الأداء على القيمة المضافة في القانون الجبائي التونسي
الأستاذة ريم قماطي
” انه من المسلم به فقها وقضاء أن مادة الجباية هي مادة لها مميزاتها و كيانها الخاص وبهذا الاعتبار فهي مستثناة من ميدان الحق العام للقوانين و التراتيب المألوفة بحكم ارتباطها بميزانية الدولة.”[1]
فالمقابيض الجبائية تمثل نسبة هامة من الموارد الذاتية لميزانية الدولة . و تحديد نسبة الموارد الجبائية يكون في إطار مخططات التنمية الوطنية على أساس توجهات السياسة الجبائية المعتمدة وفق المعطيات الاقتصادية و الاجتماعية العامة.
و في إطار العلاقة بين النمو الاقتصادي و السياسة الجبائية تحدث احد المحللين المعاصرين و اعتبر انه:
« Pour libérer les forces productives de l’économie et les aider à sortir de la crise, l’impératif est de réduire la pression fiscale et sociale globale. C’est très certainement une mesure essentielle à mettre en œuvre si l’on désire accroître les incitations au travail, à l’épargne et à l’investissement».[2]
إذ انه من أهم ركائز اقتصاد السوق وجود منافسة عادلة ومن شأن الضغوطات الجبائية المتمثلة أساسا في ارتفاع نسبة الأداء و تشعب النظام الجبائي أن تؤثر على الإنتاجية و بالتالي على المنافسة. فكلما كانت نسب الاداءات مرتفعة كلما كثرت عمليات التهرب و الغش الجبائي التي تؤثر على المنافسة بصفة مباشرة.
كما أن للجباية تأثير على القدرة التنافسية للمؤسسات الاقتصادية فيما بينها من جهة ومع المؤسسات الخارجية من جهة أخرى. إذ أن الفائض الربحي الخام الذي تحققه المؤسسات موجه عادة و بصفة أساسية إلى البنوك في شكل فوائض بنكية و إلى دولة في شكل اداءات و كلما ارتفعت نسبة الضغط الجبائي كلما قلت نسبة السيولة التي تتمتع بها المؤسسة لتنفقها على تمويلها الذاتي و تطوير نشاطاتها.
بالتالي تؤثر السياسة الجبائية على مدخرات المؤسسات الاقتصادية بشكل لا يمكن تجاهله.
كما تجدر الإشارة في هذا السياق إلى التأثير الواضح للجباية على الأسعار فهي تمثل جزء من السعر من خلال الاداءات غير المباشرة الموظفة على الاستهلاك النهائي للسلع و الخدمات.
فهذه الاداءات تضاف لثمن البيع و كلما ارتفعت نسبها ارتفعت الأسعار و قل الإقبال على السلع المعنية. [3]
بالإضافة إلى ما سبق ذكره يجب التأكيد على أن إنشاء منظومة جبائية منافسة للأنظمة الجبائية الموجودة بالدول الأخرى بشكل يشجع الاستثمار الخارجي المباشر هو هدف تعمل على تحقيقه مختلف الأنظمة الجبائية.
و قد ظلت الاداءات غير المباشرة[4] و تحديدا الموظفة على رقم المعاملات، تمثل لسنوات عديدة عائقا أمام التطور الاقتصادي.
إذ كانت متعددة[5] ولا يمكن طرحها بصفة إجمالية من قاعدة احتساب الضريبة الأمر الذي أثقل كاهل الخاضعين لها خاصة انه يقع إدراجها بثمن البيع مما يخل بشروط المنافسة الشفافة.[6]
من جهة أخرى، كان النظام الجبائي للاداءات على رقم المعاملات يتسم بانعدام الحياد ذلك انه يمثل عائقا بالنسبة للمنتجات التي تتطلب دورة إنتاجية طويلة وعدة مراحل في التصنيع على عكس الدورات الإنتاجية القصيرة التي لا تتطلب استهلاكا كبيرا للمواد الأولية والمعدات و الخدمات و لن تتطلب دفعا لاداءات مختلفة و تتمتع بالتالي بأكثر سيولة.[7]
و قد كان من الضروري انتهاج إصلاح جبائي شامل تم تطبيقه تدريجيا قصد تدارك النقائص المتمثلة أساسا في التشعب و التعقيد إضافة إلى ارتفاع نسب الاداءات و قلة الحياد. وفي هذا الإطار و فيما يتعلق بالاداءات على رقم المعاملات تم تكريس الأداء على القيمة المضافة بداية من غرة جويلية 1988 بمقتضى مجلة الأداء على القيمة المضافة المؤرخة في 2 جوان 1988.
و تتمثل أهمية إدراج الأداء على القيمة المضافة بالأساس في جمع مختلف الاداءات على رقم المعاملات بأداء واحد مما أدى إلى تفادي نقائص تعدد الاداءات.
لقد ساهم اعتماد الأداء على القيمة المضافة في تشجيع الاستثمار و تطوير التصدير[8] إذ أن التصدير يتمتع بنظام تأجيل التوظيف و هو نظام يقلل من الصعوبات التي تعترض المصدرين فيما يتعلق بالسيولة المالية ، هذا مع العديد من النقاط الايجابية الأخرى.
اقتصر الأداء على القيمة المضافة في البداية على عمليات التوريد و العمليات الصناعية و الخدمات ثم في مرحلة ثانية و منذ غرة اكتوبر1989 وقع إدراج تجار الجملة بقائمة الخاضعين للأداء باستثناء تجار الجملة للمواد الغذائية و في مرحلة أخيرة انسحب الأداء على القيمة المضافة على تجارة التفصيل و ذلك منذ 1 جويلية 1996 (مع مراعاة الاستثناءات).
لم يعرّف المشرع التونسي الأداء على القيمة المضافة و لكن اعتمادا على الفقه يمكن القول بأنه أداء غير مباشر على الاستهلاك باعتبار أن المستهلك النهائي هو الذي يدفع الأداء، كما انه أداء يهم المنتوج لا الأشخاص المطالبين به، و هو أداء يحتسب على أساس رقم المعاملات [9].
و هو أداء وحيد unique باعتباره يوظف على المنتوج مرة واحدة مهما كان عدد المعاملات التي قد تتحقق بدخول ذلك المنتوج في الدورة الاقتصادية [10].
يجزأ دفع الأداء على القيمة المضافة على امتداد المراحل التي يمر بها المنتوج سواء كان بضاعة أو خدمة. و يكون ذلك عن طريق مبدأ الطرح الذي يمكن المطالب بالأداء من طرح الأداء الذي يدفعه عند اقتنائه للمواد الأولية و المعدات من الأداء الذي يجمعه من حريفه الذي هو بدوره يطرح ما دفعه من الأداء الذي يجمعه من حرفائه و يتكرر ذلك إلى نهاية الدورة الاقتصادية بوصول المنتوج إلى المستهلك النهائي و هو من يدفع في حقيقة الأمر كامل الأداء. و قد عبر عن ذلك احد الكتّاب[11] قائلا :
« Ce payement fractionné permet l’étalement de l’imposition sur l’étendue du circuit économique conçue pour suivre le rythme des affaires et fondé sur la conjoncture facturation-déduction. Cette technique réclame un processus de liquidation rapide ».
في نهاية الأمر يمكن القول أن الأداء على القيمة المضافة هو أداء لا يخلو من التعقيد و هو ما يجعلنا نعمّق البحث في خصوصيته من خلال التطرق إلى نظامه القانوني و مختلف آليات استخلاصه.
إن التعرف على خصوصية الأداء على القيمة المضافة يمثل على المستوى النظري وسيلة لتوصل إلي مدى تحقيق هذا الأداء للحياد في القانون الجبائي التونسي و إلى أي مدى أرسى قواعد المنافسة الحقيقية.
أما على المستوى العملي فان تناول الأداء على القيمة المضافة بالدرس من شانه أن يوضح إلى أي مدى يمكن أن يتسم التشريع الجبائي بالليونة فيما يخص تأقلم هذا الأداء مع متطلبات المجالات الاقتصادية بتنوعها و خاصة مع التطور التكنولوجي الموازي لها.
لقد تركزت السياسة الجبائية بالخماسية الأخيرة على رفع مردودية النظام الجبائي عبر توسيع قاعدة الأداء على القيمة المضافة و إحكام عملية الاستخلاص فضلا عن تطوير الإطار المؤسساتي بإصدار مجلة الحقوق و الإجراءات الجبائية[12] بمقتضى قانون عدد 82 المؤرخ
في 9 أوت 2000 فأصبح لمرحلة استخلاص الأداء بداية من التصريح إلى حدود النزاع الجبائي تأثير على تطور النظام الجبائي.
و تبعا لما ذكر سوف يخصص الجزء الأول إلى النظام القانوني للأداء على القيمة المضافة باعتباره أداء وحيدا ( الجزء الأول ) ثم سوف يقع التعرف على نظام استخلاص الأداء بداية من حق الطرح وصولا إلى النزاع القضائي ( الجزء الثاني )
الجزء الأول: الأداء على القيمة المضافة أداء وحيد على رقم المعاملات
يهدف توظيف الأداء على القيمة المضافة إلى تعويض عدد من الاداءات على رقم المعاملات قصد تحقيق أكثر حياد للقانون الجبائي و تحسين ظروف المنافسة الحقيقية.
و قد حددت مجلة الأداء على القيمة المضافة النظام القانوني لهذا الأداء، كما نظمت شروط و مكان توظيفه.
المبحث الأول: النظام القانوني للأداء على القيمة المضافة
يهم الأداء على القيمة المضافة عمليات اقتصادية محددة و يطبق على كل من ينجز هاته العمليات بالإضافة إلى من خوّل لهم القانون الخضوع اختياريا للأداء.
الفقرة الأولى: العمليات الخاضعة للأداء على القيمة المضافة
لقد حدد الفصل الأول من مجلة الأداء على القيمة المضافة مختلف العمليات الخاضعة للأداء و التي يمكن تصنيفها إلى عمليات خاضعة للأداء بطبيعتها و عمليات خاضعة للأداء بمقتضى القانون.
أ-العمليات الخاضعة للأداء بطبيعتها
يوظف الأداء على القيمة المضافة على العمليات المنجزة بالبلاد التونسية مهما كانت أهدافها و نتائجها مادامت تكتسي صبغة صناعية أو صناعة تقليدية أو تتعلق بإحدى المهن الحرة أو العمليات التجارية من غير البيوعات.
تخضع بالتالي للأداء كل العمليات المتعلقة:
بالصناعة
بالصناعة التقليدية
بالمهن الحرة
بالعمليات التجارية من غير البيوعات مثل الخدمات و العرض التجاري للسلع غير الفلاحية و التسويغ المتعلق بالمنقولات ( الإيجار المالي) أو العقارات و الذي يمارس بهدف تجاري أو بالتبعية لنشاط تجاري[13].
تعرف العمليات فقها بأنها كل اتفاق بين طرفين يقوم بمقتضاه كل طرف بعمل قانوني تجاه الطرف الأخر. و لاعتبارها خاضعة للأداء يشترط أن تكون هذه العملية:
– منجزة بين شخصيتين قانونيتين مختلفتين و تقوم كل منهما بعمل قانوني للأخرى
– لها مقابل ما
فلا تخضع للأداء على القيمة المضافة العملية المنجزة بين شركة أم و فروعها على اعتبار انه لا توجد شخصيتين قانونيتين مختلفتين.
كما لا تخضع للأداء كل العمليات التي تكون بدون مقابل مثل الهبات و الغرامات و تعويضات التامين. و قد أوضحت إدارة التشريع الجبائي[14] أن نقابة المالكين التي تتولى بالأساس الحفاظ على العمارة أو مجموعة العمارات أو المركب العقاري و إدارة الأجزاء المشتركة و صيانتها [15] تعتبر خارج ميدان تطبيق الأداء على القيمة المضافة و لكن إذا ما تجاوزت إطار مهامها و مارست إحدى الأنشطة المذكورة بالفصل الأول من مجلة الأداء على القيمة المضافة فإنها تصبح خاضعة للأداء و تتمتع بحق الطرح .
و هو ما يؤكد اشتراط المقابل في العمليات الخاضعة للأداء كما يوضح كيف أن الأداء يوظف على العمليات لا على الأشخاص.
من جهة أخرى يمكن أن يكون المقابل ماليا أو غير مالي فعمليات التبادل خاضعة للأداء و العمليات التي لا تحقق أرباحا هي أيضا خاضعة للأداء.
في نهاية الأمر و في حال اجتمعت الشروط المذكورة في عملية اقتصادية ما تصبح هذه الأخيرة خاضعة آليا للأداء على القيمة المضافة سواء كان الشخص القائم بتلك العملية ذاتا معنوية أو شخصا طبيعيا، خاصا أو عاما و مهما كانت وضعيته تجاه الاداءات الأخرى حيث أن الأداء على القيمة المضافة مستقل عن باقي الاداءات.
تنطبق الشروط المذكورة على أية عملية اقتصادية منجزة بصفة عرضية أو بصفة اعتيادية و سواء كان الهدف منها تحقيق الربح أو لا و هو ما يجعل الجمعيات التي تقوم بالعمليات المعرفة بالفصل الأول من المجلة خاضعة للأداء.
ب-العمليات الخاضعة للأداء بمقتضى القانون:
هي العمليات التي حددها الفصل 1 فق 2 من م ا ق م و تتمثل في [16]:
التوريد( ما عدا الإعفاءات)
تسليم الخاضعين لأنفسهم للأصول الثابتة المادية
تسليم الخاضعين لأنفسهم البضائع غير الأصول الثابتة المادية والمنتجة من قبلهم أو التي
يستعملونها في الإنتاج و التي لا تساهم في عمليات خاضعة للأداء ولا تنتفع بحق الطرح
البيع بالجملة باستثناء المواد الغذائية
البيع بالتفصيل بالنسبة للتجار الذين يحققون رقم معاملات يصل إلى حدود 100 ألف
دينار باستثناء المواد الغذائية و الأدوية و المواد الخاضعة لنظام المصادقة الإدارية للأسعار و المواد الصيدلية.
العرض التجاري للمنتجات غير الفلاحية و الصيد البحري.
التعرض لهذه العمليات يستوجب التوقف عند ثلاثة منها لأنها تتطلب أكثر توضيحا:
تسليم الخاضعين للأداء لأنفسهم ( Livraison à soi même )
تتطلب المعاملات الخاضعة للأداء وجود شخصيتين قانونيتين مختلفتين و لكن و كاستثناء لهذه القاعدة يعد تسليم الأصول الثابتة المادية [17] من طرف الخاضعين لأنفسهم عملية خاضعة للأداء.
إن إخضاع هذه العملية للأداء من شانه أن يحقق أكثر شفافية للقانون الجبائي ذلك أن من يصنع معدات الإنتاج بنفسه يكون لا محالة متمتعا بامتياز عمن يقتني هذه المعدات من غيره إذ ستكون له أكثر سيولة باعتبار انه لن يدفع الأداء.
لقد حددت الفقرة الثانية من الفصل 1 م ا ق م أن خضوع تسليم البضائع من طرف الخاضعين لأنفسهم للأداء يكون:
سواء كانت تلك البضاعة للاستعمال الشخصي للخاضعين أو لحاجيات أنشطتهم.
في صورة استعمال هذه البضاعة المسلمة في تحقيق عمليات غير خاضعة للأداء.
في حالة عدم انتفاع هاته البضاعة المسلمة بحق الطرح.
و عليه فأن الفصل المذكور قد استثنى من الأداء بعنوان تسليم الخاضعين لأنفسهم الحالات المتعلقة بالخدمات أو البضائع المنتفعة بالطرح و المستخدمة في صناعة منتج خاضع للأداء.
بيع المنتجات على حالتها من طرف تجار التفصيل
لقد وقع توسيع نطاق تطبيق الأداء على القيمة المضافة و أصبح يشمل تجار التفصيل بمقتضى الفصل 43 من القانون عدد 109 المؤرخ في ديسمبر1994 والمتعلق بقانون المالية لسنة 1995 و الذي نص على خضوع كل تاجر تفصيل للأداء على القيمة المضافة كلما حقق رقم معاملات سنوي يساوي أو يفوق 100 ألف دينار فيما يخص جميع البيوعات مهما كان نظامها الجبائي، و يضم رقم المعاملات السنوي بيوعات البضائع الخاضعة للأداء و المعفاة والمصدرة و الخاضعة لنظام التأجيل.
و لكن أعفى الفصل المذكور من الأداء كلاّ من المواد الغذائية و الأدوية و المواد الصيدلية و المنتجات الخاضعة لنظام المصادقة الإدارية للأسعار.
العرض التجاري بالنسبة للمنتجات غير الفلاحية و الصيد البحري
لقد عرف الأستاذ الحبيب العيادي العرض التجاري بأنه إعطاء شكل معين و لفّ نهائي و مميز للبضاعة قصد تسليمها للمستهلك و يمكن أن يتضمن هذا اللفّ اسما تجاريا أو علامة صنع [18] .
عملية العرض التجاري يمكن أن تكون منجزة خلال مرحلة التصنيع و تمثل بالتالي آخر مرحلة من مراحل الإنتاج و تخضع للأداء على القيمة المضافة.
كما يمكن أن تتم خارج مرحلة الإنتاج و يقوم بها التاجر الذي يتولى بيع المنتج سواء بالجملة أو بالتفصيل. في هذه الحالة إذا ما اكتفى التاجر باللف دون وضع أية علامة خاصة به تميز ذلك المنتج عن غيره من المنتجات المماثلة فلن تكون العملية خاضعة للأداء على القيمة المضافة.
الفقرة الثانية: الأشخاص المعنيون بالأداء على القيمة المضافة
لقد عرف القسم الثاني من م ا ق م الخاضعين إلى الأداء ( أ ) و عدد الباب الثامن من نفس المجلة واجباتهم ( ب )
أ- تعريف الأشخاص الخاضعين للأداء
يفرق الفصل 2 من م ا ق م بين الخاضعين بمقتضى القانون و الخاضعين بصفة اختيارية و في الحالتين يمكن أن يكون الخاضع إما كليا أو جزئيا.
الخاضعون للأداء بمقتضى القانون
هم كل ذات معنوية أو طبيعية تحقق العمليات المنصوص عليها بالفصل الأول من م ا ق م ، و كل شخص ينص على الأداء على القيمة المضافة بالفاتورة أو ما يحل محلها من الوثائق و ذلك في حدود ما وقع التنصيص عليه سواء كانت العملية المتعلقة بالفاتورة خاضعة للأداء أو لا و سواء كانت البضاعة المعنية خاضعة للأداء أو لا.[19]
يتفق هذا التوجه مع ما ذهب إليه القانون الفرنسي بالفصل 238 ثالثا من مجلة الاداءات و فقه القضاء الفرنسي الذي اتبع نفس التمشي معتبرا أن التنصيص على الأداء مع ثمن البيع رغم أن البضاعة غير خاضعة للأداء يجعل البائع مطالبا بدفع قيمة الأداء دون اعتباره خاضعا له ولا يمكنه طرحه.
و لكن إدارة الجباية الفرنسية اعتبرت أن البائع الحسن النية غير مطالب بالأداء و مكنته من إعداد فاتورة جديدة مطابقة للقانون مع استرجاع قيمة الأداء التي دفعها[20].
من جهة أخرى نص الفصل الثاني من م ا ق م على حالتين خاصتين اعتبرها خاضعة للأداء على القيمة المضافة:
المؤسسات التابعة لمؤسسة خاضعة للأداء مهما كانت حالتها القانونية
و تعتبر مؤسسة تابعة لمؤسسة أخرى أو مسيرة من طرفها عندما تكون هذه الأخيرة:
– تمارس سلطة القرار بصفة مباشرة أو غير مباشرة أو عن طريق وسيط و الوسيط هو المالك أو المتصرفين أو مديري هذه المؤسسة التابعة.
– تمتلك نصيبا هاما أو أغلبية رأس المال و بالتالي تمتلك أغلبية الأصوات في جلسات الشركات و المساهمين ( انظر التنقيح الجديد المتعلق بالأقليات في مجلة الشركات )
– إذا كان مقرها خارج البلاد التونسية ولا تمارس إلا دور المتصرف و لا تشغل شخصيا أي منشآت صناعية أو تجارية.
أرباب المخازن و تجار الجملة للمشروبات الكحولية و الخمور و الجعة
يخضعون للأداء على القيمة المضافة بغض النظر عن كونهم مصنعين أو موزعين لهذه البضاعة.
الخاضعون جزئيّا للأداء
هم الأشخاص المعنويون أو الطبيعيون الذين يمارسون نشاطا خاضعا للأداء على القيمة المضافة و آخر خارج ميدان تطبيق من الأداء أو معفى من الأداء المذكور.
في هاته الحالة يحدد الأداء الذي يجب دفعه حسب النشاط إذا ما كانت هنالك إمكانية تقنية وعملية تسمح بالتفرقة بين النشاطين. أما إذا ما استحالت هذه العملية فان رقم المعاملات الجملي يمثل قاعدة احتساب الأداء.
الخاضعون للأداء اختياريّا[21]
هم الأشخاص الذين يختارون الخضوع للأداء على القيمة المضافة بعنوان خارج نطاق تطبيق الأداء أو معفى منه. و تتمتع بإمكانية الاختيار كل ذات معنوية أو طبيعية:
– تمارس نشاطا خارج ميدان تطبيق الأداء على القيمة المضافة و يجب أن يكون الاختيار متعلقا بكامل النشاط الذي يمارسه الشخص المعني.
– تمارس نشاطا تصديريا يتعلق بعمليات معفاة من الأداء و هي محددة بالجدول “أ” الملحق بمجلة الأداء على القيمة المضافة. في هذه الحالة إذا لم توجه العمليات المعفاة للتصدير لا يمكن التمتع بالاختيار كما يمكن أن يكون اختيار الخضوع للأداء جزئيا.
– تزود الخاضعين للأداء على القيمة المضافة ببضائع أو خدمات معفاة من الأداء. و يمكن في هذه الحالة أن يكون الخضوع للأداء جزئيا.
يجب على الراغبين في الخضوع للأداء التقدم بمطلب للإدارة الجبائية يصبحون اثر المصادقة عليه مطالبين بدفع الأداء منذ أول يوم من الشهر الموالي لتاريخ القبول.
و يمتد الخضوع للأداء اختياريا مدة أربعة سنوات قابلة للتجديد ضمنيا إذا لم يقع الإعلام بما يخالف ذلك في الثلاثة أشهر السابقة لانتهاء المدة المحددة بتاريخ 31 ديسمبر من السنة الرابعة.
بمجرد دخول المعني بالأمر في إطار الخضوع للأداء عليه وفي اجل لا يتجاوز ثلاثة أشهر تقديم جرد للمخزون (stock) و للأصول (immobilisations)[22] و هذا الجرد من شأنه أن يمكن الإدارة من ضبط فائض الأداء[23] الذي سوف ينطلق منه احتساب التوظيف الجديد[24]. و يتولى أعوان الإدارة الجبائية التنقل على عين المكان لمراقبة ما وصلهم من معلومات .
إن اختيار الخضوع للأداء على القيمة المضافة يقدم العديد من الايجابيات لمن يمارسون نشاطا خارج إطار تطبيق الأداء.
فعمليات التوريد من طرف الغير خاضعين للأداء، مثلا، تجعلهم مطالبين بدفع الأداء على أساس رقم معاملاتهم مضافا له نسبة 25%. وبالتالي يمكن أن يؤثر عدم خضوعهم للأداء على الأسعار التي لن تحقق متطلبات الأسواق من حيث المنافسة و يصبح اختيارهم نظام الأداء على القيمة المضافة أكثر ايجابية و يضمن لهم التمتع بخصائص الأداء.
و بصفة عامة يمكّن اختيار الخضوع للأداء من قبل غير الخاضعين له من:
– الحط من قيمة الأداء واجبة الدفع عند إبرام العقود أو التمتع بالخدمات
– يمكن حرفاءهم الخاضعين للأداء من التمتع بحق الطرح
– التوريد مع تأجيل التوظيف
– التعامل مع من يتمتعون بنظام تأجيل التوظيف
لذلك يمكن اعتبار أن الأداء على القيمة المضافة يمثل دافعا لتطوير المعاملات الاقتصادية و تيسيرها.[25]
من جهة أخرى إذا أراد الخاضع للأداء اختياريا التراجع عن هذه الصفة فعليه دفع الأداء على القيمة المضافة الموظف على ما له من مخزون وقع اقتناؤه محليا ممّن هم خاضعين للأداء و ما له من مخزون وقع استيراده مع احتساب الزيادة المحددة بـ25%.
و يصبح المعني بالأمر مطالبا بتسديد الأداء الذي تم طرحه على اعتبار انه سوف يستعمله لاحقا بصفة غير خاضع للأداء.[26]
ب- واجبات الخاضعين للأداء
من أهم و ابرز واجبات الخاضعين للأداء على القيمة المضافة إعداد فواتير بشروط شكلية محددة بالفصل 18 م ا ق م ثم التصريح الشهري .
فيما يتعلق بالفاتورة:
تمثل الفاتورة شرطا أساسيا لطرح الأداء على القيمة المضافة و الخاضعون للأداء مطالبون بتحريرها لكل عملية يقومون بها ما عدى في حالة وجود عقد جدير بالثقة.
لم يحدد الفصل 18 المذكور ما المقصود بعقد جدير بالثقة هل انه يعني بذلك عقدا كتابيا متضمنا جميع شروط العقد الشكلية المنصوص عليها بمجلة الالتزامات و العقود أم أن العقد الشفاهي المتفق عليه بين الطرفين يعد “جديرا بالثقة”.
مبدئيا القانون الجبائي يرتكز على الوثائق القانونية المكتوبة لإمكانية مراقبتها بالتالي لن تكون العقود الجديرة بالثقة إلا مكتوبة على أن تتضمن التنصيصات المشترطة لصحة الفاتورة.
و على سبيل المثال يمكن أن تحل عقود إسداء الخدمات التي يبرمها المحامون مع حرفائهم محل الفاتورة إذا ما تضمنت الشروط الشكلية للفاتورة.[27]
في جميع الحالات لا يمكن أن تعتمد الفاتورة بالنسبة لإدارة المراقبة الجبائية ما لم تستجب للشروط الشكلية المنصوص عليها بالفصل 18 م ا ق و المتمثلة في :
تاريخ المعاملة
تعريف الحريف و عنوانه و معرفه الجبائي
المعرف الجبائي للخاضع للأداء
ذكر البضاعة أو الخدمة مع الثمن دون احتساب الأداء
نسب و مبالغ الأداء
و يجب أن تكون الفواتير مرقمة ترقيما متسلسلا .
لا يمكن التعرض إلى الفاتورة و شروطها دون الخوض بمسالة مهمة ألا و هي الفاتورة الالكترونية.
لم تتعرض مجلة الأداء على القيمة المضافة و كذلك مجلة الحقوق و الإجراءات الجبائية إلى هذه النقطة على الرغم من أن العديد من القوانين نظمت مجال التبادل الالكتروني.[28]
القانون الجبائي التونسي، كما سبق ذكره ، قانون يعتمد على الكتب و لا يمكن أن يتعامل مع ما هو غير مادي و الحالة الوحيدة التي تم فيها اعتماد وثائق غير مادية تتعلق بالمحاسبة الموثقة على
الحاسوب أو على أقراص مضغوطة.[29]
أما بالنسبة للفاتورة فلا يمكن أن تكون غير مادية لعدة أسباب أهمّها صعوبة مراقبة مثل هذه الوثائق لسهولة تغييرها دون ترك اثر يدل على أنها ليست النسخة الأصلية و مراقبتها تتطلب أعوانا مختصّين في الإعلامية للتّفطّن إلى محاولات التحيّل الممكنة و هذا الأمر يبدو صعب التحقيق بالنسبة للإدارة التونسية على الأقل في الوقت الحاضر.
كما أن استخلاص الأداء من الحريف يجب أن يقع إثباته و الوسيلة الوحيدة للإثبات هي الوثائق المكتوبة.
في جميع الأحوال إجازة الفاتورة الالكترونية يمثل مجازفة بالنسبة لإدارة المراقبة الجبائية و القانون الجبائي التونسي على اعتبار أن هذه الوثيقة تتعلق بالعديد من النقاط المهمة كتحديد مجال تطبيق الأداء على القيمة المضافة و حق الطرح بالنسبة للمطالبين به إضافة إلى تحديد نسب الأداء و لا يمكن تركها دون مراقبة دقيقة .
لئن رفض التشريع التونسي الخوض في مسالة الفاتورة الالكترونية و فضل التشبث بالوثائق المادية فان ذلك لن يكون لوقت طويل إذا ما نظرنا إلى التطور التكنولوجي الذي وصلت إليه المعاملات الاقتصادية و السرعة الفائقة التي يتطلبها التبادل في التجارة العالمية والمحلية و مواكبة كل هذه التحديات لن تكون بتجاهل مفاهيم “آلاّ مادية” .
و خير دليل على ذلك القانون الفرنسي الذي اخذ بعين الاعتبار هذا التطور منذ أكثر من عشر سنوات و نص الفصل 289 مكرر[30] على أن الفاتورة المرسلة transmise par voie télématique تعد نسخة أصلية من الفاتورة و تمكّن صاحبها من حق الطرح مع احترام جملة من الشروط تضمن صحة المعلومات المدونة بالفاتورة بشكل يقلل إمكانية التحيل.[31]
و بذلك اقر القانون الجبائي الفرنسي شرعية التعامل بالفاتورة الالكترونية و جعلها تمكن صاحبها من نفس حقوق صاحب الفاتورة المكتوبة.
لكي يصل القانون الجبائي التونسي إلى هذه المرحلة المتقدمة في التعامل مع الوثائق الالكترونية و تحديدا الفاتورة يجب الاستعداد مسبقا على مستوى التشريع و على مستوى آليات التطبيق أما في الوقت الرّاهن لا يمكن القيام بأية معاملة خاضعة للأداء على القيمة المضافة دون تحرير فاتورة مطابقة للقانون أو ما يقوم مقامها كما هو الشأن بالنسبة لعمليات نقل البضائع.
أحكام خاصة بعمليات نقل البضائع:
كل عملية نقل للبضائع يجب أن تكون مصاحبة بفاتورة قانونية أو وثيقة تقوم مقامها.
و يمكن أن يقوم مقام الفاتورة:
– وصل تسليم مؤرخ [32].
– وصل خروج البضائع مؤرخ [33] إذا ما تعلق الأمر بالخاضعين للأداء الذين يروجون بضائعهم عن طريق التجول.
– الوثيقة الديوانية بالنسبة لعمليات نقل البضائع المستوردة من المنطقة الديوانية إلى أول مرسل إليه.
و فيما يتعلق بتاريخ إصدار وصل خروج البضائع اعتبرت الإدارة العامة للدراسات و التشريع الجبائي أن” تاريخ تسليم البضائع يجب أن يكون مطابقا لتاريخ إصدار وصل خروج البضائع غير انه بالنسبة لعمليات نقل وترويج البضائع عبر أماكن متباعدة فان تحديد آجال صلاحية وصل الخروج إذا ما وقع تسليمها قبل تاريخ التسليم يبقى مرتبطا بظروف و متطلبات عملية النقل و نوعية البضائع المنقولة و المسافة التي سيتم قطعها و كذلك مخاطر الطريق.
و تعود صلاحية تحديد الآجال المذكورة إلى السلطة التقديرية لأعوان المراقبة الجبائية المكلفين بمراقبة عمليات نقل البضائع بالطرقات. ” [34]
و كما أن لنقل البضائع قواعد خاصة فان لتجارة التفصيل قواعد تهم تحرير الفاتورة حددها القانون.
أحكام خاصة بتجار التفصيل:
تطبق على تجار التفصيل فيما يتعلق بتحرير الفاتورة بعض الأحكام الخاصة من حيث الشكل و قد نص عليها الفصل 18 ثالثا.
يحرر تاجر التفصيل فاتورة فردية و فاتورة جمليّة. بالنسبة للفواتير الفردية يحررها عندما يحقق مبيعات مع الدولة، المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية، الجماعات المحلية، الأشخاص المعنويين و الطبيعيين الخاضعين للضريبة على الدخل بعنوان الأرباح الصناعية و التجارية و أرباح المهن غير التجارية و كذلك بالنسبة للبيوعات الأخرى كلما طلب الحريف ذلك.
أما بالنسبة للفواتير الجمليّة فتحرر يوميا لغير الأشخاص المذكورين سابقا.
و تختلف نسبة الأداء باختلاف صنف الفاتورة.[35]
سواء تعلق الأمر بتجار التفصيل أو غيرهم من الخاضعين للأداء على القيمة المضافة فان عدم إصدار فاتورة مطابقة للشروط القانونية أو عدم إصدار فاتورة تماما يعرض صاحب هذه المخالفة إلى عقوبات جزائية واردة بمجلة الحقوق و الإجراءات الجبائية.[36]
لا تقتصر واجبات الخاضعين للأداء على تحرير الفواتير بل هم مطالبون بالتصريح بهذا الأداء وفق ما يقتضيه القانون.
فيما يتعلق بالتصريح بالأداء:
نص الفصل 18-VΙ على وجوب التصريح شهريا بالأداء على القيمة المضافة طبق النموذج المتوفر لدى القباضة المالية و ذلك خلال الخمسة عشر يوما الأولى من كل شهر بالنسبة للأشخاص الطبيعيين و خلال الثمانية و العشرين يوما الأولى من كل شهر بالنسبة للأشخاص المعنويين.
إن التخلف عن القيام بواجب التصريح في الآجال أو عدم القيام به يعرض صاحبه إلى العقوبات الإدارية المنصوص عليها بمجلة الحقوق والإجراءات الجبائية.[37]
المبحث الثاني: توظيف الأداء على القيمة المضافة
لا يتم توظيف الأداء على القيمة المضافة وفق القانون الجبائي ما لم تكن العمليات الاقتصادية المعرفة بالفصل الأول من م ا ق م منجزة بالبلاد التونسية مما يحيلنا إلى الحديث عن مكان التوظيف. كما لا يصبح الخاضع للأداء مطالبا بدفعه للإدارة الجبائية إلا في توقيت معين يحدد طبق حدث الإنشاء.
عند توظيف الأداء على عملية اقتصادية ما يكون احتساب قيمة هذا الأداء وفق رقم المعاملات و طبق نسب محددة.
الفقرة الأولى: مكان توظيف الأداء على القيمة المضافة
لكي تخضع أي عملية خاضعة للأداء على القيمة المضافة يجب أن تنجز على التراب التونسي الأمر الذي يجعل عمليات التصدير غير خاضعة للأداء بالبلاد التونسية.
أ- مبدأ إنجاز العملية بالبلاد التونسية
حددت مجلة الأداء على القيمة المضافة مختلف الشروط القانونية التي توظف العمليات المنجزة بالتراب التونسي.
بالنسبة لعمليات البيع تكون خاضعة للأداء إذا ما تم التسليم بالتراب التونسي.
و ينص الفصل 592 م ا ع أن التسليم يتم إذا ما تخلى البائع عن المبيع و صدر منه أو من نائبه إذن للمشتري لتسلم المبيع و مكّن المشتري من حوزته دون مانع.
بالنسبة لأية عملية أخرى فانه كلما وقع استعمال الخدمات المقدمة أو الشيء المستأجر
بالبلاد التونسية تطبق قواعد القانون الجبائي التونسي. بالتالي و تحديدا بالنسبة للخدمات، يحدد مكان الاستعمال مكان التوظيف مهما كان البلد الذي يوجد به من يقوم بالخدمة الأمر الذي يضمن حياد القانون الجبائي، إذ لا يتعلق الأداء على القيمة المضافة إلا بالعمليات الاقتصادية و مكان استغلالها و لن تختلف بالتالي نسب الأداء حسب اختلاف جنسيات من يقوم بالخدمة أو المكان الذي يوجد به مقره.
و هو ما يؤكده الفصل 19 م ا ق م الذي ينص على انه في صورة إنجاز الأشخاص المعنويين أو الطبيعيين الذين ليست لهم مؤسسة بالبلاد التونسية لعمليات خاضعة للأداء على القيمة المضافة يتعين على حرفائهم خصم الأداء المستوجب بعنوان هذه العملية و يكون هذا الخصم تحريريا من الأداء.
كان الفصل 19 [38] ينص على انه يجب على الأشخاص الذين يقومون بعمليات خاضعة للأداء و الذين ليست لهم مؤسسات بالبلاد التونسية تعيين مفوض لهم ( مقيم بالبلاد التونسية ) لدى الإدارة الجبائية يلتزم بالإجراءات التي يطالب بها الخاضعون للأداء ويدفع الأداء عوضا عنهم . و في غياب المفوض، و كلما كان شخص معنوي أو طبيعي حريفا لأحد الخاضعين الأداء المشار إليهم و مطالب بان يدفع لهم مبلغا ما بعنوان تزويد أو خدمة مقدمة ، يصبح مطالبا بالأداء الموظف على هذه العملية في حدود دينه مما يحرره قانونا و في حدود المبلغ المدفوع لمزوده أو من أسدى له الخدمة.
بالتالي كلما اثبت الحريف المقيم بالبلاد التونسية انه قام بتسديد كامل ديونه إلى الخاضع للأداء لا يمكن استخلاص الأداء على القيمة المضافة المتعلق بتلك العملية [39] خاصة إذا ما تعلق الأمر بالعمليات المنجزة عير الانترنت و التجارة الالكترونية.
و ما كان من المشرع إلا أن ألزم الحريف بخصم الأداء على القيمة المضافة المستوجب بعنوان العمليات المنجزة من طرف غير المقيمين بالبلاد التونسية و الذين ليست لهم مؤسسة بالبلاد التونسية.
و يصبح بذلك من الممكن استخلاص الأداء مهما كان مكان إقامة الخاضع للأداء طالما أن مكان الاستهلاك هو التراب التونسي.
بالتالي فان المبدأ في مادة الخدمات هو أن يحدد مكان الاستعمال مكان التوظيف و عليه تكون عمليات نقل البضائع الدولية خاضعة للأداء على القيمة المضافة في الجزء المنجز بالتراب التونسي.[40]
بالنسبة للبضائع المعدة للتصدير تعتبر مسلمة بالبلاد التونسية بالنسبة للبائع إذا
لم يودع هذا الأخير الإعلام بالتصدير باسمه.
بالنسبة للبضائع المورّدة تعتبر مسلمة بالبلاد التونسية إذا ما وقع تسليمها لشخص آخر غير الشخص الذي استعمل رقم التعريفة الديوانية للقيام بالإجراءات الديوانية.
و قد فرق فقه قضاء المحكمة الإدارية بين التوريد و عملية الإحالة على الرصيف التي لا تخضع للأداء على القيمة المضافة. و اعتبرت الدائرة التعقيبية بالمحكمة الإدارية انه:
“ ليتسنى اعتبار العملية إحالة على الرصيف لابد من إثبات أن عملية البيع الواقعة بين الشركة المصدرة والمطالبة بالضريبة قد تمت خارج مجال تطبيق الأداء على القيمة المضافة و يتطلب ذلك:
– أن تكون الإجراءات الديوانية قد تمت باستعمال التعريفة الديوانية للحريف
– مع عدم إدخال أي تغيير على البضاعة.
و حيث بالرجوع إلى القرار المطعون فيه و لئن تدخلت المعقبة في عملية التوريد من خلال تسديد أجرة الوسيط القمرقي فان المورد الحقيقي هو حريفها باعتباره استعمل تعريفته الديوانية للقيام بالإجراءات الديوانية و قام بخلاص المعاليم الديوانية من بينها الأداء على القيمة المضافة.
و تكون بالتالي العملية من قبيل الإحالة على الرصيف بالنسبة للمعقبة بصرف النظر عن الأداء المستوجب بعنوان الخدمات التي قدمتها لحريفها و الذي يستقل بطبيعته عن عملية الإحالة على الرصيف.“[41]
بعبارة أخرى عندما تتحقق عملية الإحالة على الرصيف يصبح الحريف هو المطالب بالأداء باعتباره من يقوم بالإجراءات الديوانية و يتحول بذلك إلى مورد و يدفع الأداء مع معاليم الديوانة[42].
ب- نظام تأجيل توظيف الأداء على القيمة المضافة
يعتبر نظام تأجيل التوظيف استثناء لمبدأ خضوع العمليات المنجزة بالبلاد التونسية للأداء. ذلك أن نظام التأجيل الذي ينسحب على عمليات متعلقة بالتصدير و البيوعات بتأجيل التوظيف جعل بعض العمليات المنجزة بالبلاد التونسية غير خاضعة للأداء بصفة مؤقتة.
يمكن تعريف نظام تأجيل التوظيف بأنه نظام يمكّّّّن الخاضع للأداء اثر الترخيص له من قبل الإدارة الجبائية من أن يقتني البضائع الضرورية لنشاطه دون دفع الأداء على القيمة المضافة.
يتمتع العديد من الخاضعين للأداء بهذا النظام و قد وقع تحديدهم بمجلة الأداء على القيمة المضافة و بنصوص خاصة.
نظام التأجيل المنصوص عليه بمجلة الأداء على القيمة المضافة:
-ينص الفصل 11 من م ا ق م على الحالات التالية :
يمكن للخاضعين للأداء الذين يتعاطون نشاطا يقتصر أو يعتمد أساسا على التصدير أو
البيوعات مع تأجيل التوظيف [43] الانتفاع بهذا النظام بالنسبة لمقتنياتهم من المنتجات و الخدمات التي تمنح حق الطرح.[44]
يجب على المنتفعين بهذا النظام إعداد قسيمة طلب تزويد بالنسبة لكل عملية اقتناء منتجات أو تمتع بخدمات في ثلاث نظائر تحمل وجوبا بيانات متعلقة برقم و تاريخ القرار الذي منحهم حق تأجيل التوظيف [45] و يوجه نظير منها إلى مركز مراقبة الاداءات المختصّ و يحتفظ المعني بالأمر بنسخة و يوجه الأصل إلى المزود.
يخول الفصل 11- II لغير الخاضعين للأداء و الذين يقومون بصفة عرضية بعمليات
تصدير من الانتفاع بنظام التأجيل بالنسبة لمقتنياتهم من بضائع و خدمات معدة للتصدير لدى الخاضعين للأداء.
و يشترط للتمتع بهذا النظام إرسال مطلب إلى مركز الاداءات المختص ترابيا مع الالتزام بالإدلاء لدى الإدارة بالوثائق اللازمة المدعمة لخروج البضائع في ظرف عشرين يوما
من الشهر الموالي للذي وقعت فيه عملية التصدير و في صورة عدم حصول ذلك يطالب المعني بالأمر بدفع الأداء الذي اجل توظيفه في حدود ذلك الأجل.
توريد البضائع المنتفعة بتأجيل التوظيف الديواني يمنح إمكانية التوريد بتأجيل
التوظيف على الأداء على القيمة المضافة تطبيقا لأحكام الفصل 11-III. و لكن استهلاك جزء أو كل من هذه البضاعة بالتراب التونسي يجعلها خاضعة للأداء حسب النسب المعمول بها بتاريخ تسجيل إعلام التوريد.
-ينص الفصل 12 م ا ق م على أن مؤسسات التوزيع التي اختارت صفة الخاضع للأداء تورد زيوت البترول بتأجيل التوظيف و يحتسب الأداء عند التوزيع.
تأجيل التوظيف المنصوص عليه بالنصوص الخاصة:
تتمتع العديد من المجالات بنظام تأجيل توظيف الأداء على القيمة المضافة و لعل من أهمها مجلة تشجيع الاستثمارات الصادرة بمقتضى قانون عدد 93-120 مؤرخ في 27 جويلية 1993 و بالتحديد الفصول المتعلقة بالتصدير.[46]
يتعلق نظام التأجيل المنصوص عليه بمجلة تشجيع الاستثمارات بالمعدات اللازمة للاستثمارات و جميع المقتنيات من معدات و خدمات لازمة لتحقيق عمليات التصدير.[47]
و تجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن نظام تأجيل التوظيف ينطبق سوءا كانت الشركة مصدرة كليا أو جزئيا.[48]
يجب التأكيد في هذا الإطار على أن نظام تأجيل التوظيف لا يعد إعفاء من الأداء فالإعفاء يهم عمليات اقتصادية وقع التنصيص عليها صلب الجدول “أ” الملحق بمجلة الأداء على القيمة المضافة و التفريق بينهما مهمّ.
كما أن الإعفاء نهائي بينما تأجيل التوظيف مرتبط بكيفية استغلال المعدات المتعلقة بالتصدير إذا ما وقع التفويت فيها ولم تعد مستغلة في إطار نشاط المؤسسة الموجه للتصدير فان الأداء الذي وقع تأجيل دفعه يصبح ملزما للخاضع للأداء.
أما بالنسبة للعمليات المعفاة و المنصوص عليها بالجدول “أ” الملحق بمجلة الأداء على القيمة المضافة فإنها لا تمكّن الذي يحققها من طرح الأداء موظف بعنوان شراءاته على عكس تأجيل التوظف الذي لا يقطع سلسلة طرح الأداء.[49]
نظام تأجيل التوظيف ليس إعفاء بل يمكن الخاضع للأداء، وقتيا و حسب شروط معينة، من عدم دفعه وهو أمر يسهل المعاملات لمن هم غير خاضعين للأداء كما يمكن أن يؤجل دفع الأداء إلى مرحلة الاستهلاك مثلما هي الحال بالنسبة لتوريد زيوت البترول.
شروط متعلقة بالبيوعات مع تأجيل توظيف الأداء
يشترط في حالة التمتع بالبيع مع تأجيل التوظيف أو التصدير أن تتضمن الفاتورة على عبارة ” بيع بتأجيل التوظيف ” أو ” بيع للتصدير” مع تحديد رقم و تاريخ القرار الإداري المرخص
للتمتع بتأجيل التوظيف.[50]
كما يجب أن تتضمن الفاتورة الأداء الذي تم توقيف العمل به بمقتضى التشريعات الجاري بها العمل. و يجب أن تتحصل الإدارة الجبائية في آخر كل ثلاثية على نسخة من الفواتير التي تم إصدارها دون استخلاص الأداء على القيمة المضافة و قد تم تعويض هذا الإجراء بقائمة تتضمن التنصيصات الوجوبيّة بمقتضى قانون المالية لسنة 2007.
الأشخاص المعنويون أو الطبيعيون الذين ليست لهم مؤسسات بالبلاد التونسية و الذين يقومون بمعاملات خاضعة للأداء، مطالبون باحترام الواجبات الملزمة للخاضعين للأداء وفقا للتشريع الجاري به العمل الأمر الذي يجعلهم مطالبون بتحرير فاتورة طبق القانون.[51]
الفقرة الثانية: حدث الإنشاء ( زمن توظيف الأداء )
إن توظيف الأداء يكون مكانا في البلاد التونسية سواء تعلق الأمر ببيع أو بخدمة أو بالتصدير و زمانا يكون التوظيف متى توفر حدث الإنشاء.
يمكن تعريف حدث الإنشاء بأنه التاريخ الذي يصبح بحلوله الخاضع للأداء مدينا تجاه إدارة الجباية و يتمثل دينه في قيمة الأداء على القيمة المضافة التي استخلصها من حريفه.[52]
يتحقق حدث إنشاء الأداء على القيمة المضافة عند:
إخراج البضاعة من الديوانة بالنسبة للواردات.
تسليم البضاعة بالنسبة للبيوعات غير انه بالنسبة لبيوعات الأملاك العقارية
والمبادلات يتكون حدث الإنشاء بتحرير الوثيقة التي تثبت وقوع العملية و في صورة عدم توفرها بانتقال الملكية.
إنجاز الخدمة أو قبض الثمن أو قبض تسبقات منه قبل الإنجاز.
الاستعمال الأول للأشياء التي يسلمها الخاضعون للأداء لأنفسهم.
قبض الثمن بالنسبة للعمليات المعنية بالخصم من المورد المنصوص عليه بالفصل 19 و 19 مكرر من مجلة الأداء على القيمة المضافة.
التنفيذ الجزئي أو الكلي للأشغال العقارية، غير أن:
معاينة حدث الإنشاء لا تكون لاحقة للفاتورة الجملية فمجرد تحرير مبالغ وقتية أو فواتير جزئية تنجر عنه المطالبة بالأداء.[53]
مؤسسات الأشغال العامة و البناء التي تقوم بأشغال لفائدة الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية تدفع الأداء على المقابيض المتأتية من تلك الأشغال و يحدد حدث الإنشاء كما هو الشأن بالنسبة للخدمات.
لقد فرق الفقه بين الحدث المنشئ للأداء ( fait générateur ) و بين تاريخ وجوب دفع الأداء
(la date d’exigibilité) مع العلم انه لم يرد بمجلة الأداء على القيمة المضافة تحديد لتفرقة بين المفهومين. ويمكن التعرف بأكثر دقة على هذه التفرقة عندما نستعرض التعريف الذي يعتمده الاتحاد الأوروبي في خصوص حدث الإنشاء:
« Le fait générateur est le fait par lequel sont réalisées les conditions nécessaires pour l’exigibilité de la TVA». [54]
أي أن حدث الإنشاء هو الحدث الذي ينشئ دينا لفائدة الخزينة العامة.
و عادة يكون تاريخ الحدث المنشأ و تاريخ دفع الأداء متطابقان بالنسبة للبيوعات ( تاريخ التسليم) و كذلك بالنسبة للخدمات إلا في حالة التسبقة أو تحرير فواتير جزئية .
في هذه الحالة، يهم حدث الإنشاء الطرف الذي سوف يطرح الأداء و تاريخ وجوب دفع الأداء يهم من سيدفع الأداء للدولة، فيكون الأداء قابلا للطرح بالنسبة للمنتفع بالخدمة عند تحرير الفاتورة، جزئية كانت أم نهائية، و يكون بذلك تحقق حدث الإنشاء.
الفقرة الثالثة: احتساب الأداء على القيمة المضافة
يوظف الأداء على القيمة المضافة على رقم المعاملات الذي حدده الفصل 6 م أ ق م طبق نسب منصوص عليه بالمجلة.
قاعدة الأداء
القواعد العامة:
يتضمن رقم المعاملات سعر البضائع و الأشغال والخدمات مع احتساب جميع المصاريف[55]
و الاداءات و المعاليم و قيمة الأشياء المدفوعة كمقابل باستثناء:
الأداء على القيمة المضافة ذاته
منحة الاستغلال
الاقتطاعات الظرفية و التعويضية
المبالغ المقبوضة بعنوان الإيداع و عدم إرجاع وسائل اللف المودعة
و تجدر الإشارة في نفس السياق أن اقتناء وسائل اللف المودعة (en consigne)يطبق عليه مبدأ الطرح.
كما أن المصاريف المدرجة برقم المعاملات توظف عليها نسبة الأداء الموظفة على ثمن البيع حتى و إن دوّنت بفاتورة مستقلة.
اعتبر فقه القضاء الفرنسي أن ربح الأسهم في مادة الأداء على القيمة المضافة لا يمثل مقابلا لمعاملة
اقتصادية الأمر الذي يجعله خارج نطاق تطبيق الأداء و لا يدرج برقم المعاملات.[56]
أي أن رقم المعاملات يمثل مجموع مقابل المعاملات الاقتصادية التي تقوم بها المؤسسة.
ينص الفصل 6 م ا ق م على انه إذا لم تعرف القاعدة بأي طريقة أخر يتم تحديدها على أساس المبلغ الخام للمكافآت المقبوضة (les rémunérations reçues) أو المقابيض المتحصل عليها
(les recettes réalisées) بأي عنوان كان و ذلك اثر إنجاز العمليات الخاضعة للأداء.
الحالات الخاصة:
البيوعات لغير الخاضعين للأداء و المنجزة من قبل الصناعيين و تجار الجملة و الحرفيين :
يحتسب الأداء على أساس القواعد العامة بإضافة 25 % و يستثنى من هذه الإضافة بيع المواد الغذائية و المواد الصيدلية و المنتجات الخاضعة لنظام المصادقة الإدارية للأسعار و البيوعات المنجزة مع الدولة و المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية و الجماعات المحلية و بيوعات تجار التفصيل.
و تعتمد الإدارة الجبائية إما الزيادة في أساس الأداء أو الزيادة في النسب و سوف يقع التعرض بأكثر تفصيل لهذه النقطة عند التعرض للنسب بالفقرة ب.
التوريد: و يحدد الأداء عادة طبق القواعد العامة و لكن يحتسب الأداء مع إضافة 25%
عندما يكون المورد غير خاضع للأداء أو عندما يتعلق التوريد ببعض السلع الاستهلاكية [57] سواء كان المورد خاضع كليا أو جزئيا أو غير خاضع للأداء.
البيوعات المنجزة من قبل التجار الخاضعين للأداء و المتعلقة بالمنتجات المسلمة من
قبل الأشخاص الخاضعين للنظام التقديري: يقع احتساب الأداء على القيمة المضافة على أساس الفارق بين ثمن البيع و ثمن الشراء و بالتالي عندما يقتني التاجر من مزود خاضع للنظام التقديري يصبح رقم معاملاته الفارق بين ثمن البيع و ثمن الشراء .
ب- النسب
تعرض الباب الثالث من مجلة الأداء على القيمة المضافة لمختلف النسب المحددة كما يلي:
نسبة 18% هي النسبة التي تخضع لها المنتجات و الخدمات الغير خاضعة لنسبب محددة.
نسبة 6 % تهم المنتجات والخدمات المحددة بالجدول “ب ” المدرج بملحق المجلة.
نسبة 10 % و التي اصبحت منذ صدور قانون 18 نوفمبر 2006 تساوي 12 % وتهم العمليات المتعلقة بالمنتجات والخدمات و الأنشطة المذكورة بالجدول ” ب مكرر ” المدرج بالملحق.
نسبة 29 % تهم العمليات المتعلقة بالمنتجات و الخدمات المحددة بالجدول ” ج ” المدرج بالملحق.
و قد وقع إلغاء العمل بنسبة 29 % بمقتضى القانون عدد 80 لسنة 2006 و المؤرخ في 18 نوفمبر 2006 و المتعلق بتخفيض نسب الأداء على القيمة المضافة و التخفيض من العبء الجبائي على المؤسسات.
و بإلغاء العمل بهذه النسبة سوف تتحقق أكثر سيولة للمؤسسات خاصة بالنسبة للّتي تبيع منتجاتها على أساس نسبة 6 % أو 10 % و تشتري بنسبة 18 % و 29 % فهذه الوضعيات أثقلت كاهل المؤسسات و أوقعتهم في صعوبات من جرّاء فائض القيمة المضافة الذي لم يكن يسترجع منه سوى 50 % لكن اثر التحويرات الأخيرة ارتفعت نسبة الإرجاع إلى 100 %.
و عند إضافة 25 % لرقم المعاملات المنجز من قبل الصناعيين و الحرفيين و تجار الجملة لفائدة غير الخاضعين للأداء تصبح نسب الأداء على القيمة المضافة كما يلي:
نسب الأداء نسب الأداء مع الإضافة
6% 7,5%
12% 15%
18% 22,5%
الجزء الثاني: آليات استخلاص الأداء على القيمة المضافة
إن استخلاص الأداء على القيمة المضافة يتم عند التصريح الذي يقوم به الخاضع للأداء تلقائيا.
على الخاضع للأداء أن يقوم بالتصريح لدى القباضة المالية الراجع لها بالنظر في الآجال المحددة طبق القانون و كل تصريح وارد بعد التاريخ المذكور يعرض الخاضع للأداء لخطية تأخير التصريح مقدرة بخمسة دنانير.
يحدد الأداء على القيمة المضافة المصرح به شهريا و المدفوع بالتالي شهريا اثر طرح الأداء المدفوع من قبل الخاضع للأداء خلال فترة الإنتاج من الأداء الذي يستخلصه الحريف عند البيع و تندرج هذه العملية في إطار مبدأ الطرح الذي يعد أساس الأداء على القيمة المضافة.
التصريح التلقائي للأداء على القيمة المضافة في الآجال المحددة قانونا يغني الخاضع للأداء من التعرض للنزاعات الإدارية والقضائية مع الإدارة العامة للمراقبة الجبائية و التي يمكن أن تنتهي بالخطايا الإدارية أو العقوبات الجزائية.
المبحث الأول: مبدأ الطرح أساس استخلاص الأداء على القيمة المضافة
يتركز الأداء على القيمة المضافة على حق الطرح و يعرفه الفصل 9 من م ا ق كما يلي: يطرح من الأداء الموظف على العمليات الخاضعة مبلغ الأداء الذي أثقل فعلا عناصر ثمن
هذه العمليات و الذي سبق دفعه بخصوص المقتنيات سواء بضاعة أو خدمات أو أصول ثابتة أو من الأداء الذي وقع خصمه طبق الفصل 19 م ا ق م.
لمبدأ الطرح شروط معينة و إجراءات محددة كما انه هنالك استثناءات تمنع تطبيقه.
الفقرة الأولى: شروط تطبيق مبدأ الطرح
يكون تطبيق الخاضع للأداء لمبدأ الطرح مشروط باجتماع عدة شروط شكلية و موضوعية تتعلق بالعملية المعنية بالأداء.
أ-الشروط الموضوعية:
تتمثل الشروط الموضوعية في:
أن يكون الشيء أو الخدمة المعنيّين مندرجين في إطار تطبيق الأداء ويتعلقان بعملية
خاضعة للأداء.
أن يكون الشيء موضوع مبدأ الطرح على ملك الخاضع للأداء. [58]
3. أن تكون الخدمات و المقتنيات المنطبق عليها مبدأ الطرح لازمة لمتطلبات الاستغلال
أي متعلقة بنشاط الخاضع للأداء.
عرّف فقه القضاء الفرنسي معنى المقتنيات اللازمة لمتطلبات الاستغلال بأنها الأشياء التي وقع اقتناؤها بهدف تحقيق حسن سير عمل المؤسسة. [59]
و لكن في حقيقة الأمر يصعب وضع قائمة محددة لهذه المقتنيات إذ انه لا يمكن إقصاء شيء أو خدمة من حق الطرح إلا حسب استعمالات المؤسسة له فعندما يكون لفائدة المسيرين أو الأعوان العاملين لن يعد من قبيل المقتنيات اللازمة لاستغلال المؤسسة في إطار نشاطها.
و كمثال عملي لذلك يعتبر الأداء المدفوع لاقتناء لباس الشغل قابلا للطرح على عكس الأداء المدفوع لاقتناء أغراض شخصية للمسيرين.
ب- الشروط الشكلية:
إذا ما أراد الخاضع للأداء طرح ما دفعه يجب أن يكون ماسكا لمحاسبة مطابقة للقانون و متضمنة على إثباتات على المعاملات أي مختلف الفواتير المطابقة للقانون أو شهادات استخلاص الأداء لدى قباضة الديوانة إذا ما تعلق الأمر بالتوريد أو ما يفيد تسليم الخاضع للأداء لنفسه الأصول الثابتة المادية
الفقرة الثانية: إجراءات الطرح
تتمثل إجراءات الطرح في خصم الأداء المدفوع مسبقا من الأداء المستخلص من الحريف وفي حال وجود فائض يقع إرجاعه للخاضع للأداء إذا ما تغيرت وضعية الخاضع للأداء حسب الحالات التي سوف يقع ذكرها لاحقا.
الخصم ( L’imputation ):
يتركز مبدأ الطرح على عملية خصم قيمة الأداء المدفوع مسبقا من طرف الخاضع من قيمة الاداءات الموظفة على العمليات التي يقوم بها و التي يجمع من خلالها الأداء من المستهلك النهائي.
ينص الفصل 9-I-1) على انه يخصم بصفة جملية الأداء الذي أثقل:
المشتريات المحلية ممن هم خاضعون للأداء
تسليم الخاضع للأداء لنفسه و الواردات المنجزة من طرفه
الخدمات اللازمة لمتطلبات الاستغلال
إذا ما كان الأداء المطالب به بعنوان شهر لا يسمح بخصم الأداء القابل للطرح فان المبلغ الباقي يؤجل طرحه للأشهر الموالية.
التعديل( La régularisation):
إن طرح الأداء على القيمة المضافة لا يكون مطلقا إذ يمكن في حالات معينة مراجعة عمليات الطرح و تعديلها حسبما يتماشى و الوضعيات القانونية الجديدة.
حدد الفصل 9-IV مختلف الحالات التي تسمح بتعديل قيمة الأداء المطروحة. وتتمثل في: 1-حالات يكون فيها التعديل بإعادة دفع كامل الأداء المطروح و هي:
تغيير وجهة استعمال الممتلكات الخاضعة للأداء التي كانت تستعمل في نشاط خاضع للأداء إلى نشاط غير خاضع للأداء أو توظّف في إطار تسليم الخاضع لنفسه بدون مقابل.
تغيير صفة الخاضع للأداء بتوقف النشاط أو العدول عن هذه الصفة و يكون التعديل مع إضافة 25 %.
حصول فقدان غير مبرر لممتلكات أو بضائع قبل استغلالها وحالة السرقة أو الحريق
أو الإتلاف العمد لهذه الممتلكات و السلع لا يعد فقدانا غير مبرر كما يجب أن يكون الخاضع للأداء مالكا لها و قام بطرح الأداء على القيمة المضافة المتعلق بها.
في هذه الحالة يجب تعديل الأداء الذي وقع طرحه سواء كان الفقدان لدى الخاضع للأداء أو الغير.[60]
تغيير عن طريق الإحالة أو المساهمة في شركة و يستوجب هذا التغيير التنصيص
على فاتورة البيع أو عقد المساهمة على الأداء موضوع التعديل.
عند الإحالة يمكن للمحال له أن يطرح الأداء الذي حدد بالأداء أو الفاتورة بعد التعديل.
2- هنالك حالات يكون فيها التعديل مقتصرا على جزء من الأداء الذي وقع طرحه و هي:
إلغاء أو فسخ عملية معينة مع دفع الأداء المتعلق بها. في هذه الحالة يقع خصم
الأداء على القيمة المضافة من الأداء المطلوب على العمليات المتوقع إنجازها مستقبلا في حدود الآجال المحددة بمجلة الإجراءات و الحقوق الجبائية.
لا يمكن أن يقع التعديل إذا ما كان فقدان الشيء مبررا بأمر طارئ أو قوة و قاهرة على أن يثبت الخاضع للأداء ذلك.
كما انه في حال تجميع أو إدماج أو تغيير الصيغة القانونية لمؤسسة ما يحال الأداء أو ما تبقى منه و المدفوع بعنوان الممتلكات و القيم التي تمنح حق الطرح إلى المؤسسة الجديدة.
التفويت في الأصول الثابتة و يكون التعديل بالنسبة للعقارات و تحديدا البناءات بدفع
مبلغ الأداء المطروح منقوصا من العشر عن كل سنة مدنية أو جزء من سنة مدنية وإذا ما تعلّق الأمر بأدوات تجهيز أو معدات تكون قيمة الأداء منقوصة من الخمس عن كل سنة.
و يمتد أجل التعديل فيما يتعلق بالعقارات إلى السنة التاسعة الموالية لتحقق الحدث المنشأ الذي ينجر عنه الطرح أما بالنسبة للمنقولات فيكون في السنة الرابعة الموالية.
تحرير فواتير الخصم(des factures d‘avoirs) بمناسبة تخفيضات تجارية وقع منحها
لفائدة الحرفاء خارج إطار فواتير البيع الأولية أو بمناسبة فسخ أو إلغاء عملية وقع إنجازها سابقا أو بمناسبة تصحيح أخطاء في المحاسبة كخطأ في فواتير البيع.
بالنسبة لفواتير الخصم المحررة اثر إلغاء أو فسخ كلي أو جزئي لعمليات تم إنجازها سابقا فان طرح الأداء يوجب على الخاضع للأداء إيداع قائمة مصاحبة إعلامهم الشهري متضمنة بيانات محددة بالفصل 9-5.
إذا ما قام المطالب بالأداء بالطرح فعليه أن يقوم بالتعديل وفق الفاتورة التصحيحية على أن لا يتجاوز ذلك حدود آجال التقادم المحددة بأربع سنوات.[61]
ج- الاسترجاعLa restitution) )
إذا الأداء المطالب به بعنوان شهر ما لا يسمح بخصم كامل الأداء القابل للطرح فان المبلغ المتبقي يؤجل طرحه إلى الأشهر الموالية ( الفصل 9-I-1 م ا ق م ) و لا يمكن إرجاع هذا الفائض إلا في الحالات المنصوص عليها بالفصل 15 م ا ق م و المتعلقة:
بعمليات التصدير
بخدمات مستعملة أو مستغلة خارج البلاد.
بيوعات بتأجيل التوظيف.
بالخصم من المورد.
بتوقيف النشاط.
بفائض الأداء قابل للطرح ابتداء من غرة جانفي 1999 و مبين بالتصاريح
المودعة بعنوان ستة أشهر متتالية تحت نظام الأداء على القيمة المضافة.
و قد حدد الفصل 15 من م ا ق م انه لا يمكن الإرجاع إلا بنسبة 50% تسبّق منها نسبة 15 % من المبلغ الجملي وبدون مراقبة مسبقة من طرف الإدارة.
و ترفع نسبة التسبقة إلى 35 % بالنسبة للمؤسسات التي تخضع محاسبتها قانونا إلى تدقيق مراقب الحسابات.
وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى انه لا مبرر لأن تكون هنالك تفرقة بين الحالتين طالما أن المطالب بالأداء سواء كان مؤسسة خاضعة للمراقبة المحاسبية أو غير خاضعة لذلك هو أمام الأداء على القيمة المضافة في نفس الوضعية القانونية الأمر الذي يجعل الحياد أمام القانون الجبائي محل إعادة نظر.
و لكن بمقتضى قانون المالية لسنة 2007 ارتفعت نسبة الإرجاع إلى نسبة 100% مما من شانه أن يساهم أكثر في تكريس مبدأ الحياد، إذ انه لتحقيق هذا المبدأ يجب حذف كل
المقتضيات الجبائية التي تسبب فائض الأداء على القيمة المضافة كاستخلاص الأداء بنسبة تضاف لها 25 % عند استيراد بعض البضائع.
تتمثل إجراءات الإرجاع في تقديم مطلب مدعم بالفواتير أو شهادات الخصم أو شهادات التصدير أو شهادات في تحقيق الخدمة بالخارج أو نسخة من القرار الإداري المرخص للبيع بالتأجيل [62].
آجال الاسترجاع:
لم يحدد الفصل 9 م ا ق م آجال تقديم المطلب أو الإرجاع و لكن حددتها مجلة الحقوق
و الإجراءات الجبائية التي نصت على أن أجل تقديم مطلب الاسترجاع هو 3 سنوات منذ تاريخ تحقق فائض في الأداء دون أن يتجاوز ذلك 5 سنوات من تاريخ دفع الأداء.
على الإدارة تقديم جوابها في اجل أقصاه 6 أشهر منذ تسلمها مطلب الاسترجاع فيما يخص أي أداء و لكن إذا ما تعلق الأمر بالأداء على القيمة المضافة فان الأجل يصبح 30 يوما بالنسبة للفائض في الأداء المتعلق بعمليات التصدير و البيع مع تأجيل التوظيف و الخصم من المورد ( المتعلق بالأداء على القيمة المضافة ) و الاستثمارات المندرجة في إطار التأهيل الشامل و المصادق عليها من قبل لجنة تسيير يرنامج التاهيل الشامل.
و تمتد المدة إلى 90 يوما في حالات الفائض الأخرى ( مثلا النشاط العادي للمؤسسة).
يجب على الإدارة في حالة الرفض أن تقدم تعليلا واضحا و يمكن لخاضع للأداء في جميع حالات الرفض أن يتقدم بقضية أمام المحكمة الابتدائية المختصة ترابيا في اجل 60 يوما من تاريخ الإعلام بالرفض أو في أجل 6 أشهر الأجل العام للإدارة للجواب.
في حالة التحيل في المطالبة باسترجاع فائض أداء غير موجود في الواقع يتعرض الخاضع للأداء إلى عقوبات إدارية و جزائية سوف يقع التعرض لها لاحقا.
المبحث الثاني: النزاع الجبائي في مادة الأداء على القيمة المضافة
لا يمكن الحديث عن نزاع جبائي طالما أن الخاضع للأداء يصرّح عن الأداء على القيمة المضاف شهريا و يعتمد على فواتير مطابقة للقانون و له محاسبة قانونية.
كلّما تخلف الخاضع للأداء عن احد الواجبات المفروضة عليه قانونا يعرض نفسه إلى الخطايا و العقوبات التي تصل إلى حد السجن.
في واقع الأمر لا يمكن الحديث عن نزاع جبائي إلا عند قيام الإدارة العامة للمراقبة الجبائية بإشعار الخاضع للأداء من خلال قرار التوظيف الإجباري بحصول مخالفة ما و على أساس هذه المخالفة تحدد نوعية العقوبة.
و لكي يتمكن الخاضع للأداء من الدفاع عن نفسه يمكنه اللجوء إلى القضاء و الطعن في قرارات الإدارة العامة للمراقبة الجبائية.
الفقرة الأولى: التوظيف الإجباري
يتعلق قرار التوظيف الإجباري بـ: – الضريبة على الدخل
الأداء على القيمة المضافة
المعلوم على الاستهلاك
الأداء على التكوين المهني
المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة التجارية أو الصناعية أو المهنية
المساهمة في صندوق النهوض بالمسكن لفائدة الأجراء
والمعلوم لفائدة صندوق تنمية القدرة التنافسية الصناعية و صندوق تنمية القدرة التنافسية التجارية و صندوق تنمية القدرة التنافسية السياحية.
و قد أضافت مجلة الحقوق و الإجراءات الجبائية معاليم التسجيل و الطابع الجبائي.
من الواضح أن الإجراءات المنطبقة على التوظيف الإجباري تهم مباشرة الأداء على القيمة المضافة من حيث النزاعات المتعلقة بالاستخلاص.
أ- إصدار قرار التوظيف الإجباري و الطعن فيه :
ينص الفصل 47 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية على أن التوظيف الإجباري يصدر بمقتضى قرار وزاري في حالة:
عدم حصول توافق بين الإدارة والخاضع للأداء حول النتائج التي أدت إليها عملية المراجعة الأولية[63] والمراجعة المعمقة[64] وفي هذه الحالة يؤسس قرار التوظيف الإجباري على نتائج المراجعة و إجابة المطالب بالأداء .
عدم تقديم جواب كتابي من طرف الخاضع للأداء على المراقبة الأولية و المعمقة.
عدم قيام الخاضع للأداء بالتصاريح الجبائية التي تكون شهرية بالنسبة للأداء على القيمة المضافة في اجل 30 يوما من تاريخ التنبيه عليه من طرف الإدارة.
و في هذه الحالة يؤسس قرار التوظيف الإجباري عملا بأحكام الفصل 48 م ح ا ج على القرائن الفعلية والقانونية أو على المبالغ التي تضمنها آخر تصريح مع اعتماد حد أدنى للأداء غير قابل للاسترجاع يساوي 50 د عن كل تصريح و في هذه الحالة لا يحول توظيف الأداء وفقا لما سبق ذكره دون إجراء المراجعة المعمقة للوضعية الجبائية.
بالتالي وفي حالة عدم التصريح بالأداء على القيمة المضافة فان المبلغ المستوجب هو
50 دينار عن كل شهر على أن هذه النقطة تثير بعض الإشكال بما أن التصريح الشهري للأداء لا يتضمن الأداء على القيمة المضافة فقط و السؤال المطروح هنا هو هل أن الحد الأدنى للأداء بطبق على التصريح الشهري ككلّ أم على كل تصريح شهري لكل أداء.
إن المعمول به هو الحلّ الثاني و لو أن ذلك يثقل كاهل المطالب بالأداء أمام عدم وضوح النص.
يصدر قرار التوظيف الإجباري عن وزير المالية أو من يفوّض له و يمكن للمطالب بالضريبة أن يعترض عليه في اجل أقصاه ستون يوما من تاريخ التبليغ أمام المحكمة الابتدائية التي توجد بدائرتها المصلحة الجبائية المتعهدة بالملف و يمكن الطعن في الحكم الابتدائي أمام محكمة الاستئناف المختصة و الطعن بالتعقيب يكون أمام المحكمة الإدارية [65].
يتوقف تنفيذ قرار التوظيف الإجباري بدفع 20 % من أصل الأداء أو تقديم ضمان بنكي بالمبلغ في اجل ستين يوما من تبليغ القرار[66] باستثناء المبالغ المستوجبة أصلا و خطايا بعنوان الخصم من المورد.
ب-التقادم :
آجال التقادم تحدد عدد السنوات التي يمكن أن يشملها أي تدارك للاغفالات و الأخطاء الموجودة بالتصاريح المودعة بإدارة المراقبة الجبائية و تراجع هذه التصاريح من قبل الخاضع للأداء أو من قبل إدارة المراقبة الجبائية في إطار عملية المراجعة الجبائية المنصوص عليها بالفصل 36 و ما يليه من مجلة الحقوق و الإجراءات الجبائية .
قبل صدور مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية كان التقادم يختلف باختلاف الأداء فبالنسبة للأداء على القيمة المضافة كان التقادم محددا بثلاثة سنوات و بالنسبة للضريبة على الدخل و الضريبة على الشركات كان محددا بأربعة سنوات في حالة عدم اكتمال التصاريح وستة سنوات في حالة انعدام التصريح .
و في إطار توحيد الآجال نص الفصل 19 من م ح ا ج على أن آجال التقادم حددت بـ:
4 سنوات بالنسبة للاداءات المصرح بها
10 سنوات بالنسبة للاداءات غير المصرّح بها و معاليم الطابع الجبائي
و لا يمكن، مبدئيا، أن يتضمن قرار التوظيف الإجباري تصريحا يتجاوز هذه الآجال.
تقطع آجال التقادم بإعلام المطالب بالأداء بنتائج المراجعة الجبائية التي قامت بها إدارة المراقبة الجبائية أو بالاعتراف بالدين أو بتبليغ قرار التوظيف الإجباري و في حال عدم التصريح بالأداء فان التقادم ينقطع بتبليغ التنبيه عليه بوجوب إيداع التصاريح أو بتبليغ الإعلام بالمراجعة المعمقة للوضعية الجبائية [67] .
إن التعرض إلى التوظيف الإجباري يحيلنا مباشرة إلى التعرف على العقوبات الإدارية و الجزائية التي يمكن أن تسلط على المطالب بالأداء المخل لواجباته الجبائية سواء تعلق الأمر بعدم التصريح بالأداء أو التصريح بدخل غير مطابق للواقع أو التأخير في التصريح أو عدم تحرير فواتير وفق ما تنصّ عليه مجلة الأداء على القيمة المضافة و غيرها من المخالفات.
الفقرة الثانية: العقوبات الجبائية و الإدارية المتعلقة بالأداء على القيمة المضافة
خصّص العنوان الثالث من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية للعقوبات الجبائية مفصلة في الفصول من 81 الى111 من المجلة.
تقسّّّم العقوبات إلى إدارية و جزائية وقد ميزت العقوبات الجزائية هذه المجلة.
وتتمثل المخالفات الإدارية بالنسبة للأداء على القيمة المضافة في تأخير دفع الأداء.
و تساوي خطية التأخير0,5%[68] من مبلغ الأداء عن كل شهر تأخير إذا ما تم دفع الأداء بصفة تلقائية, أما في حالة تدخل إدارة المراقبة الجبائية فان الخطية تساوي 0,625%[69] إذا تم دفع الأداء في ظرف 30 يوما من تاريخ الاعتراف بالدين الذي يبرمه المطالب بالأداء عند موافقته على نتيجة المراجعة الجبائية على أن يتم الاعتراف خلال مرحلة الصلح القضائي[70]. و تصبح نسبة الخطية 1,25% في الحالات الأخرى.
و ينص الفصل 86 م ح ا ج على أن المبلغ الأدنى لخطية التأخير المذكورة أعلاه يساوى خمسة دنانير و يستخلص هذا المبلغ حتى في صورة عدم وجود مبلغ أداء مستوجب.
تأخر المطالب بالأداء في دفع الدين الجبائي المثقل بحسابات قابض المالية يعرضه لخطية تحتسب بنسبة 0,75% [71] عن كل شهر تأخير على أساس أصل الدين. و تحتسب مدة التأخير من اليوم الموالي لانتهاء 90 يوما من تاريخ إمضاء الاعتراف بالدين أو تبليغ القرار التوظيف الإجباري أو تبليغ حكم أو قرار قضائي إلى حدود تاريخ الخلاص.
إن تسليط العقوبات الإدارية عند ارتكاب المخالفات لا يعفي صاحبها من العقوبات الجزائية إن وجدت مخالفات جزائية. و سوف يقع التعرف على المخالفات الجزائية بأكثر تفصيل نظرا لأنها تطورت بإصدار مجلة الحقوق و الإجراءات الجبائية.
أ-المخالفات الجزائية المتعلقة بالأداء على القيمة المضافة:
تتمثل هذه المخالفات في:
توظيف الأداء على القيمة المضافة و عدم دفع المبالغ المستوجبة لفائدة الخزينة في اجل 6
أشهر ابتداء من اليوم الموالي لانتهاء الأجل المحدد لدفعها.
إصدار أو استعمال فواتير في شان عمليات بيع أو إسداء خدمات غير حقيقية قصد التهرب
من الأداء كليا أو جزئيا أو التمتع بامتيازات جبائية أو استرجاع مبالغ أداء.
الزيادة في فائض الأداء على القيمة المضافة أو الإنقاص من رقم المعاملات للتهرب من دفع
الأداء بنسبة 30 % من رقم المعاملات أو فائض الأداء المصرح به.
و عقوبة هذه المخالفات خطية تتراوح بين 1000 د و 5000 د و السجن من 16 شهرا إلى 3 سنوات.
ب- إجراءات التتبع:
تعاين المخالفات الجبائية المتعلقة بالأداء على القيمة المضافة و غيرها بمحاضر لها شروط شكلية محددة بالفصل 72 م ح ا ج و تحرر من قبل عونين محلفين يكونان قد عاينا بصفة شخصية و مباشرة وقائع المخالفة و يمضي المخالف أو من ينوبه على المحضر و يقع اعتماد هذه المحاضر ما لم يثبت العكس[72].
و تثار الدعوى العمومية من قبل وزير المالية أو من فوّض له ممن له صفة رئيس إدارة مركزية أو جهوية للاداءات و ذلك بتوجيه المحاضر لوكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية المختصة ترابيا[73].
و عندما تكون العقوبة بدنية تثار الدعوى العمومية بعد استشارة لجنة مختصة[74] حول توفر أركان المخالفة وصحة إجراءات معاينتها و ملائمة العقوبة المقترحة مع خطورة المخالفة المرتكبة.
و تتولى هذه اللجنة إبداء رأيها و تحيل محاضر جلساتها إلى وزير المالية أو من فوض له إثارة الدعوى العمومية.
يسقط حق تتبع المخالفات الجزائية بمضي ثلاثة سنوات من تاريخ ارتكابها و تنقطع فترة التقادم بمحضر معاينة المخالفة، كما تسقط التتبعات الجزائية بإبرام الصلح.
ج- إبرام الصلح:
يسقط حق تتبع المخالفات الجبائية الجزائية و تنقرض الدعوى العمومية في شانها بإبرام الصلح[75].
يمكن إبرام الصلح قبل صدور الحكم النهائي باستثناء المخالفات المنصوص عليها بالفصل 102 من
مجلة الحقوق و الإجراءات الجبائية و المتعلقة بالإخلال بالسر المهني و الفصلين 180 و181 من المجلة الجزائية.
إن عملية إبرام الصلح الجبائي في المادة الجزائية أثارت العديد من الملاحظات[76] :
أوّلها أنها تمثل مساسا بمبدأ الفصل بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية على أساس قطع
التتبعات الجزائية و انقراض الدعوى العمومية بمجرد قبول الإدارة إبرام الصلح فقد أصبحت الإدارة طرفا وقاضيا في نفس الوقت و لكن المتأمل في إجراءات إبرام الصلح يرى أن الصلح يكون بين الإدارة و المطالب بالأداء و لن تكون الإدارة وحدها من نقط التتبعات الجزائية و تنهي الدعوى العمومية.
من جهة أخرى يتخذ الصلح صورة “العقوبة المسقطة للدعوى العمومية”، ذلك أن المبالغ
التي يبرم على أساسها الصلح تحدد مسبقا من قبل وزير المالية و قد صدر قرار وزاري في الغرض بتاريخ 08/01/2002 يضبط تعريفة الصلح في المادة المخالفات الجبائية.
فلا يمكن إبرام الصلح وفق ميزانية المطالب بالأداء بل حسب ما يقتضيه القرار الوزاري الأمر الذي يجعل الصلح غير ممكن في حالة عدم توفر المال لكافي لدى المطالب بالأداء[77].
و تحيلنا هذه الملاحظات إلى التساؤل عن الطبيعة القانونية للصلح المبرم بين الإدارة و المطالب بالأداء هل يعتبر عقد صلح على معنى الفصل 1458 من م ا ع.
لقد أجاب الأستاذ عبد المجيد عبودة عن هذا التساؤل و اعتبر أن الصلح في هذه الحالة ليس عقدا على معنى الفصل المذكور طالما أن عقد الصلح وضع لرفع النزاع و قطع الخصومة و يكون ذلك بتنازل كل من المتصالحين عن شيء من مطالبه أو بتسليم شيء من المال أو الحق و الحال أن الصلح الجبائي لا تتنازل فيه إلا الإدارة عن الدعوى العمومية ولا يتنازل المطالب الأداء على شيء.
و اعتبر أن هذا الصلح “الاقتصادي” ليس عقدا على معنى القانون المدني و لكنه عقد من نوع خاص يبرم بين الإدارة التي تقبل التنازل عن الدعوى و المطالب بالأداء الذي يقبل دفع غرامة مقابل ذلك وفق ما يحدده القرار الوزاري المذكور على اعتبار أن انتهاء التتبعات و سقوط الدعوى العمومية يحمي المطالب بالأداء من تطبيق العقوبات الجزائية التي يمكن أن تصل إلى السجن.
و لكن الجدير بالذكر في هذا الإطار هو أن الصلح يمثل إجراء مهمّا بالنسبة للإدارة بما انه سوف يعفيها من الإجراءات القضائية ويمكنها من استخلاص الادعاءات المتنازع بخصوصها في اقرب
الآجال و من جهة أخرى فان إبرام الصلح يحمي المطالب بالأداء من العقوبة الجزائية التي قد تصل إلى حد السجن.
إن استخلاص الأداء على القيمة المضافة لا يختلف عن استخلاص بقية الاداءات، إذا ما وصل الأمر إلى حد تدخل إدارة المراقبة الجبائية.
و لكن يلاحظ الاختلاف عند احتساب الأداء موضوع الاستخلاص فالأداء على القيمة المضافة يعتمد على مبدأ الطرح الذي يسمح بخصم الأداء المجموع من الأداء المدفوع و النتيجة تكون إما أداء واجب الدفع أو فائضا يمكن استرجاعه طبق إجراءات معينة .
الخـاتـمـة
إن تناول الأداء على القيمة المضافة بالدرّس يتجاوز بكثير حدود هذا العمل و لكن يمكن اعتبارها محاولة للتعرف على أهم القواعد القانونية المتعلقة بهذا الأداء من حيث شروطه و آليات استخلاصه على أن يبقى تحليل بعض النقاط الفرعية غير معمّق تفاديا للإطالة و للإحاطة أكثر ما يمكن بمختلف جوانب الموضوع.
لكن ما يمكن تأكيده هو أن الأداء على القيمة المضافة هو أداء لا يخلو من التعقيد و قد يصعب فهمه دون الاطلاع على تفسير الإدارة الجبائية للفصول القانونية الذي أصبح مقترنا بهذه الفصول بل و يحدد لأعوان إدارة المراقبة الجبائية كيفية تطبيقها.
و هذا أمر يدعو كل الأطراف المعنية بالقانون الجبائي من باحثين و حقوقيين و محامين و مطالبين بالأداء للاطلاع على ” فقه ” الإدارة الجبائية مهما كان الأداء المعني بالدرس تفاديا لسوء تطبيق أو سوء فهم نص قانوني ما.
من جهة أخرى يمكن ملاحظة عدم تطرق التشريع الجبائي للمسألة التجارة الالكترونية و الخدمات المقدمة عن طريق بعد و مدى تطبيق النظام القانوني للأداء على القيمة المضافة عليها.
و لكن فيما يخص الخدمات يمكن تطبيق الفصول المحددة لمبدأ العمليات المنجزة بالبلاد التونسية المنصوص عليه بالفصل 1 و الفصل 3 من مجلة الأداء على القيمة المضافة و تصبح بالتالي كل خدمة الكترونية أو عادية مستغلة بالبلاد التونسية خاضعة للأداء على القيمة المضافة و عليه يكون مبدأ مكان استهلاك الخدمة هو المحدد لنظام التوظيف.
بالإضافة إلى رفض إقرار شرعية الفاتورة الالكترونية رغم صدور قانون عدد 38 لسنة 2000 و الذي اعتبر أن للوثيقة الالكترونية و للإمضاء الالكتروني نفس القوة الثبوتية للوثيقة العادية و للإمضاء العادي.
رغم انه لا يمكن إنكار الطبيعة الخاصة للتشريع الجبائي و مدى اتصاله بميزانية الدولة و انه لا يمكن أن يصدر إلا بمقتضى قانون إلا انه من الضروري إعادة النظر في كل ما يتعلق بالتعامل مع وسائل الاتصال الحديثة التي أصبحت تستخدم بجميع المعاملات الاقتصادية بدون استثناء.
اترك تعليقاً