طلاق المدهوش والغضبان
إن الأصل في الطلاق أن يكون عن عزم وتصميم
وللطلاق أنواع وحالات متعددة ولكل واحد من هذه الأنواع الحكم الخاص به من حيث الوقوع أو عدمه سواء من الناحيتين القانونية والشرعية ومن أكثرها التباساً هو الطلاق الذي يوقعه الزوج وهو في حالة من الدهشة .
والمدهوش هو الذي اعترته حالة من الانفعال لايدري فيها ما يقول ويفعل ، أو يصل به الانفعال إلى درجة يغلب معها الخلل والاضطراب في أقواله وأفعاله ، وذلك بسبب فرط الغضب أو الخوف أو الحزن ، ويلحق به من اختل إدراكه لكبر أو مرض .
وبعض الفقهاء ألحق المدهوش بالمجنون وبعضهم ألحقه بالغضبان كما في المذهب الحنبلي .
فكل من المدهوش والغضبان غير تام الوعي وغير صحيح الإرادة فإذا طلق أحدهما لايعتبر طلاقه تعبيراً عن إرادته الحقيقية وقصده بوقوع الطلاق .
وللدهشة والغضب ثلاثة حالات :
الحالة الأولى : إذا اشتد حتى يفقد الشعور ، ويكون كالمجنون والمعتوه ، فهذا لا يقع طلاقه عند جميع أهل العلم ، لأنه بمثابة المجنون والمعتوه ، زائل العقل .
الحالة الثانية : أن يشتد معه ولكنه يفهم مايقول ويعقل ، إلا أنه اشتد معه الغضب كثيراً ، ولم يستطع أن يملك نفسه لطول النزاع أو المسابة والمشاتمة أو المضاربة وقد اشتد الغضب لأجل ذلك ، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم ، والأرجح أنه لايقع أيضاً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لاطلاق ولاعتاق في إغلاق ٍ ) رواه ابن ماجه ،والإغلاق فسره العلماء بأنه الإكراه الغضب الشديد .
الحالة الثالثة : وهي الغضب الخفيف ، وهو الذي يحصل منه تكدر من الزوج ، وكراهه لما وقع من المرأة ، ولكنه لم يشتد معه شدة كثيرة تمنعه من التعقل ، والنظر لنفسه ، بل هو غضب عادي خفيف فهذا يقع منه الطلاق عند جميع أهل العلم .
أما من الناحية القانونية : فقد نصت المادة / 89/ من قانون الأحوال الشخصية على أن :
1- لايقع طلاق السكران ولا المدهوش ولا المكره .
2- المدهوش هو الذي فقد تمييزه من غضب أو غيره فلا يدري ما يقول .
ان عن معيار التمييز بين المدهوش أو الغضبان الذي يقع طلاقه وبين الذي لايقع طلاقه فقد استقر اجتهاد محكمة النقض السورية على أنه يتعين على القاضي عند عرض هذه المسألة أن يسأل عن زمان ومكان الطلاق وصيغته والظروف التي وقع فيها ومن كان قد سمعه من الشهود ، وعن حالة الزوج وما إذا كان في حالة غضب شديد فقد معه وعيه أم أنه كان مالكاً وعيه ويعي ما يقول ، وعن جميع الوقائع التي يمكن أن تدل على ذلك لكي يتوصل من خلال كل ذلك إلى معرفة الحالة التي كان عليها الزوج عند التلفظ بالطلاق وبالتالي الحكم فيما إذا كان هذا الطلاق واقعاً أم لا.
أن هذا المعيار لتمييز الغضب والدهشة دقيق جداً وخاصة عندما تكون الطلقة الثالثة للزوج فيترتب عليه أنه يحرم عليه الزواج بمطلقته إلا بعد أن تتزوج بزوج غيره زواجاً طبيعياً غير مؤقت وأن يطلقها هذا الزوج ثم تعود إلي زوجها الأول بعقد جديد ومهر جديد .
23 ديسمبر، 2019 at 12:25 م
جزاك الله خيرا وجدت ماابحث عنه هنا