اثار الحكم بإلغاء القرار الاداري
بداية يجب ان يكون معلوما ان القاضي الاداري اثناء مرحلة البحث في موضوع دعوى الغاء القرار الاداري فان سلطته تتحدد في بحث مشروعية القرار الاداري او عدم مشروعيته، بحيث ان القاضي يقوم بإلغاء القرار الاداري كليا او جزئيا اذا تبين له ان القرار محل الدعوى مصاب بعيب او اكثر من العيوب التي تعيب القرار الاداري او يرفض الدعوي اذا تيقن له صحة القرار وعدم صحة ادعاء الطاعن.
والقاضي في ذلك لا يستطيع ان يذهب الى ابعد من ذلك فليس له ان يصدر اوامر صريحة للإدارة بالقيام بعمل او الامتناع عن عمل كما انه ليس له ان يعدل القرار الاداري ليمحو ما لحق به من عيوب حيث ان سلطته تنحصر في الحكم بالإلغاء او برفض الدعوى فقط.
فلو تقدم الطاعن للمحكمة طالبا صدور امر لجهة الادارة بعمل شئ معين فان المحكمة لا تملك ذلك حيث ان اختصاص المحكمة مقصور على الغاء القرارات المخالفة للقانون او تسوية المراكز القانونية بالتطبيق للقانون.
وفي هذا السياق نعرض التالي:
– صحية حكم الالغاء.
– الحجية المطلقة لحكم الالغاء.
– الالغاء الكلي والإلغاء الجزئي للقرار.
– الالغاء النسبي للقرار.
وحجية حكم الالغاء كحكم قضائي مثل سائر الاحكام القضائية يحوز على حجية الشئ المحكوم به وتلك الحجية تشمل حكم الالغاء او الرفض على حد سواء وكذلك الحكم في الاختصاص والحكم في القبول ويقصد بحجية الشئ المحكوم به .
ان المحكمة قد استنفدت ولايتها بعد صدور الحكم القطعي ومن ثم فليس لها الحق في الرجوع او العدول عنه او تعديله وان كان لها ان تتولى تفسيره او تصحيح الخطأ المادي الموجود به وان الحكم الصادر في موضوع الدعوى يعتبر عنوانا للحقيقة والعدالة ولا يقبل اثبات عكس ذلك كما انه لا يجوز عرض النزاع امام اي محكمة اخرى الا من خلال احكام الطعن في الاحكام إلا انه يشترط لقيام الحجية ان يكون الحكم قضائي وقطعي ووفي هذا تكون الحجية لمنطوق الحكم دون اسبابه لان المنطوق هو الذي يشتمل على حكم المحكمة الحاسم للنزاع الا انه يستثني من ذلك الاسباب المرتبطة بالمنطوق ارتباطا وثيقا باعتبار ان تلك الاسباب مكملة للحكم .
كما يشترط ايضا للحجية ان يكون هناك اتحاد بين الخصوم والموضوع والسبب.
والحجية المطلقة لحكم الالغاء ينصب على حكم الالغاء وحده بحيث يحوز على الحجية في مواجهة الكافة وهذه الحجية المطلقة لحكم الالغاء والتي تأتى استثناء من الحجية النسبية انما تأتي لكون دعوى الالغاء تنتمي الى القضاء الموضوعي العيني والتي تقوم الدعوى على اساس اختصام القرار الاداري لإصابته بعيب من العيوب والحكم بالإلغاء يؤدي الى اعدام القرار الاداري سواء كان القرار محل الطعن تنظيميا ام فرديا ويكون بأثر رجعي واعتباره كان لم يكن ومثله في ذلك مثل سحب القرار الاداري من جهة الادارة ومن ثم فليس من المنطقي ان يكون حكم الالغاء حائزا لحجة نسبية لانه من غير الجائز ان يكون قائما في مواجهة البعض ومصددما في مواجهة الاخرين.
وتعني الحجية المطلقة هنا ان يتمسك بالحكم الصادر بالإلغاء كل فرد وانه ملزم للمحاكم القضائية العادية سواء كانت مدنية او جنائية وهذه الحجية المطلقة تمنع من نظر اي دعوى اخرى متعلقة بنفس القرار الاداري المحكوم بإلغائه وتتعلق حجية الحكم الصادر بالإلغاء بالنظام العام لاتصال الحكم باستقرار الاوضاع والمراكز القانونية التي حسمها الحكم في منطوقه وعليه فانه لا تجوز العودة مرة اخرى الى اثارة النزاع حتى لا تتزعزع الاوضاع بصدور الحكم .
وفي هذا فان المحكمة تنزل هذه القاعدة على المنازعة من تلقاء نفسها ولا يملك الطرفان الاتفاق على ما يخالف هذه الاحكام لان الاحكام الصادرة بالإلغاء ذات حجية عينية تسرى في مواجهة الكافة على العكس من المنازعات الاخرى ذات الحجية النسبية بين اطرافها لهذا فلكل ذي شأن ان يتمسك بهذا الحكم ولو لم يكن من اطراف المنازعة.
اما من حيث الالغاء الكلي والإلغاء الجزئي فان الالغاء الكلي يشمل كل القرار الاداري في كل مجموعة وأثاره ويعتبر القرار في هذه الحالة كان لم يكن بينما ينصب الالغاء على الجزء المعيب في حالة الالغاء الجزئي وذلك شريطة امكانية الحكم بالإلغاء الجزئي فان كان ذلك متعذرا فان القاضي يحكم بالإلغاء الكلي والحكم الصادر بالإلغاء يحوز على الحجية المطلقة سواء كأن الحكم بالإلغاء الجزئي او الكلي.
ولقد اوضحت بعض احكام المحكمة الادارية العليا في مصر تلك التفرقة بين الالغاء الكلي والجزئي وذلك بالقول «ان مدى الالغاء يختلف بحسب الاحوال فقد يكون شاملا لجميع اجزاء القرار الاداري وهذا هو الالغاء الكامل وقد يقتصر الالغاء على جزء منه دون باقيه وهذا هو الالغاء الجزئي كان يجري الحكم بإلغاء القرار فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية».
بينما الالغاء النسبي فقد طبقه مجلس الدولة الفرنسي في مجال معين وهو مجال الوظائف المحجوزة .
إلا انه قد حدث خلاف بشأن فكرة الالغاء النسبي لكونها لقد استثناء على الحجية المطلقة لأحكام الالغاء وانه لا مجال لتطبيق هذه الفكرة حيث ان الحالات الخاصة بها هي في حقيقتها الغاء جزئي.
وبصرف النظر عن هذا الخلاف حول فكرة الالغاء النسبي القائمة على ان الحكم قد يكون نسبيا بشخص معين بذاته او بأشخاص بذواتهم ولا يتوافر لغيرهم ولا يكون الحكم مانعا للغير من المطالبة بإلغاء ذات القرار لعيوب اخرى خاصة به ورغم ذلك فان العديد من احكام القضاء الاداري تسير في الاحكام المتعلقة بترقيات الموظفين على اساس الابقاء على المراكز القانونية لمن تمت ترقيتهم وترقية الطاعن على اي درجة خالية ان امكن والا يتم الغاء ترقية اخر من ثم ترقيته ويرقي المدعي بدلا منه.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً