الدور المنوط للمحامي حيال موكله
المحامية: منال داود العكيدي
توجب مهنة المحاماة على من يمارسها ان يتسلح بالمعرفة القانونية والثقافية بشكل عام ، ومهنة المحاماة هي المهنة التي تساعد الناس في الوصول الى طرق الحق المقررة ، وسلوك السبل القانونية التي لايعرفها المواطن من غير الحقوقيين ، وهي من الأعمال المساندة للقضاء أن لم تكن جزء فاعل وأساسي في جسد المؤسسة القضائية ، ومكملا ً لعملها في تحقيق العدالة .
ويقوم بالمحامي بمهمة معاونة المدعي أو المدعى عليه للوصول الى الحق ، وسلوك الطرق القانونية المنصوص عليها في متون القوانين لاستعادة الحقوق المغصوبة او المسلبة او المسيطر عليها من دون وجه حق أو المتنازع عليها الى أصحابها ، والاسهام في الوصول الى الحقيقة ، ويتمتع المحامي بالاستقلالية التامة ، إذ لاسلطة فوق سلطة القانون ، وبهذه الحرية فأنه غير مقيد بطريق معين ، بل انه يستطيع سلوك طرق مختلفة للوصل الى الحق موضوع الدعوى شرط ان يكون مطابقا للطرق التي رسمها القانون ، والتي خبرها المحامي من خلال دراسته القانونية وثقافته وسعة أطلاعه على القوانين والنصوص ، فالمحامي يدافع عن المظلوم حماية له من الظلم والغبن ، ويعرض ظروف المتهم أمام العدالة لتطبيق ماتراه متناسبا ً ، كما يتعاضد ويتعاون مع المحكمة في سبيل بسط الحقيقة لتسهيل صدور الحكم العادل .
ووفق ضوابط السلوك المهني يجب أن يحترم المحامي المهنة التي يمارسها ولا يسيء اليها بأي شكل كان ، ومن بين أشكال هذه الإساءة أن يتلفظ بعبارات لاتليق بالمحامي بان يطلقها نحو الخصم او وكيله او تجاه المحكمة التي يترافع أمامها ، وأن يبتعد عن أسلوب التهجم والطعن لإرضاء خصمه أو لكسب ود ورضا بعض أطراف الدعوى .
ولا يقتصر دور المحامي على أسداء النصائح والتوجيهات القانونية ، ولا على الدفاع عن موكليه انما يتسع دوره المهم داخل المجتمع ، فيسهم على تطويره من خلال ثقافته القانونية ومن خلال منزلته ومكانته المتميزة في المجتمع .
أن على المحامي أن يستمع بشكل دقيق لموكله ويطلع على مستنداته ، وأن يتحدد عمله في حدود الوكالة والدعوى التي توكل فيها ، ووفق هذا فأنه مؤتمن على حقوق موكله وعليه أن يبذل كل جهده في سبيل أيصال الحق وتحقيق العدالة ، فيعمل بإخلاص ووفق ما يمليه عليه ضميره المهني والقانوني ، ووفق طاقته وأمكانياته ، وأن يحقق الهدف الأسمى في ذلك ، وليس من أخلاق المحامي أن يتصل بالخصم أو يتفق معه بأي شكل كان ، وأن لايفشي أسرار موكله ، وأن لايقدم المشورة والمساعدة القانونية للخصم ، وأن تكون أجوره القانونية وفقا للنسب المحددة في القانون .
ان الخروج عن هذه الأخلاق يبيح للمحكمة أن تتخذ من الإجراءات القانونية مايحفظ لها حقها ويصون لها سمعتها ، كما يحق للنقابة أن تحيل المحامي الذي يخل بواجباته المهنية او الحط من قدرها او بما يمس سمعة وكرامة المحامين ان تحاكمه تأديبيا ً ، ومن ضمن العقوبات التأديبية التي تفرضها النقابة على المحامي ان يتم منعه من مزاولة عمله مدة مؤقتة ، او فصلة نهائيا ً من عضوية النقابة .
ثم ان على المحامي ان يتمسك بأداء عمله القانوني المهني بما تفرضه قواعد وقيم الشرف والأمانة ، وهذه القواعد والقيم غير مسجلة وغير محددة بل تعد من القيم الإنسانية الراسخة التي يتمسك بها المجتمع وتعترف بها الأعراف والتقاليد ، كما تنسحب تلك الأمانة على محافظته لأسرار مهنته ، فالمحامي كالطبيب ، يستطيع أن يتعرف على أسرار وقضايا الناس ، وهو بالتأكيد مؤتمن عليها ، فلايمكن بأي حال من الأحوال أن يقوم بنشرها أو التباهي بمعرفتها أو فضحها وبيعها ونشرها .
وقد منح القانون منزلة خاصة للمحامي حيث منع القانون الدوائر الرسمية وشبه الرسمية مراجعة المحامي أو التوكل في قضايا أمامها مالم يكن مسجلا في النقابة ، حتى يمكن أن يكون العمل منضبطا ومحصورا بأعضاء النقابة لايزاحمهم فيه حتى الحقوقي غير المنتسب للنقابة ، بل , اشترط نص المادة السابعة عشر على الدوائر الرسمية والشركات التي تعين محاميا ً للدفاع عن مصالحها ومتابعة حقوقها أن ترسل صورة من الأمر بتعيينه اليها . كما يتعين على المحامي أن يسلك تجاه القضاء مسلكا يتفق وكرامة القضاء وهي مسألة غاية في الأهمية وتخص الجانب الاعتباري والأخلاقي في المهنة ، وأن يتحاشى كل مايؤخر حسم الدعوى ويتحاشى كل مايخل بسير العدالة .
ويخضع كل محام اخل بواجب من واجبات المحاماة او تصرف تصرفا ً يحط من قدرها او قام بعمل يمس كرامة المحاماة او يخالف حكما ً من أحكام قانون المحاماة الى المحاكمة التأديبية ومن حق المحامي ان يسمعه القاضي ، ولكن ليس من حقه ، ان يطيل في مرافعاته من دون طائل ، وليس من حقه ان يترافع للدعاية لنفسه او لموكله ، وان لا يسرف في المرافعة الشفوية بل عليه ان يقدم مذكرات تحريرية في موضوع الدعوى مشفوعة باحكام القضاء ، واراء الفقهاء ، وان لا يطلب تأجيل الدعوى الا لسبب مشروع ولا يجوز التأجيل اكثر من مرة للسبب ذاته الا اذا رأت المحكمة ما يقتضي ذلك لحسن سير العدالة .
وهنا يرد قول المرحوم عبد العزيز فهمي ( إذا كان القضاء مهمته التقرير والقضاء فان مهمة المحاماة هي الإبداع والإنشاء والعرض ) ، وعلى المحامي ان يعلم ان لدى القاضي دعاوى كثيرة وان زملاءه ينتظرون دورهم ، فعليه الايجاز في مرافعته ، وعندما ينطق القاضي بالحكم بخسرانه الدعوى فعليه تقبل ذلك بقبول حسن ثم يقدم طعنا بالحكم لدى المحاكم المختصة من دون ان يحمل حقدا على القاضي ، فاذا صدق الحكم تمييزا فعليه ان يثق باحكام القضاء المكتسبة درجة البتات لأنها الحقيقة القضائية كما رآها القضاء على مختلف درجاته لان من اول واجبات المحامي ان يثق باحكام القضاء بعد اكتسابها درجة البتات .
اترك تعليقاً