القتل و الإيذاء في حالة التلبس بجرم الزنا أو الشروع به
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
تختلف التشريعات في تحديدها السلوك الذي يُشكل إتيانه جريمة يعاقب عليها القانون أو جعل ذات السلوك مُباحاً فعله ، وقد يكون ذات السلوك مُعاقب عليه في العديد من التشريعات بيد أن كل منها تتناوله من زوايا تختلف عن الأخرى .
وفي أول مبحث لنا نتناول جريمة لها طابع اجتماعي ذو تماس كبير مع المجتمع العربي بأعرافه وتقاليده مهما كانت هذه الأعراف بسلبياتها أو إيجابياتها وقد تحدث في كل مكان منه وربما يعتبرها العرف الاجتماعي مبعث فخر للفاعل ويمجده ولا يعتبره قاتلاً أو مسبباً للأذى كون المجني عليه قد تسبب في وضع نفسه في حالة غير شرعية يستحق عليها العقاب الاجتماعي قبل أن تصل إليه يد القضاء هذه الجريمة هي :
(( القتل و الإيذاء في حالة التلبس بجرم الزنا أو الشروع به ))
وفي بحثنا هذا نركز على نظرة التشريع المصري والسوري والإماراتي مع مُقارنة تناول هذه التشريعات للجريمة محل البحث .
ففي التشريع المصري والذي يتناول هذا الجريمة في المادة 237 من قانون العقوبات نص على ما يلي ” من فأجا زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها في الحال هي ومن يزنى بها يعاقب بالحبس بدلا من العقوبات المقررة في المواد 234 و 236 .”
أما التشريع السوري فقد تناولها بالمادة المادة 548 عقوبات والتي تنص على أنه
1 ـ « يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد ».
2 ـ يستفيد مرتكب القتل أو الأذى من العذر المخفف إذا فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في حالة مريبة مع آخر. ))
ونلاحظ أن دراسة الجريمة تقع في ثلاث أطر :
1ـ صفة الجاني
2ـ ظروف الجريمة والمجني عليه ( عنصر المُفاجأة )
3 ـ العقوبة .
أولاً :- صفـة الجاني
من استقراء النص المصري نجد أن المشرع المصري في تنظيمه لهذا الجريمة
” جنحة القتل العمد للاستفزاز ” نص على عذر خاص لا يستفيد منه سوى الزوج ، ولظروف معينة ينبغي توافرها ، وهي مُفاجأة الزوج زوجته حال تلبسها بارتكاب جريمة الزنا ، ولعل الحكمة التي تغياها المشرع من وراء إخراج هذه الجريمة عن دائرة التجريم في حالات القتل العمد التي تنظمها المادتين 234 ، 236 عقوبات مصري هي مراعاة لحالة الاستفزاز وثورة الغضب وفقدان الإرادة التي سببتها جريمة زنا الزوجة .
فحالة المفاجأة والصدمة العصبية وفقدان الإرادة التي تصيب من يشاهد زوجته بوضع الزنا تؤدي إلى ما يفقده إرادته وتدفعه لارتكاب جريمة لم يكن ليرتكبها لولا ما شاهده .
ولعل هذه الصورة من صور الاستفزاز هي الوحيدة التي نظمها التشريع المصري ، أما غيرها من صور الاستفزاز الأخرى فقد ترك أمرها لسلطة المحكمة التقديرية باعتبارها من الظروف القضائية ، كما أناط بها تحديد مدى تخفيف العقوبة في الحدود التي نظمتها المادة 17 عقوبات مصري .
فالقانون المصري لا يعتبر الغضب أو الاستفزاز عذراً مخففاً إلا في حالة خاصة هي حالة الزوج الذي يفاجئ زوجه حال تلبسها بالزنا فيقتلها هي و من يزنى بها . أما الغضب في سائر أحوال القتل
و الجرح و الضرب فغير معتبر عذراً و إن كان يتنافى مع سبق الإصرار . فالجاني الذي يقارف القتل مدفوعاً بعامل الغضب و الانفعال يعد مرتكباً لجناية القتل عمداً من غير سبق إصرار ، بخلاف ما إذا كان قد أقدم على القتل و هو هادئ البال بعد أن زال عنه تأثير الغضب فإنه يعد مرتكباً لجريمة القتل عمداً مع سبق الإصرار . (الطعن رقم 1502 لسنــة 13 ق – تاريخ الجلسة 25 / 10 / 1943 مكتب فني 6 ع رقم الصفحة 319) وكان نهج المشرع المصري في ذلك خلافاً لتشريعات عربية أخرى جعلت من الاستفزاز عذراً مُخففاً عاماً يؤدي إلى تخفيف عقوبة أية جريمة كما في قانون العقوبات السوري بالمادة 242 ، والقانون اللبناني بالمادة 252 عقوبات .
وقد تقصره بعض التشريعات الأخرى على جريمة القتل فقط كما في قانون العقوبات السوداني التي تقضي المادة 249 منه بأنه ( لا يُعد القتل ذو النية المؤثمة قتلاً عمداً إذا سبب الجاني – وقد فقد السيطرة على نفسه لاستفزاز شديد مُفاجئ .)
ووفقاً لاتجاه المشُِرع المصري فإنه لا يستفيد من العذر المُخفف في القتل والإيذاء في حالة التلبس بجرم الزنا سوى الزوج ، ولا يستفيد من ذلك العذر غيره أياً كانت صلته بالزانية كالأب أو الأخ أو الابن وذلك خلافاً للتشريع السوري .
فالمُشرع السوري لم يقصر صفة المُستفيد من جريمة القتل للاستفزاز على الزوج كحال المشرع المصري إنما توسع بشكل قد يكون مُبالغاً فيه فأعطى ذلك الحق للزوج ولكل من يُفاجأ بارتكاب أحد أصوله أو فروعه لجريمة الزنا ، فإن كان التوسع هنا يُحمد للمشرع السوري ، من زاوية أن استفزاز الزوج لا يقل عن استفزاز الأب أو الأخ فاستفادة الزوج فقط فيه إجحاف بحق باقي القربى الذين عددهم المشرع السوري واللذين تتوافر لديهم نفس الدوافع وهي الغيرة على الشرف المثلوم ولعل أن الضرر الواقع عليهم يكون أكبر كون الزوج له حل مشروع فيستطيع التخلص من عار زوجته بتطليقها بينما الأب أو الأخ أو الابن ليس لديهم من سبيل للتنصل من قرابتهم هذه .
غير أننا ومن زاوية أخرى نرى أن إطلاق المشرع السوري اللفظ في عموم القول
” أحد أصوله أو فروعه ” ما يدل على أنه يجوز قتل الابن أمه الزانية ، ولعل ذلك هو ما قصده المشرع السوري وهذا من وجهة نظرنا يُخالف التشريع الإسلامي لأن الله عز وجل أمرنا بُمُصاحبة أبوينا في الدنيا معروفاً وإن جاهدانا على أن نشرك بالله.
فقد قال عز من قائل بسم الله الرحمن الرحيم ” ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) صدق الله العظيم (لقمان:15) فليس أكبر من جرم الشرك بالله – والعياذ بالله – وبالرغم من ذلك لم يأمر الله عز وجل بقتل الابن أبويه في حالة الشرك ، ومن باب أولى أن ما دون ذلك من كبائر لا تجيز قتل الأبوين إذا ارتكباها ، مع عدم الإخلال بما لولي الأمر من تطبيق حد الزنا إذا ما ثبتت .
ولم يكن المشرع السوري هو وحدة الذي توسع في تحديد المُستفيد من عذر القتل للاستفزاز بل أن المشرع الأردني جعل بالمادة 340 /1 من قانون العقوبات الأردني
رقم 16 لسنة 1960، والتي تنص بأنه يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجته أو إحدى محارمه حالة تلبس بالزنى مع شخص آخر وأقدم على قتلهما أو جرحهما أو إيذائهما كليهما أو أحدهما، ولعلنا نرى أن توسيع دائرة المُستفيدين من ذلك العذر هو توسع غير محمود .
وقد تلافى المُشرع الإماراتي تلافى هذا القصور الوارد بالقانون المصري والسوري والأردني
بشأن صفة المُستفيد وهذه الجريمة فلم يجعل الزوج هو الوحيد المُستفيد من ذلك العذر ولم يُطلق اللفظ ليشمل الابن بل حدد المُستفيدين بالزوج والزوجة والأب والأخ دون سواهم .
فالمادة 334 من قانون العقوبات الإماراتي تنص على :-
( يُعاقب بالسجن المؤقت من فوجئ بمُشاهدة زوجته أو ابنته أو أخته حال تلبسها بجريمة الزنا فقتلها في الحال أو قتل من يزني بها أو قتلهما معا ، ويُعاقب بالحبس إذا اعتدى عليها أو عليهما اعتداء أفضى إلى موت أو عاهة .
وتُعاقب بالسجن المؤقت الزوجة التي فوجئت بمُشاهدة زوجها حال تلبسه بجريمة الزنا في مسكن الزوجية فقتله في الحال أو قتلت من يزني بها أو قتلتهما معا ، وتُعاقب بالحبس إذا اعتدت عليه أو عليهما اعتداء أفضى إلى موت أو عاهة .
ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي ضد من يستفيد من هذا العذر )
ونرى أن اتجاه المُشرع الإماراتي على ذلك النحو بشأن تحديد المُستفيدين من عذر القتل للاستفزاز هو الأقرب للصواب .
سيما وقد أفاد المٌشرع الإماراتي الزوجة التي تُفاجأ بزنا زوجها بمسكن الزوجية بعذر التخفيف فدولة الإمارات فقط من بين الدول العربية أعطت العذر المخفف للمرأة، كما للرجل، إذا فاجأت زوجها وقتلته ، وهناك رأياً يقول أن القانون السوري شمل الزوجة بالعذر أيضا لأن كلمة زوج لغوياً تشمل الطرفين ، وإن لم يوردها بالنص صراحة كما فعل المشرع الإماراتي .
ثانيا ـ (( ظروف الجريمة والمجني عليه ))
عنصر المُفاجأة بارتكاب الزنا.
ووفقاً للنص المصري فإنه يتعين أن يُفاجأ الزوج بزوجته متلبسة بارتكاب جريمة الزنا ، ويتسع التلبس هنا ليشمل الحالات الواردة بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية المصري وأية حالات أخرى لا تترك مجالاً للشك بأن الزنا قد ارتكب وقيل أنه لا يُشترط أن يكون فعل الزنا قد وقع فعلاً إذ أن العبرة هنا بوجود الإمارات والقرائن التي تحمل الزوج على الاعتقاد بوقوعه وليس بلازم أن يتوافر دليل من الأدلة التي عددتها المادة 276 عقوبات والتي يتقيد بها القاضي في إثبات جريمة الزنا ، فقد اعتبرت محكمة النقض المصرية أن وجود رجل في منزل مسلم في مكان مُخصص للحريم دليلاً على وقوع الزنا ومن ثم توافر عذر الاستفزاز إذا ما أقدم الزوج على إتيان جريمة القتل فقد فقضت ( لما كان من المقرر أنه لا يشترط لتوافر التلبس بجريمة الزنا أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه الزنا بالفعل بل يكفى أن يكون قد شوهد في ظروف تنبئ بذاتها و بطريقة لا تدع مجالاً للشك في أن جريمة الزنا قد ارتكبت فعلاً ، و كانت الوقائع التي أوردها الحكم تتوافر بها العناصر القانونية لجريمة القتل العمدي المقترن بالعذر المخفف المنصوص عليه في المادة 237 من قانون العقوبات بما في ذلك حالة التلبس بالزنا . )
الطعن رقم 1357 – لسنـــة 53ق – تاريخ الجلسة 12 / 10 / 1983 – مكتب فني 34
غير أن البت في اقتناع الزوج بوقوع الزنا يبقى متروكاً للقاضي يقدره حسب ظروف الحال .
فمُقتضى المُفاجأة هنا أن يكون الزوج قد اجتاحته صورة الانفعال فلم يُفكر في القتل هادئ البال ، ومع ذلك فإن سبق الإصرار قد لا ينفي المُفاجأة فقد يشك الزوج بخيانة زوجته له فيُصر على قتلها لو ضبطها مُتلبسة بالزنا ، فإذا تربص لها حتى يستوثق ويتحقق من الأمر فيضبطها متلبسة بالزنا ويقتلها ، فإنه يستفيد أيضاً من عذر الاستفزاز على الرغم من توافر سبق الإصرار المُعلق على شرط لدية في الوثوق من الجريمة . ( د/ أحمد عبد العزيز الألفي – شرح قانون العقوبات القسم الخاص ) .
غير أن المشرع السوري في تنظيمه لهذه الجريمة نجد أنه تضمن في النص حالتين و يختلف تطبيق النص العقابي على الجاني حسب كل حالة :
أولاً : حالة الزنا المشهود أو صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر : أي أن الزنا هنا لا شك فيه مطلقاً من خلال الحالة البادية . وفي هذه الأولى منح القانون للفاعل العذر المحل من العقاب أي أنه يعفى من العقاب كلياً و الضابط لمنح هذا العذر أن يكون الوضع الذي ضبط به الشريكان هو التلبس بجرم الزنا أو صلات جنسية غير مشروعة
ثانياً : الحالة المريبة أي التي لا تصل لحد الزنا الكامل لكنها توحي لأي ناظر لها بوجود وضع غير مشروع بين الطرفين المرأة وشريكها وهو بالطبع ما تثور حفيظة القريب الذي ضبطهما بهذا الوضع فيرتكب الجرم بقتلهما أو إيذائهما وهذه الحالة إذا لم يصل الوضع لهذه الدرجة وكان فقط وضعاً يدعو للريبة فتطبق هذه الحالة وهي العذر المخفف أي يعاقب لكن مع تخفيف العقوبة.
ونحن نرى أن الحالة الثانية الواردة بالنص السوري تتسم بالغموض ومعيارها مطاطي الأمر الذي يتيح خلخلة النص بين كلمة صلات جنسية فحشاء وبين ( حالة مريبة ) وهنا يوجد وضع تقديري سوف يختلف من حالة لحالة ومن قناعة محكمة لأخرى فكلمة الزنا قد تكون واضحة لكن ما المقصود بالصلات الجنسية الفحشاء إن كانت تختلف عن الزنا وما الوضع المريب ؟؟
ثالثاً :- العقوبة
يختلف التشريع المصري عن السوري في تحديده العقوبة المُقررة للجريمة فبينما خفف المشرع المصري من العقوبة وأخرجها عن من نطاق تطبيق عقوبة جناية القتل وفقاً
للمادتين 234 ، 236 عقوبات ووضع لها عقوبة الجنحة والتي تتراوح عقوبتها من بين أربع وعشرين ساعة إلى ثلاث سنوات ، نجد أن المشرع السوري قد عالج الأمر في فرضين فأسقط العقوبة في الفرض الأول وخففها في الفرض الثاني ، وذلك على النحو المعروض منا سلفا .
وإذا كان المشرع المصري قد نزل بالعقوبة إلى حد الحبس وهي عقوبة الجنحة ، فإن المشرع السوري لم يُحدد عقوبة معينة في الفرض الثاني الذي تناولته مادة التجريم مكتفياً بالتخفيف بوجه عام وهو متروك للقاضي وفق القواعد العامة بالمادة 241 من القانون ذاته والتي نصت على التخفيف فيما يلي :
(( 1 ـ عندما ينص القانون على عذر مخفف :
إذا كان الفعل جناية توجب الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد حولت العقوبة إلى الحبس سنة على الأقل .
وإذا كان الفعل يؤلف إحدى الجنايات الأخرى كان الحبس من ستة اشهر إلى سنتين
وإذا كان الفعل جنحة فلا تتجاوز العقوبة ستة أشهر ويمكن تحويلها إلى عقوبة تكديرية
وإذا كان الفعل مخالفة أمكن القاضي تخفيف العقوبة إلى نصف الغرامة التكديرية ))
ويتفق المشرع المصري مع نظيره الإماراتي في توقيع عقوبة على القاتل وهذا الحالة حتى لو ثبت ارتكاب جريمة الزنا بما لا يدع مجالاً لشك أو ريبة خلافاً للقانون السوري الذي أباح الفعل إذا كان فعل الزنا مشهوداً ، وهو سلوك حميد من المشرع السوري يتماشى وأحكام الشريعة الإسلامية وفي ذلك قضاء الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ما يشير لمنح هذا الحق فكتب معاوية إلى أبي موسى الأشعري يستفتيه في ابن أبي الجسري وجد على بطن امرأته رجلاً فقتله وقد أشكل حكم ذلك على القضاة فاستفتى الأشعري أمير المؤمنين علي رضي الله عنه فقال له : أنا أبو الحسن إن جاء بأربعة يشهدون على ما شهد وإلا دفع برمته ) أي دفع الدية كاملة وهذا النص يدل بما لا يدع مجالاً للشك بأن الدفاع عن العرض حق مشروع وأنه يسقط القصاص و لو جر إلى القتل وبالطبع بشرط أن يأتي بالبينة بأنه وجد الرجل الذي قتله في فراش زوجته وإلا فإن عليه دية المقتول لوجود شبهة في قتل العمد .
حق الدفاع الشرعي
يبقى لنا أمرُ جدير بتناوله في حديثنا هذا هو مدى جواز استخدام الزوجة الزانية وشريكها لحق الدفاع الشرعي ضد الزوج إذا ما حاول قتلهما حال تلبسهما بارتكاب الجريمة .؟؟؟؟؟؟
ولعل المشرع المصري قد نالته سهام النقد بخصوص هذه الجزئية ، إذ أجاز استخدام الزانية وشريكها لحالة الدفاع الشرعي ضد الزوج المكلوم .
فالمشرع المصري يجيز حق الدفاع الشرعي دوماً ما دام السلوك المنُشئ للخطر غير مشروع ، ولما كانت أسباب انعدام المسؤولية والأعذار القانونية لا تنفي عن السلوك صفته غير المشروعة ، فإنه يجوز دوماً استخدام حق الدفاع الشرعي فللزانية وشريكها أن يقاوما الزوج الذي يُفاجئهما حال ارتكاب جريمة الزنا ويحاول قتلهما ، وأن يستخدما حق الدفاع الشرعي درءاً لاعتداء الزوج ، ذلك أن اعتداء الزوج وهذه الحالة يظل غير مشروع إذ أن القانون يُعاقب عليه وإن خفف العقوبة تقديراً لثورته ، وهو بذلك جعل حق استخدام الدفاع الشرعي أعلى وأولى من الدفاع عن الشرف والعرض ؟؟؟
واستنادا للأصل العام في استعمال حق الدفاع الشرعي والذي يجيز القانون استعماله دوما إذا كان السلوك المنشئ للخطر سلوكاً غير مشروع ، ومن هذا المنطلق فإننا نرى إن المشرع السوري في الحالة الأول (حالة الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء ) لا يجيز استعمال حق الدفاع الشرعي لأن سلوك الزوج هنا سلوكاً مباحاً لا عقاب عليه ، أما في الفرض الثاني (حالة مريبة ) فإن سلوك المُستفيد من عذر القتل للاستفزاز يظل سلوكا غير مشروع مُعاقب عليه ، بالتالي يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي وهذه الحالة .
وهذا القصور والغموض الذي يطوق القانونين المصري والسوري حسم أمره المشرع الإماراتي بالنص صراحة بالفقرة الأخيرة من المادة 334 عقوبات على (ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي ضد من يستفيد من هذا العذر ) .
ختاماً وإذا كنا نرى أن النص الإماراتي رغم قصوره في بعض جوانبه من حيث العقاب على القتل وهذه الحالة ، غير أنه عالج الجريمة بصورة أكثر وضوحاً من القانونين المصري والسوري بل وغيرهما من القوانين العربية في تناولها للجريمة محل بحثنا هذا .
هذا ما استطعنا أن نلم به في بحثنا هذا المتواضع نأمل أن نكون قد حالفنا الصواب وقاربنا بعض التشريعات العربية في تناولها للجريمة موضوع البحث .
المحامية مجد عابدين ـ المحامي وليد السقا
سوريا مص
اترك تعليقاً