الطلاق .. أفضل
عبد الله باجبير
تدلنا الإحصائيات في دول الشرق والغرب على الارتفاع المتزايد في معدلات الطلاق، فهل فكر أحد في اللحظة التي تواجه الكثير من الأزواج والزوجات ويجدون أنفسهم على أهبة اتخاذ القرار المؤلم، إما بالاستمرار في زواج غير موفق؛ رأفة بالأطفال وتفادي تعرضهم لأزمات نفسية، وإما بالمخاطرة بجرح مشاعر الأطفال والبدء بإجراءات الطلاق؟ في البحث الذي نشر أخيرا في المجلة الأكاديمية الأمريكية النفسية للطفل والمراهق، الذي أشرفت عليه الدكتورة جوان كيلي، جاء فيه أن اتخاذ قرار الطلاق يمكن أن يكون على المدى الطويل القرار السليم بالنسبة إلى الأطفال الذين سيكون من الأفضل لهم العيش بعيدا عن أحد الوالدين بدلا من العيش مع والدين لا يستطيعان الحياة معا دون تناحر ومشادات ومشاجرات يومية.
عندما يزداد الصراع بين الزوجين ويصل إلى ذروته يصبح الطلاق أمرا صحيا للأطفال الذين يرون الأب والأم دائما في حالة شجار، ومن ناحية أخرى فإن العائلة التي يكون فيها الاختلاف بين الزوجين غير واضح تماما بالنسبة إلى الأطفال فإنه من الصعب جدا اتخاذ قرار الانفصال بين الأب والأم، ومن الصعب كذلك على الأطفال إيجاد تفسير لكارثة الطلاق التي حلت بهم، بالتالي سيتولد عند الأطفال كل أنواع القلق لفقدهم اهتمام والديهم والجانب الأكبر من الأمان المادي.
وأشار العديد من الدراسات التي نشرت في التسعينيات إلى أن الخلافات الزوجية لها تأثير أشد قسوة في نمو الطفل أكثر من تأثير الطلاق، فشدة الخلافات بين الزوجين وزيادة عدد مراتها والطريقة التي يتعامل بها الوالدان أثناء الخلاف، كلها تؤثر سلبيا في الطفل وفي الطريقة التي يتكيف بها مع الظروف المحيطة به.
تؤكد الدراسات أن الخلافات الزوجية تؤثر في أسلوب تربية ورعاية الأطفال، فالأم في المنزل الذي يعج بالخلافات تهمل رعايتها أطفالها، وتكون دائما مواقفها وانفعالاتها غير محسوبة جيدا وتتسم بالحدة والقسوة، ودون أن تدري ستشعر الأطفال بالذنب بسبب قرارها البقاء على علاقة الزواج من أجلهم، وما يتبع ذلك من استشعار الأطفال بالقلق الشديد والدائم، أما الأب فيبدأ في التخلي تماما عن واجبه تجاه أطفاله هربا من كل ما يذكره بزواجه الفاشل.
والطلاق قد يصبح من أفضل الحلول التي تجنب الأطفال الوجود في قلب صراعات الأب والأم وخلافاتهما المستمرة، لأن الوالدين بعد الطلاق قد يتوقفان عن الخلاف ويصبح الشيء الوحيد الذي يهمهما مصلحة أطفالهما، وربما يجعل علاقة الأطفال بوالديهما أفضل وأقوى. من الضروري أن يكون الأب والأم في منتهى النضج حتى يتم الطلاق بطريقة صحية دون قيام كل منهما بإلقاء التهم على الآخر، حتى يأتي بنتائجه الإيجابية على الأطفال.. فإذا كان قرار الطلاق ليس سهلا، فإنه عندما يصبح ضروريا يجب أن يتم تنفيذه بأسلوب إيجابي.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً