قراءة في موضوع الطلاق والتطليق في ضوء مدونة الاسرة
بقلم الطالب الباحت : عصام الهداجي
الطلاق هو حل ميثاق الزوجية يمارسه الزوج والزوجة كل بحسب شروطه تحت مراقبة القضاء وطبقا لأحكام هذه المدونة.
والطلاق يكون مباحا، عند الحاجة اليه كسوء خلق الزوجة أو الزوج وعدم نفع النصح والموعضة. ويكون مكروها، لعدم الحاجة اليه وحال الزوجين مستقيم. ويكون مستحبا كما إذا فرطت المرأة في حق من حقوق الله تعالى الواجبة عليها مثل ترك الصلاة. ويكون واجبا، في حالة الإيلاء كأن يحلف الزوج بأن لا يطأ زوجته إما لمدة دائمة أو مدة معينة. ويكون حراما، في ما إذا كان الطلاق البدعي وهو الطلاق الذي يوقعه الزوج والمرأة حائض.
أولا ~ شروط إيقاع الطلاق.
أ~ الشروط المتعلقة بالزوج.
~ أن يكون هذا الزوج بالغا وبالتالي لا يمكن للقاصر سواء كان مميزا أو غير مميز أن يوقع الطلاق .
~ أن يكون هذا الزوج عاقلا، لقوله صلى الله عليه وسلم‘‘ رفع القلم عن ثلاث النائم حتى يسيقض والصغير حتى يحتلم والمجنون حتى يفيق‘‘.
~ أن يكون المطلق مختارا، وعليه يتعين أن لا يكون الشخص مكروها والإكراه هو اجبار يباشر من غير أن يسمح به لا الشرع ولا القانون، يدفع الشخص على أن يعمل عملا بدون رضاه قال الرسول صلى الله عليه وسلم ‘‘ رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه‘‘.
وبالنسبة لطلاق السكران الذي يتناول مخدرا يذهب عقله وتزيد له من النشاط، فإن مدونة الأسرة من خلال مقتضيات المادة 90 اعتبر طلاق السكران باطلا.
أما طلاق الغضبان ، والغضب هو حالة من التوثر والإضطراب العصبي وعدم التوازن الفكري، وقد قسمه الفقهاء الى غضب شديد وغضب متوسط وغضب بسيط، ولقد دهب المشرع المغربي أن وقوع الطلاق بالنسبة للغضبان لا يقع إلا إذا كان مطبقا واشتد غضبه.
أما بالنسبة لطلاق الهازل ، والهازل هو الذي يقول كلاما غير قاصد الجدية للفعل، مدونة الأسرة لم تتطرق لهذا النوع من الطلاق ، لكن بالرجوع للفقاء فإنهم أجمعوا على أن طلاق الهازل يقع مستندين على قوله تعالى، ‘‘ ولا تتخذوا آيات الله هزؤا‘‘ وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم ‘‘ ثلاث جدهن جد وهزلهن جد ، النكاح والطلاق و الرجعة ‘‘.
ب~ الشروط المتعلقة بالزوجة.
~ أن تكون زوجة حقيقية وفي عقد زواج صحيح.
~ أن لا تكون هذه الزوجة حائضا.
~ أن لا تكون هذه المرأة مطلقة منه قبل الدخول.
~ أن لا تكون مطلقة بينونة كبرى.
ج~ الشروط الخاصة بصيغة الطلاق.
صيغة الطلاق هي التي تكشف عن إرادة الزوج إيقاع الطلاق وهي نفس الصيغة عند التعبير عن الزواج.وتتجلى صيغ إيقاع الطلاق في :
~ الطلاق باللفظ الصريح، كأن يقول الزوج لزوجته أنت طالق أو أنت مطلقة، أو يأتي بصيغة أخرى تفيد المعنى أنت محرمة علي أو ان يقول لها إرجعي إلى أهلك إلى الأبد.
~ الطلاق بلفظ الكناية، كأن يقول الزوج لزوجته إذهبي إلى أهلك ، فهنا لا نعلم ماذا يقصد بها الزوج ايقصد بها زيارة الأهل أو الطلاقن وبالرجوع الى مقتضيات المدونة فإن المشرع نص على أن الطلاق يقع باللفظ المفهم.
~ الطلاق المعلق على شرط، هو الطلاق الذي يجعله الزوج واقفا على تحقيق شيء في المستقبل كأن يقول سأطلقكي إذا كلمتي فلان ، ولقد أكد المشرع المغربي في مدونة الأسرة على أن الطلاق المعلق على شرط لا يقع وذلك في المادة 93 من المدونة.
~ الحلف باليمين أو الحرام، كأن يقول الزوج لزوجته ‘‘ علي الطلاق لأشتري لكي فيلا السنة المقبلة ‘‘ المشرع المغربي لا يأخد بهذا النوع من الطلاق.
~ طلاق الثلاث في لفظ واحد، كأن يقول الزوج أنت طالق بالثلاث أو أنت طالق ثم طالق ثم طالق ، المشرع المغربي دهب مع جمهور الفقهاء الذين قالو بأن الطلاق المقترن لفظا أو اشارة أو كتابة لا يقع الا واحدا.
ثانيا ~ الطلاق والتطليق.
1~ انواع الطلاق.
أ~ الطلاق الرجعي والطلاق البائن.
~ الطلاق الرجعي: هو الذي يتبث في حق الزوج لإرجاع زوجته بدون عقد أو مهر جديدين.
الزوجية قائمة في هذا النوع من الطلاق ، وفي حالة توفي أحد الطرفين في فترة العدة يحق للطرف الآخر الميراث، الإنفاق على الزوجة واجب على الزوج طيلة العدة، ويحق للزوج إرجاع زوجته بدون عقد أو مهر جديدين.
الزوج الذي يريد ارجاع زوجته يجب أن يشهد عدلين على ذلك من خلال وثيقة ويتم إخبار القاضي بذلك وقبل الخطاب على ذلك من طرف القاضي يتم استدعاء الزوجة لإبلاغها بأن زوجها قد أرجعها إلى عصمته و إذا امتنعت يمكنها اللجوء الى مسطرة الشقاق.
~ الطلاق البائن: هو الطلاق الذي لا يمكن فيه للزوج أن يرجع زوجته بدون مهر أو عقد جديدين، وينقسم هذا النوع من الطلاق إلى طلاق بائن بينونة صغرى وطلاق بائن بينونة كبرى.
الطلاق البائن بينونة صغرى، هو الذي لا يملك فيه الزوج حق مراجعة زوجته إلا بناء على عقد ومهر جديدين، ويمكن أن يعقد عليها من جديد .
الطلاق البائن بينونة كبرى، هو الطلاق بالثلاث والمرأة التي تطلق ثلاث مرات تصبح بائنة بينونة كبرى، لا يمكن للزوج أن يرجعها الى عصمته إلا بعد زواجها برجل آخر ودخل بها دخولا صحيحا وطلقها أو توفى عنها دون أن يكون قصده تحليلها للزوج الأول ، هنا يمكن للزوج الأول أن يرجعها إلى عصمته من جديد وتبدأ الطلقات من جديد.
أنواع من الطلاق اعتبرها المشرع المغربي في حكم الطلاق البائن:
~ الطلاق قبل البناء، هو الطلاق الذي يوقعه الزوج على زوجته قبل الدخول عليها .
~ الطلاق بالإتفاق، ما بني بالإتفاق لا يمكن أن ينتهي إلا بالإتفاق، ومن خلال مقتضيات مدونة الأسرة يمكن للزوجين الإتفاق على الطلاق سواء بشروط أو بدون شروط، وسلطة المحكمة هنا هي مراقبة مدى احترام تلك الشروط المتفق عليها لحقوق الأطفال واحترامها للمدونة بصفة عامة، فلا يمكن مثلا للأطراف في الطلاق الإتفاقي الإتفاق على اسقاط الحضانة عن طرف دون الآخر.
~ الطلاق بالخلع، هو البدل الذي تعطيه الزوجة لزوجها مقابل الحصول على طلاقها، وكل ما صح التعامل به صح أن يكون بدلا للطلاق.
~ طلاق المملك، هو تمليك الزوج حق ايقاع الطلاق لزوجته، توقعه متى تشاء خلال مدة زمنية محددة، وهذا الحق لا يسقط ما لم تتنازل الزوجة عنه أو يعذرها القاضي بإستعماله.
ب~ الطلاق السني والطلاق البدعي.
~ الطلاق السني هو الذي يتم ايقاعه طبقا لأحكام السنة النبوية الشريفة، أي يتم فيها احترام السنة، ومن الأحكام المتعلقة بالطلاق والواردة بالسنة النبوية ، الطلاق في الحيض ممنوع ، وكذلك صدور الطلاق في طلقة واحدة رجعية وليس ثلاث تطليقات ، وأن لا يكون الطلاق بلفظ الحرام أو اليمين.
~ الطلاق البدعي هو الطلاق الذي يوقعه الزوج مخالفا بذلك أحكام السنة النبوية الشريفة كأن يطلق الزوج زوجته في الحيض أو النفاس، ولا خلاف بين الفقهاء في أن الزوج يعد آثما لمخالفته ما أمر به الشرع ، كما يعتبر طلاقا بدعيا الطلاق الذي يوقعه الزوج بدون سبب.
2~ أنواع التطليق.
يقصد بالتطليق إنهاء العلاقة الزوجية بحكم من القضاء، ويتم بناء على طلب الزوجة في الحالات التي نص عليها القانون ، وهي:
أ~ التطليق للشقاق، الشقاق هو ذلك الخصام والنزاع الذي يقع بين الزوجين، ومن بين الحالات التي اتت بها مدونة الأسرة و التي يقع فيها شقاق، الحالة المتعلقة برفض الزوجة لطلب زوجها بالتعدد، ثم الحالة المتعلقة بإخلال أحد الزوجين بالحقوق والواجبات المتبادلة بينهما كالمعاشرة بالمعروف وتبادل الإحترام والمودة الرحمة و الحفاظ على مصلحة الأسرة…
ب~ التطليق للضرر، أجاز المشرع المغربي من خلال مدونة الأسرة للزوجة المطالبة بالتطليق للضرر، وقد حدد المشرع مفهوم الضرر في تلك الإساءة المادية والمعنوية التي يستحيل معها الإستمرارية في العلاقة الزوجية، كهجر الزوج لزوجته في الفراش، أو إهانة أقابرها…
ج~ التطليق لعدم الإنفاق ، إذا كان الزوج موسرا فالمحكمة لا تلبي هذا الطلب للزوجة وإنما تجبر الزوج على الإنفاق على زوجته. أما إذا كان الزوج معسرا، أي كان هناك عجز من طرف الزوج في الإنفاق، لإغذا أتبث الزوج عجزه فإن المحكمة تمنحه ثلاثون يوما إن لم ينفق فيها تبث المحكمة في طلب تطليق الزوجة.
وإذا امتنع عن الإنفاق ولا يتبث العجز، في هده الحالة المحكمة تطلق الزوجة حالا.
د~ التطليق للغيبة، يجب على هذه الغيبة أن تفوق السنة عندها يمكن للمحكمة البت في الطلب.
وفي حالة كان الزوج مسجونا للبت في طلب التطليق لا بد أن يتجاوز الحكم ثلاث سنوات وأن يتجاوز حبسه سنة آنذاك يمكن للمحكمة أن تبت في طلب التطليق.
ر~ التطليق للعيب، إذا كانت الزوجة على علم بالمرض أو العيب قبل العقد عليها، ومع ذلك قبلت الزواج، أو اصيب الزوج بذلك بعد العقد أو بعد الدخول وإطلعت الزوجة على ذلك ورضيت بالبقاء معه إما صراحة أو ضمنا، كما لو مكنته من نفسها بعد علمها بما أصابه، فإن حقها في التطليق للعيب يسقط، ونفس الأمر بالنسبة للزوج.
والتطليق للعيب قبل البناء إذا تم فإن الزوجة لا تستحق فيه اي صداق ، أما إذا كان هناك دخول بها فللزوج أن يطالب بمبلغ الصداق ممن غرر به و كتم عنه العيب عن القصد ، الزوجة أو الولي عند الإقتضاء.
ز~ التطليق بسبب الإيلاء أو الهجر، الإيلاء هو أن يحلف الرجل أن لا يطأ زوجته مدة أربعة أشهر أو أكثر، أو بإطلاق. ولكي يقع هذا النوع من التطليق صحيحا فإن المدونة وضعت شروط هي :
~ أن يكون الزوج مكلفا .
~ أن يكون قادرا على الممارسة الجنسية.
~ أن يكون الإيلاء لمدة تزيد عن أربعة أشهر.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً