مقال قانوني حول الحماية القانونية للنساء العاملات

الحماية القانونية المقررة للنساء العاملات/ سرور طالبي

إذا أمعنّا النظر في أية اتفاقية من اتفاقيات حقوق الإنسان مهما كان موضوعها، وجدناها تطالب كلها الدول الأطراف بتزويد النساء بحماية خاصة في مجال العمل.

قد يعتبر البعض النص على مثل هذه الحماية عبارة عن تمييز بين العمال النساء والعمال الرجال وهو في الحقيقة تمييزا لكنه إيجابيا قرر لصالح النساء] نتيجة لظروف خاصة بهن كالولادة، عدم القدرة على العمل في الليل إلى غير ذلك من الأمور سنتعرض لها نقطة بنقطة كما يلي :

– 1 حماية العاملات الحوامل :
لقد حظيت العاملات الحوامل باهتمام واسع من قبل منظمة العمل الدولية إذ وضعت لها اتفاقية خاصة بحمايتها وهي اتفاقية حماية الأمومة وذلك في العام الأول من تأسيسها أي في سنة 1919.

وتتمثل الحماية التي يجب أن تتمتع بها العاملات الحوامل في ” الحق في الإجازة المدفوعة الأجر أو الإجازة المقرونة بمنافع مناسبة من الضمان الاجتماعي”] وسوف نتعرض إلى هاتين النقطتين أي الحق في الإجازة والتأمين على الأمومة كما يلي:

أ ـ حق العاملات الحوامل في الإجازة :
تمنح اتفاقية رقم 103 سالفة الذكر للنساء الحق في أخذ إجازة مرتبطة بحملهن لمدة 3 أشهر مقسمة على النحو الأتي: ستة أسابيع قبل الولادة وستة أسابيع أخرى بعد وضع حملهن، وذلك من أجل الحفاظ على صحتهن و صحة جنينهن.

وليس من الصواب اعتبار النص على مثل هذا الحق غير ضروري كونه مسلّمة لأنه لم يعتبر كذلك في بعض الدول إلا في السنوات الأخيرة فقط ونقدم كمثال على ما نقول، وضعية النساء الحوامل في الولايات المتحدة الأمريكية اللائي لم يحصلن على الضمانات المطلوبة إلا عام 1978 حين أصدر الكونجرس قانونا يطالب أرباب العمل باعتبار الحمل والولادة أحوالا تشبه الإصابات المعطلة عن العمل وقتيا.

كما يحق للنساء بعد نهاية هذه الإجازة في إطار المادة 3 فقرة (د) من اتفاقية الأمومة، التغيب مرتين في النهار لمدة نصف ساعة لإرضاع أطفالهن وهو الشيء الذي أعادت النص عليه المادة 46 من القانون رقم 302 – 82 رافعة المدة إلى ” ساعتين مدفوعتين الأجر كل يوم ابتداء من يوم الولادة مدة الأشهر الستة الموالية “.

ب ـ حق العاملات الحوامل بالتأمين على الأمومة :
تنص المادة 3 حرف (ج) من الاتفاقية رقم 103، على ضرورة ” منح النساء خلال مدة إجازة الأمومة تعويضا كافيا يمكنها من العناية بصحتها وبصحة طفلها” ويعرف هذا التعويض في تشريعات بعض الدول تحت اسم: ” التأمين على الأمومة.”

إن الحق في التعويض أو في تلقى أجر في خلال مدة إجازة الأمومة حسب هذه المادة إلزاميا لكنها لم تحدد نسبته تاركة بدلك للدول كامل السلطة التقديرية.

وأمام هذا الفراغ القانوني، نجد بعض الدول تمنح النساء الحوامل تعويضا يصل مقداره إلى قيمة الأجر الذي كن يتلقينه مثل ما هو عليه الحال في سويسرا أو الكويت، وفي المقابل، هناك دول أخرى لا تمنحهن إلا ثلثي أو %84 من قيمة أجورهن.

2- منح حماية خاصة للنساء العاملات في أماكن العمل:
يتمتع النساء العاملات في أماكن العمل بالإضافة إلى الحماية الخاصة التي يجب أن توفر لأي عامل بصفة عامة]، على حماية من نوع خاص مرتبطة بجنسه وهي تدور حول المحاور الآتية :

· حمايتهن من الاعتداءات،
· حمايتهن من الأعمال الليلية،
· حماية المرأة الريفية العاملة،
· وأخيرا، هناك مطالبات بحماية النساء اللواتي يعملن في بيوتهن وسوف نخصص لكل نقطة قدرا من الاهتمام كما يلي :
أ ـ حماية العاملات من الاعتداءات:
يستلزم لتحقيق أرقى مستوى من المساواة للنساء في مجال العمل، تطبيق تدابير صارمة لحمايتهن من أي اعتداء كان في أماكن العمل ومن بين الاعتداءات التي كثيرا ما يقع العاملات عرضة لها، هي المضايقات الجنسية Harcèlement Sexuel من قبل زملائهن الرجال أو حتى مستخدميهن.

ولمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة طلبت لجنة القضاء على التمييز ضد النساء من خلال التوصية رقم12، من الدول الأطراف تقديم معلومات حول تشريعاتها الوطنية التي تحمي النساء في هذا المجال، كما طلبت منها تزويد هذه الحماية بعقوبات جنائية وتعويضات مدنية.

ب ـ حماية النساء من الأعمال الليلية:
لقد سعت منظمة العمل الدولية ومنذ 1919 على مكافحة العمل الليلي للنساء من خلال اتفاقية حظر عمل النساء الليلي.

ويقصد بالعمل الليلي حسب مدلول هذه الاتفاقية، ذلك العمل الذي يتم لمدة 11 ساعة على الأقل وما بين الساعة العاشرة مساءا إلى غاية الساعة السابعة صباحا، كونه يؤثر سلبا على صحة النساء ويشكل خطرا على سلامتهن وأمنهن.

جـ ـ حماية المرأة الريفية العاملة :
تحظى المرأة الريفية في مجال العمل كذلك باهتمام وحماية خاصة من قبل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء وذلك من خلال المادة الرابعة عشرة التي تذكر بالمشاكل والصعوبات التي تواجه هذه الفئة من المجتمع، محددة مجموعة من الحقوق يجب أن تكفل لها والمتمثلة في:

الحق في المشاركة في التنمية الريفية والاستفادة منها،
الحق في المشاركة الكاملة في وضع وتنفيذ التخطيط الإنمائي،
الحق في تملك الأراضي،
الحق في الحصول على الانتماءات والقروض الزراعية وتسهيلات التسويق والتكنولوجيا المناسبة،
الحق في المساواة في المعاملة في مشاريع إصلاح الأراضي وكدا في مشاريع التوطين الريفي.

د ـ المطالبة بحماية النساء اللواتي يعملن في بيوتهن:
يخرج الاقتصاد التقليدي منذ عهد أدم سميث Adam Smith من دائرة اهتمامه العمل المنزلي كونه مجرد ” عمل في الخفاء ” لا يتحقق فيه شرط التبادل في الأسواق التجارية.

وفي مقابل هذا نجد النساء يمثلن % 90 من العمال الذين يعملون في منازلهم ممّا يسقط عنهن الكثير من الحقوق والمزايا الاجتماعية والاقتصادية.

لقد دفعت هذه الوضعية بمنظمة العمل الدولية إلى التفكير جديا في وضع اتفاقية تضمن للنساء اللائي يعملن في بيوتهن حماية دنيا، فتوصلت في 20 جوان 1996 إلى وضع اتفاقية العمل المنزلي، التي لم تدخل بعد حيز النفاذ.

إن مبرر اهتمام منظمة العمل الدولية بهذا الموضوع حسب اعتقادنا، يرجع إلى كون النساء يبذلن مجهودا كبيرا لتوفير مصاريف متنوعة، إذ هو مسلم لدى الجميع بأن الأعمال المنزلية التي تقوم بها النساء في بيوتهن ليست بعمل بالمعنى الاقتصادي للكلمة، لكن إذا توقف النساء عن أداء هذه الأعمال لأضطر الرجال إلى دفع أجور لمن تقوم لهم بها، كما أنه هناك أعمال أخرى كالخياطة، الطرز، يستطيع النساء من خلالها وبعد بيع منتجاتها، المساهمة في جلب النقود.

المراجع:

اتفاقية واشنطن لحماية الأمومة 1919،

اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 111،

العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية الاجتماعية والثقافية

اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 1979.

اتفاقية حقوق الطفل.

إعلان وبرنامج عمل كوبنهاج.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.