بقلم ذ محمد افقير
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
باحث في القانون الخاص
لقد كان مشكل فتح المحلات المغلقة واسترجاع حيازة المحلات المهجورة من القضايا التي تعرض على القضاء و التي لم يتطرق لها المشرع في مختلف القوانين المتعلقة بالكراء سواء في ظهير الالتزامات والعقود أو في ظهير 24 ماي 1955 أو في ظهير25 دجنبر 1980 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للأماكن المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني المنسوخ بالقانون الجديد رقم 12.67، مما خلف فراغا قانونيا حاولت بعض المحاكم تجاوزه في إطار الفصل 148 من ق.م.م، الذي يتضمن بأن رؤساء المحاكم الابتدائية يختصون وحدهم بالبت في أي إجراء مستعجل في أية مادة لم يرد بشأنها نص خاص ولا يضر بحقوق الأطراف.
ولسد هذا النقص ولأسباب أخرى جاء القانون الجديد رقم 12.67 وخصص لذلك الباب التاسع بأكمله ، حيث قسمه إلى فرعين خصص الأول لمسطرة استرجاع المحل المهجور أو المغلق من طرف المكري وخصص الثاني لاسترجاعه من طرف المكتري.
الفرع الاول : الاسترجاع من طرف المكري: حيث تطرق إلى مختلف الإجراءات التي يتم القيام بها سواء خلال استدعاء المكتري أو خلال تنفيذ الأمر بالاسترجاع ومصير المنقولات الموجودة بالمحل ، ولكن قبل ان نبحث في هذه الاجراءات نطرح السؤال التالي :
متى يعتبر المحل مهجورا ؟ المادتان: 57 و 58 . لقد حدد المشرع بشيء من التدقيق وضعية اعتبار المحل مهجورا واعتبر ان المحل لا يعتبر كذلك أي مهجورا ما دام المكتري موفيا بالتزاماته إزاء المكري ، ولكي يمكن القول بان المحل مهجورا فقد استوجب لذلك أن يظل مغلقا لمدة ستة أشهر على الأقل بعد :
إخلائه من طرف المكتري من جميع منقولاته وأغراضه كليا أو جزئيا.
أو بعد غياب المكتري عن المحل وعدم تفقده من طرفه شخصيا أو من يمثله.
أو بعد وفاة المكتري أو فقدانه للأهلية القانونية، وعدم ظهور أي شخص من الأشخاص المستفيدين المنصوص عليهم في المادة 54 من القانون والتي أعطت إمكانية استمرار مفعول الكراء لفائدة الام الحاضنة على اطفالها بنفس الشروط التعاقدية التي كانت تربط مطلقها مع المكري، ولكن بعد قراءة المادة أعلاه يتبين ان المشرع يقصد المادة 53 من القانون التي تطرقت لحق استمرارية عقد الكراء في حالة الوفاة ، وانه لا يمكن حصر هذه الحالة في المطلقة الحاضنة لأطفالها فقط دون باقي الأشخاص المشار اليهم في المادة 53؟ .
الاختصاص:
الاختصاص المكاني بطبيعة الحال يعود الى المحكمة الابتدائية لموقع المحل المكترى بصريح المادة 71 من القانون. وقد حددت المادة 59 الجهة التي يقدم إليها المكري طلب الاسترجاع، فنصت على تقديمه إلى السيد رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات ويكون الطلب مرفقا بالوثائق التالية: – العقد او السند الكتابي المثبت للعلاقة الكرائية. – محضر معاينة واقعة اغلاق وهجر المحل المكترى وتحديد مدة الاغلاق.
المسطرة:المواد 60 الى 64 بين المشرع المسطرة التي ينبغي سلوكها طيلة الدعوى في المواد من 59 إلى غاية 64 .وتطرق لمسطرة الاسترجاع المقدمة من طرف المكري والتي تكون بناء على طلب يقدم الى رئيس المحكمة بصفته قاضي المستعجلات مرفقا بالوثائق المذكورة اعلاه ، حيث يتم استدعاء المكتري في العنوان الوارد بالعقد او في اية وثيقة وفي حالة تعذر ذلك يتم استدعاؤه في عنوان المحل المكترى ، وهنا اوجب المشرع لكي يمكن الاستجابة لطلب الاسترجاع ان يتوصل المكتري شخصيا بالاستدعاء وعدم ادلائه باي جواب، وفي حالة تعذر توصل المكتري شخصيا فان الرئيس لا يبت في الطلب الا بعد اجراء بحث بواسطة الشرطة القضائية تحت اشراف النيابة العامة .والملاحظ ان المشرع اختصر مسطرة البحث التي كانت تكون سرية وتتم عن طريق الشرطة القضائية وعن طريق الدائرة الحضرية .
التنفيذ:المواد 65 و 66 ينفذ الامر الصادر عن رئيس المحكمة على الأصل ، وينص على تطبيق مقتضيات الفصل 447 من ق م م بخصوص المنقولات التي توجد بالمحل ،و يقوم المكلف بالتنفيذ بتحرير محضر وصفي لها ، و يتم وضعها تحت تعهد المكري. ويجب أن ترد إلى المنفذ عليه، أو أن توضع تحت تصرفه خلال أجل ثمانية أيام، فإذا رفض تسلمها بيعت بالمزاد وأودع الثمن الصافي في كتابة الضبط.
غير انه واثناء مسطرة التنفيذ قد يظهر المكتري او ومن يمثله او يقوم مقامه ، في هذه الحالة يقوم المنفذ برفع الامر الى رئيس المحكمة او قاضي التنفيذ بمقتضى محضر اخباري ، الذي له ان يصدر امرا – في غيبة الأطراف – بوقف التنفيذ ، وقد يأمر بإرجاع الحالة الى ما كانت عليه تلقائيا او بناء على طلب من المعني بالأمر.
الفرع الثاني :الاسترجاع من طرف المكتري: المشرع لم يغلق الباب أمام المكتري الذي قد تدفعه ظروفه الخاصة إلى هجر المحل وإغلاقه، بل فتح الباب امامه في حالتين:
– حالة ظهوره أثناء تنفيذ الأمر بالاسترجاع (المادة 66) تطرق لها المشرع في الباب المتعلق بالمكري والتي سبق الإشارة اليها في الفقرة السابقة. – حالة ظهوره او ظهور من يقوم مقامه بعد التنفيذ اذ وضع أمامه إمكانية تقديم طلب أمام رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بشرط إثبات مايلي : 1) أداء المبالغ الكرائية المترتبة بذمته . 2) ان يقدم الطلب قبل مرور ستة أشهر على التنفيذ.
وبتوفر الشرطين المذكورين يصدر الرئيس بصفته قاضيا للمستعجلات امره بإرجاع الحالة الى ماكنت عليه والذي ينفذ كذلك على الأصل .
وفي حالة استرجاع المحل فانه لايمكن مواجهة المكتري بالحقوق المكتسبة على المحل المسترجع لفائدة الغير السئ النية ، ويبقى له الحق في المطالبة بابطالها والتعويض عن التضرر المترتب عنها (المادة 70).
غير انه قد يستحيل ارجاع الحالة الى ماكانت عليه ، في هذه الحالة جاز للمكتري أو من يقوم مقامه المطالبة بالتعويض عن الضرر أمام المحكمة المختصة أي محكمة الموضوع .
وختاما نقول ان المشرع تدخل من اجل حسم النقاش الدائر حول استرجاع حيازة المحلات المهجورة أو المغلقة، فبين الجهة المختصة والمسطرة المتبعة ومصير المنقولات الموجودة بالمحل، الشئ الذي لم ينظمه أي قانون من قبل.
بقلم ذ محمد افقير
باحث في القانون الخاص
اترك تعليقاً