إعادة نشر بواسطة محاماة نت
من إعداد : أنس برزجو طالب باحث بسلك ماستر العلوم الجنائية والدراسات الأمنية بكلية الحقوق عبد المالك السعدي بطنجة
يجتاز العالم اليوم عصرا جديد يصطلح عليه ب ” عصر ثورة المعلومات “ بحيث غدت المعلوميات وسيلة نحو الرقي الحضاري والاقتصادي، وغمرت الحواسيب مختلف نواحي الحياة، نظرا لقدرتها الهائلة على تخزين المعطيات واسترجاعها وأدائها لمهام عديدة، بدقة وسرعة متناهيتين، فعلى جميع المستويات يتشكل اليوم عالم جديد على أسس تختلف عما سبق وبقدرات كبيرة، من حيث ربط شرائح المجتمع الدولي الى بعضها البعض، ومن حيث جعل السعي نحو التحرير والانفتاح خيارا لا محيد عنه.
ان هذا التطور التكنولوجي الذي اجتاح العالم في الآونة الأخيرة غير الكثير من المفاهيم التي كان مسلما بها من قبل، فلم تعد المعلوميات بدعة جديدة، دخيلة علينا، وانما أصبحت ضورة ملحة تفرض نفسها بقوة بحكم حاجة الانسان الماسة اليها، حيث تعددت أوجه استخدامها، فأصبحت جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية، نظرا للدور الكبير الذي تقوم به في جل المجالات. وقد أدى التفاعل ما بين تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات الى تسريع وتيرة نمو وتطور النظم المعلوماتية، وتقديم خدمات جليلة للإنسانية تتمثل في دقة وسرعة جمع المعطيات ومعالجتها، واضفاء صفة النسبية على مفاهيم اعتبرت الى وقت قريب مفاهيم مطلقة، من بينها فكرة الحدود الجغرافية للدول، ومفهوما الزمن والمسافة، وكنتيجة لهذا التفاعل ظهرت مجموعة من الأنظم المرتبط بالتقنية المعلوماتية كالتجارة الإلكترونية ونظام التبادل الالكتروني للمعطيات الالكترونية والتوقيع الإلكتروني… ونظر لأهمية هذه الأنظمة التي أفرزها التطور التكنولوجي كان من الضروري على المنتظم الدولي من تأطيرها من خلال مجوعة من الاتفافيات سواء تلك المرتبط بالجانب الزجري لردع صور التعدي على هذه المعطيات، أو تلك المتعلق بالتنظيمها.
وفي إطار انسجام المغرب مع هذه الإتفافيات الدولية قام بسن مجموعة من القوانين التي تنظم النظم المعلوماتية، وهذا ما استجاب له المشرع المغربي من خلال سن القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية والقانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، والقانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير المستهلك. وكان قد صدر قبل ذلك القانون رقم 07.03 بتتميم مجموعة القانون الجنائي في ما يتعلق بالجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات، والقانون رقم 03.03 المتعلق بمكافحة الارهاب، والقانون قم 34.05 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 2.00 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، والقانون رقم 99.02 المغير والمتمم لمدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة…
وهذا ما يجعلنا نتسائل حول مدى ملائمة التشريعات المتعلقة بالنظم المعلوماتية مع المعايير الدولية؟ وللمحاولة الإلمام بهذا الموضوع سوف نقسم هذا الموضوع إلى محورين الأول نخصصه للحديث عن أهم التشريعات المتعلق بالنظم المعلوماتية على المستوى الدولي و الوطني فيما نبحث في المحور الثاني عن مدى الإستحابة المشرع المغربي للمعايير الدولية وذلك من خلال تقيم الوضعية القانونية لتشريعات المتعلقة بالنظم المعلوماتية مع المعايير الدولية.
المحور الأول: التشريعات المتعلق بالنظم المعلوماتية على المستوى الدولي و الوطني.
عرف العالم في أواخر التسعينيات القرن الماضي مجموعة من التحولات سواء على المستوى الاقتصادي و السياسي وظهر ما يعرف بالعولمة والذي كان له تأثير مباشر على الاقتصاديات الدول العالم نتيجة ظهور الثورة التكنولوجية و العلمية وكذا التطور على المستوى الاتصالات و المواصلات كلها عوامل أدت الى تحرير التجارة العالمية وانفتاح العالم على بعضه وإزلة الحدود بين الدول.
وضهور نوع آخر متعلقة بوسائل الاتصال والمعلومات، نتيجة التطور الذي تجسد أساسا في انتشار أجهزة حاسب آلي ذات مستوى عالي متطورة بشكل مستمر، وبرامج متقدمة، وشبكات اتصال قربت ملايير البشر بعضهم البعض، وأتاحت فرصا جديدة للاطلاع على المعلومات وتبادلها، وحتى التفاوض وإبرام عقود مختلفة خصوصا عبر شبكة الانترنت، بل الأكثر من ذلك يمكن عبر هذه الأخيرة تسليم المنتجات كالبرامج أو القطع الموسيقية أو الصحف الالكترونية أو تقديم الخدمات مثل الاستشارات القانونية أو الطبية[1]
وفي ظل هذه التحولات الكبرى الذي عرفه العالم مكان عليه إلا أن يقوم بتنظيم و تأطير هذا التطور التكنولوجي، وذلك من خلال ابرام عديد من الاتفاقيات سواء منها المتعلقة بحماية التجارة الإلكترونية، تلك المتعلقة بحماية الخصوصية الشخصية، او تلك التي تتعلق بتبادل الإلكتروني للمعلومات القانونية، ومن أجل تفير الحماية الجنائية لهذه التطورات التي أفرزتها التكنولوجيات الحديثة سارع المنتظم الدولي إلى إبرام مجموعة من الاتفاقيات من أجل محاربة الجرائم المعلوماتية.
ومما لاسك فيه فإن هذه التطورات قد سايرها المشرع المغربي و ذلك من خلال المصادقة على مجوعة من هذه الاتفاقيات، كالاتفاقية بودابست المتعلقة بمكافحة الجريمة المعلوماتية ، مصادقة على الإتفاقية الأووبية رقم108 متعلقة بحماية المعطيات الشخصية…
وفي إطار ملائمة التشريع المغربي مع هذه الإتفافية بادر المغرب إلى إصدار قانون 53.05 المتعلق بتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، 07.03 المتعلق بالمس بالنظم المعالجة الالية للمعطيات، 09.08 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، قانون حماية المستهلك 31.08.
وهذا ما سوف نحاول إبرازه من خلال هذا المحور الذي خصصته للحديث عن التشريعات المتعلقة بالنظم المعلوماتية على المستوى الدولي و الوطنين حيث سوف أقسمه إلى فقرتين أولى خصصتها للحديث عن الإطار الدولى المتعلق بهذه التشريعات فيما عرجت في الفقرة الثانية عن الحديث عنها على المستوى الوطني.
الفقرة الأولى : الاتفاقيات الدولية المتعلق بالنظم المعلوماتية.
سوف أقتصر في هذه الفقرة الحديث عن الإتفاقيات “بودابست” المتعلقة بالجرائم المعلوماتية (أولا)، الإتفاقية الأروبية رقم108 متعلقة بحماية المعطيات الشخصية (ثانيا)، لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي”الأونسترال”(ثالثا)، التوجيهات الأروبية بشأن حماية التجارة الإلكترونية (رابعا).
أولا : الإتفاقيات “بودابست” المتعلقة بالجرائم المعلوماتية.
تتجلى محاربة الجرائم الإلكترونية على الصعيد الدولي من خلال الإتفاقيات المبرمة بين الدول سواء الثنائية أو الجماعية، وكذلك القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وأيضا المؤتمرات الدولية، ومن أبرز هذه الإتفاقيات نجد إتفاقيات الكاط المنعقدة بمراكش بتاريخ 15 أبريل1994[2]، اتفاقية الأمم المتحد لمكافحة الجريمة عبر الوطنية[3]، قرار الجمعية العامة الأمم المتحدة لمكافحة استغلال تكنولوجيا المعلومات الأهداف إجرامية، مؤتمرالأمم المتحدة الثامن بهافانا سنة 1990[4]… إلا أني سوف أقتصر حديث عن اتفاقيات بودابست[5] التي تعتبر من أهم الإتفاقيات التي ترمي إلى مكافحة الجرائم الإلكترونية عن طريق التعاون الدولي، تم إبرامها بتاريخ بتاريخ 23/11/2001 من طرف الدول الأعضاء في مجلس أروبا، وذلك بهدف وضع سياسة جنائية موحدة تمكن من ملاحقة المخلين بالأمن المعلوماتي، وتنسيق التعاون القضائي وخاصة على مستوى تحقيق في الجرائم التي ترتكب عن طريق استخدام وسيلة إلكترونية.
وقد عالجت هذه الإتفاقية في الفصل الثاني الجرائم المستحدثة التي ينبغي على القانون الجنائي أخذها بعين الإعتبار و العقوبات المطبقة على مرتكبها، وهكذا فقد تعرضت لمجموعة من الجرائم التي يمكن أن نذكر منها:
النفاذ غير القانوني( المادة2).
الإعتراض غير القانوني(المادة3).
التدخل في البيانات(المادة4).
التدخل في النظام( المادة 5).
إساءة الإستخدام الأجهزة( المادة 6).
التزوير المتصل بالكمبيوتر(المادة7).
الإحتيال المتصل بالكمبيوتر(المادة8).[6]
و قد اتخذت المقتضيات المتعلقة بالقواعد الإجرائية حيزا هاما ضمن أحكام اتفاقية بودابست و ذلك من خلال تخصيص 22 مادة من أصل 48 مادة مكونة للإتفاقية المذكورة للقواعد الإجرائية من خلال الفصل الثاني، حيث تم التأكيد عند تحديد نطاقها على ضرورة اعتماد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية و تدابير أخرى لإقرار القواعد الإجرائية الواردة في الإتفاقية لأغراض الأبحاث و الإجراءات الجنائية، وقد تضمنت الإتفاقية المذكورة مجموعة من القواعد الإجرائية الخاصة بالبحث و التحري من خلال المواد من 16 إلى 21 حيث يمكن إجمالها فيما يلي[7]:
إصدار الأوامر.
سرعة التحفظ على بيانات الكمبيوتر المخزنة.
إجبار مقدمي الخدمات على التزويد بالمعلومات المطلوبة.
تفتيش و مصادرة بيانات الكمبيوتر المخزنة.
التجميع الفوري لبيانات الكمبيوتر و إمكانية اعتراض هذه البيانات.
كما تضمنت الإتفاقية قواعد إجرائية متعلقة بالإختصاص القضائي في المادة 22 منها ضوابط سريان الإختصاص القضائي على الجريمة الإلكترونية[8] ، مؤكدة على ضرورة اعتماد الدول الأطراف على ما يلزم من تدابير تشريعية و تدابير أخرى لإقرار الإختصاص القضائي على الجرائم الواردة في الإتفاقية ، فالمادة 22 وضعت مجموعة من المعايير و التي بمقتضاها تنسق الأطراف المتعاقدة حدود صلاحياتها المتعلقة بالجرائم الواردة في الإتفاقية، وذلك عندما ترتكب الجريمة في إقليم الدولة أو على متن إحدى السفن التي ترفع علمها أو على متن إحدى الطائرات المسجلة بموجب قوانينها و كذا على كل جريمة مرتكبة من جانب أحد مواطنيها إذا كانت الجريمة معاقب عليها بموجب القانون الجنائي بمكان ارتكابها أو في حالة ارتكاب الجريمة خارج الإختصاص القضائي لأية دولة ، كما نصت الإتفاقية على عدم استبعاد الإختصاص الجنائي الذي ينص عليه أحد الأطراف وفقا لقانونه الوطني و مطالبة الدول الأطراف في الإتفاقية بالتشاور حول الإختصاص القضائي الأكثر ملاءمة لمحاكمة مرتكبي الجرائم الإلكترونية في حالة تعدد المطالبة من طرف الأطراف باختصاصه القضائي حول واقعة معينة[9].
كما أن ما تضمنته هذه الإتفاقية من آليات في مجال التعاون بين الدول في مجال الإجراءات حيث يمكن لإحدى الجهات أن تطلب من جهة أخرى من أن تأمر أو تفرض حماية سريعة و بطريقة مختلفة لبيانات مخزنة في نظم معلوماتية داخل حدود هذه الجهة الثانية لتسهيل عملية البحث عنها و الوصول إليها.
ثانيا : الإتفاقية الأروبية رقم 108 متعلقة بحماية المعطيات الشخصية.
حضية الحماية القانونية للمعطيات الشخصية إهتمام كبيرا من طرف المنتظم الدول، و ذلك من خلال العديد من الاتفاقيات الدولية وتوجيهات المجلس الأوروبي ومنها اتفاقية حماية الأفراد فيما يتعلق بالتجهيز الآلي للبيانات الشخصية ( رقم 108 )، و بروتكول الإضافي للاتفاقية 108 الخاصة بحماية الأشخاص تجاه المعالجة الآلية للمعطيات ذات الطابع الشخصي، والمتعلق بسلطات المراقبة والتدفقات عبر الحدود. و التوجيه 46/95/CE الصادر عن البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي في 24 أكتوبر 1995 والمتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي وحرية التنقل.[10]
وتعتبر اتفاقية مجلس أوروبا الخاصة بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه المعالجة الآلية للمعطيات ذات الطابع الشخصي، إحدى هذه الاتفاقيات.وتضمن هذه الاتفاقية لجميع الأشخاص الذاتيين المتواجدين على إقليم كل دولة طرف فيها، بغض النظر عن جنسيتهم أو إقامتهم، احترام حقوقهم وحرياتهم الأساسية، وخاصة حقهم في الحياة الخاصة تجاه المعالجة الآلية للمعطيات ذات الطابع الشخصي.
وحددت هذه الاتفاقية المبادئ الأساسية الخاصة بحماية المعطيات أهمها التزام كل دولة طرف بالتنصيص في قوانينها الداخلية على التدابير الضرورية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي سواء من الناحية الموضوعية أو الإجرائية، وإدراج التدابير الأمنية ضمن قوانينها، حماية للهوية والحقوق والحريات الفردية والجماعية والحياة الخاصة من كل ما من شأنه أن يمس بها عبر استخدام المعلوميات.
منا أن هذه الاتفاقية تعتبر الصك الدولي الأول الذي يحمي الفرد من الإساءات التي قد يتعرض لها بسبب جمع ومعالجة البيانات الشخصية والتي تسعى إلى تنظيم تدفق البيانات الشخصية في نفس الوقت. كما أنه بوفر ضمانات خاصة بجمع ومعالجة البيانات الشخصية ، فإنها تحظر معالجة البيانات “الحساسة” القائم على التمييز العنصري والسجل الجنائي في غياب الضمانات القانونية. كما تكرس الاتفاقية حق الفرد في معرفة أن المعلومات مخزنة عليه، وإذا لزم الأمر، لتصحيحها. ونصت على عدم امكانية فرض أية قيود على الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية إلا عندما تكون المصالح المهيمنة على المحك.[11]
وعالجت الاتفاقية السابقة من خلال 27 مادة أهداف وأغراض الاتفاقية والتعاريف للمصطلحات الأساسية في الاتفاقية، وعالج كذلك المبادئ الأساسية في حماية البيانات وجودتها وواجبات الأطراف وحقوقهم، ونصص بشكل صريح على عدم جواز معالجة البيانات التي تضم بيانات قد تكون عنصرية لبعض الأفراد، وجاء بتدابير لتعزيز حماية اضافية للبيانات، وقامت كذلك بتنظيم طرق نقل البيانات عبر الحدود.[12]
ثالثا : لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي “الأونسترال”
بالرغم من إصدار اللجنة عقدا نموذجيا لاستخدام المعطيات الإلكترونية، فإنها كانت تعمل بشكل متواز، وفي ذات الوقت، على إيجاد قانون موحد بشأن التجارة الإلكترونية، وقد اتفق على أن يكون ذلك في صورة (قانون نموذجي)، وذلك لتهيئة مجموعة شاملة من القواعد التي تنظم جميع جوانب التجارة الإلكترونية، وتعديل القواعد الإلكترونية القائمة التي تشكل عقبة أمام إستخدام وسائط غير ورقية للإتصال والإبلاغ وتخزين المعلومات.
وفعلا كرست اللجنة جهودها بهذا الإتجاه طيلة الدورات من الخامسة والعشرين إلى التاسعة والعشرين، وأقر مشروع قانون بهذا الشأن من قبل الفريق المكلف بذلك واعتمدته اللجنة ابان دورتها الثامنة والعشرين عام 1995 وكان يتضمن المواد من (1-11)، ومن ثم تم اعتماد ما تبقى من المواد في في الدورة التاسعة والعشرين في العام 1996 مع دليله التشريعي، هكذا توجت هذه اللجنة أعمالها وجهودها بإصدار القانون النموذجي في مجال التجارة الإلكترونية، والذي سمي بشكل نهائي ب “قانون الأونسترال النموذجي بشأن التجارة الإلكترونية، والذي تم اعتماده في16/12/1996 وذلك بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المرقم (51/162) في 16/12/1996.
وقد تضمن هذا القانون النموذجي جزأين من الأحكام القانونية موزعة على 17 مادة فضلا عن الدليل التشريعي لهذا القانون والذي أعدته الأمانة العامة للجنة الأونسترال. ويتضمن الجزء الأول 15 مادة موزعة على فصول ثلاثة الأول خصص للأحكام العامة والثاني سمي ب (تطبيق الإشتراطات القانونية على رسائل البيانات) والثالث بعنوان (إبلاغ رسائل البيانات).
وقد نصت المادة الأولى من هذا القانون والمخصصة لتحديد نطاق تطبيقه على أن (يطبق على أي نوع من المعلومات يكون في شكل رسالة بيانات مستخدمة في سياق أنشطة تجارية) وقد تضمنت هذه المادة حواش أربعة لتوضيح منطوق النص الوارد فيها. فقد أشارت الحاشية الأولى إلى أن هذا القانون من حيث المبدأ ينطبق على كلا الإستعمالين الدولي والمحلي لرسائل البيانات، ويجوز يقييد ذلك في النطاق الدولي فقط، أما الحاشية الثانية فتشير إلى أن هذا القانون لا يمنع تطبيق أية قواعد قانونية تستهدف حماية المستهلك، مع ترك أمر حماية المستهلك إلى تشريعات كل دولة، أما الحاشية الثالثة فتشير إلى إمكانية تطبيق هذا القانون خارج نطاق المجال التجاري، وهذا يكون مفيدا للبلدان التي ليست لديها مجموعة من القوانين التجارية المستقلة، وأخيرا فإن الحاشية الرابعة تتعلق ببيان المقصود بمصطلح (الأنشطة التجارية) الواردة في متن المادة، وتؤكد أنه ينبغي تفسير هذا المصطلح تفسيرا واسعا بحيث يشمل جميع المسائل ذات الطابع التجاري سواء أكانت تعاقدية أم غير تعاقدية، وقد أشارت هذه الحاشية إلى بعض هذه الأعمال أو الأنشطة التي تعد تجارية على سبيل المثال.
أما الجزء الثاني من هذا القانون فقد جاء تحت عنوان (التجارة الإلكترونية في مجالات متعددة) وتتضمن فصلا واحدا عنوانه (نقل البضائع) يتكون من مادتين. ومما يلاحظ على هذا الجزء أنه يوحي إلى إمكانية إضافة مجالات أخرى، ونصوص أخرى إلى هذا الجزء، ومما يؤكد ذلك أنه تضمن فصلا واحدا سمي بالأول مما يعني إمكانية إستحداث فصلا ثانيا وثالثا… وهكذا.
وكما سبقت الإشارة، فقد اشفع هذا القانون بدليل سمي (دليل تشريع قانون الأونسترال النموذجي بشأن التجارة الإلكترونية 1996) وذلك لمساعدة الدول في سن هذا القانون وتطبيقه، وذكر أيضا أن هذا الدليل الذي يستمد في الجانب الأكبر منه من الأعمال التحضيرية لمشروع القانون يمكن أن يفيد أيضا مستعملي التبادل الإلكتروني للبيانات والباحثين في هذا المجال، مما أتاح للفريق العامل الذي تولى صياغة القانون عدم حسم عدد المسائل في متن القانون وإنما أودعت في الدليل لغرض إرشاد الدول. مما يجعله مكتملا للقانون النموذجي.
وقد حقق هذا القانون النموذجي نجاحا كبيرا لاستخدامه والإسترشاد به في غالبية الدول التي سنت قوانين بشأن التجارة الإلكترونية [13].
رابعا : التوجيهات الأروبية بشأن حماية التجارة الإلكترونية.
إن القوانين الدولية التي اهتمت بالتجارة الإلكترونية إبتدأت بتوجيهات مجلس دول أوروبا المؤرخة في 11 دجنبر 1981 والتي تهدف إلى دفع الدول إلى توحيد قوانينها، لاسيما في اتجاه إعتماد وسائل الإثبات المعلوماتي والإعتراف بحجية التسجيلات[14]
تعد الجهود التي تبذلها المنظمات الأوروبية هي الأبرز في هذا المجال، فظلا عن ريادتها في هذا المضمار. إذ يعتبر المجلس الأوروبي من أولى الهيئات الدولية التي بحثت في مسألة قبول المستندات المأخوذة من الحواسيب الآلية في الإثبات، فقد تم ذلك من خلال دراسة اعدتها لجنة خبراء تابعة للمجلس، وبناء عليها أوضحتاوصت اللجنة الوزراء في المجلس عام 1981 بتوصية دولية مهمة، موجهة إلى دول الأعضاء تتعلق بضرورة التنسيق بين تشريعاتها في مجال الإثبات (الكتابي)، ودعت إلى إعتماد النسخ والتسجيلات المعلوماتية في الإثبات، وطلبت كذلك من الدول الأعضاءأن تحدد الكتب والوثائق والمستندات والبيانات التي يمكن تسجيلها على الحاسوب، ومن ثم إجراء عملية المراجعة عليها على الأقل كل خمس سنوات، ما عداها يكون إثباته بالكتابة. وسوف تقبل هذه الوثائق في الإثبات أمام المحاكم، ويفترض أن تكون مستنسخة وتمثل تسجيل سليمة وكاملة وكاملة للمستند الأصلي والمعلومات التي يتضمنها ما لم يثبت العكس. وكانت قد دعت هذه التوصية الدول أن تحدد فترة زمنية لا تتجاوز العشر سنوات كمهلة للإحتفاظ الإجباري بالكتب والمستندات والوثائق.
إن هذه التوصية تعتبر رائدة، ولها أهمية بالنسبة للمؤسسات، وخاصة ذات النشاط الدولي، باعتبارها تعترف بالقيمة القانونية للتسجيلات المعلوماتية كإثبات المعاملات التجارية، وتطالب بالتوفيق والتنسيق بين الدول الأعضاء. غير أن هذه التوصية لم يتبعها أي تدبير تشريعي على مستوى الدول ويرجع ذلك على رأي البعض، إلى أنها كانت توصية مبكرة نسبيا باعتبارها أن ظاهرة استخدام الحاسوب والمعلومات المستخرجة منه في التجارة كانت لا تزال في التكوين ولم تتبلور بشكل نهائي بعد.
وفي إطار الجماعات الإقتصادية، تم وضع برنامج عمل اطلق عليه (انظمة التبادل في المعلومات الخاصة بالتجارة الإلكترونية) ويعرف ب(TEDIS)[15]، وذلك بناء على قرار من مجلس الجماعات الأوروبية في العام 1987، وقد قد تم إنجازه على مرحلتين الأولى من عام 1988 إلى 1989 وتبعتها مرحلة ثانية تم البدء بتنفيذها في العام 1991، وانتهى البرنامج في العام 1994، وكان يهدف إلى ضمان بدء إنشاء أنظمة وقواعد التبادل الإلكتروني للبيانات في المجموعة الأوروبية بشكل أفضل. وعلى المستوى القانوني فقد كانت هناك حوالي ثمانية أعمال فيما يخص التجارة الإلكترونية.
هذا وقد أظهرت التقارير والدراسات التي تمت من قبل الدول والجماعات الأوروبية آنذاك، أن هناك ثلاثة صعوبات قانونية رئيسية في مجال التبادل الإلكتروني للبيانات وهي: مدى صلاحية وامكانية قبول المستندات الإلكترونية غير المادية، ومدى حجية هذه المستندات، ومسألة تكوين وابرام العقود الإلكترونية.
وضمن هذا التوجه فقد أصدر المجلس الأوروبي في 19 تشرين الأول عام 1994 توصية تدعو الممثلين الإقتصاديين والمنظمات التي تستفيد من تبادل البيانات الإلكترونية إلى إستخدام نموذج العقد الذي تم نشره من قبل المجلس، كما تضمت التوصية هذه شرح وتفسير لبعض المفردات، إضافة إلى تضمنها لبعض الفقرات التي يستوجب إكمالها من قبل أطراف عقد التبادل الإلكتروني للبيانات، وتعتبر هذه التوصية موجهة إلى مجموعة من الدول من أجل تسهيل التبادل الإلكتروني للبيانات التجارية [16].
الفقرة الثانية : القوانين الوطنية متعلقة بالنظم المعلوماتية.
وفي إطار ملائمة التشريع المغربي مع هذه الإتفافية الدولية بادر المغرب إلى إصدار قانون 53.05 المتعلق بتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية (أولا)،قانون 07.03 المتعلق بالمس بالنظم المعالجة الالية للمعطيات(ثانيا)،قانون 09.08 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية(ثالثا)، قانون حماية المستهلك31.08 (رابعا).
أولا: قانون 53.05 المتعلق بتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية.
لقد تمخض عن التطور المتنامي للمبادلات أن ظهرت بدائل جديدة للتواصل التقليدي، تمثلت في وسائل وآليات قادرة على تنظيم مختلف جوانب التجارة الإلكترونية، التي يشهدها العالم اليوم بخطوات رهيبة ومتسارعة، فلا ينبغي، والحالة هذه، أن تبقى المجتمعات المدنية، بمنآى عن مسايرة التطور الرقمي، حبيسة قواعدها التقليدية، التي صارت الآن عاجزة عن ضبط وتنظيم الأساليب الحديثة لهذا النوع من التجارة.
تدخل المشرع المغربي، مستجيبا لمتطلبات التطور، فأصدر تشريعا نظم بمقتضاه التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية بموجب القانون 05-53، الذي شمل عدة موضوعات تخص التجارة الإلكترونية، وهي المعادلة، من حيث الإثبات، بين البيانات المحمولة على دعامة ورقية و البيانات المحمولة على دعامة إلكترونية، وكيفية إبرام العقود الإلكترونية، وتشفير البيانات، والتوقيع الإلكتروني والمصادقة الإلكترونية وغيرها[17].
وبصدور القانون رقم 05-53، يكون المغرب قد دخل العهد الرقمي بشكل لا لبس فيه، إذ يندرج هذا القانون في إطار مسعى سياسي عام، يهدف من جهة، الى تشجيع ولوج المغرب إلى تكنولوجيا الإعلام والاتصال، ومن جهة أخرى، للاستجابة لتطلعات المتعاملين المتعطشين للسرعة والفعالية في النظام القانوني، لكن في مقابل ذلك، فإن إعداد وصياغة هذا القانون، اقتضت اعتماد مقاربة قانونية مختلفة، تسعى لوضع قواعد تؤطر مجالا يتميز بالتطور المتلاحق والسريع وبطبيعته غير المادية، ومن تم اعتماد تقنية تشريعية خاصة، اعتمدت الجمع بين مقتضيات متممة ومعدلة لبعض فصول ظهير الإلتزامات والعقود، والتي توخت وضع الأساس للتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، باعتبار هذا التبادل هو موضوع القانون المذكور ومحوره، ومقتضيات أخرى خاصة، تهدف إلى تنظيم هذا الموضوع من حيث المضمون والوظائف والإجراءات، الشيء الذي ترتب عن هذه التقنية[18]، عدة نتائج وآثار مختلفة ، تفتح المجال للتساؤل عن مدى نجاعتها وكذا موقع الشق المنفصل عن هذا القانون، ودور كل ذلك، في التأثيث وبناء الإطار المناسب لبلوغ المجتمع الرقمي بصفة عامة، وتطوير التجارة الإلكترونية بصفة خاصة.
إن التعديلات القانونية التي أتت استجابة لمتطلبات التجارة الإلكترونية، والتي أقرها القانون رقم 53.05 الخاص بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، قد سارت نحو تحديد النظام القانوني الواجب التطبيق في تبادل البيانات والمعطيات عبر الوسائل الإلكترونية، وتقوم التعديلات السالفة على تغيير وتتميم بعض مقتضيات ظهير الالتزامات والعقود، وإضافة مقتضيات أخرى تتوخى جملة من الأهداف، وبذلك يكون المشرع المغربي قد أحدث تغييرا جذريا وذلك باعتماد مقاربة قانونية تسعى لوضع قواعد قانونية تؤطر مجالا يتميز بالتطور المتلاحق والسريع وبطبيعته غير المادية، مسايرا بذلك الاتجاهات التشريعية الحديثة للقوانين الوطنية، المنبثقة من قواعد الاونسترال النموذجية وتوصياتها من جهة، وكذا تكييف وتطويع ظ.ل.ع مع هاته التحولات التي تفرضها سرعة تطور التقنيات الحديثة، وتتمثل المستجدات المرتبطة بالجوانب القانونية لقانون 53.05، والتي يمكن إجمالها ، في تنظيم العقد المبرم أو الموجه بطريقة إلكترونية، حيث الاعتراف الصريح بالكتابة أو الوثيقة الإلكترونية لاثبات التصرفات القانونية، وبالتالي إضفاء الحجية والمصداقية عليها، وهناك أيضا مستجدات مرتبطة بالجوانب التقنية، حددها المشرع المغربي من خلال القانون المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية، وذلك في القسم الثاني منه خاصة الباب الأول والثاني، حيث نجد المشرع يتحدث عن التوقيع الالكتروني المؤمن والتشفير ثم المصادقة الالكترونية، والتي من شأنها أو بفضلها يتمتع هذا التوقيع الالكتروني بقوته الثبوتية[19]، إلا أن هذا القانون بدوره عرف قصور على مستوى نصوصه والذي سوف نتعرض لها في المحور الثاني.
ثانيا : قانون07.03 المتعلق بالمس بالنظم المعالجة الألية للمعطيات.
بعد مصادقة المغرب على إتفاقية بودابست المتعلقة بالمكافحة الجريمة المعلوماتية كان من من الازم على المغرب أن يلائم تشريعاته مع المعاير الدولية ولسد الفراغ التشريع كذلك خصوصا وأن المغرب عرف مجموعة من الجرائم المعلوماتية ونظرا لغياب نص قانوني يجرم هذه الأفعال كان القضاء المغربي في كثير من الحلات يقوم على يعتمد على القواعد و القوانين التقليدية في معاقبة الجناة لكن أمام تطور التكنولوجي المتزايد ظهرت الحاجة الملحة لمثل هذه القوانين و هو ما قم بإصداره المشرع المغربي سنة 2003 من خلال قانون 07.03 المتعلق بالمس بنظم المعالجة الألية للمعطياتو الذي تمت إضافته إلى المجموعة الجنائية المغربية من خلال الباب العاشر من الجزء الأول من الكتاب الثالث[20].
ووعيا من المشعر المغربي بخطورة الجريمة قام بوضع قانون 07.03 المتعلق بالمس بالنظم المعالجة آلية للمعطيات من الفصول 3-607 إلى 11-607 من ق.ج وبتالى يكون قد وضع الإطار القانوني لهذه الجريمة إلى أنه في هذا القانون لم يورد المشرع تعريف للجريمة الإلكترونية وذلك راجع لطبيعة وخاصية الجريمة الإكترونية وقام بحصر مجموعة من صور الذي يمكن أن تتخذها الجريمة الإلكترونية، و الذي يمكن أن نذكر منها: الدخول الاحتيالي إلى مجموع أو بعض نظام للمعالجة الآلية للمعطيات، البقاء في نظام للمعالجة الآلية للمعطيات بعد الدخول خطأ فيه، حذف أو تغيير المعطيات المدرجة في نظام المعالجة الآلية للمعطيات أو التسبب في اضطراب في سيره.[21]
العرقلة العمدية لسير نظام المعالجة الآلية للمعطيات أو إحداث خلل فيه[22]، إدخال معطيات في نظام للمعالجة الآلية للمعطيات أو إتلافها أو حذفها منه أو تغيير المعطيات المدرجة فيه، أو تغيير طريقة معالجتها أو طريقة إرسالها بشكل احتيالي، التزوير أو التزييف لوثائق المعلوميات أيا كان شكلها إذا كان من شان التزوير أو التزييف الحاق ضرر بالغير.
استعمال وثائق معلوميات مزورة أو مزيف، صنع تجهيزات أو أدوات أو إعداد برامج للمعلوميات أو أية معطيات أعدت أو اعتمدت خصيصا لأجل ارتكاب هذه الجرائم أو تملكها أو حيازتها أو التخلي عنها للغير أو عرضها رهن إشارة الغير، محاولة ارتكاب الجرائم المذكورة المشاركة في عصابة أو اتفاق لأجل الإعداد لواحدة أو أكثر من هذه الجرائم.
ولقد وضع المشرع المغربي في قانون 07.03 مجوعة من العقوبات الزجرية لكل جريمة، وبتالى يكون المشرع قد سد نوع ما الفراغ التشرعي الذي كان يحدثه هذا النوع من الإجرام إلا أن الجرام المعلوماتي عرف مجوعة من الصور الأخرى والذي يكون راجع إلى موضوع الجريمة و الوسيل الذي أرتكبت به.
إلا أن المشرع الغربي عند سنه لقانون 07.03 قد أغفل بعض الأفعال لم يضمها ضمن دائرة التجريم وكذلك في ما يخص القواعد الإجرائية التي يتم إعملها في هذا النوع الخاص من الجرائم والذي سوف نتطرق إليها في المحور الثاني عند تقيمنا للوضعية القانونية لنظم المعلوماتية .
ثالثا : قانون 09.08 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية.
بعد أن قام المغرب بالمصادقة على الإتفاقية الأروبية المتعلق بالحماية المعطيات الشخصية بموجب قانون رقم 13-46، يوافق بموجبه على الاتفاقية الأوروبية رقم 108 المتعلقة بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه المعالجة الآلية للمعطيات ذات الطابع الشخصي، الموقعة بستراسبورغ في 28 يناير 1981، في اطار الوضع المتقدم الذي منح للمغرب في علاقاته مع دول الاتحاد الأوروبي، اقترح مجلس أوروبا بانضمام المملكة المغربية بشكل تدريجي لعدد من اتفاقيات هذا المجلس المفتوحة في وجه الدول غير الأعضاء في الاتحاد، وتعتبر اتفاقية مجلس أوروبا الخاصة بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه المعالجة الآلية للمعطيات ذات الطابع الشخصي، إحدى هذه الاتفاقيات، وتضمن هذه الاتفاقية لجميع الأشخاص الذاتيين المتواجدين على إقليم كل دولة طرف فيها، بغض النظر عن جنسيتهم أو إقامتهم، احترام حقوقهم وحرياتهم الأساسية، وخاصة حقهم في الحياة الخاصة تجاه المعالجة الآلية للمعطيات ذات الطابع الشخصي.
وحددت هذه الاتفاقية المبادئ الأساسية الخاصة بحماية المعطيات أهمها التزام كل دولة طرف بالتنصيص في قوانينها الداخلية على التدابير الضرورية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي سواء من الناحية الموضوعية أو الإجرائية، وإدراج التدابير الأمنية ضمن قوانينها، حماية للهوية والحقوق والحريات الفردية والجماعية والحياة الخاصة من كل ما من شأنه أن يمس بها عبر استخدام المعلوميات.
وعلى هذا الأساس شهدت الساحة القانونية المغربية في عام 2009 ولادة قانون 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، فحماية الهوية والحقوق والحريات والحياة الخاصة منصوص عليها في الفصل 24 من الدستور المغربي.[23] وجاء هذا القانون لحماية الفصل السابق تجاه أي اعتداء عليها ولكن خصص للاعتداء المعلوماتي على الحقوق والحريات.
ويقوم هذا القانون على تحديد الحق في الولوج إلى القواعد التي تتضمن المعطيات الشخصية، والتعرض على بعض عمليات المعالجة، وطلب تصحيح المعطيات الخاطئة أو مسح المعطيات التي انتهت صلاحيتها أو التي تم تحقيق الغاية من معالجتها.[24]
وفي هذا الاطار تضمن قانون 09.08 67 مادة مقسمة على سبعة أبواب، وقام من خلالها بتحديد نطاق تطبيق هذا القانون والتعريفات اللازمة من أجل انزاله على أرض الواقع وطبيعة المعطيات المراد معالجتها والشروط القانونية الواجب توافرها وضرورة وجود الرضى الصريح من طرف المعني بالأمر فيه في الباب الأول منه ( المواد 1 الى 4 ).
أما في الباب الثاني فتتطرق من خلال مجموع مواده ( 7 مواد – المواد 5 الى 11 – )، الى حقوق الشخص المعني بالأمر حول معالجة معطياته الشخصية والحقوق التي يتوفر عليها في حدود معالجتها. أما المواد 12 الى 26 في الباب الثالث فقام من خلالها بتناول الواجبات التي تقع على عاتق المسؤول عن المعالجة.
وقام في كل من الباب الرابع والخامس بالنص على اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي وتناول فيه اختصاصاتها وأعضائها وطرق تشكيلها والوضعية القانونية لهم، وفي الباب الخامس تناول آلية نقل المعطيات الشخصية نحو بلد أجنبي.
وفي الباب السادس نص على السجل الوطني لحماية المعطيات الشخصية وحدود إحداثه و استعمال السجلات مركزية ونص فيه أنه يعهد بمسكه إلى اللجنة الوطنية التي تقوم بوضعه تحت رهن اشارة العموم، ونص على المعلومات الواجب تقييدها في هذا السجل، وترك الباب السابع من أجل العقوبات للمخالفين لأحكام هذا القانون، والباب الثامن والأخير خصصه للأحكام الانتقالية.
وقام المشرع المغربي بأنشاء أحكام القانون السابق وفق العديد من الاتفاقيات الدولية وتوجيهات المجلس الأوروبي ومنها اتفاقية حماية الأفراد فيما يتعلق بالتجهيز الآلي للبيانات الشخصية ( رقم 108 )، و بروتكول الإضافي للاتفاقية 108 الخاصة بحماية الأشخاص تجاه المعالجة الآلية للمعطيات ذات الطابع الشخصي، والمتعلق بسلطات المراقبة والتدفقات عبر الحدود. و التوجيه 46/95/CE الصادر عن البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي في 24 أكتوبر 1995 والمتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي وحرية التنقل.[25]
رابعا : القوانين المتعلق بحماية التجارة الإلكترونية.
لقد أظهر المشرع المغربي إصرار نحو تبني إسترتيجية سليمة في التعامل مع تحديات القانون في عصر التقنية، وقد صدر عنه مجموعة من التشريعات ذات الصلة الوثيقة بالمعاملات الإلكترونية[26]، والتي من خلالها تقوم بتنظيم التجارة الإلكترونية، وتجد الإشارة هنا على أن التجارة الإلكترونية تعرف على مستوى تنظيمها شتات على مستوى القوانين ومن قبيل هذه التشريعات نجد قانون حماية المستهلك 31.08، والقانون 07.03 المتعلق بالإخلال بنظم سير المعالجة الآلية للمعطيات، والقانون 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين إتجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي،وقانون53.05…
وبما أن هذه القوانين سالفة الذكر قد قمت بتفصيل فيها سوف أقتصر فقط على قانون 31.08 المتعلق بحماية المستهلك، نظرا للمخاطر الكبيرة التي تنطوي عليها العملية الإستهلاكية في جميع مراحلها لوقاية المستهلك من مخاطر ما يقتنيه من سلع وخدمات ولوقايته من شر الوقوع ضحية لنزعته الإستهلاكية، لذلك وجب على القانون أن يتعرض لحماية المستهلك في العاملات الإلكترونية لإستخراج الآليات اللازمة لإعادة التوازن في العلاقات الإستهلاكية بما يرفع الضرر والخطر عن المستهلك، مما يستدعي توحيد النظام القانوني الدولي بهدف التنسيق بين المراكز القانونية للمتعاقدين واتساع نطاق الحماية القانونية للمستهلك [27]. وهذا ما تاتى من خلال تدخل المشرع المغربي عبر قانون 31.08 وسن مجوعة من النصوص القانونية المنظمة للتجارة الإلكترونية، والتي تهدف أساسا إلى حماية المتعاقد إلكترونيا [28].
المحور الثاني: تقيم الوضعية القانونية لتشريعات المتعلقة بالنظم المعلوماتية مع المعايير الدولية.
بعد أن قمنا بمحاولة دراسة الإطار القانوني لتشريعات المتعلقة بالنظم المعلوماتية سواء على المستوى الدولي وذلك بتطرق لأهم الإتفاقيات المبرم، وعلى المستوى الوطني من خلال التطرق لمختلف هذه التشريعات التي نص عليها المشرع من خلال مجموعة من القوانين، سوف نقوم بمحاولة تقيم هذه الوضعية القانونية، ومحاولة مقرناتها بالتشريع الدولي ومدى إستجابتها للمعاير الدولية، مع إبراز أهم أوجه القصور (الفقرة الأولي)، إقتراح بعض الحلول من أجل تعزيز الترسنة القانونية لهذه التشريعات( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: أهم أوجه القصورفي القوانين الوطنية المتعلقة بالنظم المعلوماتية.
سوف نبرز هذه أوجه القصور على المستوى الموضوعي و الإجرائي بالنسبة لقانون 07.03 (أولا)، و (ثانيا) بالنسبة لقانون 53.03 و (ثالثا) بالنسبة لتجارة الإلكترونية.
أولا : بالنسبة لقانون المس بالنظم المعالجة الألية للمعطيات.
عرف قانون المس بالنظم المعالجة الألية للمعطيات بعد صدوره قصورا سواء على المستوى القواعد الموضوعية أو على مستوى القواعد الإجرائية والتي يمكن رصدها كالأتي:
على مستوى القواعد الموضوعية.
يمكن أن نجمل أهم أوجه القصور الملاحظ من خلال قانون 07.03 في مايلى:
إعتماد صياغة عامة وفضفاضة في نص التجريم:
من المسلم به أن قواعد القانون الجنائي يجب أن تكون واضحة وبسيطة الفهم إذا عدنا إلى بنية النص القانوني المنظم للجرائم المعلوماتية نجده يستعمل بعض المصطلاحات وصيغ عامة ومنها ما هو وارد في الفصل 3-607 ق.ج حيث أن صيغة النص جاءت عامة فيما يتعلق بالركن المادي للجريمة المتمثل في الدخول إلى نظام المعالجة و الذي يتحقق بأي صورة من صور التعدي وبغض النضر عن الوسيلة المستعملة ونفس الشيء بنجده في الفصل 5-607 ق.ج،[29]المتعلق بعرقلة سير النظام حيث جاءت هي الأخرى عامة فالمشرع لم يشترط وسيلة معينة لحصول العرقلة، وبخصوص الفصل 6-607 ق.ج المتعلق بالإحتيال المعلوماتي فقد نص على الركن المادي للجريمة و المتمثل في الإدخال، الحذف، التغيير لكنه لم ينص على الركن المعنوي في الفصل السابق، كذلك في مايخص جريمة التزوير المعلوماتي المنصوص عليها في الفصل 7-607 لم يحدد عناصر التزوير ولا الوسيلة التي يمكن بها التزوير مما يطرح إشكال حول إمكانية تطبق الفصول 357-359 من ق.ج[30].
قصور النص الجنائي عن الإحاطة ببعض صور الجرائم المعلوماتية.
تتعدد صور وتفريعات الإجرام المعلوماتي التي تقع خارج دائرة التجريم والعقاب ومنها عدم التجريم الإعتراض الغيرالمشروع أو ما يعرف تقنية التقاط البيانات المعلوماتية عن طريق دبدبات الحقل المغناطيسي .
ولقد نصت الاتفاقيات الدولية وبعض التشريعات المقارنة على تقنية التقاط البيانات المعلوماتية باعتبارها جريمة مستقلة عن باقي أنواع الجرائم المعلوماتية، فبالرجوع إلى اتفاقية بودابست المتعلقة بالإجرام المعلوماتي[31] يتضح أنها بعد أن نصت في مادتها الثانية على إلزام الدول الأطراف في الاتفاقية بتجريم الدخول غير المشروع لأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات، نصت في المادة الثالثة على ضرورة قيام الدول الأطراف بتجريم الاعتراض غير المشروع، وذلك بتضمين تشريعاتها الوطنية نصوصا تقضي بأنه تعتبر جرائم العمليات التي ترتكب عن عمد بغية اعتراض خط سير البيانات دون وجه حق، وذلك اعتمادا على الوسائل التقنية بما في ذلك ما يتعلق بما ينبعث من منظومة الكمبيوتر من موجات كهرومغناطيسية[32].
وعلى مستوى التشريع المغربي نجد المادة 115 من قانون المسطرة الجنائية قد نصت على ذلك وإذا كان هذا النص قد جرم عملية الالتقاط صراحة، إلا أنه ربط هذه العملية بالمراسلات أو الاتصالات المنجزة أو المرسلة بواسطة وسائل الاتصال عن بعد، حسب ما يستنتج من ربط النص للالتقاط بهذا النوع من المراسلات، ومن تنصيصه على أن التجريم والعقاب في هذه الحالة متوقف على إنجاز الالتقاط خلافاً للمقتضيات المشار إليها في المواد السابقة على المادة 115 المذكورة، علما أن المواد المذكورة تنظم مسطرة التقاط المكالمات والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد تحت مراقبة السلطات القضائية المختصة وبأمر منها كما يدل على ذلك عنوان الباب الخامس من قانون المسطرة الجنائية، وهو ما يعني أن المادة 115 السالفة الذكر تقدم حلا جزئيا يهم حالة التقاط المراسلات المنجزة بواسطة وسائل الاتصال عن بعد، أما حالة التقاط بيانات الحاسوب عن طريق دبدبات الحقل المغناطيسي فإنها تتحقق حتى ولو كان الحاسوب غير مرتبط بشبكة الانترنت، وحتى لو كانت البيانات موضوع الالتقاط بيانات مخزنة في ذاكرة الحاسوب أو غير مرسلة أو معدة للإرسال، وهو ما يقتضي تدخل المشرع لتجريم هذه الصورة من صور الإجرام المعلوماتي بنص صريح ومستقل وفق ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية في هذا الباب[33].
ومن الجرائم الأخرى التي لم يجرمها المشرع المغربي نجد فيروس البريد الالكتروني الذي يصيب البيانات المعلوماتية، ويتضح من خلال طريقة اشتغال فيروس البريد الالكتروني أنه من التقنيات التي لا يمكن أن تدخل تحت مظلة جرائم الولوج إلى نظام المعالجة الآلية للمعطيات المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصلين 3-607 و4-607 من القانون الجنائي، وإنما يمكن اعتبارها من جرائم عرقلة سير نظام المعالجة الآلية للمعطيات المنصوص عليها في الفصل 5-607 من القانون السالف الذكر[34].
غير أن ما يحول دون إعمال أحكام الفصل 607-5 بشأن فيروس البريد الإلكتروني، هو أن المشرع يعاقب على عرقلة سير نظام المعالجة الآلية للمعطيات ككل، بينما تتميز تقنية فيروس البريد الإلكتروني بكونها تعطل جزء من هذا النظام فقط، ذلك أن المشرع عند معاقبته على الولوج دون وجه حق لنظام المعالجة الآلية للمعطيات، نص على معاقبة الولوج سواء كان كليا أو جزئيا، بينما عندما نظم أفعال عرقلة سير نظام المعالجة الآلية للمعطيات تحدث النظام ككل و لم يدرج عبارة “عرقلة النظام جزئيا”، على نحو يمكن القول معه أن الدفع بالشرعية الجنائية و ما تفرضه من تفسير ضيق للنص و تحريم للقياس، من شأنه أن يخرج الاعتداءات التي تتم بواسطة فيروس البريد الالكتروني من نطاق التجريم و العقاب، و يلحقها بلائحة الاعتداءات الخطيرة التي تتم بواسطة تكنولوجيا المعلوميات، دون أن تطالها يد العدالة الجنائية[35].
ومما لا شك فيه أن من أجه القصور القانون 07.03 كذلك هي مسألة مدي ملائمة عدم ملائمة جرائم الأموال الكلاسيكية مع خصوصية الإجرام المعلوماتي خصوصا في جريمة سرقة وما تثيره من إشكال حول مفهوم المادي للأموال في جريمة السرقة…[36]
على مستوى القواعد الإجرائية.
من خلال محاولة تقريب وضعية أحكام قانون المسطرة الجنائية إزاء ما نص عليه المنتظم الدولي، لا سيما اتفاقية بودابست لمكافحة الجريمة المعلوماتية، يمكن القول عموما على أن القواعد العامة الواردة في قانون المسطرة الجنائية تنطبق نسبيا مع ما أقره المنتظم الدولي من معايير خاصة بالقواعد الإجرائية، غير أنها تحتاج إلى تعديلات تضفي على الإجراءات المتعلق بالبحث و التحري، أو تلك المتعلق بالإختصاص القضائي، أو أليات التعاون الدولي، نوعا من الخصوصية تلائم طبيعة هذه الجريمة وتسد الفراغ التشريعي بالنسبة لهذه الإجراءات السالفة الذكر[37]، فعلى مستوى البحث و التحري نجد أن التحفظ على البيانات كما هو منصوص عليه في المادة 16 و 17 من إتفاقيات بودابست يتطابق نسبيا مع المادة 57 و المادة 15 من قانون المسطرة الجنائية إلا أنه ما يلاحظ عد التنصيص على إلزام مقدم الخدمة بالكشف عن البيانات وكذلك عدم التأكيد على سرعة الحفظ، وفي ما يتعلق بكشف مقدم الخدمة للبيانات المطلوبة من السلطات البحث و التحري المنصوص عليها في المادة 18 من نفس الإتفاقية لا تتطابق مع المادة 114 من ق.م.ج، ونفس الملاحظ فيما يتعلق بإجراء التفتيش في مادة 19 من الإتفاقية التي لا تتطابق مع المادة 60 من ق.م.ج، وكذلك المادة 20 من نفس الإتفاقية التي تتحدث عن تجميع الفوري للبيانات لا تتطابق مع المادة 108 من ق.م.ج. وهذا على غرار الإجراءات المتعلق بالإختصاص و ألية التعاون التي نلاحظ أن هناك نوع من التطابق بين المقتضيات الإتفاقيات بودابست و قانون المسطرة الجنائية[38].
ثانيا : بالنسبة لقانون المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية.
لقد اعتمد المشرع، في إصدار هذا القانون، تقنية تشريعية خاصة، اعتمدت مقاربة الجمع بين مقتضيات متممة لبعض فصول قانون الالتزامات والعقود[39]، والتي توخت وضع الأساس للتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية، باعتبار هذا التبادل موضوع القانون المذكور ومحوره؛ ومقتضيات أخرى خاصة تهدف إلى تنظيم هذا الموضوع من حيث المضمون والوظائف والإجراءات، ويكمن مبرر اللجوء إلى هذه التقنية، حسب النص التقديمي لمشروع القانون 53.05، في الحفاظ على وحدة الموضوع، ومعالجته بكيفية متناسقة من مختلف جوانبه[40].
إلا أنه وبصرف النظرعن هذه التقنية التشريعية الخاصة، والتي تبقى محل نظر، يسجل عليه بعض أوجه القصور، والتي يمكن اثارة أهمها كالتالي:
اختار المشرع لهذا القانون عنوانا ضيقا، وهو “التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية”، ويتأكد ضيقه بالمادة الأولى منه، التي تنص على أنه:” يحدد هذا القانون النظام المطبق على المعطيات القانونية التي يتم تبادلها بطريقة إلكترونية…” وهو عنوان يوحي ظاهره بشموله فقط عملية التبادل المتمثلة في التوجيه والاستلام، ولا يتسع لبعض العمليات الأخرى مثل الإعداد (الإنشاء)، والتخزين، والحفظ، ولعمليات من قبيل المعادلة بين الوثائق الورقية والوثائق الالكترونية، وعلى التوقيع الالكتروني، وعلى العمليات التي يقوم بها مزودو خدمات المصادقة الالكترونية، ولذلك عملت التشريعات الأخرى، التوجيهية منها والوطنية، على اختيار عناوين أكثر سعة وشمولية، كالتجارة الالكترونية، المعاملات والتجارة الالكترونية، المبادلات والتجارة الالكترونية، المعاملات الالكترونية، الثقة في الاقتصاد الرقمي، وغيرها[41].
جعل المشرع تطبيق بعض مواد القانون 53.05، رهين بمراسيم تتخذ لتطبيقه، وهو ما لم يعجل به حتى الآن، باستثناء إصداره المرسوم رقم 815-2-8 الصادر بتاريخ 21 ماي 2009، المتعلق بتطبيق المواد 13 و14 و15 و21 و23 من القانون المذكور.
غموض بعض النصوص القانونية، وذلك راجع إما لخطأ في الصياغة أو لخطأ في الترجمة[42]، ونذكر على سبيل المثال، الفقرة الثالثة من الفصل 65.5 من ظ.ل.ع، التي تنص على ما يلي:” يصبح المرسل إليه فور تسلم العرض ملزما به بشكل لا رجعة فيه” فالمعنى المستفاد من نص هذه الفقرة غامض وغير منطقي، غامض، لكون النص القانوني يقصد إلزامية قبول العرض لا إلزامية العرض، وغير منطقي لأن المرسل إليه لا يلتزم بالعرض الموجه إليه بمجرد تسلمه.
وكذلك الفصل 1-2 من ظ.ل.ع، المضاف بموجب القانون 53.05 والذي ينص على ما يلي:” عندما يكون الإدلاء بمحرر مطلوبا لإثبات صحة وثيقة قانونية، يمكن إعداد هذا المحرر وحفظه بشكل إلكتروني وفق الشروط المنصوص عليها في الفصل 1-417 و2-417 أدناه”.
فقد توحي هذه الفقرة أن المحرر الالكتروني مطلوب للإثبات فقط، بحجتين: بحجة استعمال لفظ الإثبات، وبحجة إحالة هذه الفقرة على شروط الفصلين المذكورين المتعلقين بالإثبات، ولكن روح النص تخالف هذا التفسير، فلفظ الإثبات لم ترد بالنص الفرنسي المقابل للفقرة المذكورة[43]، فليس المقصود إثبات التصرف لذاته، وإنما إثبات صحته، ثم إن الإحالة على الفصلين المشار إليهما، لم تتم من أجل التطابق في الطبيعة الإثباتية، ولكن لأجل استعارة شروط الفصلين، لكون هذه الشروط هي من صميم الوثيقة الالكترونية مهما كان الغرض منها، إثباتيا أو تكوينيا، ناهيك أن الفقرة المذكورة أضيفت إلى الفصل الثاني من ق.ل.ع الذي ينظم الأركان اللازمة لصحة الالتزامات[44].
علاوة على ذلك، وحسب بعض الفقه، فإن عدة مفاهيم ومصطلحات وظفت في ترجمة القانون 53.05 لم يتم استيعابها، نذكر منها الإيجاب والقبول، التمييز بين شكلية الانعقاد وشكلية الإثبات، التمييز بين (acte) بمعنى الوثيقة، وبين(acte) بمعنى التصرف، الخلط بين الوثيقة والمحرر والورقة، الخلط بين المقتضيات القانونية والمقتضيات التنظيمية[45].
وبصرف النظر عن كون بعض النصوص في القانون المذكور تنطوي على بعض الأخطاء في الصياغة (أو الترجمة)، مما كان له أثر سلبي على المعنى المقصود من النص القانوني،فإن المشرع بوقوفه عند حدود كيفية إبرام العقد الالكتروني، ومعادلته المحرر الالكتروني بالمحرر الورقي، يوحي بترك باقي أحكام هذا العقد، للقواعد العامة الواردة في قانون الالتزامات والعقود، وفي القوانين الخاصة، والدليل على ذلك أن المادة 5 من القانون 53.05، التي عدلت الفصل 417 من ظ.ل.ع، تنص على أنه:” إذا لم يحدد القانون قواعد أخرى ولم تكن هناك اتفاقية صحيحة بين الطرفين، قامت المحكمة بالبث في المنازعات المتعلقة بالدليل الكتابي بجميع الوسائل وكيفما كانت الدعامة”[46].
ثالثا: التجارة الإلكترونية.
بموجب هذه الدراسة السطحية للنظام القانوني للتجارة الإلكترونية يتبين لنا أن هذا الموضوع يعرف اشكالات عديدة ومتشعبة سواء على المستوى النظري أو التطبيقي بالخصوص لا سيما أنه يعد من مواضيع الساعة التي تسعى مجمل التشريعات على مواكبة التطورات التي تعرفها لتحقيق الأمن القانوني والإنفتاح على التجارة العالمية الإلكترونية بالدرجة الأولى .
ومن الإشكالات التي تطرح نفسها والتي واكبناها من خلال هذه الدراسة نجد إشكال تنازع القوانين في التجارة الإلكترونية ولما يعرفه هذا الموضوع بالخصوص من إشكالات سواء على مستوى معرفة القانون الواجب التطبيق في المنازعات التي تنشئ عن العقد الإلكتروني والتي قد تتصل بإبرام العقد أو تنفيذه أو تفسيره، أو على مستوى المعاملات الإلكترونية بصفة عامة في الساحة الدولية.
كما نجد أيضا إشكالات على مستوى تحديد طبيعة العقد الإلكتروني، والتوقيع الإلكتروني، وحجية الوثائق الإلكترونية في الإثبات…، كلها مواضيع تحتاج لدراسة دقيقة عن طريق التعمق في خصوصيات التجارة الإلكترونية ومحاولة إيجاد مقاربة قانونية للإشكالات التي تطرحها لتحقيق الغاية المرجوة والمتمثلة في تحقيق التوازن القانوني بين مختلف الجهات المتدخلة في التجارة الإلكترونية بشكل عام.
كذلك عدم خضوع الكثير من المواقع النشيطة في المجال للرقابة الضريبية للدولة، كما لا تؤدي رسوما نظير المعاملات الإلكترونية، خاصة مع تحقيق بعض المواقع أرقام معاملات مهمة، وهو ما يضيع على خزينة الدولة مداخيل هامة للغاية، وكذا غياب ترجمة الشروط التعاقدية للبيع إلى اللغة العربية
غياب نظم حمائية للنشاط الإلكتروني، لاسيما بالنسبة للمستهلك، خصوصا أن الأمر بات يتعلق بأزمة ثقة بين المقاولات والشركات وزبنائها مع تنامي حوادث الاحتيال والتلاعب وكذا الجرائم الرقمية ذات الأبعاد الأخلاقية والاقتصادية والتجارية والمالية.
الفقرة الثانية : بعض الإقتراحات لتعزيز الوضعية القانونية لنظم المعلوماتية.
في ما يخص بعض الإقترحات لتعزيز الوضعية القانونية لهذه التشريعات فهي كالاتي:
أولا : بالنسبة لقانون 07.03.
من خلال هذه الدراسة المتواضعة لقانون المتعلق بالمس بالنظم المعالجة الألية للمعطيات، وشابه من أوجه قصورسواء على المستوى القواعد الإجرائية أو الموضوعية، فإنه يتعين على مستوى الموضوعي أن يتم توسيع دائرة التجريم و العقاب في المادة المعلوماتية، وذلك من خلال تجريم التقاط البيانات المعلوماتية عن طريق دبدبات الحقل المغناطيسي كما جاءت في المادة 2 من إتفاقية بودابست، لأن الفصل 115 من ق.م.ج غير كافي لإحتواء هذه الجريمة، كذلك تجريم تخريب البيانات و النظم الإلكترونية التي تتم من خلال فيروس البريد الالكتروني، وكذلك ما يقع خارج نطاق التجريم ظاهرة الصفع المبهج[47]، إضافة إلى ذلك ملائمة بعض الجرائم الكلاسيكية المتعلق بالأموال مع الجرائم المعلوماتية خصوصا وأن مختلف الجرائم التقليدية يمكن أن ترتكب بواسطة جهاز الحسوب و خصوصا السرقة .
أما على المستوى القواعد الإجرائية فمن إجل أن تكون هذه أخيرة متماشية مع ما أقره المنتظم الدولي من معايير بخصوص هذه الجرائم فإنه يعين إتخاذ مجموعة من التدابير إضافية[48]:
سرعة التحفظ على البيانات الكمبيوتر المخزونة، و اتخاذ ما يلزم من تدابير لطلب التحفظ الإستعجالي على البيانات الكومبيوتر، و التزام الشخص الموجودة بحوزته البيانات على حفظ سلامة بياناتها و كشف الجزئي لها.
وضع قواعد خاصة بالتفتيش و الحجز بيانات الكومبيوتر المخزنة، من خلال تأمين عملية التفتيش و الدخول على أي نظام كومبيوتر، وضمان عملية البحث أو الدخول المماثل بسرعة على نظام كومبيوتر إضافة إلى زيادة منح صلاحية لضبط و تأمين البيانات و أخذ نسخ منها.
منح السلطات المختصة صلاحية إصدار الأوامر إلى الأشخاص لتقديم البيانات الموجودة على كومبيوتر.
صلاحية السلطة المختصة في التجميع الفووري للبيانات.
صلاحية إعتراض على محتوى البيانات المخزونة على كومبيوتر.
تعزيز التعاون المتعلق بمجالات التعاون و المساعدة المتبادلة بخصوص الإجراءات التحفظية،
خلق نقط اتصال دائمة على المستوى الوطني، لتسهيل تنفيذ طلبات المساعدة لأغراض التحقيقات او الإجراءات خاصة بالجريمة المعلوماتية وجمع الأدلة المتعلقة بها وتوفير المشورة الفنية.
ثانيا: بالنسبة لقانون 53.05.
إن قانون التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية، كقانون متخصص، تعتبر مقتضياته غير كافية لمواكبة التطور التكنولوجي، وما وصلت إليه تشريعات الدول المتقدمة، وبعد أن قمنا بمحاولة لرصد أهم أوجه القصورسوف نحاول إدراج أهم الإقتراحات و بعض الجوانب التي لم يتطرق إليها المشرع من خلال قانون 53.05، وذلك على النحو التالي:
لم يتضمن مطلع القانون 53.05، تحديدا لمضامين بعض المصطلحات التقنية الواردة به، وإن كان قد قام بذلك فعلا في بعض الأعمال التشريعية التي أصدرها مؤخرا، فمثل هذا التباين في المنهج، رغم اتحاد المصطلح، غير محمود، بل إنه يخالف التوجه الحديث في صناعة التشريع الذي يتطلب مثل هذا التحديد الاصطلاحي، وذلك لضمان التطبيق السليم للقانون.
لم يتضمن القانون المذكور أي مقتضى متعلق بإشكالية الوفاء الالكتروني، والذي يعتبر أساسيا لضمان الثقة لدى المتعاقد، وبالتالي الإقبال بكل حرية على التجارة الالكترونية.
المشرع المغربي مطالب الآن على الأقل، بتنظيم مختلف العقود الالكترونية وآثارها القانونية، وإعداد نظام للمسؤولية الالكترونية التعاقدية والتقصيرية على حد سواء، وأن يوسع مجال حماية حقوق الملكية الفكرية، لتشمل تداول كافة المصنفات الأدبية والفنية والعلمية على الأنترنت، وأن يطال العقاب كل الأفعال الإجرامية الالكترونية المرتكبة على الشبكة، سيما جرائم الأموال والغش المعلوماتي وغيرها[49].
غياب أي مقتضيات متعلقة بتنازع الاختصاص في العقد الالكتروني، وإن كنا نلاحظ أن المشرع أتى ببعض الإجراءات حينما نص في إطار المادة 21 من القانون 53.05 والمتعلقة بشروط الاعتماد لاكتساب صفة مقدم خدمات المصادقة الالكترونية، على أن هذا الأخير يعد ملتزما حسب الفقرة 3-3 من نفس المادة: “… بإخبار الشخص الذي يطلب تسليمه شهادة الكترونية كتابة بما يلي قبل إبرام عقد تقديم خدمات المصادقة الالكترونية: أ- كيفيات وشروط استعمال الشهادة، ب- كيفيات المنازعة وطرق تسوية الخلافات…” إلا أن هذه الإجراءات تعتبر غير كافية خصوصا إذا تعلق الأمر بغياب أي اتفاق متعدد أو ثنائي الأطراف يتعلق بالاعتراف المتبادل بين المغرب وباقي الدول الأخرى لاعتماد مقدمي الخدمة[50].
في إطار مسلسل التحديث، الذي يعد مسألة أصبحت مرتبطة بعالم التكنولوجيا والمعلوميات، فقد بات الإقرار بنظام التبليغ الالكتروني، أمرا ضروريا يستدعي إضفاء الشرعية عليه من قبل المشرع، واعتباره بالتالي طريقة من طرق التبليغ القانونية، نظرا لما سوف يحققه من فوائد في إطار مسطرة التبليغ القضائي، في سبيل الوصول إلى قضاء إلكتروني.
ثالثا: بالنسبة لتجارة الإلكترونية.
ضرورة تعديل القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، لاسيما المواد 26 و27 و28 و29 و30 المتعلقة بممارسة الأنشطة التجارية عن بعد بواسطة إلكترونية لتوريد منتج أو سلعة أو تقديم خدمة للمستهلك، والتي تقتصر على توضيح طبيعة وشروط المعاملة الإلكترونية بين الجهة الموردة والجهة المستهلكة، دون الإشارة إلى الإجراءات الزجرية، بشكل صريح، في حال تسجيل مخالفات، وكيفية إثبات ومتابعة هذه المخالفات لدى الجهات المختصة.
ووضع مدونة شاملة لهذه السوق الافتراضية، ومحاكم متخصصة أو أقسام بالمحاكم التجارية خاصة بالبيع والشراء عبر الأنترنت، للحيلولة دون تحوله إلى قطاع غير مهيكل في المستقبل، خاصة مع تنامي حجم العمليات الإكترونية وتسجيل أرقام معاملات ضخمة في بعض القطاعات، كالمواد الاستهلاكية والألبسة والتجهيزات الإلكترونية.
ضرورة مواكبة التطور الرقمي بترسانة قانونية تتخذ شكل مدونة رقمية تضمن حقوق المتعاملين الرقميين (المستهلكين والموردين)، وتعزيز الحملات التحسيسية من أجل استعمال أنجع للأنترنت، سواء تعلق الأمر بالتجارة الإلكترونية أو غيرها من العمليات، والاستعانة بوسائل الإعلام على سبيل المثال لتوضيح حقوق وواجبات المتعاملين عبر الأنترنت، وتوجيه المستهلكين في هذا الشأن، داعيا إلى رفع التحديات المرتبطة بالحكامة والكفاءات الرقمية.
لائحة المراجع :
الكتب :
محمد سامي الششوا، ” ثورة المعلومات وإنعكاستها على القانون العقوبات”، دار النهضة العربية القاهرة 1994.
العربي جنان – التعاقد الإلكتروني في القانون المغربي (دراسة مقارنة) – المطبعة الوطنية الوداديات – مراكش – الطبعة الأولى 2010.
هادي مسلم يونس البشكاني – التنظيم القانوني للتجارة الإلكترونية – مطبعة دار الكتب القانونية – مصر.
العربي جنان، العربي جنان، التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية (القانون المغربي رقم 53.05)، دراسة تحليلية نقدية، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى، 2008.
احمد عبد الكريم سلامة، القانون الدولي الخاص النوعي الالكتروني السياحي البيئي، دار النهضة العربية، القاهرة ط.الاولى، 2000.
محمد ابراهيم موسى، التطويع القضائي للقواعد القانونية الواجبة التطبيق في مجال عقود التجارة الدولية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، 2005.
هشام خالد، الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم العربية، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2002.
إدريس النوازلي – حماية عقود التجارة الإلكترونية في القانون المغربي – المطبعة والوراقة الوطنية – مراكش – الطبعة الأولى 2010 .
ندوات و المجلات:
رشيد وظيفي” الإطار القانوني للجريمة الإلكترونية في التشريع المغربي” سلسلة ندوات محكمة الإستئناف بالرباط، العدد السابع 2014 مطبعة الأمنية-الرباط .
عبد الرحمان المتوني” الإجرام المعلوماتي بين ثبات النص وتطور الجريمة” سلسلة ندوات محكمة الإستئناف بالرباط، العدد السابع 2014 مطبعة الأمنية-الرباط .
هشام ملاطي “خصوصية القواعد الإجرائية للجرائم المعلوماتية-محاولة لمقاربة مدى ملائمة القانون الوطني مع المعايير الدولية”، سلسلة ندوات محكمة الاستئناف بالرباط ، العدد السابع ،2014مطبعة الأمنية-الرباط.
حليمة بن حفو ” محاربة الجرائم الإلكترونية على الصعيد الدولي واقع وأفاق” مجلة العلوم الجنائية العدد الأول 2014 ص203.
خالد عثماني” مكافحة الجريمة الإلكترونية في ضوء التشريع المغربي” مجلة العلوم الجنائية العدد الأول 2014.
أحمد ادريوش، “تأملات حول قانون التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية”، عناصر لمناقشة مدى تأثير القانون 53.05 على قانون الالتزامات والعقود مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون الاعمال والمقاولات، العدد 14-15، ماي- شتنبر 2008 .
زينب بنعومر” الحجية القانونية للمستندات الإلكترونية في التشريع المغربي”عرض في إطار التكوين المستمر بمحكمة الإستئناف التجارية بمراكش في 27-1-2011 .
نورالدين الناصري، المعاملات والإثبات في مجال الاتصالات الحديثة، سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة، العدد 12، مطبعة النجاح، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2007.
مواقع إلكترونية:
التقرير التفسيري للإتفاقية الجريمة الإلكترونية” سلسلة المعهدات الأروبيية رقم 185 .
اتفاقية حماية الأفراد فيما يتعلق بالتجهيز الآلي للبيانات الشخصية ( رقم 108 ).
الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات، حماية المعطيات الشخصية، ( 27 – 03 -2018 )، من :
http://www.invest.gov.ma/index.php?Id=34474&lang=ar
اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، نصوص وقوانين على المستوى الدولي،
( 26 – 03 – 2018 ) : منhttp://www.cndp.ma/ar/espace-juridique/textes-et-lois.html
مقال أشير إليه سابقا حول التنظيم القانوني للتجارة الإلكترونية بالمغرب على الرابط التالي: masterdroitfes.blogspost.com
الهوامش :
[1] محمد سامي الششوا، ” ثورة المعلومات وإنعكاستها على القانون العقوبات”، دار النهضة العربية القاهرة 1994 ص 52
[2] حليمة بن حفو ” محاربة الجرائم الإلكترونية على الصعيد الدولي واقع وأفاق” مجلة العلوم الجنائية العدد الأول 2014 ص203
[3] للمزيد من المعلومات رجوع إلى مرجع حليمة بن حفو، نفس المرجع سابق ص 204
[4]للمزيد من المعلومات رجوع إلى مرجع حليمة بن حفو، نفس المرجع سابق ص205
[5]في إطار تأكيد الإقتناع بضرورة إتباع سياسة جنائية مشتركة تهدف إلى حماية المجتمع ضد الجريمة الإلكترونية، و استكمال المبادرات التشريعية الدولية و الوطنية في هذا الصدد لاسيما فيما يخص دعم الأبحاث و الإجراءات الجنائية المتعلقة بالجرائم الإلكترونية و جعلها أكثر فاعلية ، تم اعتماد الإتفاقية المتعلقة بالجريمة الإلكترونية من طرف لجنة الوزراء بالمجلس الأوروبي بتاريخ 8 نونبر 2001 ، و التي رأت في إقرارها تحقيق التعاون الدولي و كبح جماح مجرمي الكمبيوتر لأغراض غير مشروعة.
فهذه الإتفاقية تهدف إلى توحيد السياسة الواجب إتباعها في مكافحة الجرائم المعلوماتية المرتكبة في الفضاء الإفتراضي و إلى التنسيق بين التشريعات الوطنية لتسهيل مكافحة الإجرام المعلوماتي، و تطبيق إجراءات تحقيق و ملاحقة تتلاءم مع الفضاء الافتراضي ووضع نظام تعاون دولي يتميز بالسرعة و الفعالية في التنفيذ.
[6] لجنة وزراء مجلس أوروبا” التقرير التفسيري للإتفاقية الجريمة الإلكترونية” سلسلة المعهدات الأروبيية رقم 185 منشور بموقع الإلكتروني https://rm.coe.int/explanatory-report-budapest-convention-in-arabic/16807391 .
[7]هشام ملاطي “خصوصية القواعد الإجرائية للجرائم المعلوماتية-محاولة لمقاربة مدى ملائمة القانون الوطني مع المعايير الدولية”، سلسلة ندوات محكمة الاستئناف بالرباط ، العدد السابع ،2014،ص.81
[8]انظر التقرير التفسيري المشار إليه أعلاء لإتفاقية بودابست ، القسم الثالث المتعلق بالإختصاص، ص.73
[9]هشام ملاطي ، مرجع سابق ص 81
[10]اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، نصوص وقوانين على المستوى الدولي، ب ت ، ( 26 – 03 – 2018 ): من موقع http://www.cndp.ma/ar/espace-juridique/textes-et-lois.html
[11]https://www.coe.int/en/web/conventions/full-list/-/conventions/treaty/108
[12]اتفاقية حماية الأفراد فيما يتعلق بالتجهيز الآلي للبيانات الشخصية ( رقم 108 ).
[13] – هادي مسلم يونس البشكاني – التنظيم القانوني للتجارة الإلكترونية – مطبعة دار الكتب القانونية – مصر، ص: 80.
[14] – د.العربي جنان – التعاقد الإلكتروني في القانون المغربي (دراسة مقارنة) – المطبعة الوطنية الوداديات – مراكش – الطبعة الأولى 2010 ص41
[15] – وهي اختصار لعبارة “Trede Electronic Data Interchange Systems” .
[16] – د.هادي مسلم يونس البشكاني – مرجع سابق – ص: 88.
[17]نورالدين الناصري، المعاملات والإثبات في مجال الاتصالات الحديثة، سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة، العدد 12، مطبعة النجاح، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2007، ص 9
[18]– تجدر الإشارة على أن مبرر اللجوء إلى هذه التقنية، وذلك حسب النص التقديمي لمشروع القانون 05-53، يكمن في الحفاظ على وحدة الموضوع ومعالجته بكيفية متناسقة من مختلف جوانبها.
– مداولات مجلس النواب، أكتوبر 2006، النص الذي تقدم به السيد وزير الشؤون الاقتصادية العامة، محضر الجلسة 141 بتاريخ 22 يناير 2007.
[19] نورالدين الناصري، مرحع سابق ص 20.
[20]خالد عثماني” مكافحة الجريمة الإلكترونية في ضوء التشريع المغربي” مجلة العلوم الجنائية العدد الأول 2014، ص39.
[21]ينص الفصل 3-607 ق.ج على ما يلي” يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وبالغرامة من 2000 إلى 10000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من دخل إلى مجموع أو بعض نظام المعالجة الآلية للمعطيات عن طريق الاحتيال.
ويعاقب بنفس العقوبة من بقي في نظام للمعالجة الآلية للمعطيات أو في جزء منه, كان قد دخله عن طريق الخطأ وهو غير مخول له حق دخوله.
تضاعف العقوبة إذا نتج عن ذلك حذف أو تغيير المعطيات المدرجة في نظام للمعالجة الآلية للمعطيات، أو اضطراب في سيره”
[22] الفصل 5-607 ق.ج فينص على ما يلي:
“يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من 10000 إلى 200000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من عرقل عمداً سير نظام للمعالجة الآلية للمعطيات أو أحدث فيه إخلالا”
[23]الفصل 24 من الدستور المغربي: ” لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة “.
[24]الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات، حماية المعطيات الشخصية، ب ت ، ( 27 – 03 -2018 )، من : http://www.invest.gov.ma/index.php?Id=34474&lang=ar
[25]اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، نصوص وقوانين على المستوى الدولي، ب ت ، ( 26 – 03 – 2018 ): من http://www.cndp.ma/ar/espace-juridique/textes-et-lois.html
[26] – ذ.زينب بنعومر – الحجية القانونية للمستندات الإلكترونية في التشريع المغربي – عرض في إطار التكوين المستمر بمحكمة الإستئناف التجارية بمراكش في 27-1-2011 – ص: 5.
[27] – ذ.إدريس النوازلي – حماية عقود التجارة الإلكترونية في القانون المغربي – المطبعة والوراقة الوطنية – مراكش – الطبعة الأولى 2010 – ص: 55.
[28]مقال أشير إليه سابقا حول التنظيم القانوني للتجارة الإلكترونية بالمغرب على الرابط التالي:
w.w.w.masterdroitfes.blogspost.com
[29]رشيد وظيفي” الإطار القانوني للجريمة الإلكترونية في التشريع المغربي” سلسلة ندوات محكمة الإستئناف بالرباط، العدد السابع 2014 مطبعة الأمنية-الرباط ص 30
[30] رشيد وظيفي ،نفس مرحع سابق، ص 32-36
[31]– الاتفاقية الأوربية الموقعة ببودابست في 23 نونبر 2001.
[32]عبد الرحمان المتوني” الإجرام المعلوماتي بين ثبات النص وتطور الجريمة” سلسلة ندوات محكمة الإستئناف بالرباط، العدد السابع 2014 مطبعة الأمنية-الرباط ص 63
[33]عبد الرحمان المتوني، مرجع سابق ص 66.
[34]عبد الرحمان المتوني، مرجع سابق ص67
[35]عبد الرحمان المتوني، مرجع سابق ص68
[36] للمزيد من التوضيح راجع عبد الرحمان المتوني، مرجع سابق ص 51-60 .
[37] هشام ملاطي، مرجع سابق، ص 87
[38] هشام ملاطي، مرجع سابق ص 97-100
[39]– وذلك بمقتضى المواد 2 و3 و4 و5 من القانون 53.05.
[40]– مداولات مجلس النواب أكتوبر 2006، النص الذي تقدم به السيد وزير الشؤون الاقتصادية والعامة، محضر الجلسة 141 بتاريخ 22 يناير 2007.
[41]– محمد الكشبور ومصطفى مالك، “قراءة في القانون المغربي للتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية” مقالة منشورة بموقع: http://www.startimes.com/f.aspx?t=30259704.
وفي هذا الصدد يجب أن يراعى عدم الخلط بين نظام “التبادل الالكتروني للبيانات”Echange de données) informatisées (والذي ليس سوى وسيلة إلكترونية تتمثل في نقل المعلومات إلكترونيا من حاسوب إلى حاسوب آخر باستخدام معيار متفق عليه لتكوين المعلومات، دون تدخل بشري. وبين “التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية” (Echange électronique des données juridiques) بالنطاق الذي حدده له المشرع المغربي في المادة الأولى السابقة الذكر.
[42]– يلاحظ بعض الفقه، ظاهرتين أساسيتين تكتنف الإطار التشريعي المغربي، تتعلق الأولى بظاهرة استمرارية هيمنة إعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية باللغة الفرنسية، نتيجة هيمنة ظاهرة الاقتباس او النقل عن القوانين الأجنبية، وخاصة منها الفرنسية. والظاهرة الثانية تتمثل في طرح إشكالية ترجيح الصيغة العربية على الصيغة الفرنسية نظرا لما قد يكتنف تعريب النصوص من خلط وعدم الدقة في ضبط المصطلحات والمفاهيم.
[43]– حيث كل ما ذكر هو عبارة:
Article 2-1: « Lorsqu’un écrit est exigé pour la validité d’un acte juridique, il peut être établi et conservé sous forme électronique dans les conditions prévues aux articles 417-1 et 417-2 ci-dessous. »
[44]– محمد الكشبور ومصطفى مالك،مرجع سابق،ص 8.
[45]– أحمد ادريوش، “تأملات حول قانون التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية”، عناصر لمناقشة مدى تأثير القانون 53.05 على قانون الالتزامات والعقود مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون الاعمال والمقاولات، العدد 14-15، ماي- شتنبر 2008 ص 75.
[46]– العربي جنان، العربي جنان، التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية (القانون المغربي رقم 53.05)، دراسة تحليلية نقدية، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى، 2008،ص 79.
[47]عبد الرحمان المتوني، مرجع سابق، ص 68 .
[48] هشام الملاطي، مرجع سابق، ص 101-102.
[49]– العربي جنان، م.س، ص 80.
[50]– للمزيد من الاطلاع حول تنازع الاختصاص في العقد الالكتروني، انظر:
– احمد عبد الكريم سلامة، القانون الدولي الخاص النوعي الالكتروني السياحي البيئي، دار النهضة العربية، القاهرة ط.الاولى، 2000.
– محمد ابراهيم موسى، التطويع القضائي للقواعد القانونية الواجبة التطبيق في مجال عقود التجارة الدولية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، 2005.
– هشام خالد، الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم العربية، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2002.
اترك تعليقاً