الاعجاز التشريعي في نظام الزكاه
بقلم الشريف عبود الشريف
مقدمة:
تعتبر الزكاة التي هي الركن الثالـث من أركان الإسـلام الركن االمالي الاجتماعي في الإسلام. وهي من نظم الإسـلام المالية، وذلك علي الرغـم من أنها تعتبر العبادة الثانية في الإسلام الأمر الذي يدرجها في نطاق فقه العبـادات كما أنها من الناحية الأخري تدرج في نطاق الفقه المالي والاجتماعي.
وقد أصبح موضوع الزكاة والموارد المالية في الإسلام وطرق الاستثمار وعلاقتها بالأفراد والمجتمعات وحقوق العامة والخاصة هي موضوعات الساعة [1] الأمر الذي يدفع الباحثين ” في محاولة ابـداء الرأي فيما جد من مسائل وأحداث متعلقة بالموضوع ، لم يعرفها علماء المسلمين السابقين مما لا يسع الباحث الإسلامي المعاصر أن يغفله “.[2]
ولهذا فسوف نحاول في هذه الورقة أن نبحث في امكانية ربط الزكاة بصفتها نظاماُ مالياُ اجتماعياُ بالفكر الاكتواري بصفتـه هندسة للنظام المالي الاجتماعي ، وما إذا كانت إدارة نظام الزكاة في حاجة إلي هذه الدراسـات الاكتوارية في تنفيـذ أحكامها علي الوجه المفروض وبالدقة المطلوبة.
التعريف بالزكاة:
الزكاة لغة هي النماء والطهارة وهي شرعاُ حق مقدر بتقدير الشارع. وقد فرضت الزكاة علي المسلميـن في السنة الثانية من الهجرة. وفرضيتها ثابتة بالكتاب والسنة والاجماع فقد وردت الزكاة في الكتاب في آيات كثيرة منها قوله نعالي :” أقيموا الصلاة وآتو الزكاة “. وكلمة الزكاة وردت في القرآن اثنين وثلاثين مرة في تسعة عشرسورة[3].
أما في السنة فقد ثبتت فرضية الزكاة في أحاديث كثيرة منها ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم لما بعث ” معاذ ” إلي اليمن ، قال: ” أدعهـم ، إلي شـهادة أن لا إله إلا الله ، وأني محمداً رسول الله ، فإن هم أطاعوا بذلك فأعلمهم أن الله فترض خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهـم تؤخذ من أغنيائهم وترد علي فقرائهم.”[4] وفي الاجماع اتفقت كلمة الأمة علي أن الزكاة فرض عين علي كل مسلم توفرت فيه الشروط المقررة فهي ركن من أركان الاسلام من جحدها اعتبر مرتداُ.[5]
موقع الزكاة بين مفاهيم الحماية الاجتماعية الأخري:
نظام الزكاة هو أحد شقي نظام الضمان الاجتماعي وشقها الثاني هو التأمين الاجتماعي ونظام الضمان الاجتماعي هو أحد شـقي نظام الرعاية الاجتماعية وشقها الآخر هو الخدمات الاجتماعية والرعايـة الاجتماعية هي أحد شقي التكافل والشـق الآخر هو الأمن.
وعندما شرعت الزكاه خلال الفتح الإسلامي لأوربا لم يستطع الحكام في أوربا أن يزيلوا نظام الزكاة بعد انحسار الإسلام عن أوربا خوفاُ من اندلاع الهبات السياسية والانتفاضات الشعبية والثورة علي أنظمة الحكم. وتفاديـاُ لشـعور الشعب بأن الإسلام هو دين التكافل بين أفراد الأمة ، اسـتبدل القائمون علي الأمر أسـم الزكاة بإسم آخر للتمويه هو كلمتي ” المساعدات الاجتماعية “.
وعندما انتشر نظام الضمان الاجتماعي في الوقت الحاضر دخل مفهوم المساعدات الاجتماعية في أدب الضمان الاجتماعي في البلاد العربية بصفته نمطأ من أنماط عصرنة الفكر الاجتماعي ولهذا فمن الأفضل أن نرجع مرة أخري إلي أصل المفهوم وهو مفهوم الزكاة. حيث يتعيـن انفاذ ما حدده القرآن والسنة بشأن وعائها ونصابها وسعرها ومستحقيها.
فالقرآن والسنة ” عهدا إلي الدولة أو ولي الأمر مسئولية تحصيلها وصرفها في أوجهها المحددة [6] وعليه فلا يجوز بأي حال من الأحـوال الخـلاف حول تحديد سعر الزكاة أونصابها أو مستحقيها ومباشرة ولي الأمر تحصيلها وتوزيعها.[7] فالزكاة إذن من واجبات الدولة الإسلامية ، الأمر الذى يتعين فرضها بتشريع رسمي ملزم.[8]
الخصائص المميزة للزكاة:
للزكاة خصائص عديـدة تتميز بها عن غيرها من الماليـة الاجتماعيـة الأخري في وسـعنا حصر أهمها فيما يلي:
خاصية الإلزام والوجوب:
يشترط لوجـوب الزكاة أن يكون المزكي مسلمـا وحراُ ومالكـاُ تامـاُ لنصاب من المال وعلي أن يكون هذا المال خاليا من حوائجه الأصلية. وأن يحول علي هذا المال الحول. وعند الحنفية أن يكون المزكي عاقلاُ ولهذا فأن الزكاة لا تجب علي الكافر لأنها ركن من أركان الإسلام ولما كانت لا تصح إلا بالنيـة فإنـه ليس للكافر نيـة صحيحة ، كما أن الكافـر إذا أسلـم فإنه لا يجوزجباية الزكاة منه عن المدة السابقة عن إسلامه.
ومن وجوب جباية الزكاة أن الشافعية يرون وجوبها علي المرتد إلا أن هذا الوجوب موقوف علي عودته إلي الإسلام وإذا مات وهو مرتداً فلا زكاة عليه لأن ماله أصبح فيئاُ للمسلمين.
والمالكية يرون أن الإسـلام شـرط للصحة لا للوجـوب وهنا إن الزكاة لا تجب علي بعض القطاعـات السكانية مثل الكافر والصبي والمجنون والعبد ومن لا يملك ما يعادل القدر المقرر من المال.
3- خاصية وعاء الزكاة :
ويقصد بوعاء الزكاه المال الذي تجب عليه الزكاة ولكي تجب فيه اشترط الفقهاء شرطاً خاصاً وهو أن يكون المال مما يقتنـي للنماء لا أن يسد الحاجه ، وأن يكون هذا المال مدخلاً لصاحبة في زمرة الأغنياء. وتجب الزكاة علي تسعه أصناف فإدا هلكت أومات رب المال سقطت عنه الزكاة لأنها عبـادة محضه. أما زكاة مال الخارج من الأرض فإنها تجب في الذمة حتي إذا هلك المال لا يسقط عن صاحبه إلا في المؤونه.
وفي قول الأئمة الثلاثة إن الزكاة تجب في الذمة فلا تسقط بهلاك العيـن ولا بموت من وجبت عليـه وإنما تـؤدي من باقي المال أو التركه لأنها تكليف مالي دائماً وقد فـرق الشافعـي وأحمد فيما إذا هلكت العين قبل التمكن من الأداء فتسـقط الـزكاه بما لو كان الهـلاك في خلال الحول ، وأما أذا هلكـت بعد التمكن من الأداء فإنه يكون مفرطاً ولا تسقط عنه الزكاه بل تـؤدي من جميع مالـه. ويفـرق مالك في الأنعام حيث يقول : وإذا هلكـت العين قبل وصول المصدق سقطت الزكاة عن رب المال وإدا هلكت بعد وصولة فإنها تلزمه ولا تسقط عنه (9).
وإتفق فقهاء المسلمين علي وجوب الزكاة في الأصناف التالية:
– صنفان من المعادن هما الذهب والفضة اللتين ليستا بحلي.
– ثلاثة أصناف من الحيوان وهي: الأبل، والبقر، والغنم.
– صنفان من الحبوب هي : الحنطه، الشعير .
– صنفان من الثمر هما : التمر، الذبيب (10).
4- خاصية المساواة في التطبيق :
لم يفرق الإسـلام بين الأفراد في خضوعهم للزكاة طالما اسـتوفوا شروط وجوبها عليهم بل سوي بينهم مساواة تامة فلا إستثناء لبعض الفئات كما نجد في القوانين الوضعية(11).
5- خاصية النصاب – الحدود الدنيا :
أما هذه الخاصية فتناظر خاصية الحـدود الدنيا في التأمين الاجتماعي حيث يعفي ذوى الدخول المنخفضة من المؤمن عليهـم من حصته علي أن يتحمل هذه الحصة صاحب العمل كما نص علي ذلك قانـون التأمين الاجتماعي لسنة 1974م في السودان حيث فرض معدل الاشتراك عن الفئه الأولي من المؤمن عليهم علي صاحب العمل بأكمله.
6- خاصية التوازن المالي :
وتتميز الزكاة بأن موازنتها سنوية بمعني أن جبايتها وصرفها يتم في نفس العام وقد يكون حجم الجباية أقل من حجم مصارفها وفي هذه الحالة يجوز للخليفه أن يفرض علي الأغنيـاء ما يغطي العجز في مصروفاتها.
وقد تكون الجباية أكبر وفي هذه الحالة يجوز للخليفة توزيع ما تبقي علي جيران المنطقة ، وقد فرضت الزكاة بمعدلات جبايه ثابته ، كما فرضت بمعدلات مصارف ثابته لا تتأثر البته بحجم المزكين وثروتهم ولا بحجم المصارف وبرغم ذلك فإن عنصر التكافؤ بين الجبايه والمصارف متوفر بسبب التدابير المتاحه للخليفة.
الزكاة من منظور تأميني :
الآن بعد أن عرضنا للخصائص التي تميز الزكاة فلتنظر إلي أي مدي تتطابق تلك الخصائص مع نظيراتها في نظم التأمين الاجتماعي حتي نتجه إلي الموضوع الرئيسي لتلك الورقه وهو إمكانية إعمال الدراسة الاكتوارية علي فريضة الزكاة.
1- خاصية وجوب الزكاة :
ونبدأ بأول خاصية للزكاة وهي خاصية الوجوب التي تشترط لوجوبها أن يكون المزكي مسلماً وحراً ومالكا تاماً للنصاب وأن يحول علي ماله الحول وفي هذا نجد إن نظام التأمين الاجتماعي يتميز أيضاً بالالزام في التطبيق حيث تم تبني هذه الخاصية لسبب إيمان المشرع بقانون الأعداد الكبيرة حتي يحقق التخفيض الكبير في تكلفة التأمين الاجتماعي (12).
والفرق بينهما في هذه الخاصية هو شـرط الحريـة والتي أصبحت في زماننا هذا غير متوفرة حيث لم تعد العبودية موجـوده. كما أن هنالك إختلاف يتعلق بالإسلام حيث لا تجب الزكاة من الكافر إلا أن علي الكافر ضريبة أخري هي الجزيه وعلي المرتد ضريبه الفيئ الذي يلغي الخلاف حيث يقع الوجـوب علي الكافه المشاركة في تمويل الحماية الاجتماعية ، أما إعفاء الكافر من وجوب الزكاة عن المده السابقه علي أسـلامه متشابـه مع إعفاء المؤمن عليه عن المده السابقه علي دخوله في نظام التأمين الاجتماعي.
2- خاصيه نطاق التطبيق :
وتناظر هذه الخاصية في الزكاه خاصيه نطاق التطبيق في التأمينات الاجتماعية التي توجب التأمين الاجتماعي علي القطاع النشط اقتصادياً وليس علي الفقراء ، وكذلك ليس علي بعض القطاعات مثل المخدمين لأنفسهم أو أصحاب الحرف.. الخ إلا أن هناك من ينادي بتوسيع نطاق التأمين الاجتماعي علي الفقراء عن طريق الضريبه العامة.
3- خاصية وعاء التطبيق:
وتتاظر هذه الخاصية في الزكاة خاصية الدخل أو الأجور في التأمينات الاجتماعية والتي تشترط أن تتوفـر الأجور أولاً لكي يتـم التأمين الاجتماعي علي المؤمن عليه فإنقطاع الأجر يعني إنقطاع التأمين الاجتماعي خلال فترة الإنقطاع ، فكما أن الزكاة توجب ان يكون المال مدخلاً لصاحبه في زمرة الأغنيـاء فإن التأمين الاجتماعي يوجب أن تكون الأجور مدخـلاً للمؤمن عليه في زمرة ذوي الدخول الكافيـة إذ يعفي المؤمن عليه من ذوي الدخول التي تقل عن الحد الأدني للأجور من المشاركة في حصة الاشتراكات بل يتحملها صاحب العمل.
4- خاصية المساواة في التطبيق :
وتتطابق هذه الخاصية بين الزكاة والتأمين الاجتماعي والتعامل مع الصبي والمجنون هو نفس التعامل فيما ينتهي لآن الصبي والمجنون من المنتفعين وليس من المؤمن عليهم بل من المستفيدين من نظام الحماية الاجتماعية.
5- خاصية النصاب / الحدود الدنيا :
أما هذه الخاصية فتناظر خاصية الحدود الدنيا في التأمين الاجتماعي حيث يعض ذوى الدخول المنخفضة من المشاركة في حصه المؤمن عليهـم من جهة علي أن يتحمل هذه الحصة صاحب العمل كما نص علي ذلك قانون التأمين الاجتماعي لسنة 1974م في السودان حيث فرض معدل الاشتراك عن الفئه الأولي من المؤمن عليهم علي صاحب العمل بأكمله.
6- خاصية ربط معدل الجباية :
ويناظر هذه الخاصية لدى الزكاة خاصية ربط معدل الاشتراكات ، فكما أن التأمين الاجتماعي يربط معدلات الاشتراكات أما بنسب مئوية من الدخول أو الأجور أما بمعدلات منبسطه علي الكافه أو تتعدد بتعدد فئات الأجور. فإن ربط معدل الجبايه في الزكاة يتم كما سبق قوله أما أن يربط بمعدل مئوي يعادل 2.5% من رؤوس الأموال أو فيما يبن 5% إلي 10% من دخل الأصول الثابته.. الخ.. وفي الزكاة تربـط الجبايه بما يعادل 20%. وفي الغنم تربط عن الأربعين شاه الأولي شـاه ولدد 5 أي 1 × 10 = 2.5% وكل ذلك يدل علي التناظر بين خاصية ربط معدل الجباية في الزكاة وخاصية ربط معدل الأشتراكات في التأمين الاجتماعي.
7- خاصية المحلية :
وتناظر هذه الخاصية خاصية قومية نظام التأمين الاجتماعي وفي هذا نود أن نقرر أنه علي الرغم من أن التأمين الاجتماعي قومي السمة علي نطاق القطر إلا أن أمواله موزعه علي حسابات محلية ينفق منها علي مستحقات المعاشات وما يفيض عنها يورد إلي المركز كاحتياطي ليستثمر كما أن في وسعي القول بأن الزكاة والتأمين الاجتماعي يتفقان في إنهما يوزعان داخل القطر وليس خارجه.
8- خاصية حد الكفاية في المنفعة :
ويناظر هذه الخاصة لدي الزكاة خاصية الحدود الدنيا في التأمين الاجتماعي التي تنادي بأن ضرورة عدم المبالغة في زيادة معدلات الاشتراكات بسبب تفادي المبالغة في امتصاص خاصية القوة الشرائية للأجور سيقود بالضرورة إلي عدم المبالغة في رفع معدلات المعاشات والتعويضات الأمر الذي يؤدي إلي جعل المعاشات تعادل نسب حد الكفاية أي أن تكون المعاشات في الحدود الدنيا للمعيشة.
9- خاصية تحديد المنتفعين بالزكاة :
لما كانت الزكاة قد حددت مصارفها في ثمانية فإن التأمين الاجتماعي قد حدد المنتفعين بفئاتهم من الشيوخ والعجزة والأرامل والأيتام وأصحاب العجز المهني كمنتفعين من ذوي المدي الطويل وفي المرض والعجزه عجزاً مؤقتاً والمتبطلين كمنتفعين من ذوي المدي القصير.
وهذا يدل علي أن كل من الزكاة والتأمين الاجتماعي يهدفان إلي حماية الضعفاء حمايه اجتماعية.
10- خاصية تقسيم الزكاة :
وترتبط هذه الخاصية بالحدود الدنيا أيضاً التي أشرنا إليها فيما سبق فالزكاة تفرض إلا يعطي الفقير عطيه يصير بها من الفئات الفنية فلا تجوز له الصدقه فيصير في أول مراتب الغني فهي حرام عليه.
ومن كل ذلك يتبين لنا أن التأمين الاجتماعي يناظر الزكاة في معظم أغراضها خصوصاً تلك التي تتعلق بحماية الفقراء والمساكين وابن السبيل وأن اساليبه وآلياته تكون مماثله.
ولما كانت التأمينات الاجتماعية تعتمد في سبيل تحقق التوازن المالي علي الدراسات الاكتوارية فإننا نتساءل إذا كان من الأمكان الاستفادة من تلك الدراسات الاكتوارية وتطبيقها علي البيانات المالية والاحصائية وبيان الموازنات السنوية للزكاة للوصول إلي نتائـج دقيقه تبين لنا دقة الفروض والواجبات التي فرضها الله سبحانه وتعالي في قريضة الزكاة.
فإذا إتفقنا علي ذلك فيتبين علينا أن نعي مايلي :
[أ] أن الغرض من تطبيق الدراسات الاكتوارية علي الزكاة لا يعني البته إجراء أي تعديل في معدلات الجباية ومعدلات المصارف التي تم تحديدها في القرآن والسنه بصورة لآ إجتهاد فيها.
[ب] وأن الغرض الرئيسي ينحصر في التحليل الإحصائي والفنـي لفريضة الزكاة من هذه الدراسات في تطوير القواعد الإكتوارية نفسها لتطبيـق ما يمكن أن تصل إليه علي نظـم التأمينات الاجتماعيـة لعلنـا نستطيع أن نعالج كثير من أوجه القصور الساريه حالياً في التأمين الاجتماعي ومن الصعوبة التي تواجهها نظم التأمينات الاجتماعية بسبب التضخم.
[ح] وإذا توصلت الدراسـة الاكتواريـة للموقف المالي للزكاة إلي أن الموارد لا تكفي لسد مصارفها فإن ذلك سيتيح للخليفة أن يفرض جبايه أخري من الأغنياء لسد هذا الفرق.
العوامل التي يعتمد عليها فحص المركز المالي للزكاة
فإذا سلمنـا بأن في الإمكان فحص المركز المالي للزكاة مستخدمين الأسس الإكتوارية فإن من الضروري الإعتماد علي العوامل التالية :
أولاً : الاحتياطي :
1- لابد من أن يكون للمنشأه المالية احتياطي بقـدر كبير.( وهذا متوفر بالنسبة للزكاه ) الذي قد يطلق عليه إجمالي الجبايه.
2- وأن يكون إجمالي الاحتياطي يعادل مجموعة المـوارد المحصلة بعد إضافة ريع الاستثمار الذي تحصله هذه الأموال ثم خصم المصروفات المخصصه لأغراض المنشأه.ومصروفات الإدارة ( وهنا نقول إن مصرف العاملين عليها أحد الإلتزامات الواقعة علي الزكاة ).
3- ويلاحظ أن التقديرات في الموازنه التقديرية دائماً لا تتطابق مع الحساب الختامي للمنشأة الأمر الذي يستوجب فحص المركز المالي لمعرفة أسـباب عدم تطابقه. ويرجع السبب في الغالب لنتائج الإحصائيات المتوقعه الحقيقية خلال مدة الفحص.( وهنا نقول أن الوالي من حقه فرض أموال علي الأغنياء في حالة حدوث عجز).
4- وهذا يستوجب حسـاباُ للاحتياطي الواجـب الاحتفاظ بـه لـدي المنشأة المالية. لتكون قادرة علي الوفاء بكل التزاماتها ، ويسمي هذا الاحتياطي الجدد الاحتياطي الحسابي ويتطلب تقدير حسابات اكتوارية طويله. والتي تسمي بفحص المركز المالي لهذه المنشأة المالية.
5- والمقصود بفحص المركز المالي تقديـر التزامات المنشأة الواجب سدادها بعد مقارنة هذه الإلتزامات بالموارد المالية للمنشأة الأمر الذي يتيح للوالي تحديد ما يفرضه علي الأغنياء من مال فوق الزكاة.
6- والمفروض في الدراسـات الاكتوارية لنظم التأمين الاجتماعي التي تكون التزاماتها طويلة المدي أن القيمة الحالية للالتزامات تساوي القيمة الحالية للاشتراكات المحتمل تحصيلها حتي تكون نظم التأمين الاجتماعي قادرة علي الوفاء بالتزاماتها.
إلا أن في أي وقت نجد أن القيمة الحالية للالتزامات أكبر من القيمة الحالية للاشـتراكات المحتمل تحصيلها لذلك يتحتم علي صناديق التأمين الاجتماعي أن يكون لديها مبلغ يساوي الفرق بين هاتين القيمتين الحاليتين حتي تكون قادرة علي الوفاء بالتزاماتها.
وهذا المبلغ هو ما يسمي بالاحتياطي الحسابي ( الاكتواري ) لصندوق التأمين الاجتماعي في التاريخ المطلوب.
ولهذا إذا اريد فحص المركز المالي للزكاة يتعين إجراء الفحوص الاكتوارية التي تطبق علي نظم التأمين الاجتماعي الخاصة بالعوارض الموقوته لنظام التأمين الصحي / الاجتماعي إذا أن هذه النظم تماثل نظام الزكاة من حيث ربط اشتراك ومن حيث سداد المنافع في نفس العام.
ثانياً : كيفية فحص المركز المالي :
1- ولكي يتم فحص هذا المركز المالي لابد من توفر البيانات الخاصة بمصاريف الزكاة الثمانية في تاريخ الفحص وفق الكشوف الاحصائية التي تبين بياناتهم الديمقراطية وكذلك بياناتهم الخاصة بالنصاب.. الخ. وذلك وفق كل مصرف من مصارفها.
2- كما لابـد من توفر البيانـات الخاصة بجباية الزكاة وحجمها والحد الأدني للجباية والحد الأعلي للجباية سـواء كان ذلك من الناحيه النقدية والعينية علي أنه من الضروري تقييم الجباية العينية علي الأساس النقدي.
3- ولابد من توفر البيانات الخاصة بالممولين الجدد للزكاة وكذلك البيانات الخاصة بذلك الممولين الذين انحدرت دخولهم عن حد النصاب لطرحهم من إجمالي الممولين.
4- كما أن من الضروري توفر بيانات عن الفقراء والمساكين وبقية المصارف والجدد والذين تجاوزت دخولهم حد النصاب ودخولهم في أول درجات الغني.. الخ..
ثالثاً : الأسس التي تستخدم في الفحص الاكتواري
[أ] يتم حساب جدول لمعدلات الزكاة بالنسبة للمصارف من الفقراء والمساكين.
[ب] يتم قياس احتمالات الحياة واحتمالات الوفاه. لحساب القيمة الحالية للالتزامات المالية. الواقعه عن الزكاة بمعدل الربط المفروض.
[ح] محاولة الوصول لمعدل مناسب لتطور الدخول لدي الممولين للزكاة في سبيل حساب القيمة الحالية للجباية المقبلة للزكاة. ويتـم الحصول علي هذا المعدل من واقع خبرة صندوق الزكاة خلال فترة من الزمن كافيه لحساب هذا المعدل.
رابعاً : لابد من وضع اعتبار خاص لمعرفة العاملين عليها من المصارف المالية في الزكاة.
خاتمة :
ومن كل ذلك يتبين لنا ان فحص المركز المالي للزكاة يماثل فحص المركز المالي لبرامج التأمين المؤقت ( مثل التأمين الصحي ) بمعني ان الالتزامات التي تنشأ نتيجة تحقـق الخطر خلال سنة معينة تقابلها الاشـتراكات المحصله عـن نفـس السـنة إلا أن لابـد من أن يتم تقديـر احتياطي للاخطار الساريـة واحتياطـي المخاطر تحت التسوية. هذا بالإضافـة للقيمة الحالية للمزايـا المقررة لأصحاب المصارف المستحقين في تاريخ الفحص.
والله الموفق….
الشريف عبود الشريف
مستشار في مجال التأمين الاجتماعي والصحي
[1] الدكتور يوسف القرضاوي: فقه الزكاة ،دراسة مقارنة لأفكارها وفلسفتها في ضوء القرآن والسنة ، مؤسسة الرسالة ، بيروت 1406هـ – 1986م ص 14.
[2] نفس المصدر السابق ص15.
[3] محمد فؤاد عبد الباقي: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم.
[4] عبد الخالق النواوي :النظام المالي في الاسلام ، القاهرة ، مكتبة الأنجلو المصرية، الطبعة الأولي ، ذ971، ص 27.
[5] نفس المصدر السابق ص28.
[6] الدكتور الفنجري : الإسلاموالضمان الاجتماعي ، دار ثقيف للنشر ،الرياض الطبعة الثانية، ، 1982 ، ص51.
[7]نفس المصدر السابق ، ص 52.
[8] يعتبر السودان من الدول الرائدة في هذا الأمر،
(9)عبد الخالق النوادي : نفس المصدر السابق ‘ ص 4354.
(10)عون محمد الكفراوي : سياسة الإتفاق العام في الاسلام، دراسة ومقارنة ، الاسكندرية ، 1989م.
(11) فس المصدر السابق ، ص ، 274م.
(12) الشريف عبود الشريف : التأمينات الاجتماعية في التشريعات الوضعيه ، حلقة دراسية بعنوان : التأمينات الاجتماعية والتكافل الاجتماعي ، منشورات المركز العربي للتأمينات الاجتماعية ، الخرطوم ، ص 260 لسنة 1993م
اترك تعليقاً