الإقالة الاختيارية لعقد الوكالة
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
التقابل في الوكالة
1-النصوص القانونية :
ـ جاء في الفصل 393 ق.ل.ع :
“تنقضي الالتزامات التعاقدية، إذا ارتضى المتعاقدان عقب إبرام العقد التحلل منها وذلك في الحالات التي يجوز فيها الفسخ بمقتضى القانون”.
ـ والفصل 394 ق.ل.ع ورد فيه :
” يجوز أن تقع الإقالة ضمنيا ، كما هي الحال إذا قام كل من المتعاقدين بعدم إبرام البيع بإرجاع ما أخده من مبيع أو ثمن للأخر”.
ـ ثم الفصل 395 ق.ل.ع نص على أنه :
” تخضع الإقالة من حيث صحتها للقواعد العامة المقررة للالتزامات التعاقدية.
الأوصياء والمديرون وغيرهم من الأشخاص الذين يعملون باسم غيرهم، لا يسوغ لهم أن يتقايلوا إلا في الحالات ووفقا للإجراءات الواجبة للقيام بالتفويتات التي تخولها لهم ولا يتهم، وبشرط أن تكون هناك منفعة للأشخاص الذين يعملون باسمهم”.
ـ وأخيرا لا آخر اقضى الفصل 396 ق.ل.ع بما يلي :
“لا أثر للإقالة :
1ـ إذا كان محل العقد شيئا معينا بالذات، وهلك أو تعيب أو حصل له بصنع الإنسان تغير في طبيعته.
2ـ إذا استحال على المتعاقدين ، لأي سبب آخر، أن يرجع أحدهما للثاني ما أخده منه بالضبط. إلا إذا اتفق المتعاقدان في الحالتين السابقتين على تعويض الفرق”.
2- الشروح :
أ- الإقالة فسخ بالتراضي :
كما ينشأ العرض بالتراضي ، قد يعمل الأطراف على فسخه بالتراضي . ولا ضير فالعقد شريعتهم سواء عند النشأة أو عند الفسخ. ولا قيد عليهم إلا في النصوص القانونية التي تمنع الفسخ بالتراضي في بعض الحالات، كما في بيوع المزاد والأصول التجارية، وفي الشياع بعد الشفعة…
والأصل فيه إلا قوة الإرادة على التراضي في إنشاء العقود والاشتراط فيها وتعديلها وفسخها، جاء في الفصل 19 ق.ل.ع : ” لا يتم الاتفاق إلا بتراضي الطرفين على العناصر الأساسية للالتزام وعلى باقي الشروط المشروعة الأخرى التي يعتبرها الطرفان أساسية.- والتعديلات التي يجريها الطرفان بإرادتهما على الاتفاق فور إبرامه ، لا تعتبر جزءا من الاتفاق الأصلي وذلك مالم يصرح بخلافه”.
والإقالة عند ابن منضور، من قاله البيع قيلا وأقاله إقالة رضي له بفسخه. وتقايل البيعان تفاسخا ، ورضيا بالاستقالة منه . وتقايلا بعد البيع تتاركا، وعاد المبيع إلى بائعه والثمن إلى مشتريه. والاستقالة طلب الاقالة. وفي الاصطلاح الاقالة التراضي على الفسخ في العقود. فهي عامة على البيع وغيره، وجارية على سائر العقود المالية الملزمة للجانبين بالطبع، حين يتراضى الطرفان على فسخها وإسقاط التزاماتهما، وردّ كل طرف للآخر ما سبق أن تسلمه منه.
والوكالة تنقضي بدورها بالإقالة الاختيارية، حين يتراضى الموكل والوكيل على فسخها بعد انعقادها لسبب طارئ أو ندم. والوكالة تشمل التزامات متبادلة بين الطرفين ولو كانت بالمجان، بالنظر إلى الالتزامات الأخرى التي على الموكل مقابل التزامات الوكيل كما تقدم في خصائص الوكالة. وبالإقالة تنفسخ الوكالة ويرد كل طرف للآخر ما سبق أن تسلمه منه، ولا يقتصر الفسخ على رد رسم الوكالة، وإنما على إبرام عقد بالفسخ عن الأصول والإشهاد بالمطابقة وقوتها الثبوتية، جاء في الفصل 440 ق.ل.ع : ” النسخ المأخوذة عن أصول الوثائق الرسمية والوثائق العرفية لها نفس قوة الإثبات التي لأصولها ، إذا شهد بمطابقتها لها الموظفون الرسميون المختصون بذلك في البلاد التي أخدت فيها النسخ ويسري نفس الحكم على النسخ المأخوذة عن الأصول بالتصوير الفوتوغرافي.ـ تقبل للإثبات نسخ الوثيقة القانونية المعدة بشكل إلكتروني متى كانت الوثيقة مستوفية للشروط المشار إليها في الفصلين 1-417 و 2-417 و كانت وسيلة حفظ الوثيقة تتيح لكل طرف الحصول على نسخة منها أو الولوج إليها”.
لكن لا مانع ، فرد الرسم الاصلي للوكالة إقالة ضمنية بمقتضى الفصل 394 ق.ل.ع ومثلما أجاز القانون انعقاد الوكالة ضمنيا تبعا للفصل 883 ق.ل.ع ، فغن فسخها بالمقابل يصحح ضمنيا، والأصل في المعاملات أن تنشأ وتنفذ بحسن نية، كذلك عند إقدام الموكل بنفسه على بيع العقار موضوع الوكالة، فالبيع إلغاء ضمني للوكالة، وقس على ذلك… لكن على شرط تبليغ الوكيل وألا يسبق إلى البيع.
ب- الإقالة والأحكام العامة:
تخضع الإقالة إلى الأحكام العامة لنظرية العقد، في الطرفين والمحل والسبب والصيغة. وقد تقدم الكلام بتفصيل في الوكالة في هذا النطاق والكلام يشد بعضه بعضا . لكن المدار أكثر على الصيغة، لأن التحلل من الالتزام أشد من نشأته، يجب فيه البيان بصيغة التقابل أو الفسخ وغيرها من الألفاظ الدالة على التحلل من الالتزام، كالتنازل والإلغاء والتشطيب الإزالة… وحتى في التقايل الضمني، لا يعتد فيه إلا بما يدل حقيقة على التقايل كرد الرسم الأصلي للوكالة بلا تحايل، وتصرف الموكل بنفسه في المحل موضوع التوكيل…
لكن إذا نفذ الوكيل مهمته ، فلا تقايل له كع الغير لأنه نفذ المهمة وانقضت الوكالة، وانتقل التصرف إلى موكله الذي له أن يتقايل عند الاقتضاء مع الطرف الآخر، مالم يأذن له الموكل من جديد في التقايل ، فيكون أمام وكالة جديدة أو أن الوكالة القديمة أجازت له التقايل اقتضاء، على شرط ثبوت المصلحة بالطبع للموكل في جميع الأحوال، والعمل بضوابط القانون وآثاره، وهو المعنى الذي يستفاد من الفقرة الثانية من الفصل 395 ق.ل.ع عند قولها : ” الأوصياء والمديرون وغيرهم من الأشخاص الذين يعملون باسم غيرهم، لا يسوغ لهم أن يتقايلوا إلا في الحالات ووفقا للإجراءات الواجبة للقيام بالتفويتات التي تخولها لهم ولا يتهم، وبشرط أن تكون هناك منفعة للأشخاص الذين يعملون باسمهم”. والإقالة عقد جديد تؤدي عنه رسومه ولو أنها نسبية في التنبر، والعقد القديم تظل عليه رسومه، لأن الانعقاد والفسخ بالتراضي هما واقعتان منفصلتان ولو لمدة قصيرة، والعقد القديم جرت عليه آثاره ولو على الافتراض.
والملاحظ أن الإقالة في الوكالة تسقط، كلما سقطت الوكالة بسبب آخر من أسباب السقوط والانقضاء، كما في الحالة التي يهلك فيها المحل موضوع التوكيل أو يتعيب بعيب يجعله غير صالح للعمل به، أو يتغير بفعل الموكل أو الوكيل أو الغير تغيرا يفقده طبيعته في الاستعمال والاستغلال والتصرف، أو في الحالة التي يضيع فيها على الوكيل الرسم الأصلي للتوكيل … لكن لا مانع في هذه الأحوال من الإقالة لإزالة الشك. والتعويض يثبت عند الاقتضاء بالاتفاق عليه أو بالقانون عن كل ضرر والمتسبب فيه طبقا للأحكام العامة. كما تسقط الإقالة في الحالة التي يشرع فيها الوكيل في تنفيد مهمته مع الغير … وكذا في الحالة التي تعدل فيها الوكالة أو يحرر بشأنها توكيل جديد، أو أنها إقالة على السابق وتوكيل على الجديد.
الرجوع إلى ما قبل التوكيل وحقوق الغير
1-جاء في الفصل 397 ق.ل.ع :
“يترتب على الإقالة عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها وقت إبرام العقد.
ويجب على المتعاقدين أن يرجع كل منهما للأخر ما أخده منه بمقتضى الالتزام الذي وقعت فيه الإقالة”.
-والفصل 398 ق.ل.م ورد فيه :
” الإقالة الاختيارية لا تضر بالغير الذي اكتسب بوجه صحيح حقوقا على الأشياء التي هي محل الإقالة”.
2- الشروح :
الإقالة من الوكالة ومن غيرها من العقود، تقضي بالطبع إرجاع الطرفين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد ، وكأنه لا توكيل أو أن التوكيل لم يكن من قبل .
فالإقالة تفسخ الوكالة وتفرق بين الموكل والتوكيل وتسترجع الإرادة الأصلية سلطانها بالكامل . والتفريق بين الموكل والوكيل يقتضي بأن يرد كل طرف ما سبق أن تسلمه منه، فالوكيل يرد رسم التوكيل الأصلي والوثائق و السندات والوصولات والجذور والتصاميم وغيرها مما يكون قد تسلمه من الموكل، كما يرد له الأشياء التي سبق أن تسلمها منه بمقتضى التوكيل، وقد تقدم الكلام بتفصيل في التزام الوكيل بالرد ضمن التزاماته العامة. والموكل بدوره يرد إلى الوكيل جميع الوثائق والأشياء التي يكون قد تسلمها منه ولو على وجه الضمان.
و الملاحظ أن التراضي في الإقالة يبعد عنها أي نزاع لأن الاتفاق على الفسخ يشمل مختلف الوقائع والافتراضات . بل إن الأطراف قد يلجئون عند الاقتضاء إلى التعويض لإبعاد أي نزاع حقيقي أو محتمل، كما عند الاستحالة في رد أحد الأشياء تبعا لما أشار إليه الفصل 396 المتقدم. و الإقالة التي تتضمن في بنودها مجرد إلغاء أو تعديل للتوكيل السابق، ليست بإقالة إلا في ما جرى عليه الإلغاء والتعديل، كذلك الإقالة التي تلغي التوكيل السابق وتقيم مقامه توكيلا جديدا ، هي إقالة وتوكيل مستجد على البنود المتفق عليها.
لكن عودة الموكل والوكيل إلى حالتهما الأولى قبل التوكيل، لا تضر على الاطلاق بالحقوق التي قد يكتسبها الغير على الوجه الصحيح ، كما لو شرع الوكيل في إجراءات التعاقد مع الغير، أو في إقامة وعد بالبيع أو بالشراء… فإنه لا لا تصح الإقالة من الطرفين مالم يكن الغير على علم بها من قبل. وللموكل أن يرجع على الوكيل في ضوء المسؤولية المدنية و الزجرية عند الاقتضاء، جاء في الفقرة الأولى من الفصل 934 ق.ل.ع : “إلغاء الوكالة كليا أو جزئيا لا يحتج به في مواجهة الغير الذين تعاقدوا بحسن نية مع الوكيل، قبل علمهم بحصوله. وللموكل أن يرجع على الوكيل”. مالم يتعذر تنفيذ العقد الذي أبرمه مع الغير بامتناع الموكل أو استحالة التنفيذ…، جاء في الفقرة الأولى من الفصل 928 ق.ل.ع : ” إذا تصرف الوكيل بلا وكالة، أو تجاوز حدود وكالته وتعذر لذلك تنفيذ العقد الذي أبرمه، التزم بالتعويضات لمن تعاقد معه”.
اترك تعليقاً