ومدى الدور المسند إليهما في ظل التشريع الدولي والوطني، فإن هذه المؤسستان تلعبان أدواراً هامة عن طريق مساهمتهما في تحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن الاجتماعي داخل المقاولة

مساهمة الفرقاء الاجتماعيون بالمقاولة في تحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن الاجتماعي
إن تحقيق العدالة الاجتماعية بالمقاولة لايتأتى إلا بوجود فرقاء اجتماعيين حقيقيين، باعتبار أن الحوار الاجتماعي يتطلب مفاوضين أكفاء يمتازون بتقنيات التفاوض، وعلى معرفة من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية بالمقاولة وبالوضع العام، وكذلك على بينة من القوانين التنظيمية في مجال التشريع الاجتماعي، وقادرين على إيجاد مقترحات وحلول مناسبة لتسويتها مع ادارة المقاولة تحت قاعدة “وين وين” أي “رابح رابح”

لكن ما يلاحظ أن المشغل في إقصاء مستمر ودائم للفرقاء الاجتماعيين، ممثلين للأجراء والمنتخبين ديمقراطيا، نظرا لحمولتهم الفكرية في المجال القانوني والاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي، مما يعتبرون في نظر المشغل على أنهم شريحة مزعجة لسياسته التدبيرية بالمقاولة، خاصة بعد أن عمل مشرع مدونة الشغل المغربية() على توسيع اختصاصات مهام ممثلي الأجراء، حتى وإن كانت مدونة الشغل تعترضها إكراهات وصعوبات وعراقيل في تفعيل () نصوصها

ولكي يتفادى المشغل هذه الفئة المزعجة لسياسته التدبيرية، يعمل كل ما في وسعه عند حلول الانتخابات المهنية للمأجورين، بالتدخل في تنقية لائحة من ممثلي الأجراء على مقاسه، حتى يتفادى المعارضة لسياسته التدبيرية في إدارة أعمال المقاولة، كما أن تدخل مشغل المقاولة في اختيار ممثلي الأجراء على مقاسه، يرجع بالأساس كما قلنا، إلى محاولة إقصائه منذ البداية لمعارضين لسياسته التدبيرية، وذلك من أجل التحرر من قيود المراقبة من جهة، ومن جهة أخرى، تفادى المواجهة المباشرة مع الفرقاء الاجتماعيين نظرا للدور المسند إليهم والحماية المخولة لهم في ظل مدونة الشغل

وفي نظري أن تدخل المشغل في اختيار ممثلي الأجراء على مقاسه يعتبر من الأخطاء الفادحة التي ترتكب في حق الأجراء والديقراطية الانتخابية، وغالبا ما يترتب عن ذلك احتقان اجتماعي حقيقي داخل المقاولة، وما ينشأ عنه من خلافات ونزاعات شغلية من طرف منظمة نقابية أو من طرف مجموعة من الأجراء الذين مسهم التمييز، ومن ثم نكون أمام نزاعات الشغل الجماعية التي نصت عليها مدونة الشغل في المادة 549 والتي عرفتها بأن ((“نزاعات الشغل الجماعية”، هي كل الخلافات الناشئة بسبب الشغل، والتي يكون أحد أطرافها منظمة نقابية أو جماعة من الأجراء، ويكون هدفها الدفاع عن مصالح جماعية، مهنية لهؤلاء الأجراء. كما تعد نزاعات الشغل الجماعية كل الخلافات الناشئة بسبب الشغل والتي يكون أحد أطرافها مشغل واحد، أو عدة مشغلين، أو منظمة مهنية للمشغلين، (ويكون هدفها الدفاع عن مصالح المشغل أو المشغلين أو المنظمة المهنية للمشغلين المعنيين)

وأمام هذه النزاعات الجماعية القائمة داخل المقاولة، يضطر المشغل بالدخول في مفاوضات مع المنظمة النقابية أو مع مجموعة من الأجراء لفضها وتسويتها، وذلك وفق إجراءات قانونية يتم اللجوء إليها واحترامها، والمتجلية في مسطرة () التصالح والتحكيم المنصوص عليهما في الكتاب السادس من المدونة

وتبقى نزاعات الشغل الجماعية التي تحدث نتيجة تدخل المشغل في اختيار ممثلي الأجراء على مقاسه، غالبا ما يرجع السبب في إنشائها إلى تكتل الأجراء ذوي الظروف شبه مماثلة، خاصة وأن الظرفية الحالية تساهم في التكتل، أمام الحراك الشعبي الذي يعيشه الوضع الاجتماعي داخل المغرب و خارجه، والمتمثلة في الحركات الاحتجاجية، كقوة مجتمعية مستقلة عن النقابات والأحزاب السياسية وحتى عن الدولة. كما أن شبكات التواصل الاجتماعي تلعب دورا كبيراً في سرعة التواصل وانتشار الخبر، وتعد ظاهرة إعلامية جديدة منتشرة في عالمنا اليوم بشكل واسع، فصلا على أن الشبكة الاجتماعية تعتبر من أحدث منتجات تكنولوجيا الاتصالات وأكثر شعبية، حيث تلعب دورا مهما في تنمية الوعي السياسي والاجتماعي داخل الوطن وخارجه. ويمكن القول أن شبكات التواصل الاجتماعي أحدثت ظفرة نوعية ليس فقط في مجال الاتصال بل في نتائج وتأثير الاتصال

وبرجوعنا إلى الحديث عن محاولة تجنب المشغل لمعارضين لسياسته التدبيرية في إدارة أعمال المقاولة، فإنني أستحضر ما قاله الملك الراحل الحسن الثاني في ندوة صحفية له كرد على سؤال أحد الصحفيين، حول مدى تحمله للمعارضة فقال ((لو لم تكن المعارضة لخلقتها))()، كون المعارضة غالبا ما تساهم في تأطير الأجراء، وخلق التوازن الاجتماعي، وتحقيق لسلم اجتماعي حقيقي، ولمناخ سليم يساهم في الرفع من المردودية الإنتاجية، وبالتالي ينعكس ذلك على تنمية المقاولة

وحتى يتسنى للمشغل الإمساك بالتوازنات داخل المقاولة، يجب أن يكون الأجراء بالمقاولة مؤطرين، لأن تغييب الفرقاء الاجتماعيين الحقيقيين داخل المقاولة نتيجة تدخل المشغل في اختيار ممثلي الأجراء على مقاسه، سيؤدي لا محالة مع مرور الوقت إلى وضع اجتماعي غير سليم وغير صحي يصعب ضبطه، ويزداد تعقيدا كلما غابت أجهزة المراقبة المكلفة بتفتيش الشغل التي أسند إليها المشرع دورا هاما في ميدان الشغل، ومدى مساهمتها قي تحقيق العدالة الاجتماعية داخل المقاولة

دور جهاز تفتيش الشغل في تحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن الاجتماعي داخل المقاولة
إذا كان تغييب الفرقاء الاجتماعيين نتيجة تواطئهم مع المشغل والاصطفاف إلى جانبه في سياسته التدبيرية لإدارة أعمال المقاولة، أو غيابهم نتيجة عدم انتخابهم، وفي خرق سافر لمقتضيات مدونة الشغل، فإن تكريس مبدأ الحق في المساواة ومنع سياسة التمييز وتحقيق العدالة الاجتماعية، والحفاظ على التوازن الاجتماعي وتحقيق السلم الاجتماعي داخل المقاولة، في اعتقادي يرجع بالأساس إلى الدور الذي يجب أن تقوم بها أجهزة المراقبة المكلفة بتفتيش الشغل، باعتبار أن هذا الجهاز يضطلع بأدوار أساسية يكفلها له التشريع الدولي (اتفاقيات منظمة العمل الدولية 81 و129)() والوطني (مواد مدونة الشغل 530 إلى 548)، حيث يسهر هذا الجهاز على تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بتشريع الشغل، كما يلعب دورا محوريا لضمان حقوق الأجراء، وأيضا له دور في حماية المقاولات، من خلال مساهمته في ضمان استمرارية المقاولة عبر فض مجموعة من النزاعات الجماعية التي قد تهدد بتوقف المقاولة

ومشرع مدونة الشغل خول لجهاز تفتيش الشغل صلاحيات عديدة، إنطلاقا من الكتاب الخامس المتعلق بأجهزة المراقبة، لكن يبدوا أن قلة الموارد البشرية لهذا الجهاز مقارنة مع توسع النسيج الاقتصادي الوطني حال دون ذلك للقيام بدوره الحقيقي، بالرغم أن الحركة النقابية ظلت باستمرار تطالب بتقوية دور جهاز تفتيش الشغل منذ اتفاقية 30 أبريل 2003، وذلك من خلال دعم هذا الجهاز بالرفع من عدد المفتشين وبتوفير وسائل العمل، لكن مازال لم يفعل بعد على أرض الواقع() ، حتى وإن كان الواقع الحالي يشهد على اكتضاض وتواجد نسبة كبيرة من المعطلين ذوي الشواهد العليا، ونسبهم في تزايد مستمر، لكن يبدوا أن أرباب العمل المتحكمين في الاقتصاد الوطني، غير راغبين في سد خصص جهاز التفتيش

إن غياب جهاز التفتيش انعكس ذلك على السياسة التدبيرية للمقاولة، حيث يعتبر المشغل نفسه في غنا عن تكريس مبدأ الحق في المساواة، وغياب المبدأ أدى إلى انتشار التمييز بين الأجراء من جهة، ومن جهة أخرى، إلى عدم تحقيق العدالة الاجتماعية، وكذلك إلى إفتقار للتوازن الاجتماعي وإلى إنهيار السلم الاجتماعي بالمقاولة، والكلمة النهائية تبقى للقضاء

وفي الأخير، إن مبدأ الحق في المساواة أو عدم التمييز لا يتوقف فقط على المصادقة على اتفاقيات منظمة العمل الدولية، وسمو هذه الاتفاقيات على التشريعات الوطنية، بل يستوجب الأمر ضمان التطبيق الفعلي لها على أرض الواقع، كما أن مدى فعاليتها يتوقف على قياس الفارق بين الواقع والنص القانوني، حيث واقع عالم الشغل في غالب الأحيان لا يعكس هذه المبادئ الدولية والوطنية المقننة، بقدرما يتم تغييب مبدأ الحق في المساواة وينتشر التمييز بين الأجراء :داخل المقاولة، وترتفع درجة الاحتقان الاجتماعي بعد تدخل أرباب العمل المتحكمين في الاقتصاد الوطني في
اختيار ممثلو الأجراء على مقاسهم في الانتخابات المهنية للمأجورين للاصطفاف إلى جانبهم، في الوقت الذي يتجه المشغل نحو إقصاء المعارضين لسياسته التدبيرية في إدارة أعمال المقاولة؛ تغييب أجهزة المراقبة المكلفة بتفتيش الشغل على أرض الواقع، لعدم تغطية الخصاص الحاصل لأكثر من عقد من الزمن، أما الحكومة فهي في وضعية المتفرج ليس إلا
وتبقى الخلاضة على أن مبدأ الحق في المساواة يمكن تفعيله على أرض الواقع، حتى وإن تم تغييب أجهزة المراقبة، وذلك في الحالة التي يلتحم ويتحد فيها الأجراء فيما بينهم، باعتبار أن الاتحاد قوة، لكن مع الابتعاد عن إغراءات المشغل والتواطئ مع سياسته التدبيرية، إن كانت لاتخدم المصلحة العامة، بقدر ما تخدم مصالحه الخاصة

إن التلاحم والاتحاد من أجل المصلحة العامة، سيؤدي إلى إفراز كفاءات، عند حلول انتخابات المأجورين، في المستوى المسؤولية المطلوبة في مؤسسة ممثلي الأجراء، حيث سيضطر المشغل الامتثال لأمر الواقع، وسيسهر على التطبيق الفعلي والسليم للقوانين التنظيمية، مما سيؤدي لامحالة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، وهذه الأخيرة ينجم عنها التوازن الاجتماعي السليم، وكلاهما يساهمان في خلق سلم اجتماعي حقيقي، وهذا ينطبق عندما نكون أمام المؤسسة المواطنة التي تحترم نفسها، وتحترم الطبقة العاملة، وتحترم القوانين التنظيمية، وإعطاء الأسبقية للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة
بقلم ذ محمد المعاشي
باحث مختص في قانون الشغل

Share

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.